أنواع الموت وتعلقاته ( 2 من 2 ) : عن الموت الحقيقى

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٢ - يناير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


هو موتتان وحياتان
الموتة الأولى هى للأنفس فى البرزخ قبل أن تدخل كل نفس فى الجنين فى محطة الميلاد وتركب قطار الحياة الدنيا فى زمن متحرك الى الأمام ، ثم تقضى العُمر المقدر لها ، ثم تهبط منه فى محطة الموتة الثانية . فى الموتة الثانية تعود للبرزخ حيث لا زمن الى أن تعود للحياة بالبعث ويوم القيامة ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) المطففين ). تدبر قوله جل وعلا :
1 ـ ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) البقرة ). كنا ( أمواتا ) كانت أنفسنا أمواتا فى البرزخ ، فأحيانا الله جل وعلا ، تباعا كل نفس تأتى من البرزخ فى موعدها لتدخل فى الجنين . وهذه الحياة الأولى ، ثم الموتة الثانية التى تنتظر كل حىّ ، ثم البعث بالحياة الثانية الخالدة ، بالرجوع الى الخالق وإليه جل وعلا المصير .
2 ـ ( وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ (66) الحج ). كنا موتى فى البرزخ ، فأحيانا ربنا ، ثم يميتنا ثم يحيينا . موتتان وحياتان .
3 ـ ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ )(11) غافر ) .
الكافرون فى جهنم يتمنون الخروج منها ، يعرفون إنهم ماتوا مرتين وأحياهم الله جل وعلا مرتين .
النفس تشعر بالموتة الثانية وتذوقه لأنه موت جاء بعد حياة .
النفس فى البرزخ لا تشعر بالزمن لأنه مستوى آخر . بالتالى لا تذوق ولا تشعر بالموت . بعد حياتها الأولى يأتيها الموت فتذوقه وتشعر به . تكرر قوله جل وعلا :( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ )(185) آل عمران )( الأنبياء ( 35) ( العنكبوت ( 57).
أصحاب النار لا موت يريحهم ولا حياة هنيئة لهم .
قال جل وعلا :
1 ـ ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ) (36) فاطر )
2 ـ ( الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13) الأعلى )
3 ـ ( مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) ابراهيم )
4 ـ ( إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) طه ).
الموت الحقيقى الثانى للنفس له أجل محدد مكتوب، قد أذن الله جل وعلا به سلفا .
بمجرد مولد الانسان يكون قد تحدّد العمر الذى سيقضيه فى هذه الحياة الدنيا ، بالتالى يبدأ العدُّ التنازلى لما بقى من عمره . إذا كان مقدرا أن تعيش 80 عاما ، بعد ولادتك بخمس دقائق يكون بقى من عمرك 80 عاما إلا خمسة دقائق ، وتمر بك السنوات وأنت تقترب من الموت بسرعة 24 ساعة فى اليوم الى أن يحلُّ بك الموت فى موعده . قال جل وعلا :
1 ـ ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً ) (145) آل عمران ). فالموت كتاب مؤجل ، أى مكتوب حتمى يحل فى أجله .
2 ـ ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) فاطر ). أى إن كل نقص فى عمر الانسان تتم كتابته .
3 ـ ( يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ) (154) آل عمران ). المنافقون بعد هزيمة ( أُحُد ) قالوا للنبى محمد عليه السلام إنه لو سمع كلامهم ما حدث قتل . الرد عليهم ( لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ). أى المكتوب عليه الموت قتلا سيذهب الى مكان قتله . موعد الموت ومكانه محدد سلفا .
ملائكة الموت فى الموتة الثانية : هم الذين يقبضون النفس عندما يحلُّ أجلها .
1 ـ حدثت جريمة قتل فى عهد موسى ، وتجادلوا فيها ، فأمرهم الله جل وعلا أن يذبحوا بقرة ، وأوصل موسى الأمر لهم فأكثروا من الأسئلة عن ماهية البقرة ، وفى النهاية ذبحوها ، وأمرهم الله جل وعلا أن يضربوا جثة القتيل ببعضها ، فأحياه الله جل وعلا وأخبرهم باسم القاتل ، وكانت آية ربانية . قال جل وعلا : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) البقرة ). نحن نرى هذا موتا للنفس مؤقتا ، أعقبه حياة مؤقتة ، ثم عودة للموت . أى إن هذا القتيل رأى الملائكة بقتل نفسه ، ومن يرى الملائكة الموت فلا رجوع للحياة . ولكنه إستثناء وآية .
