الدين السُنّى : دين الخراءة

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٩ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً



الدين السُنّى : دين الخراءة
مقدمة
1 ـ ( الخراءة ) لفظ عربى فصيح ، وفى كتب الفقه السُنّى . ليس عيبا ذكره ، ولكن العيب فى جعله أحد الموضوعات الهامة فى الشريعة السنية ، فى فقه ( الطهارة ).. النبى الذى إخترعوه فى دينهم السنى كان يعلّم اصحابه كل شىء حتى الخراءة ، وكان يجمعهم لتطبيق هذه الشريعة عمليا . هذا ما نفهمه من قول الغزالي في (إحياء علوم الدين) : ( علمنا رسول الله كل شيء حتى الخراءة، فأمرنا أن لا نستنجي بعظم ولاروث ، ونهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول . حديث سلمان ( علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ) الحديث أخرجه مسلم وقد تقدم في قواعد العقائد . وقال رجل لبعض الصحابة من الأعراب وقد خاصمه : ( لا أحسبك تحسن الخراء ) قال : ( بلى وأبيك إني لأحسنها وإني بها لحاذق أبعد الأثر وأعد المدر وأستقبل الشيح وأستدبر الريح وأقعى إقعاء الظبي وأجفل إجفال النعام ) ، الشيح نبت طيب الرائحة بالبادية ، والإقعاء ههنا أن يستوفز على صدور قدميه ، والإجفال أن يرفع عجزه. ومن الرخصة أن يبول الإنسان قريبا من صاحبه مستترا عنه ، حديث البول قريبا من صاحبه متفق عليه ، من حديث حذيفة ، فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شدة حيائه ليبين للناس ذلك كيفية الاستنجاء . ثم يستنجي لمقعدته بثلاثة أحجار ، فإن أنقى وإلا استعمل رابعا ، فإن أنقى وإلا استعمل خامسا ، لأن الإنقاء واجب والإيتار مستحب . قال صلى الله عليه وسلم ( من استجمر فليوتر ) حديث من استجمر فليوتر متفق عليه من حديث أبي هريرة . ويأخذ الحجر بيساره ويضعه على مقدم المقعدة قبل موضع النجاسة ويمره بالمسح والإدارة إلى المؤخر، ويأخذ الثاني ويضعه على المؤخر كذلك ، ويمره إلى المقدمة ، ويأخذ الثالث فيديره حول المسربة إدارة، فإن عسرت الإدارة ومسح من المقدمة إلى المؤخرةأجزأه . ثم يأخذ حجرا كبيرا بيمينه والقضيب بيساره ، ويمسح الحجر بقضيبه ويحرك اليسار ، فيمسح ثلاثا في ثلاثة مواضع أوفى ثلاثة أحجار أو في ثلاثة مواضع .. إلى أن لا يرى الرطوبة في محل المسح . فإن حصل ذلك بمرتين أتى بالثالثة ، ووجب ذلك إن أراد الاقتصار على الحجر ، وإن حصل بالرابعة استحب الخامسة للإيتار ، ثم ينتقل من ذلك الموضع إلى موضع آخر. ويستنجي بالماء بأن يفيضه باليمنى على محل النجو ويدلك باليسرى حتى لا يبقى أثر يدركه الكف بحس اللمس ، ويدرك الاستقصاء فيه بالتعرض للباطن ، فإن ذلك منبع الوسواس وليعلم أن كل ما لا يصل إليه الماء فهو باطن . ولا يثبت حكم النجاسة للفضلات الباطنة ما لم تظهر . وكل ما هو ظاهر وثبت له حكم النجاسة فحد ظهوره أن يصل الماء إليه فيزيله . ولا معنى للوسواس . ويقول عند الفراغ من الاستنجاء : " اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش " . ويدلك يده بحائط أو بالأرض إزالة للرائحة إن بقيت . والجمع بين الماء والحجر مستحب. ) . على هذا ، فقد كانت البشرية لا تعلم من قبل كيفية الطهارة من البراز الى أن ظهر الدين السنى ، فوضع لها القواعد وجعلها دينا .
2 ـ عندما كان العرب فى الاندلس تحت الحصار وفى إنتظار الإستئصال دخل فقهاء الدين السنى فى معركة فقهية هائلة ، هل لو قصّت إمرأة أظافرها ، ولمس رجل قلامة ظفرها ينقض وضوؤه أم لا . كتبت مقالا عن هذه الخيبة فى جريدة الأهالى فى أوائل التسعينيات ، أُهاجم فيه تفاهة فقهاء هذا الزمان الأغبر .
