العضل فى تحريم الزواج من أهل الكتاب فى الدين السُّنّى : ( الأرضية التاريخية )

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠١ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


العضل فى تحريم الزواج من أهل الكتاب فى الدين السُّنّى : ( الأرضية التاريخية )

أولا :

الكفر السلوكى بالقتل للبرىء والاعتداء بغيا يبدأ بكفر دينى بتسويغ الجريمة وإستحلالها

1 ـ الحيوانات المفترسة تقتل ضحاياها بالغريزة لتأكلها .  الانسان المُسالم لا يفكر فى قتل إنسان مُسالم مثله . القاتل قبل أن يقتل لأول مرة كان مُسالما ، ثم فكّر فى قتل انسان برىء ، وهذا التفكير يعنى أنه ( سوّغت ) له نفسه القتل ، وبررته له ، أو إستحلّت أن يقتل هذا البرىء . أى إن عملية قتل شخص برىء جاءت بعد تشريع إستباح قتل النفس البريئة عمدا . أى إن الكفر السلوكى بالاعتداء والقتل والقتال يبدأ بتبرير وتسويغ واستحلال ، أى يبدأ بكفر دينى ويستمر به . لا بد أن ندرك هذا .

ونعطى نماذج من القرآن الكريم :

1 / 1 :  أول جريمة قتل فى تاريخ البشر ، حين قتل إبن آدم شقيقه . قال جل وعلا عنه ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ (30)  المائدة ) . تدبر معنى ( طوّعت له نفسه ).!

1 / 2 : عقوبة التعمد فى قتل النفس المؤمنة المسالمة البريئة : (  وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93)  النساء ) . تدبر معنى ( متعمدا ) أى مع سبق الاصرار والترصُّد . هذا وصف رائع لاستحلال القتل قبل القتل .

1 / 3 : يدل على تعريف المؤمن أنه حتى فى أرض المعركة فى مواجهة جيش معتد فإن الجندى فى هذا الجيش المعتدى إن ألقى السلام فقد حقن دمه ، أى يكون مُسالما بمجرد نطقه بالسلام . قال جل وعلا فى الآية التالية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (94) النساء ).

1 / 4 : والجندى المحارب فى جيش معتدى إذا إستجار وألقى سلاحه أصبح مؤمنا سلوكيا يجب إجارته وتأمين حياته وإرجاعه الى مأمنه بعد أن يسمع بعض القرآن الكريم ليجمع بين الايمان السلوكى والايمان الدينى . قال جل وعلا : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6) التوبة )

ثانيا :

أبو بكر والخلفاء بعده هم أكفر البشر : جمعوا بين الكفر السلوكى والكفر العقيدى ، وظلموا ملايين الناس  وظلموا رب الناس 

1 ـ  الآية 93 من سورة النساء تذكر القتل ( متعمدا ) أى تسويغ القتل وتشريعه ، وأن جزاءه الخلود فى النار فى عذاب شديد مع غضب الرحمن جل وعلا ولعنته . هذا عن قتل فرد واحد مؤمن مسالم برىء . ! فماذا عن الاعتداء على أُمم وغزوها وقتل أبطالها المدافعين عنها ، وهم مئات الألوف ، وسبى نسائهم وأطفالهم واحتلال بلادهم ونهب أموالهم بفرض الجزية والخراج ؟ هذا ما إرتكبه أبو بكر والخلفاء بعده . هذا إعتداء فظيع على ملايين البشر ، إمتد خلال قرن من حدود الهند والصين شرقا الى جنوب فرنسا غربا . الأفظع منه أنه إعتداء على رب العزة جل وعلا لأنهم جعلوا هذا إسلاما ، إحتقارا منهم لتشريعات الاسلام فى السلام والقتال الدفاعى ، وهم بالطبع كانوا يعرفونها وشهدوا تطبيقها وهم مع النبى محمد عليه السلام .  هؤلاء الخلفاء الفاسقون الكافرون كان المال مقصودهم الأعظم ، لذا ما لبث أن إختلفوا بسببه وإقتتلوا من الحرب الأهلية فى خلافة (على ) ، ولا يزال المحمديون فى هذا النفق يسيرون .   

