إعلاميون يفتحون النار على "النور" لمطالبته بالرقابة على الإعلام.. عيسى: مخالف للنصوص والدساتير السابقة.. و"فهمى": أغلبية البرلمان لديها عقيدة ضد الحرية.. و"الإبراشى": الأحزاب السلفية تريد محاكم تفتيش
الخميس، 9 فبراير 2012 - 19:46
كتب على حسان
أثارت مطالب عدد من أعضاء لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب، فى اجتماعها صباح أمس، الأربعاء، من نواب حزب النور، وعلى رأسهم النائب حمادة محمد سليمان، بوضع ضوابط وتشريعات تنظيم العمل الإعلامى وتفعيل تشريعات الرقابة على المحتوى الإعلامى، قبل وبعد النشر، حالة من الغضب العارم والاستياء من قبل عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين، مؤكدين أن تلك الخطوة عودة للوراء والقمع، وأيضاً المخاوف على الحريات فى ظل سيطرة الإسلاميين على البرلمان.
وقال الكاتب الصحفى، صلاح عيسى، الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة، إن المقترح الذى قدمه عدد من أعضاء حزب النور للجنة المقترحات والشكاوى بمجلس الشعب للمطالبة بالرقابة على الصحف قبل وبعد النشر، مخالف لكل النصوص والإعلان الدستورى وكل الدساتير السابقة، ومنها دستور صدقى باشا الذى ضرب به المثل فى الرجعية والدكتاتورية، لافتاً إلى أن الدساتير جميعاً تكفل حرية الرأى والتعبير وأنه لا يجوز الرقابة الإدارية على الصحافة أو تعطيل الصحف.
وأضاف عيسى لـ"اليوم السابع"، أن المقترح الذى تقدم به أعضاء حزب النور مخالف لقانون سلطة الصحافة وقوانين المطبوعات وأن قانون العقوبات لا يوجد به ما يعطل الصحافة، ومن ثم فإن الرقابة على الصحافة هى رقابة قضائية لاحقة للنشر، بمجرد صدور أى مطبوع به إساءة لأى مواطن فمن حقه اللجوء للقضاء، وفى حالة ثبوت أنها تخالف القانون تتم مصادرتها، رافضاً الرقابة الإدارية على الصحافة المسبقة قبل النشر، مضيفاً وقال "لا يفترض أن يكون أعضاء حزب النور هم المراقبين للمادة المطبوعة لأنهم سيلغون الجريدة بشكل عام قبل الطبع".
ومن جانبة قال الكاتب الصحفى كارم محمود، سكرتير عام نقابة الصحفيين، "أعتقد أن هذا يعتبر توجها شديد الخطورة على حرية الرأى والإعلام بشكل عام والصحافة بشكل خاص، وتنبئ بأن هناك من يتربص للإعلام ويحاول العودة للوراء، بشكل أشد لما كان علية النظام السابق".
وأضاف السكرتير العام لنقابة الصحفيين: "كنا ننتظر من نواب البرلمان الذين أتت بهم ثورة يناير إلى مقاعدهم، أن يدافعوا عن المطالب الأساسية التى رفعتها هذه الثورة العظيمة وفى مقدمتها الحرية لأن الثورة رفعت شعار "عيش حرية عدالة اجتماعية"، بدلاً من أن يشرعوا فى سن القوانين التى تقيد الحريات بشكل عام وحرية الإعلام على وجه الخصوص، وهذه مفارقة غريبة أن لجنة التشريعات اجتمعت لتبحث التعديلات التى ستتقدم بها النقابة إلى البرلمان، لتعديل المواد التى تجيز بعضها حبس الصحفيين فى قضايا النشر، وأيضاً التقدم بمشروع حرية تداول المعلومات، وتقدم النقابة المقترحات والمعلومات التى ستتقدم بها إلى اللجنة المنوط بها التعديل بما يكفل حرية الصحافة، المنوط لنقابة الصحفيين الدفاع عنها".