3 ـ دارت معركة بين مسجدين فى شارع واحد بالاسكندرية ، أحدهما صوفى والآخر سنى سلفى . السنيون أطلقوا على المسجد الصوفى إسم ( مسجد الضرار ). حدثت فى المسجد السنى معركة حول ( الضراط ) هل ينقض الوضوء أم لا . وصلت أصداء المعركة ( أو رائحتها ) الى المسجد الصوفى فأطلقوا على المسجد السنى إسم ( مسجد الضراط ). كتبت مقالا فى هذا ، وهو منشور هنا .
4 ـ هذا العام 2022 أتحفنا الاجتهاد السلفى السنى برسالة دكتوراة فى السعودية عن أحكام الضراط . ناقشها شيوخ أجلاّء . لم نترك الموضوع يمر دون سخرية .
5 ـ العالم المتقدم يناقش الآن الأكوان الموازية ، وما بعد اللبنة الأولى فى نواة الذرة وما قبل الانفجار العظيم ، وشيوخ الدين السنى ملتصقون بالنصف الأسفل لا يزالون .
6 ـ نقلت هذا من موقع سلفى على الانترنت يجترُّ ( فقه الخراءة ) جزءا أصيلا من دينهم ، وأرجو أن تتم قراءته الى نهايته ، وأرجو أن تتساءل معى :
6 / 1 : ماذا نخسر لو تخلصنا من هذا الدين سىء الرائحة ؟
6 / 2 : ماذا نكسب لو ظلوا يركبون ظهور الناس ؟
6 / 3 : أليس من الأجدى تجميعهم فى ( الربع الخالى ) يستنجون بالأحجار؟
هذا هو المقال المنقول :

( الذكر عند دخول الخلاء:
ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبُث[1] والخبائث[2])) [3].
وفي رواية للبخاري: ((إذا أراد أن يدخل)) [4].
أما الدليل على البسملة:
ما رواه أبو داود وهو حسن بشواهده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سترُ ما بين أعين الجن وعَورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء، أن يقول: بسم الله)) [5].

2 - عدم استقبال القبلة واستدبارها في الخلاء دون البُنيان:
ففي الصحيحين عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا))، قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بُنيت قِبَلَ القبلة فننحرف، ونستغفر الله تعالى[6].
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جلس أحدكم على حاجته، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها)) [7].
وفي الصحيحين عن عبدالله بن عُمر رضي الله عنهما قال: ((ارتقيتُ فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبرَ القبلة، مستقبلَ الشأم))[8].
وفي سنن أبي داود - وهو حسن بشواهده - عن مروان الأصفر، قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبدالرحمن، أليس قد نُهي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نُهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس[9].
3 - عدم استقبال مهب الريح:
روى مسلم عن ابن عباس، قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرينِ، فقال: ((إنهما يُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير: أما هذا، فكان لا يستنزه[10] من بوله، وأما هذا، فإنه كان يمشي بالنميمة، ثم دعا بعَسيب[11] رَطْب، فشقَّه باثنين فغرس على هذا واحدًا، وعلى هذا واحدًا، ثم قال: لعله يخفِّف عنهما ما لم ييبسا)) [12].
4 - ترك التكلم بذكر أو بغيره:
روى مسلم عن ابن عمر أن رجلًا سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فلم يردَّ عليه[13].
5 - تكريم اليد اليمنى عن مس الفرج:
ففي الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا بال أحدكم، فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفَّس في الإناء)) [14][15].
6 - عدم الاستنجاء باليمين:
روى أبو داود بسند حسن عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك[16].
وعند أبي داود أيضًا بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى[17].
روى مسلم في صحيحه عن سلمان رضي الله عنه قال: «لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين»[18].

7 - عدم قضاء الحاجة في طريق مسلوك وظل نافع ومورد ماء:
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا اللعَّانينِ))، قالوا: وما اللعَّانانِ يا رسول الله؟ قال: ((الذي يتخلَّى[19] في طريق الناس أو في ظلهم))[20].
وفي سنن أبي داود - وهو حسن بشواهده - عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل))[21].
8 - عدم قضاء الحاجة في الماء:
روى مسلم عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه نهى أن يُبال في الماء الراكد[22].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه)) [23].
9 - عدم التبول في مكان الوضوء ومكان الاستحمام:
روى أهل السنن بسند حسن عن عبدالله بن مُغفَّل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبولنَّ أحدكم في مستحمِّه؛ فإن عامة الوسواس منه))[24].
وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن حميد الحِمْيَري، وهو ابن عبدالرحمن قال: لقيت رجلًا صحب النبي صلى الله عليه وسلم، كما صحِبه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله[25].
10 - اجتناب قضاء الحاجة في المساجد:
ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تُزْرِموه، دَعُوه))، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن))، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأمر رجلًا من القوم، فجاء بدلوٍ من ماء فشنَّه[26] عليه[27].
11 - الاستتار من الناس:
روى النسائي بسند حسن عن عبدالرحمن بن أبي قُراد رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلاء، وكان إذا أراد الحاجة أبعد[28].
12 - يستحب لمن استجمر بالحجارة أن يوتر:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا توضأ أحدكم، فليجعل في أنفه ثم لينثر، ومَنِ استجمر فليُوتِر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسِل يده قبل أن يُدخِلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتَتْ يده))[29].
13 - عدم الاستجمار بروث أو عظم أو طعام:
روى مسلم عن سلمان رضي الله عنه، قال: قيل له: قد علَّمكم نبيُّكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة، قال: فقال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برَجِيع[30] أو بعظم[31].
14 - الذكر عند الخروج من الخلاء:
روى الترمذي وحسنه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء، قال: ((غُفرانك))[32].
15 - غسل اليد بالصابون ونحوه بعد الخروج من الخلاء:
ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: حدَّثَتْنا ميمونة، قالت: صببتُ للنبي صلى الله عليه وسلم غسلًا، فأفرَغ بيمينه على يساره فغسلهما، ثم غسل فرجه، ثم قال بيده الأرضَ فمسَحها بالتراب، ثم غسلها ثم تمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه، وأفاض على رأسه، ثم تنحَّى فغسل قدميه، ثم أُتِي بمنديل فلم ينفض بها[33].
وفي رواية مسلم: ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ به على فرجه وغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدَلَكها دلكًا شديدًا، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاثَ حفناتٍ ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحَّى عن مقامه ذلك فغسل رجلَيْه[34].
[1] الخبُث بضم الباء: جمع الخبيث.
[2] والخبائث: جمع الخبيثة، يريد: ذكور الشياطين وإناثهم.
[3] متفق عليه: رواه البخاري (142)، ورواه مسلم (375).
[4] رواه البخاري (142).
[5] حسن لغيره: رواه الترمذي (606)، وابن ماجه (297) بسند ضعيف، ولكن له شواهد من حديث أنس بن مالك، وابن مسعود، وأبي سعيد الخدري، ومعاوية بن حيدة رضي الله عنهم، وصححه مغلطاي والألباني في الإرواء (50).
• الحكم الفقهي:
وقد نص الحنفية والشافعية على أنه يقدم البسملة على التعوذ، ويخالف هذا التعوذ في القراءة فإنه يُقدَّم على البسملة.
ونص القليوبي من الشافعية على كراهية إكمال التسمية، بل يكتفي ببسم الله، ولا يقول: الرحمن الرحيم، وقال: النووي: قال أصحابنا: هذا الذكر مشتركٌ بين البُنيان والصحراء.
وعند المالكية: يقول الذكر الوارد قبل الوصول إلى محل الحدث، سواءٌ أكان الموضع مُعدًّا لقضاء الحاجة أم لا، فإن فاته أن يقول ذلك قبل وصوله إلى المحل، قاله بعد وصوله إن لم يكن المحل مُعدًّا لقضاء الحاجة وقبل جلوسه؛ لأن الصمت مشروعٌ حال الجلوس، أما إن كان المحل معدًّا لقضاء الحاجة، فلا يقول الذكر فيه، ويفوت بالدخول، وعند الشافعية يقوله في نفسه.
[6] متفق عليه: رواه البخاري (394) ومسلم (264).
[7] رواه مسلم (265).
وتتحقق حرمة الاستقبال والاستدبار هذه بشرطين:
1 - أن يكون في الصحراء.
2 - أن يكون بلا حائل.
وأما في البنيان أو إذا كان بينه وبين القبلة شيءٌ يستره، ففيه قولان:
أحدهما: لا يجوز أيضًا، وهو قول أبي حنيفة والثوري لعموم الأحاديث في النهي.
والثاني: يجوز استقبال القبلة واستدبارها في البنيان، وهذا قول الجمهور؛ رُوي ذلك عن العباس، وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وبه قال: الشعبي، ومالك، والشافعي، ورواية عن أحمد، وهو قول إسحاق وابن المنذر.
الترجيح: والراجح القول الثاني جوازها في البُنيان دون الصحراء.
[8] متفق عليه: رواه البخاري (148) ومسلم (266).
