قراءة فى كتاب أغيثوا إخوانكم المسلمين

رضا البطاوى البطاوى في الأربعاء ١٧ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


قراءة فى كتاب أغيثوا إخوانكم المسلمين
المعدة نوال بنت عبد الله وقد تحدثت عن متاعب المسلمين خاصة الفقراء فى الحياة فقالت :
"فإن أعباء الدنيا جسام .. والمتاعب تنزل بالناس كما يهطل المطر، فيغمر الخصب والجدب، ويلم بالإنسان من نوائب الحياة ما قدر عليه في صحته وماله وولده، وهذه سنة الله في خلقه، قال الله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} "
إذا المسلم وحتى الكافر ممتحن بالأضرار وهى الشرور كما هو مبتلى بالخيرات وفى هذا قالت:
"فيبتلى الإنسان بالفقر والجوع وانعدام المأوى والكساء، الإنسان وحده أضعف من أن يقف طويلا تجاه هذه الشدائد والمحن، فيحتاج إلى عون يخفف وطأة البلاء "
وتحدثت عن وجوب وقوف المسلمين بجانب بعضهم البعض فى الشدائد فقالت :
"والإسلام يجعل هذا من حقوق التآخي في الله، فمن أصابته متربة وجد من إخوانه من يهرع لنجدته ويبذل من ماله وجهده ما يفرج به كربته أو يهون من مصيبته، وما هذا الفعل إلا إنطلاقا من قول الله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}
وقوله: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}
يقول ابن كثير
أي أن المؤمنين يتناصرون ويتعاضدون كما جاء في الصحيح: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه» .
وانطلاقا من قول المصطفى (ص): «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة» .
والمؤمن الحق هو الذي يمتلك قلبا يحترق على واقع الإسلام والمسلمين وعلى الأوضاع التي يعيشونها من فاقة وشدة وضيق، فيتحقق فيه قول النبي (ص)«مثل المؤمنين في توداهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» .
فالنبي (ص)جعل المؤمنين كالجسد الواحد إذا تألم منه عضو -حتى إن كان هذا العضو صغيرا- فإن سائر الجسد يتألم ويحزن لتألم هذا العضو وهكذا لابد أن يكون المؤمنون بعضهم مع بعض.
قال القرطبي :
في قول النبي (ص)«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» هذا تمثيل يفيد الحض على معونة المؤمن للمؤمن ونصرته، وأن ذلك أمر متأكد لابد منه فإن البناء لا يتم أمره ولا تحصل فائدته إلا بأن يكون بعضه يمسك بعضا ويقويه وإن لم يكن ذلك انحلت أجزاؤه وخرب بناؤه وكذلك المؤمن لا يستقل بأمور دنياه ودينه إلا بمعونة أخيه ومعاضدته ومناصرته فإن لم يكن ذلك عجز عن القيام بكل مصالحه وعن مقاومة مضاره، فحينئذ لا يتم له نظام دنياه ولا دينه ويلحق بالهالكين."
وحكت حكاية من بطون الأحاديث مسمية إياها موقف عجيب فقالت:
"موقف عجيب:
روى جرير بن عبد الله قوله: كنا عند رسول الله (ص)في صدر النهار قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعر وجه النبي (ص)لما رأى بهم من الفاقة ، فدخل ثم خرج، فأمر بلال فأذن وأقام، فصلى ثم خطب فقال:
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى آخر الآية: {إن الله كان عليكم رقيبا} والآية التي في الحشر: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد}، فتصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره»، حتى قال «ولو بشق تمرة» قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل عجزت قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، فرأيت وجهه عليه الصلاة السلام يتهلل كأنه مذهبة فقال
رسول الله (ص)«من سن في الإسلام سنة حسنه فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» ."