2 ـ قد يتعرض الجسد البشرى لحادثة قد تؤدى لموته موقتا بإغماء طويل ، ولكن موعد أجله لم يأت بعد . يرى نفسه يبتعد عن جسده ، ويرى نفسه فى مستوى جديد من الألوان . ثم يستيقظ . لو رأى الملائكة فلا رجوع للحياة . هو هنا دخل البرزخ وينظر من خلاله لجسده واعيا بما يراه . ثم لأن موعد موتته الثانية لم يأت بعد فلا وجود لملائكة الموت البرزخية ، لذا تعود نفسه لجسدها ، ولا يلبث أن يستيقظ ويتذكر ما حدث ، ويرويه . وهذا يحدث كثيرا .
وهناك حالات أخرى لشخص تعرض لإغماء ثم مات ، أتت الملائكة وقبضت نفسه ، ولكن يُصرُّ المستشفى على إستمرار إعاشة جسده بالأجهزة الصناعية، الى أن يتغير ويتحلل . ويضطرون لدفن الجثة الميتة .
فى تركيزهم على الجسد ينسون النفس والبرزخ . فى الحالتين فالبطولة لملائكة الموت ، فى حضورهم أو عدم حضورهم .
إستحالة رؤية الملائكة فى صورتهم البرزخية
1 ـ فى رفضهم للقرآن الكريم طلب الكافرون آيات حسية ، منها رؤية الملائكة . لا يمكن رؤية الملائكة إلا عند الموت ، وعندها يكون قد إنقضى كل شىء . إقرأ :
1 / 1 : ( لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (8) الحجر )
1 / 2 : ( وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (22) الفرقان )
2 ـ أرسل الله جل وعلا ملائكة تجسدت فى صورة بشر ، الى ابراهيم وزوجه ، والى لوط وقومه . وأرسل الروح جبريل الى مريم . عدا ذلك لا نعرف بشرا رأى أحد الملائكة فى طبيعته البرزخية سوى النبى محمد فى ليلة الاسراء التى هى ليلة القدر حيث تلقى القرآن الكريم مكتوبا فى قلبه / نفسه حين رأى بفؤاده / نفسه جبريل . ( ولنا كتاب فى هذا ) . وبالمناسبة فهؤلاء الملائكة ليسوا ملائكة الموت .
من هم ملائكة الموت ؟
1 ـ ( ملك ) بالميم المفتوحة واللام المفتوحة ، تعنى ( الملائكة ) بالجمع ، مثل قوله جل وعلا : ( كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) الفجر ). وتعنى المفرد ، مثل ( فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كريم) 31 يوسف ). فهل قوله جل وعلا : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) (11) السجدة ) يعنى إنه واحد فقط من الملائكة يقبض النفس أم أكثر من واحد ؟ السياق هو فى كلام للبشر جميعا ، أى للجمع ، لذا فلا يعنى ( ملك ) فى الآية واحدا مفردا من الملائكة . بل لكل فرد ملكان يقبضان نفسه .
2 ـ المحمديون جعلوا ملكا واحدا للموت ، وأطلقوا عليه إسم ( عزرائيل ) . وهذا خلاف للقرآن الكريم . ( عزرائيل ) هو الاسم العبرى ل ( عُزير ) أو إله الموت فى الديانة المصرية القديمة . وقد إتخذه اليهود إلاها يضائهون ما قيل فى الديانة المصرية القديمة وتأثرا بها ، قال جل وعلا : ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) التوبة ). فى إكتشاف الكتابة الفرعونية عرفوا اسطورة أيزيس وأوزوريس ، أو ( عزى ) و ( عزير ) ، وتحرف الى ( أوزيريس وإيزيس ) . وتحول من إله الموت الى ملك الموت باسم عزرائيل .
3 ـ يلاحظ :
3 / 1 : وصف ملائكة تسجيل الأعمال بالرسل فى قوله جل وعلا : ( إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) يونس )
3 / 2 : وصف ملائكة الموت بالرسل أيضا فى قوله جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ ) (37) الاعراف )
4 ـ ملائكة تسجيل الأعمال لكل فرد هم ملائكة موته . نفهم هذا من قوله جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق ). ومن الآيات الكريمة نعرف إن لكل فرد إثنين من الملائكة ( رقيب وعتيد ) ، وفى يوم القيامة يتحولان الى ( سائق وشهيد ) ، احدهما يسوقه والآخر يشهد له أو يشهد عليه تبعا لعمله إن صالحا أو فاسدا .