[9] حسن بشواهده: رواه أبو داود (11) وفيه الحسن بن ذكوان، وفيه ضعف ولكن له شاهد عند مسلم من حديث جابر، والأثر صححه الدارقطني (166)، والحاكم (155)، والذهبي، وحسَّنه الحافظ، والحازمي في الاعتبار (ص26)، ووافقهم الألباني في الإرواء (61).
وهذا تفسير لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه جمعٌ بين الأحاديث فيتعيَّن المصير إليه.
[10] يستنزه: يتحرز ويحتاط من تلوث ثيابه بالبول.
[11] العسيب: جريد النخل.
[12] رواه مسلم (292)، والحديث متفق عليه بلفظ «يستتر».
[13] رواه مسلم (370)، وأهل السنن.
فيؤخذ من هذا الحديث:
1 - عدم جواز ذكر الله في أثناء قضاء الحاجة؛ لأن رد السلام واجب في الحال، فلو كان جائزًا في هذه الحال، لم يمتنع منه صلى الله عليه وسلم.
2 - تجنب الكلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه مطلقًا أثناء قضاء الحاجة، فلو كان الكلام بغير الذكر جائزًا لما سكت النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
قال الترمذي تعليقًا على حديث ابن عمر السابق: وإنما يكره هذا عندنا إذا كان على الغائط والبول، وقد فسر بعض أهل العلم ذلك؛ اهـ.
قال القاضي عياض: وهو قول عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ومالك والنخعي.
لكن يستثنى حالات الضرورة، فقد صرَّح المالكية والشافعية والحنابلة باستثناء حالة الضرورة.
قال النووي: كأن رأى ضريرًا يقع في بئر أو رأى حية أو غيرها تقصد إنسانًا أو غيره من المحتَرَمات، فلا كراهة في الكلام في هذه المواضع بل يجب في أكثرها.
فائدة: والكلام إنما يمنع في أثناء قضاء الحاجة أما الكلام أثناء وجود الإنسان في الحمام لغير قضاء الحاجة، فلا بأس به.
[14] ولا يتنفس في الإناء: لا يتنفس في نفس الإناء وأما التنفس ثلاثًا خارج الإناء، فسُنَّة معروفة.
قال العلماء: والنهي عن التنفس في الإناء هو من طريق الأدب؛ مخافة من تقذيره ونتنه وسقوط شيء من الفم والأنف فيه ونحو ذلك، والله أعلم.
[15] متفق عليه: رواه البخاري (154) ومسلم (267).
قال - الأبي من المالكية -: وحمله الفقهاء على الكراهة، وفي الإنصاف للحنابلة: إنه الصحيح من المذهب، وفي وجه يحرم، فإن كان لضرورة، فلا كراهة ولا تحريم.
قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يمسكن أحدُكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه))، أما إمساك الذَّكر باليمين، فمكروه كراهة تنزيه لا تحريم.
[16] حسن: رواه أبو داود (32) بسند حسن.
[17] صحيح: رواه أبو داود (33) بسند صحيح.
[18] رواه مسلم (262).
[19] يتخلى: يقضي حاجته.
[20] رواه مسلم (269).
قال الإمام أبو سليمان الخطابي: المراد باللعَّانينِ الأمرانِ الجالبانِ للعن، الحاملان الناس عليه، والداعيان إليه، وذلك أن مَن فعلهما شُتم ولُعن؛ يعني: عادة الناس لعنُه، فلما صارا سببًا لذلك أضيف اللعن إليهما؛ اهـ.
[21] حسن بشواهده: رواه أبو داود (26)، وابن ماجه (328)، وفيه أبو سعيد الحِمْيَري، وهو مجهول، ولكن الحديث له شاهدٌ عند مسلم، وهو المذكور قبله، وشاهد عند ابن ماجه (329) من حديث جابر بسند حسن، والمراد بالظل هنا: مستظلُّ الناس الذي اتخذوه مَقيلًا ومناخًا ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يحرم القعود تحته.
[22] رواه مسلم (128).
[23] متفق عليه: رواه البخاري (239) ومسلم (282).
حكم قضاء الحاجة في الماء:
ذهب الحنفية والمالكية إلى كراهة قضاء الحاجة في الماء بولًا أو غائطًا.
وذهب الحنفية إلى أن الكراهة تحريمية، إن كان الماء راكدًا، وتكون الكراهة تنزيهيةً، إن كان الماء جاريًا.
وقال الشافعية والحنابلة: يكره البول في الماء الراكد قليلًا كان أو كثيرًا للحديث، وأما الجاري، فقال جماعة من الشافعية: إن كان قليلًا كره، وإن كان كثيرًا لم يكره.