والحديث باطل والخطأ أخذ المستن أجر كأجور العاملين أى المستنين به وتحمل المستن للضلال ذنوب الأخرين الذين اضلهم واستنوا به وهو يخالف أن الإنسان ليس له سوى أجر سعيه أى عمله مصداق لقوله تعالى:
"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
وشرحت نوال الحديث فقالت:
"لقد غضب النبي (ص)بل واشتد غضبه حتى تمعر وجهه عندما رأى حال هؤلاء الذين كانوا من مضر وعلامات الفاقة والحاجة الشديدة مرتسمة عليهم من هيئتهم ولباسهم، فما كان من النبي (ص)إلا إن قام وأمر بلال ليؤذن ويقيم، ثم يخطب النبي (ص)خطبة بليغة، يحث الناس فيها على النفقة والبذل والمواساة لإخوانهم هؤلاء فماذا كان موقف الصحابة رضوان الله عليهم؟ كان موقفهم عجيبا! لقد قام كل واحد منهم ببذل ما يستطيعه فالنبي (ص)لم يحدد للصدقة نوعا معينا بل قال «من ديناره أو درهمه أو ثوبه» إلى أن قال: «ولو بشق تمرة»، فتتابع الناس في العطاء حتى بدت آثار هذا الموقف العظيم والاستجابة السريعة لحث النبي (ص)ظاهرة على وجهه (ص) حيث إنه استنار حتى صار كالمذهبة يتهلل فرحا وسرورا."
والمستفاد من تلك الحكاية رغم عدم صحتها هو
وجوب اعانة المسلمين لبعضهم وتحدثت عن معنى الكرب أو المصيبة فقالت:
"حقيقة الكرب والمصائب:
إن الكربة هي الشدة العظيمة التي توقع صاحبها في الحزن والهم والغم والتي تأخذ بالنفس كل مأخذ والله عز وجل يقول {لقد خلقنا الإنسان في كبد} ، ويرى ابن جرير أن المراد بالآية المكابدة في الأمور الشاقة .
فالإنسان يتعرض في هذه الحياة لما يهمه ويحزنه إما في بدنه أو ولده أو ماله أو دينه، فينبغي على إخوانه في العقيدة أن يسعوا لتخليصه وتخفيف آلامه ونصرته قدر المستطاع .. وقد يظلم المسلم من جهة قوى الشر والاضطهاد وهنا لا يحل تركه مع الاستطاعة على رفع الظلم قال رسول الله (ص)«انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل: أفرأيت إن كان ظالما كيف أنصره .. قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره» .
ولنقف عند ما يلاقيه الإنسان بسبب تمسكه بدينه، فقد يلاقي ما يهمه ويغمه من البلاء مما لا تحتمله الجبال الرواسي من طغاة الأرض وجبابرتهم الخاسرين، وهنا علينا تنفيس كربته بأنفسنا وأموالنا وألسنتنا وأقلامنا، قال تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر} ."
إذا الكرب هو ضرر نزل بالمسلم أو المسلمة يحتاج فيه إلى عون مالى أو عون من نوع أخر كالمواساة وتهوين الألم
واحدثت عن واجب المسلمين نحو المعوزين فقالت:
"واجبنا تجاه إخواننا المسلمين المعوزين :
مساندتهم في السراء والضراء حتى يستشعر المؤمن منهم بأن قوته لا تتحرك في الحياة وحدها بل إن قوى المؤمنين تسانده وتشد من أزره قال رسول الله (ص)«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه» .
أن نبادر إلى رفع الضرر عنهم حتى وإن مسهم ما يتأذون به شاركناهم الألم وأحسسنا معهم بالحزن، أما أن نكون ميتي العاطفة ضعيفي الشعور تجاه أخواننا لأن المصيبة وقعت بعيدا عنا فهذا لا يتقبل وهو تصرف يدل على ضعف الدين وعدم توغله في أعماق القلب ولا يخرج إلا من شخص مبتوت الصلة بمشاعر الأخوة الغامرة التي تخرج من نفوس المسلمين فتجعل الرجل يتألم للألم الذي ينزل بأخيه هذا هو التألم الحق الذي يدفعنا دفعا إلى كشف مشاكل إخواننا فلا نهدأ حتى يزول عنهم فإذا نجحنا في ذلك استنارت وجوهنا واستراحت ضمائرنا."
وكلام المعدة عن الواجب تجاه المعوزين ناقص لأن بعض المعوزين قد يساعدون اخوانهم المعوزين كما قال تعالى فى مساعدة الأنصار للمهاجرين كما قال سبحانه:
"ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"
وتحدثت مستشهدة بحب المسلم لأخيه فقالت:
"كذلك من واجبنا محبة وصول النفع لإخواننا وأن نسعد لوصوله إليهم كما نبتهج بالنفع الذي يصل إلينا، قال رسول الله (ص)«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» "
والحديث باطل فالمسلم يحب للمسلم ما يحب الله له لأن الفرد قد يحب حراما وليس مطلوبا أن يحب الحرام أخيه كما يحبه لنفسه
وتحدثت عن نفع الآخرين فقالت:
"وليعلم أنه بتحقيق هذا النفع لإخواننا نكون قد تقربنا إلى الله بأزكى الطاعات وأجزلها مثوبة، وقد قال رسول الله (ص)«أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولئن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا ... » ."
والحديث باطل لأنه يقول وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم وهو ما يخالف أن أحل الأعمال لله هو الجهاد لأنه فضل المجاهدين على غيرهم فقال:
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
"وتحدثت عن آثار المفهوم فقالت :
"ولهذا المفهوم نرى أبا سليمان الداراني يقول: [إني لألقم اللقمة أخا من إخواني فأجد طعمها في حلقي].
والله تعالى يقول: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير} .
وحول هذه الآية قول «سيد قطب»
إن التكافل الاجتماعي هو قاعدة المجتمع الإسلامي والجماعة المسلمة مكلفة أن تراعي مصالح الضعفاء فيها، واليتامى بفقدهم آباءهم وهم صغار ضعاف أولى برعاية الجماعة وحمايتها. "
وتحدثت عن نصر المسلم للمسلم فقالت:
"التناصر:
إن أخوة الدين تفرض التناصر بين المسلمين لا تناصر العصبيات العمياء بل تناصر المسلمين المؤمنين العاملين لإحقاق الحق وإبطال الباطل وردع المعتدي وإجارة المظلوم فلا يجوز ترك الملم يكافح وحده في المعترك بل لابد من الوقوف إلى جانبه على أي حال لإرشاده إن ضل وحجزه إن تطاول والدفاع عنه إن هوجم والقتال معه إذا استبيح.
وأن من أعلى المراتب أن تؤثر أخاك على نفسك وتقدم حاجته على حاجتك وهذه مرتبة الصديقين ومنتهى درجات المتحابين قال تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} .
يقول سيد قطب:
لقد بلغ الأنصار عالما لم تشهد له البشرية نظيرا في الإيثار والمواساة؟ فأصبح الواحد منهم يؤثر أخاه على نفسه في ماله ومنزله بل حتى أن أحدهم كان يشق إزاره بينه وبين أخيه محبة وإيثارا.
وكما أخرج مسلم والترمذي والنسائي: «أن رجلا من أصحاب رسول الله (ص)أهدي له رأس شاة فقال لأهله إن أخي فلانا عياله أحوج إلى هذا منا فلنبعث به إليه فلم يزل يبعث به واحد إلى واحد حتى تداولها سبعة بيوت حتى رجعت إلى الأول فنزلت هذه الآية {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} .
والله سبحانه وتعالى قد حث على بذل الأموال في الإسلام، وباب الخير واسع وطرقه متعددة فمن لم يجد المال الذي ينفقه فليتصدق بطعام وكساء، قال رسول الله (ص)«من كسا مسلما ثوبا لم يزل في ستر الله ما دام عليه من خيط وسلك» .
وبالجملة فإن نصرتنا لإخواننا المسلمين تكون: بإمدادهم بالمال وبتوفير الطعام والماء والكساء والمسكن الملائم لهم وتكون أيضا بمحاربة الأوبئة والأمراض المنتشرة في قطاع كبير من العالم الإسلامي ويكون ذلك عن طريق بناء المستشفيات والمراكز الصحية في هذه الأماكن.
وتنفيس الكرب عن المسلمين باب واسع يشمل إزالة كل ما ينزل بالعبد من المصائب والكوارث."
وفى الفقرة السابقة أدخلت نوال الأمور فى بعضها فالنصف الثانى من الحديبث لا يتعلق بالتناصر الذى يعنى إما النصر الحربى كما فى قوله تعالى :
"وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر"
وإما نصره باعادته للحث عند ظلمه
وأما بقية الفقرة فتحدث عن الايثار وقضاء الحاجات
وتحدثت عن الدعاء للمسلمين فقالت:
"الدعاء لهم:
وذلك بأن نرفع أكف الضراعة إلى الله أن يكشف الظلم والاضطهاد والجور عن إخواننا المسلمين، ونحرص أن ندعو الله بإخلاص ونستغل أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل وبين الأذان والإقامة وفي السجود وفي آخر ساعة من نهار يوم الجمعة، لقوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ... } .
فنسأل الله أن يفرج الكرب عن المسلمين، ويكفينا في ذلك قول النبي (ص)«دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل» "
والحديث باطل لأن الملائكة لا تنزل الأرض عند رءوس الناس فى الأرض وهو ما يخالف أن الملائكة فى السموات لا تنزل الأرض كما قال تعالى :
"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
وحكت عن مواقف ذكرتها الكتب فقالت:
"مواقف رائعة من المواساة والإيثار والبذل التضحية
إن الإسلام يوجد في المسلم تصورا خاصا نحو الحياة ونحو المجتمع إنه تصور يفيض بالبر والعطف والخير .. فيقدم فيه أبناء المجتمع المسلم ما لديهم من الجهد والأموال والأطعمة إلى الضعفاء والمحتاجين سدا لحاجة المسكين أو مواساة ليتيم أو فكا لأسير، وهذه الرحمة الفائضة من القلوب الرقيقة المؤمنة لا تبتغي بذلك جزاء ولا ثناء ولا شكرا من الخلق بل تتجه إلى الله وحده تطلب رضاءه .. وهذه العاطفة الإيمانية المخلصة من مزايا التربية الإسلامية، فالأمم قد تنظم الضرائب وتفرض التكاليف لإسعاف المحاويج ومساعدتهم فيندفع الناس قهرا إلى ذلك، أما الإسلام فإنه عقيدة تربي أبناءها على البذل من ناحية وعلى العاطفة الكريمة التي تجود طائعة راضية بما عندها من ناحية أخرى.
قال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا} .
إن هذا الشعور الإيماني الكريم [المواساة والبذل والتضحية] قد نما في نفوس الرعيل الأول فكان حسهم في البذل والإيثار والمواساة لإخوانهم المحتاجين حسا صادقا .. فنراهم يبادرون إلى العطاء فيجود كل منهم بما لديه فيزيل جودهم وكرمهم آثار الفاقة ويرأب صدع الفقر.
موقف الأنصار من إخوانهم المهاجرين
لقد كانت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة تمتزج في الأخوة التي كانت بين المهاجرين والأنصار، فقد روى البخاري أنهم لما قدموا المدينة آخى رسول الله (ص)بين عبد الرحمن وسعد بن الربيع، فقال لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي، أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، وأين سوقكم؟ فدلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن، ثم تابع الغدو، ثم جاء يوما وبه أثر صفرة، فقال النبي (ص)مهيم قال: تزوجت. قال: كم سقت إليها. قال: نواة من ذهب لقد كان الأنصار يؤثرون إخوانهم المهاجرين على أنفسهم ولو كان بهم حاجة وفقر والإيثار على النفس مع الحاجة قمة عليا وصل إليها الأنصار فكما قال تعالى: {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} ."
وحديث عبد الرحمن وسعد لا يصح فلا يوجد مسلم يطلب من مسلم أن ينظر لزوجتيه كى يختار واحدة منهما ليطلقها ألأخر لأن هذا يتعارض مع غض البصر ومع عدم الدياثة والخطأ ألأخر أن المهر نواة من ذهب وهو ما يخالف أنه قنطار كما قال تعالى :
"وأتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا
وتحدثا عن موقف أخر فقالت:
"موقف المسلمين بعضهم من بعض في غزوة تبوك:
خرج النبي (ص)في غزوة تبوك في شدة من الأمر في سنة مجدبة وحر شديد وعسر من الزاد والماء وقد أصابهم من الجهد ما أصابهم حتى كان الرجلان يشقان التمرة بينهما، وكان النفر يتداولون التمرة يمصها هذا ويشرب عليها ثم يمصها هذا ويشرب عليها، في هذه الغزوة حض رسول الله (ص)أهل الغنى على النفقة والحمل في سبيل الله فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا وأنفق عثمان بن عفان نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها فعن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي (ص)بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي (ص)جيش العسرة، فصبها في حجر النبي (ص)فجعل النبي (ص)يقلبها بيده ويقول: «ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم» ."
والحديث الأخير باطل لأنه لا يوجد عمل لا يضر معه الكفر وهو العصيان بعده لأن الحسنات تزيل السيئات قبلها وليس بعدها كما قال تعالى :
" إن الحسنات يذهبن السيئات"
وتحدث عن حكايات حدثت فى زمننا فقالت:
" نماذج معاصرة يقف الإنسان أمامها متعجبا متحيرا:
فقد حدثني من أثق به عن امرأة مسلمة تصدقت بكل حليها لصالح المجاهدين والمعوزين في كل مكان.
وأعرف فتاة قامت بتخصيص جزء معلوم من راتبها الشهري لا يمسه أحد ولا تقربه هي، وخصصته للأرامل والأيتام من المسلمين.
وبلغني عن امرأة كانت تبذل جهدها وراحتها وإجمام نفسها بل كانت أحيانا تضحي بساعات نومها لصالح إخوانها المسلمين في كل مكان، فكانت أحيانا تحيك الملابس طول ليلها إلى أن تنتهي منها قم تبيعها، وتأخذ من ثمنها ما يكفيها أما باقي المبلغ فتصرفه لصالح إخوانها المسلمين في أنحاء المعمورة.
ما الدافع لهم على ذلك:
أولا: طاعة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فالله عز وجل كثيرا ما يحث عباده على البذل والصدقة والمواساة للمحتاجين والمساكين والأيتام والأرامل وكذلك النبي (ص)حيث قال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة» .
ثانيا: النظر فيما أعده الله من ثواب في الدار الآخرة لأولئك الذين يبذلون أموالهم وأنفسهم في سبيل الله فهذا النظر يجعل المسلم يتطلع إلى التضحية تطلعه إلى الثواب فيتسابق إليها ولو كان هذا التسابق بين الولد ووالده.
وما هذا إلا لعلمهم أن كل من ينضوي تحت لواء الإسلام تتقلد في عنقه بيعة التضحية بالنفس والمال، وأن الله استخلص لنفسه أنفس المؤمنين وأموالهم إنها صفقة مشتراة المثمن فيها الأنفس والأموال التي هي هبة من الله وهو مالكها، والثمن لهذه الصفقة الرابحة هو الجنة، وما أدراك ما الجنة؟! فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فيها ما تلذ به الأنفس وتقر به الأعين، وهو ثمن موعود به في جميع الكتب السماوية.
