(وإتخذ الله إبراهيم خليلا ) .
ماهو قولك في(وأتخذ الله إبراهيم خليلا)،هل هي بمعنى أنه إتخذه صاحبا ؟
==
التعقيب:
ورد مُصطلح خليل في القرءان الكريم ثلاث مرات واحدة مقترنة بالمولى جل جلاله (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً))
وإثنتان في الحديث عن الكافرين الضالين من البشر في قوله تعالى (وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره واذا لاتخذوك خليلا)) و ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا.يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا.لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا)).
فهل يكون المعنى عند الحديث عن المولى جل جلاله هو نفس المعنى عند الحديث عن الكافرين الضالين ؟؟؟
بالـتأكيد لا وألف لا ..فهناك مُصطلحات تُطلق على المولى جل جلاله وعلى البشر ولكن معناها عندما تُطلق على رب العزة يختلف تماما عما تُطلق به عن البشر مثل قوله تعالى (قل هو الله أحد ........ ولم يكن له كفوا أحد ) فأحد الأولى تعنى (لا إله إلا الله ) أما الثانية تعنى أحد من البشر.والفرق بينهما لا نهائي ولا أول له ولا آخر .
فخليلا عندما نُطلقها على البشر تعنى الصاحب والرفيق والصديق . فهل هذه الأوصاف يجوز إطلاقها على المولى جل جلاله ، فهل لرب العزة جل جلاله صديق أو صاحب أو رفيق ؟؟؟؟
حاشا لله رب العالمين وتعالى عن هذا علوا كبيرا .
وهل يجوز أن يتخذ رب العالمين جل جلاله ( الحى – الأول – الآخر –القيوم ) صديقا من خلق خلقه هو سبحانه عاش 100 او 150 سنة على أقصى تقدير ثم أماته ؟؟؟
فهل الصديق والخليل والصاحب يُميت صديقه ليُفارقه ؟؟
وهل كان للمولى جل جلاله أصدقاء وأخلاء قبل إبراهيم عليه السلام أو بعده ؟؟ حاشا لله رب العزة جل جلاله وتعالى عن هذا علوا كبيرا .
إذن فما معنى (واتخذ الله إبراهيم خليلا ) مع أن الفاعل هنا طبقا لقواعد السان العربى المعروف هو الله والمفعول به هو إبراهيم ؟؟
نقول :::::
أولا :
قواعد اللسان العربى (اللغة العربية ) وضعت بعد نزول القرءان الكريم بقرن أو قرنين من الزمان ،وفيها مُخالفات كثيرة لقواعد آيات القرءان وتحتاج إلى إعادة ضبط وللإحتكام فيها لقواعد لسان لقرءان الكريم مرة أخرى وليس العكس لأن القرءان هو الحاكم عليها وليس العكس .
ثانيا
إن معنى (وأتخذ الله إبراهيم خليلا )
هذا يعنى أن إبراهيم عليه السلام هو الذى إتخذ المولى جل جلاله هاديا ووكيلا ووليا له ونصيرا. أى أن إبراهيم عليه السلام توكل وإعتمد على الله جل جلاله فى كُل كبيرة وصغيرة فى حياته وأخلص دينه لله رب العالمين وحده منذ أن قرروهو شاب أن يترك أباه وقومه بعد أن عانى منهم بسبب (لا إله إلا الله ) ((وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ )). أى انه لم يعد له إلا الله وأنه هو الهادى والنصير له وأنه ذاهب فى طريق إسلام نفسه ودينه ومحياه ومماته لله رب العالمين حتى لو كان العالم كُله ضده وضد إيمانه بلا إله إلا الله .فكانت جائزته ومُكافئته أن جعله رب العالمين إماما للناس (((واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما)) ،وجعل فى ذريته النبوة ( إسحاق – إسماعيل – يعقوب –يوسف ).. ثم ابتلاه ربه سبحانه وتعالى أشد البلاء ،ولكنه نجح فى الإختبارات كُلها بتقدير سوبرممتاز 100% فقال عنه القرءان الكريم مادحا إياه ((وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى )) أي وفى ونفذ كُل ما طُلب منه .
ثالثا :
القرءان يحتاج إلى هدوء فى التدبر والدراسة وربط الآيات ببعضها لنصل للنتيجة المرجوة فى معرفة حقائقه وعدم الإلتفات للتراث والتراثيين في فهم آياته ،ولنتدبره من داخله هو وبأياته هو ،ولنقارن حقائق آياته مع بعضها لنصل للمعنى الذى قصده القرءان الكريم .
رابعا :
الخلاصة أن (خليلا ) هنا تعنى أن إبراهيم عليه السلام هو الذى توكل على الله وإستعان به سبحانه وتعالى وحده لا شريك ليكون له هاديا ونصيرا ،وجعل حياته ومماته لله رب العالمين .وهذا ما جاء في أول الأية في قوله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ )). أما فهم العوام من أن رب العزة جل جلاله هو الذى إتخذ إبراهيم صاحبا ورفيقا وصديقا له فهذا أراه كُفر والعياذ بالله وجب عليهم إعادة التفكيرفيه مرة أخرى قبل فوات الآوان .