قال النووي: وفيه نظرٌ، وينبغي أن يحرم البول في القليل مطلقًا؛ لأنه ينجسه، ويتلفه على نفسه وعلى غيره، وأما الكثير الجاري فلا يحرم، لكن الأولى اجتنابه.
وفرق الحنابلة بين التبول في الماء والتغوُّط فيه، فرأوا كراهة الأول وتحريم الثاني.
ففي كشاف القناع: يكره بوله في ماء راكد أو قليل جارٍ، ويحرم تغوُّطه في ماء قليل، أو كثير راكد أو جارٍ؛ لأنه يقذره، ويمنع الناس الانتفاع به.
[24] حسن: رواه أبو داود (27)، والترمذي (21)، والنسائي (36)، وابن ماجه (304)، بسند حسن، وأصله في البخاري (4842).
[25] صحيح: رواه أبو داود (28) بسند صحيح.
- حكم البول في مكان الوضوء أو الغسل:
- كره الحنفية والشافعية والحنابلة أن يبول الإنسان في موضع يتوضأ فيه هو أو غيره أو يغتسل فيه.
ويضيف الشافعية: أن محل الكراهة إذا لم يكن ثَمَّ منفذٌ ينفذ فيه البول والماء.
وفي كشاف القناع للحنابلة: أن موضع الكراهة أن يكون الموضع غير مقير أو مبلط.
قال: فإن بال في المستحم المقير أو المبلط أو المجصص، ثم أرسل عليه الماء قبل اغتساله فيه:
- قال الإمام أحمد: إن صب عليه الماء وجرى في البالوعة، فلا بأس للأمن من التلويث ومثله الوضوء؛ اهـ؛ انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية - حرف القاف - قضاء الحاجة.
وفي مصنف عبدالرزاق (1/256) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أتكره أن يبال في المغتسل؟ قال: لا، وأنا أبول فيه، ولو كان مغتسلًا في بطحاء كرِهتُ أن أبول فيه، فأما هذه المشيدة، فلا يستقر فيه شيء، فلا أبالي أن أبول فيه؛ اهـ.
قلت: البطحاء: هي الحجارة الصغيرة.
[26] شنَّه: صبَّه.
[27] متفق عليه: رواه البخاري (2211) ومسلم (285).
[28] صحيح: رواه النسائي (16) بسند حسن، وله شواهد يرتقي بها إلى الصحة.
[29] متفق عليه: رواه البخاري (162)، ومسلم (237).
[30] الرجيع: روث الحيوان.
[31] رواه مسلم (262).
ولعل سبب النهي عن الاستنجاء بالروث والعظام أنهما طعام الجن؛ لما رواه مسلم عن علقمة قال: سألت ابن مسعود، فقلت: هل شهد أحدٌ منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل، قال: فبِتْنا بشرِّ ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قِبَل حراء، قال: فقلنا: يا رسول الله، فقدناك فطلبناك فلم نجدك؛ فبتنا بشرِّ ليلة بات بها قومٌ، فقال: ((أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن))، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: ((لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحمًا، وكل بَعْرة علف لدوابكم))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم))؛ استطير: طارت به الجن، اغتيل: قُتل خفية.
[32] حسن: رواه الترمذي (7)، حديث حسن غريب، وحسنه الألباني.
[33] رواه البخاري (259).
[34] رواه مسلم (317).
الاستنجاء بالأحجار
الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم- الطهارة (5)
عن خزيمة بن ثابت قال: سُئل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن الاستطابة، فقال: ((بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع))[1].
المسألة الأولى: ترجمة خزيمة بن ثابت:
اسمه: خزيمة بن ثابت بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري، ثم الأوسي من بني خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس.
كنيته: أبو عمارة.
أمه: كبشة بنت أوس من بني ساعدة.
فضائله: ذو الشهادتين، وكان هو وعمير بن عدي بن خرشة يكسرانِ أصنام بني خطمة، وكانت راية بني خطمة يوم الفتح معه، وسجد على جبهة النبي - صلى الله عليه وسلم.
شهادته بشهادة رجلين:
عن عمارة بن خزيمة أن عمَّه حدَّثه وهو من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ابتاع فرسًا من أعرابي، فاستتبعه النبي -صلى الله عليه وسلم- ليقضيَه ثمنَ فرسه، فأسرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشي وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساوِمونه بالفرس، ولا يشعرون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ابتاعه، فنادى الأعرابي رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن كنتَ مبتاعًا هذا الفرس وإلا بعتُه، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سمِع نداء الأعرابي فقال: ((أوليس قد ابتعتُه منك؟!))، فقال الأعرابي: لا واللهِ ما بعتُكَه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((بلى قد ابتعتُه منك))، فطفق الأعرابي يقول: هلمَّ شهيدًا، فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهدُ أنك قد بايعته، فأقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- على خزيمة، فقال: ((بِمَ تشهدُ؟))، فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهادة خزيمة بشهادة رجلينِ[2].
