عبثية الشرق الأوسط ..

عمرو اسماعيل في الثلاثاء ٣١ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

المجاهدون بقيادة عبدالله عزام الفلسطيني ذهبوا لتحرير فلسطين التي تحتلها اسرائيل وتؤيدها أمريكا الي أفغانستان لمقاومة السوفييت الذين كانوا يؤيدون قضيتنا المركزية.. والنتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي وبقاء اسرائيل وازدياد قوتها .. اي عبثية أكثر من ذلك ..
وصدام حرر فلسطين عن طريق احتلال الكويت .. والنتيجة دخول القوات الأمريكية الي الشرق الأوسط وزيادة قوة اسرائيل ... ثم نجد من يعتبره البطل الشهيد المغوار وصحابي القرن العشرين .. أي عبثية أكثر من ذلك ..
وحماس تحرر فلسطين بقتل الفتحاويين .. وفتح تعمل نفس الشيء .. و النتيجة انهيار منظمة التحرير التي لم تستطيع اسرائيل القضاء عليها ..فتولي العمل نيابة عنها أبناء فلسطين ..أي عبثية أكثر من ذلك ..
والمقاومة في العراق تقاوم الأمريكان بقتل الشيعة وتفجير كربلاء وسامراء ..
وإيران تقاوم أمريكا بقتل السنة .. والنتيجة الكل سيلجأ لأمريكا في النهاية لحمايته .. وشعوبنا تتغني بالمقاومة في العراق ..أي عبثية أكثر من ذلك ..
كما قاوم جمال عبد الناصر من قبل اسرائيل بتحرير اليمن بدلا من فلسطين والنتيجة استطاعت اسرائيل احتلال سيناء والقدس .. لنسمي هزيمة قاسية ليس لها مبرر بالنكسة ونرفع اللاءات الثلاث ..والنتيجة ضاعت القدس الي الأبد .. ومازال هناك من يهتف لعبد الناصر ..أي عبثية أكثر من ذلك ..
والقاعدة تقاوم أمريكا بتفجير ركاب الطائرات المدنيين وموظفي وزوار برجي التجارة من جميع الأديان وركاب مترو الأنفاق في لندن وتفجير وقتل المسلمين في الرياض والقاهرة وشرم الشيخ ..
والمجاهدون يحررون فلسطين بتفجير المصريين الغلابة في دهب ..
أي عبثية أكثر من ذلك ..
ثم نجد من يقول عن هؤلاء المهووسين القتلة مجاهدين ويسمي زعيمهم المهووس بن لادن بالشيخ المجاهد ..و يسمي نائبه الأكثر هوسا .. الذي امتهن مهنة إزهاق الأرواح بدلا من محاولة إنقاذها ..بالشيخ المجاهد الدكتور البطل المغوار ..
أي عبثية أكثر من ذلك ..
نملأ صفحات الجرائد وساعات البث التليفزيوني بفتاوي إرضاع الكبير والتبرك ببول الرسول وهل يجب قتل المرتد أم لآ ..أم استتابته ... ومن هو المرتد ... في عصر حقوق الإنسان وحرية العقيدة والديمقراطية ...عصر الفضاء وزرع الأعضاء والاستنساخ .. أي تخلف وعبثية أكثر من ذلك ..
تمتليء مساجدنا والحمدلله بالمصلين والخطباء يصرخون بالويل والثبور والدعاء علي أولاد القردة والخنازير ...ثم يخرج المصلون ليمارسوا الغش والخداع والفساد والتكاسل في العمل وعدم الانتاج ...ثم لا نسأل أنفسنا لماذا وصلنا الي ما فيه من ضعف وهوان ..الإجابة جاهزة ..الغرب يتآمر علينا وعلي الاسلام ...أي عبثية أكثر من ذلك
أبطالنا أصبحوا المهووسين من عينة صدام وزعماء طالبان الذين يختطفون الرهائن ويقتلونهم ويرمون بجثثهم علي قارعة الطريق ..ونجوم وسائل إعلامنا أصبحوا من عينة يوسف البدري ومنتصر الزيات ومرشد الإخوان مهدي عاكك وشيوخ الفضائيات ...يقابلهم فنانات الفيديو كليب والعري والتفاهة .. أي عبثية أكثرر من ذلك ..
ثم نسأل لماذا تنتصر اسرائيل ..الحقيقة أن كل هؤلاء هم عملاء اسرائيل الحقيقيون فهم من يساعدونها بعلم أو بغباء ..
الزعيم العربي المنتصر الوحيد في الصراع مع اسرائيل كان السادات فهو الوحيد الذي استطاع حربا وتفاوضا استرجاع كل شبر من أرض مصر .. رغم كل أخطائه الأخري ..فقد أتي بالاسلاميين ليحارب بهم اليساريين .. فقتله الاسلاميون في النهاية ..قصة مشابهة لعلاقة أمريكا بالقاعدة في حربهما معا ضد الاتحاد السوفيتي .. قصة عبثية تنزلق بها أمريكا الي مستنقع العبثية في الشرق الأوسط ...مثلما هو حادث لها في العراق الآن ..
الطريق الوحيد الغير عبثي يا سادة لتحرير فلسطين هو أن نتعلم من اسرائيل .. فهي للأسف الشديد الدولة الوحيدة الغير عبثية في الشرق الأوسط ..
نتعلم منها كيف تحترم مواطنيها ..
وكيف تنمي اقتصادها .. كيف تنتج ما تأكل وتلبس وتحارب به من أسلحة ..
كيف يتم تداول السلطة فيها بطريقة سلمية ودورية .. رئيس الدولة فيها يحاكم .. ورئيس الوزراء يسقط في الانتخابات ..
أما الشعارات الجوفاء واستيراد الأسلحة من البلاد التي ندعي أنها عدونا لنحاربها بها فهي عبثية .. ما بعدها عبثية ..
فلنتعلم أولا أن نزرع مانأكل .. ونصنع مانلبس ونصنع الاسلحة التي قد نستطيع أن نحارب بها أي معتدي علي بلادنا .. فنحن نستورد سجاجيد الصلاة وملابس الاحرام من البلاد الكافرة المسماة بالصين .. ونضع أمولنا في بلاد نتهمها بالكفر ليل نهار .. ونستهلك ماتنتج من غذاء وكساء وسيارات وآلات .. أي عبثية أكثر من ذلك ..
نحن نصنع صوارخ من ورق نسميها القاهر والظافر والمدفع الكبير ..كما فعل قوادنا العظام من ناصر الي صدام .. ثم نصدق أنفسنا ... لنكتشف في النهاية أننا نمور من ورق ..
نحن شعوب تدمن تكرار أخطائها .. منذ أيام الفتنة الكبري .. وندمن نظرية المؤامرة .. دائما عبد الله بن سبأ موجود لنحمله أخطائنا وفشلنا لنريح أنفسنا ..دون أن نسأل أبدا السؤال المنطقي ..إن كانت هناك مؤامرات فلماذا نحن دائما ضحاياها .. لماذا لا نتآمر نحن أيضا تحقيقا لمصالحنا وحماية لبلادنا ..
إنه شرق أوسط عاري عبثي ..
إنها لعنة المبتدأ والخبر .. كما قال نزار قباني ..

اجمالي القراءات 9173