قبل السرد في هذا المقال التحليلي البسيط، علينا أن نجيب عن ثلاثة أسئلة وهي :
هل أخطأ السيسي في خطاه بالإقتصاد ؟
هل فرغت مصر من الدولار ؟
هل خطط الحكومة في المسار الصحيح ؟
و بالنظر بعين الحياد المتجردة عن أي توجه سياسي، مؤيد أو معارض لنظام الحكم، ستكون الإجابات كالتالي :
أولاً/ كانت نوايا الرئيس طيبة لأبعد مدى في النهوض بالإقتصاد المصري.
إلا أنه قد جعل التصنيع وآلياته، وزيادة الإنتاج، في مرحلة تالية لوضع لبنة البنية الأساسية.
بيد أن ذلك لا يُعد السبب الحقيقي وراء أزمة الدولار.
ثانياً/ من المحال أن تفرغ مصر من الدولار، ولديها التالي :
- لدى مصر كم هائل من البنوك.
- يوجد أكثر من عشرة ملايين مصري يعملون بالخارج.
- توجد إيرادات قناة السويس.
- دخل السياحة لا بأس به فيما يدره من الدولار.
- تصدير المنتجات الزراعية يعدُ الأعلى عربياً.
ثالثاً/ كانت سياسات الحكومة دوماً على وفاق مع متطلبات السوق، وصندوق النقد الدولي.
وما كانت الحكومة لتعمل عكس تيار النمو الإقتصادي أبداً.
بل إن مؤشر النمو في إرتفاع لدرجة حسدت مصر عليها في فترة ماضية قريبة.
مما سبق علينا أن نكون على يقين بأن مصر، لم ولن تفرغ أبداً من الدولار.
فماذا حدث إذاً :
إن أزمة مصر الحقيقية الآن، وبشكل مبسط بعيداً عن التعقيدات اللغوية، والمصطلحات الصعبة، تكمن في إهتزاز الثقة فيما بين الشعب والحكومة، بمعنى التالي :
- أصبح من الراسخ في ذهن كل مواطن مصري أن إحتفاضه بالدولار في منزله، سيكون صمام أمان له في المستقبل، بل ويعد الإستثمار الأفضل.
- أيضاً أصبح المواطن لا يثق في البنوك المحلية، خاصة أنها لا ترد له الدولار، إلا بعد تحويله للعملة المحلية، في سابقة لا تحدث إلا عندما يقترب إقتصاد الدولة من حافة الهاوية.
- أيضاً بات لدى المواطن يقين بأن الدولار لا يوضع في مكانه الصحيح من خلال البنوك، بدليل ديون البنوك تجاه كافة المستوردين، وعدم القدرة على دفع مستحقات الشركات الأجنبية الوردة، وفساد أو عطب البضائع في المواني.
إنها أزمة ثقة فيما بين الشعب والحكومة، إهتزت خلال سنوات ماضية بدأت مع العام 2016.
وحل هذه الأزمة على عاتق الحكومة الآن، وإلا فالأيام القادمة ستكون صعبة لدرجة لا يجب على الحكومة أن تستهين بها.
وأولى خطوات الحل تكمن في المسئولية الأدبية على كل من إنتفع من النظام الحاكم، سواء من مسئولين ورجال أعمال، وموظفين بوزارة الخارجية، أو إعلاميين وفنانين.
فلطالما كانت الفئات السابقة، تتقاضى أرباحها أو رواتبها بالدولار، والآن بات عليهم أن يلوذوا بالدفاع عن الوطن من خلال ضخ كل ما لديهم من الدولار أو العملات الصعبة الأخرى، لدى كافة البنوك المصرية.
هذا بخلاف مجموعة لا بأس بها من الفاسدين الذين تثور الشبهات حولهم، بشتى أنواع الفساد، و قد تكون الدولة قد تغاضت عن محاسبتهم لأسباب تعود إلى إنشغالها بأمور أخرى عديدة.
ولكن لو تم فتح التحقيقات مع العديد منهم بقانون (من أين لك هذا)، فإنهم بالتأكيد سيخرجون ما في جعبتهم من الدولار.
بالإضافة إلى حلول أخرى، على الحكومة وحدها أن تبحث عنها، حتى تعود الثقة فيما بينها وبين المواطن.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعــــــت