رضا البطاوى البطاوى
في
الأحد ٠٧ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
كلام فى التجسس
ماهية التجسس هو :
التعرف على أخبار الآخرين من خلال النظر والسمع المحرمين فى أماكن لا يحل دخولها لها الجاسوس ويستوى فى ذلك النظر من خلال العين المجرد أو الأذن المجردة أو النظر من خلال ناقلات الرؤية والكلام أيا كان نوعها
النهى عن التجسس :
نهى الله عن التجسس عامة وهو :
التعرف على أخبار الآخرين سواء كانوا مسلمين أو كافرين وسواء كانوا داخل دولة المسلمين أو خارجها فى دول الكفار وفى هذا قال تعالى :
" ولا تجسسوا"
ومن ثم لا يجوز التجسس الحربى أو غير الحربى
لا تجسس على الأعداء :
بين الله أن المطلوب من المسلمين هو إعداد القوة بأنواعها المختلفة فقال تعالى :
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
ومن بين إعداد القوة :
الرصد وهو القعود على الحدود لمعرفة أى تحرك لقوات العدو على الحدود داخل أرض المسلمين للرد الفورى عليه بمجرد تعدى الحدود بغرض العدوات كتحرك آليات الحرب من سيارات ومدرعات وطائرات وغيرها
وفى هذا قال تعالى :
" واقعدوا لهم كل مرصد"
وهذا الرصد ليس تجسس لأنه فى مجال الرؤية المفتوحة
ومن الأدلة على النهى عن التجسس داخل أرض العدو مطالبة الله المؤمنين فى دول الكفر بالهجرة لدولة المسلمين فلو كان يريد تجسسا لأمرهم بالبقاء فيها لنقل أخبار العدو وفى هذا قال تعالى :
"والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا"
منع تجسس الأعداء على المسلمين :
أمر الله المسلمين ألا يدخلوا غير مسلم فيما يسمى البطانة وهى المجاهدين ومن ثم يمنع أى كافر من دخول الجيش المسلم حتى ولو كان يعمل فيما لا صلة له بالحرب مباشرة كالإداريين والأطباء وفى ذلك قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر"
فمهما ظهر الذمى أو غيره بصورة المحب أو العادل معنا ففى قلبه شىء من الكراهية تجعله من الممكن أن يفعل أى شىء يؤدى لهزيمة المسلمين
وكرر نفس المعنى فقال :
"أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله وليجة"
ولو عدنا للقرآن فتأملنا الآيات النازلة فى المنافقين لعلمنا أن الله لم يأمر نبيه (ص) والمسلمين بالتجسس عليهم بدليل أنهم كانوا يريدون اضلاله بشتى الطرق فلو كان مأمورا بالتجسس عليهم لعرف ما يدبرون ولكن الله عرفه صفاتهم التى تجعله يأخذ الحذر منهم فقال تعالى :
" ولتعرفنهم فى لحن القول"
ومن ثم لم يكن يعرف ما يدبرون له وللمسلمين إلا بعد أن يكشفهم الله من خلال الوحى وفى احدى عملية الاضلال قال تعالى :
"ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء"
ولذا كان الأمر الإلهى للمسلمين فيهم :
" هم العدو فاحذرهم"
ومن ثم كانت عداوتهم تظهر مرة أو مرتين كل سنة من خلال الأفعال الصريحة كما قال تعالى :
"أو لا يرون أنهم يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون"
التجسس من خلال دخول البيوت من غير أبوابها :
من صور التجسس على الناس قيام البعض بدخول البيوت من غير أبوابها وهى أماكن الدخول التى يدخل منها أهل البيت أو غيرهم بعد الاستئذان وفى هذا قال تعالى :
"وأتوا البيوت من أبوابها"
وقال:
" وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها"
فدخول البيوت من غير مداخلها المعروفة ليس برا أى إسلاما وإنما هو كفر
الاستئذان لمنع التجسس فى البيت :
كما حرم الله التجسس على من فى البيت حرم على من فى البيت التجسس على عورات من فى البيت فأوجب على الأولاد ومن معه غير الأبوين الاستئذان فى ثلاث أوقات هى قبل صلاة الصبح وعند الظهيرة والتخفف من الملابس وبعد صلاة العشاء حتى لا يطلعوا على عورات الأبوين
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض"
عقاب المتجسسين :
بين الله أنه جعل عقوبة الجن الذين يقعدون مقاعد للسمع فى السماء لمعرفة أخبار الغيب هى حرقهم بالشهب فقال :
"وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا"
ومن ثم فعقوبة المتجسس أو الجاسوس أيا كان هى عقوبة الإهلاك وهى القتل لأنه محارب لله يريد من خلال تلك المعرفة الافساد فى الأرض ويظهر ذلك فى استعمال المعلومات فى قتل وجرح المسلمين كما يظهر فى بعض الأحوال كابتزاز يؤدى لإفساد المبتز بجعله يرتكب جرائم متعددة كالزنى أو السرقة أو غيرها
ومن ثم لا يجوز لأيا كان التجسس حتى ولو كان القاضى لمعرفة الحقيقة فى قضية ما لأنه ليس لنا إلا الظاهر فليس لنا معرفة الباطن ولذا حرم قتل من قال أنه مؤمن بدون البحث عما فى داخله فقال :
"يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم فى سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا"
وهناك أمور تبدو فى الظاهر كأنها تجسس ولكنها ليست كذلك كمن يمر فى شارع ليلا أو نهارا فيسمع دون إرادته كلام من داخل البيت عن عمل جريمة ما
وهناك الحكاية المشهورة عن عمر والبنت التى رفضت وضع الماء على اللبن
ومن الأمور المريبة حدوث حدث لا يجوز كرجل يدخل بيت امرأة وهو ليس قريبها فى وقت متأخر أو امرأة تدخل بيت رجل أعزب وهى ليست قريبته ففى تلك الحالة يجوز للشهود الدخول للتأكد من عدم حدوث الزنى أو حدوثه فهنا المبرر للفضول المعرفى هو ارتكاب فعل لا يفعله الناس فى العادة وهو فعل محرم فدخول المرأة الغريبة أو الرجل الغريب غير بيته يعد وضعا مريبا
فمظنة ارتكاب الجريمة بسبب ارتكاب فعل محرم لا يعد من التجسس ومن أراد فعل خير عليه أن يأخذ معه عند الذهاب لبيوت نساء امرأة أو رجل أو حتى يرسل أطفالا ومن هنا كان القول دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
وأى امرأة تريد البعد عن مظان الشبهات عليها إن أدخلت رجلا غريبا لمنفعة ما البيت أن تجعل باب بيتها مفتوحا فذلك ينفى الريب عنها وعنه