عند الاحتضار
لا ألم عند الاحتضار للموت
1 ـ قبل إجراء عملية جراحية يكون التخدير ، حتى لا يحس المريض بالألم ، أى أن تغيب نفسه فى البرزخ حيث لا شعور ولا إحساس بما يحصل لجسدها . يحدث للنفس غياب عن ( الوعى ) و ( الشعور ) ، أو ( إغماء ) ، يُغمى عليه أو ( يُغشى عليه ).
2 ـ نفس الحال مع الموتة الثانية . يظل المريض يعانى من آلام المرض الى أن يأتيه الموت ، وفى وقت الاحتضار ينتهى الألم مهما تقلّص الجسد . هنا يكون يأتى الوصف القرآنى للحظة الموت ب :
2 / 1 : السّكرة : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق )
2 / 2 : الغشية :
2 / 2 / 1 :( فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ )(19) الاحزاب )
2 / 2 / 2 : ( وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ) (20) محمد )
ما تتمنّاه نفس العاصى عند الاحتضار
لحظة الاحتضار من يدخلها لا يرجع يحكى عنها . يدخل برزخا يراه واعيا ــ وليس نائما ـ ويرى ملائكة الموت ، والموت ( يقين ) : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) الحجر )، يتيقن فيه الانسان ما أضاع من عمره فى غفلة ، فيتمنى أن يرجع ليعمل عملا صالحا ، ولكن يستحيل الرجوع فأمامه برزخ ( تغيب ) فيه النفس الى يوم البعث . قال جل وعلا :
1 ـ ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ) .
2 ـ ( وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ) 11) المنافقون ).
حوار الملائكة مع نفس المحتضر للموت
1 ـ يكون الأقارب حول فراشه ، ولكن يرون الجسد ولا يرون ما يحدث للنفس مع الملائكة ، ولا يعرفون الحوار الدائر بين نفس المحتضر وهى تغادر جسدها وبين الملائكة التى تقبضها وتذهب بها الى البرزخ الذى أتت منه . تدبر قوله جل وعلا : ( فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) الواقعة ). سيكون المحتضر إما من اصحاب الجنة من المقربين وأصحاب اليمين ، وإما من أصحاب الجحيم .
2 ـ الفائزون هم الذين أتقوا ربهم فى حياتهم الدنيا ، وبهذا يعرفون أنهم من أولياء الله ، وعند فزعهم من رؤية الملائكة والبرزخ تطمئنهم ملائكة الموت ألّا خوف عليهم ولا حزن . قال جل وعلا :
2 / 1 : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) فصلت )
2 / 2 : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32) النحل ).
3 ـ أولياء الشيطان:
3 / 1 : يعتذرون خوفا ورعبا وتبشرهم الملائكة بالجحيم : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29) النحل )
3 / 1 : بل تضرب الملائكة وجوه انفسهم وأدبارها .
3 / 1 / 1 : ( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) محمد )
3 / 1 / 2 : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) الانفال ).
متعلقات الموت :
الوفاة ، النوم
قال جل وعلا :
1 ـ ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) (42) الزمر ). عند النوم كل يوم يتم توفية عمل الفرد توفية جزئية ، وعند موته تكون التوفية النهائية لعمله ورزقه وعمره .
2 ـ ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمْ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) الانعام ).
2 / 1 : التعبير فى الآية 60 عن النوم بالوفاة ، وعن اليقظة منه بالبعث ، والأجل المسمى هو موعد الموت المحدد سلفا.
2 / 2 : الآية 61 عن ملائكة كتابة الأعمال ، والذين إذا جاءهم أمر بقبض نفس الفرد الذين يكتبون أعمالهم فهم لا يفرّطون .
2 / 3 : الآية 62 عن الرجوع الى الله جل وعلا ، وإليه المصير .
أخيرا :
لا مهرب من الموت :
1 ـ إذا هربت من الموت فهو خلفك يطاردك وسيلحق بك حتما : (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) (78) النساء )
2 ـ إذا هربت من الموت فهو أمامك وسيلاقيك حتما : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ) (8) الجمعة ).
3 ـ أى لا ينفع الفرار من الموت : ( قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ ) (16) الأحزاب ) .
ودائما : صدق الله العظيم .!
اجمالي القراءات 2326