عن عمارة بن خزيمة أن خزيمة رأى في المنام أنه يسجدُ على جبهةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فأتى خزيمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، قال: فاضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال له: ((صدِّقْ رؤياك))، فسجد على جبهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم
عن خارجة بن زيد أن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: "نسختُ الصحفَ في المصاحف، ففقدتُ آيةً من سورة الأحزاب، كنتُ أسمعُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها فلم أجدها إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، الذي جعل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- شهادته شهادة رجلينِ وهو قوله: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23][4].
عن أنس قال: "افتخر الحيَّانِ من الأنصار: الأوس والخزرج، فقالتِ الأوسُ: منا غََسيلُ الملائكة حنظلةُ بن الراهب، ومنا مَن اهتزَّ له عرشُ الرحمنِ سعدُ بن معاذ، ومنا مَن حَمَتْه الدَّبْر عاصمُ بن ثابت بن أبي الأقلح، ومنا مَن أُجيزَت شهادتُه بشَهادة رجلينِ خزيمةُ بن ثابت.
وقالت الخزرجيون: منا أربعةٌ جمعوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يجمَعْه غيرُهم: زيد بن ثابت، وأبو زيد، وأُبَي بن كعب، ومعاذ بن جبل"[5].
قال ابن عبدالبرِّ: (يعني لم يقرأه كله منكم يا معشر الأوس)[6].
الحكمة في جعل شهادة خزيمة بن ثابت بشهادتين:
قال ابن القيم: (وأما قوله: وجعل شهادةَ خزيمة بن ثابت بشهادتينِ دون غيره ممَّن هو أفضل منه، فلا ريب أن هذا من خصائصه، ولو شهِد عنده -صلى الله عليه وسلم- أو عند غيره لكان بمنزلة شاهدينِ اثنين، وهذا التخصيص إنما كان لمخصِّص اقتضاه، وهو مبادرتُه دون مَن حضر من الصحابة إلى الشهادة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قد بايع الأعرابي، وكان فرض على كلِّ مَن سمع هذه القصةَ أن يشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد بايع الأعرابي؛ وذلك من لوازم الإيمان والشهادة بتصديقه -صلى الله عليه وسلم- وهذا أمرٌ مستقر عند كل مسلم، ولكن خزيمةَ تفطَّن لدخول هذه القضية المعيَّنة تحت عموم الشهادة؛ لصدقه في كلِّ ما يُخبِر به؛ فلا فرق بين ما يُخبِر به عن الله وبين ما يُخبِر به عن غيره في صدقِه في هذا وهذا، ولا يتم الإيمان إلا بتصديقه في هذا وهذا، فلما تفطَّن خزيمة دون مَن حضر لذلك، استحقَّ أن تُجعَل شهادته بشهادتين)[7].
المسألة الثانية: معاني الكلمات:
قوله: (سئل عن الاستطابة)؛ أي: عدد حجارة الاستنجاء، والاستطابة: هي إزالة الأذى عن المَخرَجينِ بحجرٍ، وما يقوم مقامه، مأخوذ من الطِّيب، يقال استطاب الرجل فهو مستطيب، وأطاب فهو مطيب[8].
قال العلماء: الاستطابة والاستجمار والاستنجاء لتطهير محل البول والغائط، فأما الاستجمار، فمختصٌّ بالمسح بالأحجار، وأما الاستطابة والاستنجاء، فيكونان بالماء ويكونان بالأحجار[9].
قوله: (رجيع)، رَوْث دابة؛ لأنه علف دوابِّ الجن[10].
المسألة الثالثة: حكم الاستنجاء:
اختلف العلماء في حكم الاستنجاء، فذهب مالك وأبو حنيفة وأصحابهما إلى أنها سنَّةٌ لا ينبغي تركها، وتاركها عمدًا مسيء، فإن صلَّى كذلك فلا إعادة عليه، إلا أن مالكًا قال: يستحب له الإعادة في الوقت.

قلت: أي إنها سنة مؤكَّدة؛ لمواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها، قالوا: لأن مواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على فعل الشيء لا يفيد الوجوب.
