فيما أعلنت جماعة الاخوان المسلمين انضمامها إلى الاضراب العام الذي دعا إليه مصريون على موقع "فيس بوك" في 4 مايو القادم الذي يوافق عيد ميلاد الرئيس حسني مبارك، أصدر داعية شهير معروف بمعارضته لنظام الحكم فتوى تؤكد أنه "مخالف للشرع الاسلامي ومن يشترك فيه فهو آثم".
وحرمت دعوة لاستقالة رئيس الجمهورية وتشكيل مجلس انتقالي يتولى الحكم. وقال الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية الذي أصدر الفتوى إنه يجب على "مبارك" ألا يستجيب لأي دعوة بالاستقالة تأتيه ممن وصفهم بالعوام و"الروبيضات" وأن يسير على درب الخليفة الراشد عثمان بن عفان عندما رفض طلبا من "مصريين" للتنحي.
وكان محمد مهدي عاكف المرشد العام للاخوان "المحظورة قانونا" أعلن في بيان الثلاثاء 29-4-2008 استجابة جماعته لدعوة الاضراب العام، قائلا "الاخوان المسلمون يتجاوبون مع الدعوة الى التزام المواطنين بيوتهم يوم الرابع من مايو القادم".
وأضاف "يرى الإخوان المسلمون أنهم مع حركة الاحتجاج السلمي التي تطالب بحل الازمات ومواجهة الاوضاع المتردية التي يعاني منها الشعب".
وأرجع البيان مشاركة الاخوان في الاضراب الى أن "السلطة التنفيذية قد أصمت أذنيها وأغمضت عينيها أمام كافة دعوات الاصلاح". ولم يشارك الاخوان في اضراب عام دعي اليه في 6 أبريل/ نيسان الماضي.
من جهته انتقد الشيخ يوسف البدري إعلان الاخوان وقال لـ"العربية.نت" إن انضمام بعض الفئات لهذه الحركة ظنا منهم أنهم سوف يحوزون على على عدد ضخم من المضربين في هذا اليوم، يعد ارتكابا لكبيرة ويجعل الخطر كبيرا.
وعلقت فتوى البدري، التي حصلت "العربية.نت" على نسخة منها، على اعلان تشكيل حركة باسم 6 ابريل من نشطاء الاضراب السابق، وتبنيها دعوة موجهة إلى الرئيس حسني مبارك بالاستقالة قبل 4 مايو/ايار القادم وتشكيل مجلس انتقالي لتولي الحكم.
لا يجوز تنحي الرئيس
وقالت "لا يجوز للحاكم أن يتنازل عن الحكم طالما يعلم أنه أدى ما عليه وأكثر ولم يقع في خطأ ولم يتخذ منصبه وسيلة لظلم الناس أو التربح وترك الشعب يعيش في فقر أو ترك أمرا مهما من أمور الدين".
وطالبت الرئيس مبارك بانتهاج ما فعله الخليفة عثمان بن عفان عندما طلب منه وفد من أهل مصر بقيادة محمد بن أبي بكر الصديق التنحي عن الحكم، فقال لهم "والله لا انزع قميصا سربلنيه الله تعالى" وأبى أن يتنازل، ووافقه الصحابة على قوله وساندوه.
واستطردت فتوى البدري أن الاسلام أكد على وجوب تعيين رئيس للدولة "سمه ما شئت.. خليفة أو أميرا أو حاكما أو رئيسا. ونظم اختيار هذا الحاكم، وجعل أهل الحل والعقد هم الذين يتولون تنصيبه، وجعل أهل النظر والاجتهاد هم الذين يتولون حسابه على كل شيء".
وتابعت "أجمعت كتب الأحكام السلطانية على أن الحاكم إذا انعقد له الأمر، أي تولي السلطة، فيجب عدم منازعته إلا إذا وقع في أخطاء. وعلى الحاكم كذلك أن يرأف بالأمة وهو مسؤول يوم القيامة عن كل ما ولي عليه".
وقالت "لابد أن نعلم أولا أن الحاكم فرد من أفراد العامة، لذلك يقول الفقهاء إذا صلحت الرعية، صلح الراعي، لقوله صلى الله عليه وسلم: كيفما تكونون يولى عليكم، ولقوله تعالى (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا). ومن هنا فإن الرعية هي التي تنبت الحاكم وتجعله عادلا أو ظالما، وهي التي تجعله يسخر كل شيء لمصالحه أو يسخر كل شيء لمصالح العباد".
مساءلة الحاكم مشروعة
وأضاف الشيخ البدري "مساءلة الحاكم في الاسلام مشروعة، والذي يفعل ذلك هم أهل النظر والاجتهاد، ويمثلهم في حالة مصر أعضاء مجلسي الشعب والشورى وعلماء الأزهر. لكن لا يجوز شرعا الخروج على الحاكم إلا إن رأى الناس كفرا بواحا له من الله فيه سلطان".
ومضى قائلا: الأصل أن تكون هناك ثقة متبادلة بين الحاكم والرعية، وإذا أخطأ الحاكم أو ذل فلا يحاسبه العامة، وهم الذين سماهم الرسول "الروبيضة".