ثالثا: الجزاء من جنس العمل، فمن يفرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فإن الله يفرج بها عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن تعرف على الله في الرخاء عرفه في الشدة، وقد تكاثرت النصوص بهذا المعنى، فقد أخرج الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا: «أيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن كسا مؤمنا على عرى كساه الله من خضر الجنة» وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود قال: «يحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط، وأجوع ما كانوا قط، وأظمأ ما كانوا قط وأنصب ما كانوا قط فمن كسا لله كساه الله، ومن أطعم لله أطعمه الله، ومن سقى لله سقاه الله، ومن عفا لله أعفاه الله»"
والحديثان الأخيران باطلان والخطأ فى الأول منهما الكسوة من خضر الجنة فقط مع وجود ملابس من الحرير كما قال تعالى ط ولباسهم فيها حريرا"
والثانى أن الله يفزع المسلمين فى القيامة بالجوع والعطش والعرى والتعب وهو ما يخالف أنهم آمنون من كل ضرر أو شر كما قال تعالى :
" وهم من فزع يومئذ آمنون"
ونقلت نوال من بطون الكتب عن ابن رجب التالى:
"ويقول ابن رجب: إن كرب الدنيا بالنسبة إلي كرب الآخرة لا شيء، فيدخر الله جزاء تنفيس الكرب عنده لينفس به من كرب الآخرة. ويدل على ذلك قول النبي (ص)«يحشر الناس حفاة عراة غرلا، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، الرجال والنساء، ينظر بعضهم بعضا؟ فقال: الأمر أشد من أن يهمهم» .
وكما قال النبي (ص)«يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم» ."
والخطأ هو وجود الناس كفار ومسلمين فى الرشح لأنصاف الآذان يوم القيامة ويخالف هذا أن المسلمون آمنون من الفزع مصداق لقوله تعالى "وهم من فزع يومئذ آمنون "كما أن الشمس غير موجودة فى القيامة لتبديل السموات والأرض بغيرهم كما أن الإنسان لو صفى كل ما فى جسمه من ماء لن يبلغ ركبتيه إطلاقا فكيف يبلغ العرق الآذان؟
وتحدثت عن أهوال القيامة وكونها لا تطاق فقالت:
"وكرب القيامة أشد من أن توصف وكما قال الله تعالى:
{يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} ومن الأدلة على أن الجزاء في الآخرة من جنس العمل في الدنيا قول الله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا} ....... فماذا كان جزاؤهم؟ {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا * متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا} ."
وتحدثت فى النهاية عن وجوب قيام المسلمين بالوقوف إلى جانب بعضهم البعض بأى شىء حتى ولو كان الكلام فقالت:
"وأخيرا ...
فإننا إذا تأملنا حال أمتنا الإسلامية نلاحظ أن المسلمين في أنحاء كثيرة من الأرض يعيشون في ظل الجهل والجوع والفقر والمرض في أحوال بائسة من الحروب والكوارث مما يندى له الجبين ويدمى له القلب.
والملايين من المسلمين في أنحاء المعمورة، كثير منهم يعيشون كلاجئين إما في بلدانهم أو في بلدان مجاورة فمسكنهم الخيام وفراشهم الأرض اليابسة، أما الطعام فلا يجدون إلا النزر اليسير وقد يعدم الطعام عندهم وتنتشر في مخيماتهم الأمراض والأوبئة وينشأ أطفالهم بلا تعليم.
وبما أننا نحن المسلمين مأمورون بالعمل لنصرة ديننا على شتى الأصعدة وفي كل مجال وبما أن هذه المصائب والبلاءات نزلت بإخواننا المسلمين فإن نصرة المسلمين المظلومين ومساعدة المحتاجدين والوقوف إلى جانبهم في مصيبتهم وتفريج كربهم وقضاء حوائجهم وتعليمهم أمور دينهم من أهم ما ينبغي أن نعمله نحن المسلمين، وذلك لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه وتحقيقا لمبدأ الأخوة الإيمانية التي أوجبها الله عز وجل.
هذا والله نسأل أن يفرج كرب المكروبين. ويزيل هم المهمومين وأن ينصرهم على أعدائهم الظالمين اللهم آمين ..."
اجمالي القراءات 1675