وذهب الشافعي، وأحمد، والحسن، وداود، وأبو ثور، والطبري، إلى أن الاستنجاء واجبٌ لا يجزئُ صلاة من صلى دون الاستنجاء بالماء أو بالحجارة[11].
قلت و الراجح؛ لمواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها، ولأمره بها.
عن أبي هريرة، قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى الخلاء، أتيتُه بماء في تَوْرٍ أو رَكْوَة فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيتُه بإناء آخر فتوضَّأ"[12].
ولنهيه عنه؛ فعن سلمان قال: قيل له: قد علَّمكم نبيكم -صلى الله عليه وسلم- كل شيءٍ حتى الخراءةَ؟! قال: فقال: أجلْ، لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجيَ باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برَجيعٍ أو بعظمٍ"[13].
ولأمره به؛ فعن عبدالله بن مسعود يقول: أتى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الغائط فأمرني أن آتيَه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيتُه بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: ((هذا رِكْس))[14]، ومعلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينهاهم إلا عن شيء محرم، ولا يأمرهم إلا بأمر واجب.
وعن ابن عباس قال: مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بحائطٍ من حيطان المدينة أو مكة، فسمع صوتَ إنسانينِ يُعذَّبانِ في قبورهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يعذَّبانِ وما يعذَّبانِ في كبير))، ثم قال: ((بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة))، ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتينِ، فوضع على كلِّ قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله، لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: ((لعله أن يخفِّف عنهما ما لم تيبسا أو إلى أن ييبسا))[15]، زاد مسلم: ((وكان الآخرُ لا يستنزِهُ عنِ البولِ أو من البولِ))، ومعلوم أن العذاب لا يقع إلا على شيء يلزم الطهارة منه[16].
فائدة: هل يلزم الاستنجاء بثلاثة أحجار؟
ذهب مالك وأبو حنيفة وأصحابه إلى جواز الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار إذا ذهب النجس؛ لأن الوتر يقع على الواحد فما فوقه، والوتر عندهم مستحب ليس بواجب، فإذا كان الاستنجاء عندهم ليس بواجب، فالوتر من باب أولى، واستدلوا بحديث عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن اكتحل فليُوتِر، من فعل فقد أحسن، ومَن لا فلا حرج، ومَن استجمر فليُوتِر، من فعل فقد أحسن، ومَن لا فلا حرج، ومَن أكل فما تخلَّل فليلفِظْ، وما لاك بلسانِه فليبتلِعْ، مَن فعل فقد أحسن، ومَن لا فلا حرج، ومَن أتى الغائط فليستَتِرْ فإن لم يجدْ إلا أن يجمَع كثيبًا من رملٍ فليستدبِرْه، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، مَن فعل فقد أحسن، ومَن لا فلا حرج))[17]، وأجيب بأنه ضعيف.
وذهب الشافعي إلى عدم الجواز بأقل من ثلاثة أحجار، وهو قول أحمد بن حنبل وأبي الفرج المالكي، واستدلُّوا بحديث سلمان السالف ذكره، وفيه: "نهانا أن نستقبل القبلة لغائطٍ أو بَوْلٍ، أو أن نستنجيَ باليمين، أو أن نستنجي بأقلَّ من ثلاثةِ أحجار، أو أن نستنجيَ برجيعٍ أو بعظمٍ"[18].

وبحديث أبي هريرة، قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما أنا لكم بمنزلة الوالدِ، أُعلِّمكم فإذا أتى أحدُكم الغائطَ، فلا يستقبلِ القبلةَ ولا يستدبِرْها، ولا يستطِبْ بيمينه))، وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهَى عن الرَّوْث والرِّمَّة"[19].
وبحديث عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا ذهب أحدُكم إلى الغائطِ، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تُجزِئ عنه))[20].
وبحديث الباب الذي مرَّ معنا.
قال الخطابي: (لو كان القصدُ الإنقاءَ فقط لخلا اشتراط العدد عن الفائدة، فلما اشترط العدد لفظًا وعُلِم الإنقاءُ فيه معنًى، دلَّ على إيجاب الأمرين)[21].
فائدة: هل يقوم مقامَ الأحجار غيرُها في الاستجمار؟
ذهب مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وأصحابهم، إلى جواز الاستنجاء بسائر الأشياء الطاهرة ما لم يكن مأكولاً.
وقال الطبري: (يجوز الاستنجاء بكل طاهر ونجس، بشرط إزالة النجاسة).
وقال داود وأهل الظاهر: (لا يجوز الاستنجاء بغير الأحجار الطاهرة)[22].