ومن جانبه قال الكاتب الصحفى جمال فهمى، وكيل أول نقابة الصحفيين، إن الهجوم على الإعلام يوضح أن الأغلبية فى البرلمان المحسوب على الثورة، معاد للحريات بالعقيدة، وأن ذلك يعد أسوأ من الحزب الوطنى ويوضح أن هؤلاء النواب لديهم عقيدة ضد الحرية.
وأشار وكيل أول نقابة الصحفيين إلى أن ذلك القرار لم يكن موجوداً فى عهد المخلوع، وأن ذلك يؤكد أن النواب الذين يريدون التضييق على الحرية حتى لو كانوا أغلبية فإنهم لا يعبرون عن ضمير الشعب المصرى وأضاف"أتمنى أن يعودوا إلى رشدهم".
وقال الإعلامى عمرو أديب، مقدم برنامج القاهرة اليوم، إنه ضد تصريحات نواب حزب النور، وأن ذلك لم يكن يحدث فى ظل النظام السابق، ودكتاتورية الحزب الوطنى، وأنه لن يستطيع أى حزب فرض القمع على المصريين، أو تقييد حريتهم مرة أخرى.
وأوضح أديب لـ"اليوم السابع"، أنه يعتقد أن نواب حزب الحرية والعدالة سيرفضون ذلك ويقفون فى وجه تلك التصريحات، لإيمانهم بحرية الإعلام ودوره فى بناء المجتمع، متوقعاً أن يتراجع أعضاء حزب النور فى تصريحاتهم مرة أخرى.
ومن جانبه أكد الإعلامى مصطفى شردى، أنه لا يستطيع أى شخص أن يقيد حرية الإعلام فى مصر وأن البرلمان الدولى منذ 3 سنوات ناقش قانون لحرية الإعلام رافضاً فيه وضع أية قيود على الإعلام بشكل عام فى أى دولة، وأن وزير الإعلام الأسبق أنس الفقى لم يستطع فعل ذلك، رافضاً قيام نواب حزب النور بالتضييق على حرية الإعلام والصحافة.
وفى السياق ذاته شدد الكاتب الصحفى عبد الحليم قنديل، رئيس تحرير جريدة صوت الأمة، على رفضه لما يحدث قائلاً "إذا صح هذا الكلام فلا أطالب غير بشنق كل من يريد التضييق على حرية الإعلام والصحافة، بميدان التحرير، لأن الحريات لم تكتسب من خلال البرلمان".. مؤكداً أن حرية الصحافة ليست شأنا أو اختراعا للعجلة فى مصر لأنها لها قواعد تكفلها من خلال التشريعات.
وأضاف قنديل أن قانون العقوبات الحالى خال من العقوبات على النشر، مشيراً إلى ضرورة وجود قانون لإجبار السلطات على تقديم المعلومات للصحفيين ومحاسبة من يمتنع عن تقديم المعلومات، لافتاً إلى أن الجهات المسئولة يمكن لها التعامل مع وسائل الإعلام عن طريق منح التراخيص للجرائد والفضائيات فى الوقت الحالى.
وأوضح قنديل أن المطلوب فى هذا التوقيت تكريس حرية الإعلام وأن أمن الدولة لم يجرؤ على القيام بذلك فى ظل النظام البائد، كما أن لغة البرلمان أصبحت القمع كما كان ينطق بها أعضاء الوطنى المنحل المقربون من أمن الدولة، مطالباً نقابة الصحفيين بالرد على تلك الأقوال وأنه على النقابة أن تتقدم بتشريعات معدة إلى البرلمان لإقرارها لضمان حرية الصحافة والإعلام.
