القاهرة- مصطفى سليمان
طعن المجلس الأعلى للثقافة، الذي يعتبر من أهم هيئات وزراة الثقافة المصرية، في الحكم القضائي بوقف منح الشاعر حلمي سالم جائزة الدولة التقديرية، بعد دعوى أقامها ضده الشيخ يوسف البدري، اتهمه فيها بالتطاول على الذات الإلهية، في قصيدة "شرفة ليلى مراد".
وأكد أمين عام المجلس الأعلى للثقافة علي أبو شادي، في حديث لـ "العربية.نت"، أن الطعن يهدف إلى "الدعوة للتنوير ومحاربة الظلامية التي توقف كل عمل إبداعي"، إذ "ليس من المعقول أن نترك هذه القوى الظلامية تجرنا للخلف، ونقف متفرجين".
ضد الظلامية
واعتبر ان سالم "شاعر ومبدع له أفكاره التي تحاربها قوى التخلف والرجعية التي تتستر بالدين، ومن واجبنا أن نقف معه ونسانده، لاننا جميعاً في معركة واحدة، فقررنا أن نخوضها معه".
ولفت أبو شادي إلى أن سالم تقدم للحصول على الجائزة قبل صدور ديوانه الذي يضم قصيدة "شرفة ليلى مراد" التي أثارت القضية، مؤكداً أن تسميته للجائزة جاء تقديراً عن مجمل أعماله الادبية والشعرية، وليس عن القصيدة- الأزمة فقط، نافياً أن يكون المجلس في موقع الدفاع عن شاعر متهم بالتطاول على الذات الإلهية.
وأكد الأمين العام أن الطعن الذي تقدم به المجلس قانوني شكلاً ومضموناً، لأن الحكم ضد الشاعر جاء بإلزام وزير الثقافة بعدم تسليمه الجائزة، "علماً ان هذه الجائزة ليست ملكاً لوزير الثقافة، بل يقتصر دوره فقط على التوقيع على الجزء المالي"، وفق ما يشرح أبو شادي، مضيفاً أن الجائزة تُمنح من خلال جميع أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، البالغين 61 عضواً من كبار المثقفين، الذين أجمعوا على أحقية سالم بالجائزة. وقال "من غير المعقول أن تقف قوى الرجعية ضد كل هؤلاء المثقفين والكتّاب، وتمنعه من الحصول على حقه فى التكريم".
وكان تقرير صدر عن مجمع البحوث الاسلامية بتكفير قصيدة "شرفة ليلى مراد"، للشاعر حلمي سالم، وأوصى بمصادرتها، بعد نشرها في مجلة إبداع الفصلية المصرية في عددها الثالث في شتاء العام الماضي.
وقد استندت المحكمة فى حكمها بحجب الجائزة عن سالم الى هذا التقرير، وصدر الحكم بسحبها والزام وزير الثقافة بعدم تسليمه الجائزة، وهو ما أحدث أزمة فى أوساط المثقفين المصريين، خاصة وأن الجائزة كانت تقديراً له عن تاريخه الأدبي والشعري الطويل، وانجازاته الشعرية الخاصة، وليس عن هذه القصيدة تحديداً.
وجاء في تلك القصيدة "ليس من حل أمامي.. سوى أن أستدعي الله والأنبياء.. ليشاركوني في حراسة الجثة.. فقد تخونني شهوتي أو يخذلني النقص.. الرب ليس شرطيا حتي يمسك الجناة من قفاهم.. إنما هو قروي يزغط البط ويجس ضرع البقرة بأصابعه صائحا: وافر هذا اللبن.. الجناة أحرار لأنهم امتحاننا الذي يضعه الرب آخر كل فصل قبل أن يؤلف سورة البقرة.. الرب ليس عسكري مرور.. إن هو إلا طائر.. وعلى كل واحد منا تجهيز العنق.. لماذا تعتبين عليه رفرفرته فوق الرؤوس.. هل تريدين منه أن يمشي بعصاه في شارع زكريا أحمد.. ينظم السير ويعذب المرسيدس".
لم أسئ للذات الإلهية
من جهته، أكد الشاعر حلمى سالم لـ"العربية.نت" إنه لم يطلب من وزارة الثقافة استئناف الحكم الصادر، أو الطعن فيه، "لأننى أعتقد جازماً أننى حصلت على الجائزة بالفعل ولا أنتظر حكم محكمة بالحجب أو المنح".
وتابع قائلا "لقد حصلت على الجائزة لأعمالى الأدبية اجمالاً، ومنها قصيدة شرفة ليلى مراد وسأظل فائزا بها. علما بأن الجوائز لا تصنع الأدباء ونزع الجوائز لا ينزع عنهم صفة الأدباء فأنا شاعر قبل الجائزة وبعدها".
ونفى سالم أن تكون القصيدة تسىء للذات الالهية وقال "ان الذين استخلصوا ذلك هم الذين يقرأون الأدب قراءة بوليسية سيئة النية، أما الذين يقرأون الأدب والشعر بنية حسنة فيرون فيها عكس ذلك تماماً".
وتابع "لقد انتقدت فى القصيدة تواكل المسلمين على الله، وقعودهم خاملين. وهذا معنى ديني ذكر في القرآن، حيث قال تعالى "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فالقصيدة قالت هذا المعنى بصورة شعرية بسيطة، لم يعتد عليها كل الذين يقرأون الأدب قراءة حرفية ضيقة".