3 ـ دولة النبى محمد الاسلامية كانت نقطة مُضيئة فى ظلام العصور الوسطى وثقافتها الدموية . سُرعان ما أطفأ الذين مردوا على النفاق هذه النقطة المضيئة ، ورجعوا الى ما ألفوه وإعتادوا عليه من الغزو والسلب والنهب والاسترقاق ، ولكن على مستوى عالمى .

4 ـ نتج عن هذا التحول الخطير بالفتوحات والحروب الأهلية :

4 / 1 : تأسيس ديانات أرضية بقى منها التشيع والسنة ثم التصوف ، وفيها أصبح شياطين الفتوحات ـ أو بعضهم ـ آلهة.  

4 / 2 : تقسيم العالم المعروف الى معسكرين يتحاربان دينيا ، معسكر العرب ( دار السلام بزعمهم ) ومعسكر البيزنطيين ( دار الحرب ) . فى العصر العباسى الأول تقوّى البيزنطيون ثم فى العصر العباسى الثانى بدأوا حركة إسترداد . وتبادل الفريقان النصر والهزيمة ، ودفع الجزية . وفى نهاية العصر العباسى وحتى العصر المملوكى الأول كانت الحملات الصليبية . هذه الحروب بين المعسكرين لم تمنع حروبا فى داخل معسكر المحمديين .

ثانيا :

1 : فى هذا المناخ وُلدت وتأسّست وترعرعت الشريعة السنية الشيطانية ، ونظرت بعين العداء لأهل الكتاب فى الداخل وفى الخارج . وتأثر بهذا موضوع الزواج فأفتى كل منهم بهواه ، وإصطنع الأسانيد والأقاصيص واسطورة النسخ بمعنى إلغاء أحكام القرآن الكريم .!.

2 ـ ونعطى أمثلة قليلة مما أورده القرطبى فى قوله جل وعلا : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)البقرة )، قال :