ومن جانبه قال الإعلامى وائل الإبراشى:"تلك الخطوة تعيدنا للوراء، والنظام السابق باستبداده لم يجرؤ على القيام بتلك الخطوة وعندما يُقدم عليها حزب النور بعد الثورة يثير مخاوف كثيرة على المجتمع"، لافتاً إلى أن الأحزاب السلفية تحديداً تريد إقامة محاكم تفتيشية للصحافة، رافضاً الرقابة على الصحافة، لأن الرقابة على الكلمة المطبوعة هى رقابة بوليسية مهما رفعت شعارات بأن ذلك من أجل الأمن القومى أو مصلحة الوطن، وأن كل هذه الشعارات ترفعها النظم المستبدة ومنها النظام السابق.
وأضاف الإبراشى أن ما يريده الناس من ذلك البرلمان أن يجدوا حلولاً للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من رفع الأذان داخل المجلس أو ممارسة رقابة على الرأى وحرية التعبير والإبداع، متوقعاً أن يتصدى حزب الحرية والعدالة – الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين- صاحب الأغلبية فى مجلس الشعب، لتلك القوانين ليظهر نفسه نموذجاً للإسلام المعتدل، مطالباً نقابة الصحفيين باعتبارها نقابة الرأى المكفلة بحرية الدفاع عن الصحافة، بأن تحشد الحشود وتدعو لجمعية عمومية طارئة والاحتجاج على هذا السلوك، لأنه لو تم السكوت عليه والاكتفاء بأنه طلب إحاطة، سنستيقظ لنجد مشروعات قوانين ضد الصحافة وحريتها، لافتاً إلى أن ذلك مقدمات من التيار السلفى لهجمة شرسة على حرية الرأى.
وأشارت الكاتبة الصحفية أمينة النقاش إلى أن قانون محاسبة الصحافة الحالى يكون بعد النشر وليس قبله، متوقعة أن يكثر مثل هذه القوانين المقيدة لحرية الإعلام فى الفترة المقبلة التى ستواجهها القوى الليبرالية من داخل البرلمان، والقوى الليبرالية من خارج البرلمان أيضاً، مؤكدة أن الثورة اندلعت من أجل حرية الرأى والتعبير والتظاهر.
وأكدت النقاش أن هذا التصرف يضع القوى الإسلامية على المحك، وخصوصاً موقفها من حرية الرأى والتعبير والإبداع، لافتة إلى أنه كان هناك تخوف كبير قبل الانتخابات من تعرض الحريات لسيطرة التيار الإسلامى إلى التضييق والتهديد، متوقعة أن تلك المشروعات لن تنهض.
ووصف الكاتب الصحفى جمال عبد الرحيم، عضو مجلس نقابة الصحفيين، ما حدث بـ"الفضيحة" والمهزلة، لافتاً إلى أن الرقابة على الصحف، تعد على الشعب المصرى بشكل عام وليس الإعلاميين فقط، موضحاً أن ذلك يضع قيودًا على الشعب كله، كما أن الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين ومجلس النقابة سيكون له رد قوى على ذلك.
جدير بالذكر أنه طالب عدد من أعضاء لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب، فى اجتماعها صباح اليوم، من نواب حزب النور، وعلى رأسهم النائب حمادة محمد سليمان، بوضع ضوابط وتشريعات تنظيم العمل الإعلامى وتفعيل تشريعات الرقابة على المحتوى الإعلامى، قبل وبعد النشر، كما طالب النواب بأن تكون تلك التشريعات والضوابط ملزمة وتحمى حرية الإعلان وتحافظ على ثوابت الدولة فى نفس الوقت.
وقال النائب محمد عبد الله عبد الرسول، إن كثيراً من الإعلاميين لا يريدون مصلحة البلد، وهذا ما يتضح من خلال مخاطبتهم العاطفية إلى بعض النواب لدفعهم إلى مهاجمة وزارة الداخلية دفاعاً عن قلة من المتظاهرين.
وعلى الجانب الآخر، طالب النائب عبد العزيز الأقرع بعدم إذاعة مناقشات النواب للحكومة عبر التليفزيون، وقال ليس من الدين أن يهان مسئول الحكومة على مرأى ومسمع الناس.