الإصطفاء وفك الشفره
أ.د. عبدالرزاق منصور على
بالتأكيد هذا إِجتهاد من خلال تدبرآيات القرآن الكريم
نود أن نعرف ماهو الإجتباء قبل شرح معنى الإصطفاء.
الإجتباء: من يجتبى بمعنى يستخلص ويجمع ومنه قوله تعالى (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ) القصص57 – وفى القرآن الكريم يرد الإجتباء بمعنى إعطاء علم تأويل الأحاديث أى معرفة وفهم مايؤول إليه الحدث والحديث أى تحويل الأحداث وتمييزها = فك شفرتها بالمعنى الدارج. وإذا راجعنا آيات القرآن التى ذكرت الإجتباء نجد أنها تدور حول هذا المعنى (وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) يوسف 6- وقوله تعالى(وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي ۚ هَٰذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأعراف203 -أى أن الإجتباء يعنى البصيره والهدى. و الإجتباء يكون للأنبياء والرسل وغيرهم من بعض الناس, قال تعالى(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج78- ونلاحظ من سياق آيات القرآن الكريم أن الإجتباء هو علم مكتسب يأتى بالتقوى والعمل الصالح (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقره282- وقوله تعالى(يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً)الأنفال29-
ويمكن أن نستنتج معنى الإجتباء كعلم لتأويل الْأَحَدِاثِ من قصة يوسف عليه السلام حينما تمكن من فك شفرة الرؤيا لكل من الملك وصاحبيه فى السجن. وبديهى أن الإجتباء فى القرآن الكريم هوغيرالموجود فى خرافات الشيعه الذين خسفوا به الأرض وصنعوا عليه عروض فى السوبرماركت وإِدعوا أن كل ائمتهم وملاليهم قد حصلوا على درجة الإجتباء مع مرتبة الشرف.
الإصطفاء: من الصفاء والنقاء- ولكن ماذا يعنى إصطفاء الله لبعض الناس؟ هو تنقية وتطهير فطرته السليمه مما علق بها من الشوائب وبالتأكيد ليس معنى الإصطفاء مثلا تنظيف الجسم بالصابون والشامبو, ولكن يقصد به تطهيرالإنسان من الداخل. ومامعنى تطهيره من الداخل؟ أى إستهداف عمق خلايا الإنسان وهو الحمض النووى. وكيف يتم تطهير الحمض النووى؟ يتم ذلك عن طريق إزالة الشوائب العالقه بجيناته والتى تؤثر على أداء وظائفها. إذن ماهى هذه الشوائب؟ لمعرفة شوائب الجينات لابد من أخذ فكره مبسطه عن طبيعة عمل الجينات, فالجينات توجد فى إحدى الحالتين- إما جينات فعاله ونشطه ويطلق عليها علميا" جين مفتوح" . أوجين غيرمفعل غير نشط ويطلق عليه" جين مغلق" “Locked”
وتوجد بجواركل جين منطقه عازله منظمه لعمل الجين أى تمنعه من أداء وظيفته وتحدد إقامته- وفى المقابل توجد عناصر بجوار الجين تساعده و تنشطه "Gene promotors, enhancers”
"- إذن تطهير الحمض النووى ينتج عن إزالة الشوائب التى تمنع الجين من أداء وظيفته وفى نفس الوقت تفعيل العناصرالتى تساعد الجين وتنشطه لأداء وظيفته وهذا هو معنى الإصطفاء.
. يعنى هذا أن الإصطفاء ليس مقصورا على الأنبياء والرسل, نعم هذا صحيح فهناك بعض الأنبياء لم يتم اصطفاؤهم مثل يوسف عليه السلام فقد اجتباه ربه كما سبق وذكرنا- وبالمقابل هناك البعض الذين اططفاهم الله تعالى وهم ليسوا أنبياء أو رسل مثل مريم عليها السلام (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) آل عمران42- بل إن عيسى عليه السلام لم يذكر القرآن الكريم أنه اصطفاه (مع أن حمضه النووى نسخه من الحمض النووى لأمه مريم), بل ذكرت آيات القرآن أنه كان غلاما ذكيا أى أنه تم إدماج أوتفعيل جينات ذكيه فى حمضه النووى ولذلك تمكن من شفاء بعض الأمراض المعينه ومعرفة بعض الغيب عن أشياء محدده ولفتره زمنيه محدوده- وهذا لايساوى شيئا بالمقارنه لعلم الله المطلق المحيط بكل شئ فى كل الأزمنه وفى كل الأمكنه.
والحقيقه أن القرآن الكريم ذكر صراحة أن الإصطفاء العام كان من نصيب مريم وآدم ونوح وإ براهيم وآل ابراهيم وآل عمران أما إصطفاء موسى فكان محددا برسالات الله وكلامه. وإصطفاء الملك طالوت كان فقط بزيادته بسطة فى العلم والجسم. راجع الآيات,, (آل عمران)42,33, -(البقره,247,130)- (الأعراف144 )-
إذن ماالفرق بين الإصطفاء و الإجتباء ؟- الإجتباء كما ذكرنا هو علم مكتسب أما الإصطفاء فهو علم مورث فى جينات الحمض النووى بدليل أن الإصطفاء قد يشمل بعض الناس العاديين وحتى المذنبين منهم, قال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) فاطر32- صدق الله العظيم.