وربط يوسف البدري بين الداعين إلى الاضراب العام على موقع "فيس بوك" وبين مصطلح "الروبيضة" مشيرا إلى أن هذا المصطلح يعني في الاسلام "الرجل التافه الذي يتكلم في أعلى أمور الأمة" وشبهه ببائع بطاطا أو كوسة يطالب بتغيير نظام الحكم.
وتابع: ليس من الاسلام أن يقوم بهذه المهام أناس على موقع للانترنت فينقاد الناس وراءهم.
الاضراب مخالفة شرعية
وأضاف الشيخ يوسف البدري في فتوى تحريم إضراب 4 مايو/ايار: الدعوة للبقاء في البيوت في هذا اليوم تسمى "العصيان المدني" ويقابله في الاسلام "الخروج السلمي عن الحاكم" ومن ثم لا يقره الشرع بل يقف ضده، فلنفرض أن مريضا يحتاج إلى جراحه، هل نتركه يموت. وقس على ذلك المصالح الأخرى التي تتعطل بسبب البقاء في البيوت ووقف أعمال البلاد والعباد.
وقال: الاسلام يجعل أبناءه ايجابيين. إذا كانت لهم طلبات، فليكتبونها ويرفعونها للجهات المسؤولة من غير أن يتوقفوا عن العمل. عليهم أن يذهبوا إلى الذين انتخبوهم في البرلمان ويقولون لهم إنهم المسؤولون بتوصيل طلباتهم إلى الحاكم.
واستطرد: الذين يطالبون بوقف العمل هم أول المفسدين والمخربين. لا يرون مصلحة إلا في سماع كلامهم، فهل كلامهم وحدهم هو الصواب وكلام الآخرين هو الباطل. لماذا يزكون أنفسهم ويرون أنهم أصحاب الرأي الحق والمنطق السليم، وغيرهم لا يفهمون ولا يعقلون.
وضرب البدري نموذجا بنفسه قائلا: أنا أختلف مع الحاكم وأعارض سياسته ولكني أقول هنا ما يتفق مع الاسلام، أما موقفي فأعبر عنه بالرأي الذي أبديه وبالقضايا التي أرفعها للمحاكم، أكسب بعضها وأخسر بعضها الآخر. هذا ما يجب أن يكون، أما أن نحاسبه بالبقاء في البيت واظهار الشوارع خالية فهو ضلالة مستوردة.
وأضاف أن الدعوة للاضراب والاشتراك فيه تجعل البلاد تضرب بها الفوضى "الرسول صلى الله عليه وسلم يقول إن هرج ساعة شر من ظلم حاكم 50 عاما" فالحاكم مصونة به الدماء والأموال والأعراض. أما غلاء الأسعار والفساد فنحن الذين مكنا لهؤلاء أن يفعلوا بنا هذا، فإذا صلحت الرعية صلح الحاكم، والاسلام يغير من القاعدة وليس من الرأس.
وحذرت فتوى الشيخ البدري من الاحتفاء بما فعلته فتاة "الفيس بوك" اسراء عبدالفتاح التي اعتقلت 18 يوما وتم الافراج عنها مؤخرا لاتهامها بتزعم اضراب 6 ابريل الماضي. وقال إن اعلانها توبتها وتوقفها عن ذلك النشاط يمثل عودة إلى الحق وإلى الدين الصحيح، لأن ذلك يبعد عنها الفتنة ويحفظ لها عرضها وشرفها، ويكفي أنها أخذها رجال بعنف إلى السجن وداخله كانت معرضة للخطر.
ثلاثة مطالب للمضربين
وقال موجهو الدعوة للاضراب التي نشرت على موقع "فيس بوك" إن أعداد المشاركين في المجموعة يبلغ الآلاف.
وتشير إحدى المجموعات، وتحمل اسم "اضراب 6 ابريل نجح.. و هنكمل المشوار يا رجالة مصر اول اسبوع من شهر مايو"، إلى أنه بعد إضراب 4 مايو المقرر، سيعطي المضربون الحكومة 28 يوماً لتنفيذ مطالبهم "المحددة والمشروعة"، والتي تضم 3 نقاط: حد أدنى للأجور لكل الفئات والوظائف، إجراءات حقيقية لوقف ارتفاع الأسعار ومنع الاحتكار، والإفراج عن المعتقلين".
ويؤكد المشاركون في المجموعة انهم صاروا يشكلون "أكبر جماعة شعبية غير سياسية"، وأنهم "لم ولن" يخضعوا لأي تيار سياسي.
وتدعو إلى مقاطعة مترو الأنفاق خلال الأسبوع الاول من شهر مايو المقبل، خاصة وأنه "بيدخل للمترو كل يوم ما لا يقل عن مليون جنيه مكسب صافي. ودي اول الضربات القاضية.. والموضوع بسيط جدا، طبعا فى ناس مش هتقدر عشان مش هتعرف توصل شغلها غير بالمترو، بس لو 50% من الناس قاطعته هتفرق كتير".