( واختلف العلماء في تأويل هذه الآية، فقالت طائفة: حرم الله نكاح المشركات في سورة البقرة ثم نسخ من هذه الجملة نساء أهل الكتاب، فأحلهن في سورة المائدة.وروى هذا القول عن ابن عباس، وبه قال مالك بن أنس وسفيان بن سعيد الثوري، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي.وقال قتادة وسعيد بن جبير: لفظ الآية العموم في كل كافرة، والمراد بها الخصوص في الكتابيات، وبينت الخصوص آية المائدة ولم يتناول العموم قط الكتابيات. وهذا أحد قولي الشافعي، وعلى القول الأول يتناولهن العموم، ثم نسخت آية المائدة بعض العموم. وهذا مذهب مالك رحمه الله، ذكره ابن حبيب، وقال: ونكاح اليهودية والنصرانية وإن كان قد أحله الله تعالى مستثقل مذموم.وقال إسحاق بن إبراهيم الحربي: ذهب قوم فجعلوا الآية التي في البقرة هي الناسخة، والتي في المائدة هي المنسوخة، فحرموا نكاح كل مشركة كتابية أو غير كتابية. قال النحاس: ومن الحجة لقائل هذا مما صح سنده ما حدثناه محمد بن ريان، قال: حدثنا محمد بن رمح، قال: حدثنا الليث عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية قال: حرم الله المشركات على المؤمنين، ولا أعرف شيئا من الاشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى، أو عبد من عباد الله!. قال النحاس: وهذا قول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم بهم الحجة، لأنه قد قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعين جماعة، منهم عثمان وطلحة وابن عباس وجابر وحذيفة. ومن التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك، وفقهاء الأمصار عليه. وأيضا فيمتنع أن تكون هذه الآية من سورة البقرة ناسخة للآية التي في سورة المائدة لان البقرة من أول ما نزل بالمدينة، والمائدة من آخر ما نزل. وإنما الآخر ينسخ الأول، وأما حديث ابن عمر فلا حجة فيه، لأن ابن عمر رحمه الله كان رجلا متوقفا، فلما سمع الآيتين، في واحدة التحليل، وفى أخرى التحريم ولم يبلغه النسخ توقف، ولم يؤخذ عنه ذكر النسخ وإنما تؤول عليه، وليس يؤخذ الناسخ والمنسوخ بالتأويل.وذكر ابن عطية: وقال ابن عباس في بعض ما روى عنه: إن الآية عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات، وكل من على غير الإسلام حرام، فعلى هذا هي ناسخة للآية التي في المائدة وينظر إلى هذا قول ابن عمر في الموطأ: ولا أعلم أشراكا أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى.وروى عن عمر أنه فرق بين طلحة ابن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين وقالا: نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، فقال: لو جاز طلاقكما لجاز نكاحكما! ولكن أفرق بينكما صغرة قمأة. قال ابن عطية: وهذا لا يستند جيدا، وأسند منه أن عمر أراد التفريق بينهما فقال له حذيفة: أتزعم أنها حرام فأخلى سبيلها يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن.
وروى عن ابن عباس نحو هذا.وذكر ابن المنذر جواز نكاح الكتابيات عن عمر بن الخطاب، ومن ذكر من الصحابة والتابعين في قول النحاس.وقال في آخر كلامه: ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك.
وقال بعض العلماء: وأما الآيتان فلا تعارض بينهما، فإن ظاهر لفظ الشرك لا يتناول أهل الكتاب، لقوله تعالى: {ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، وقال: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ} ففرق بينهم في اللفظ، وظاهر العطف يقتضى مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، وأيضا فاسم الشرك عموم وليس بنص، وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} بعد قوله: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ} نص، فلا تعارض بين المحتمل وبين ما لا يحتمل. فإن قيل: أراد بقوله: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي أوتوا الكتاب من قبلكم وأسلموا، كقوله: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} الآية. وقوله: {مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ} الآية. قيل له: هذا خلاف نص الآية في قوله: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} وخلاف ما قاله الجمهور، فإنه لا يشكل على أحد جواز التزويج ممن أسلم وصار من أعيان المسلمين. فإن قالوا: فقد قال الله تعالى: {أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} فجعل العلة في تحريم نكاحهن الدعاء إلى النار. والجواب أن ذلك علة لقوله تعالى: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ} لان المشرك يدعو إلى النار، وهذه العلة مطردة في جميع الكفار، فالمسلم خير من الكافر مطلقا، وهذا بين...  وأما نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حربا فلا يحل، وسيل ابن عباس عن ذلك فقال: لا يحل، وتلا قول الله تعالى: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {صاغِرُونَ}. قال المحدث: حدثت بذلك إبراهيم النخعي فأعجبه. وكره مالك تزوج الحربيات، لعلة ترك الولد في دار الحرب، ولتصرفها في الخمر والخنزير...  قوله تعالى: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ} إخبار بأن المؤمنة المملوكة خير من المشركة، وإن كانت ذات الحسب والمال. {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} في الحسن وغير ذلك، هذا قول الطبري وغيره. ونزلت في خنساء وليدة سوداء كانت لحذيفة بن اليمان، فقال لها حذيفة: يا خنساء، قد ذكرت في الملا الأعلى مع سوادك ودمامتك، وأنزل الله تعالى ذكرك في كتابه، فأعتقها حذيفة وتزوجها.وقال السدى: نزلت في عبد الله بن رواحة، كانت له أمة سوداء فلطمها في غضب ثم ندم، فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، فقال: «ما هي يا عبد الله» قال: تصوم وتصلى وتحسن الوضوء وتشهد الشهادتين، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «هذه مؤمنة». فقال ابن رواحة: لاعتقنها ولا تزوجنها، ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمة، وكانوا يرون أن ينكحوا إلى المشركين، وكانوا ينكحونهم رغبة في أحسابهم، فنزلت هذه الآية. والله أعلم... وأختلف العلماء في نكاح إماء أهل الكتاب، فقال مالك: لا يجوز نكاح الامة الكتابية.وقال أشهب في كتاب محمد، فيمن أسلم وتحته أمة كتابية: إنه لا يفرق بينهما.وقال أبو حنيفة وأصحابه، يجوز نكاح إماء أهل الكتاب.  ...واختلفوا في نكاح نساء المجوس، فمنع مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي وإسحاق من ذلك.وقال ابن حنبل: لا يعجبني.وروى أن حذيفة بن اليمان تزوج مجوسية، وأن عمر قال له: طلقها.).

أخيرا

نأسف على إرهاقكم بهذه الخزعبلات . 
اجمالي القراءات 1851