قلتُ: فالجمهور على جوازِ استخدام غير الأحجار في الاستنجاء، ولم يخالف إلا الظاهرية، ثم اختلفوا فيما يُجزئ ويقوم مقام الأحجار.
قال الخطابي: (وفي النهى عنهما - أي: (الرَّوْث والعظم) - دليلٌ على أن أعيان الحجارة غير مختصة بهذا المعنى؛ وذلك لأنه لمَّا أمر بالأحجار، ثم استثنى هذينِ وخصَّهما بالنهي، دلَّ على أن ما عداهما قد دخل في الإباحة، ولو كانت الحجارة مخصوصةً بذلك لم يكن لتخصيصِهما بالذِّكْر معنى، وإنما جرى ذكرُ الحجارة وسيق اللفظ إليها؛ لأنها كانت أكثرَ الأشياء التي يُستَنْجَى بها وجودًا وأقربها تناولاً)[23].
وقال أيضًا: (وقال أصحابنا، الذي يقوم مقامَ الحجر كلُّ جامدٍ طاهر مُزِيل للعين ليس له حرمة)[24].
وفي شرح السنة: (تخصيص النهي بما يدل على أن الاستنجاء يجوزُ بكل ما يقوم مقام الأحجار في الإنقاء، وهو كلُّ جامدٍ طاهر قالع للنجاسة غير محترم من مَدَر وخشب وخِرَق وخزف)[25].
قلتُ: ويرجع سببُ اختلافهم فيما يقوم مقام الحجارة إلى سبب التعليل في النهي عن العظم والروث، فإن كان كونهما من طعام الجن، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يحمل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إداوةً لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعُه بها، فقال: ((مَن هذا؟))، فقال: أنا أبو هريرة، فقال: ((ابغِنِي أحجارًا أستنفِضُ بها، ولا تأتني بعظم ولا بروثة))، فأتَيْتُه بأحجارٍ أحملُها في طرفِ ثوبي حتى وضعتها إلى جنبه، ثم انصرفتُ حتى إذا فرغ مشَيْتُ، فقلتُ: ما بال العظم والروثة؟ قال: ((هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفدُ جنِّ نَصِيبينَ، ونِعْمَ الجنُّ، فسألوني الزادَ، فدعوت الله لهم ألا يمرُّوا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعامًا))[26]، فيلحق بهما سائر المطعومات للآدميين بطريق القياس، وكذا المحترمات كأوراقِ العلم.
وإن كان سببُ النهي في الرَّوثِ النجاسةَ، وفي العظم كونه لزجًا، فلا يزيل إزالة تامة؛ وذلك لحديث أبي هريرةَ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "نهى أن يستنجى برَوْثٍ أو بعَظْمٍ، وقال: ((إنهما لا يُطهِّرانِ))[27].
فيلحق بالرَّوْث كل نجس، ويلحق بالعظم كل ما في معناه؛ كالزُّجاج الأملس.
والحاصل أن رواية: ((إنهما لا يُطهِّران)) ضعيفة كما رأيت، وعليه يجوز الاستنجاء بهما مع الإثم، وهو ما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة وأصحابها، وقال: (ويجزئ إذا قصد تخفيف النجاسة).
ولو صحت هذه الرواية لكانت نصًّا في عدم الإجزاء حتى لو أزالت النجاسة كاملة، وهو ما ذهب إليه الشافعي[28].
المسألة الرابعة: آداب دخول الخلاء:
مما ينبغي الإشارة إليه أن كثيرًا من الناس يتهاونون في السنن والمستحبات، يسأل أولاً: ما حكم هذا الأمر؟ فإن قيل له: إنه مستحب أو سنَّة - بل ووصل الحال ببعضهم حتى لو قلت له: مكروه - فيكون الجواب منه ترك هذا الأمر، ويقول: ما دام ليس واجبًا أو حرامًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولا نقول بأن هذا الأمر خاصٌّ بعوامِّ الناس فقط، بل وصل الأمر إلى كثير من طلبة العلم أيضًا، فأصبح هناك تهاون شديد في الطاعات، ورحم الله صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي عنهم أجمعين، فقد كانوا أحرصَ الناس على متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا رأَوه أو عَلِموا أنه فعل أمرًا فعلوه بدون تردد، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها:
عندما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بنعليه، وأخبره جبريل - عليه السلام - بأن فيهما قذرًا، فخلَع النبي -صلى الله عليه وسلم- نعليه، فما كان من الصحابة إلا أنهم خلَعوا جميعًا نعالَهم، ولما سألهم -صلى الله عليه وسلم- عن السبب، قالوا بكل يسرٍ وسهولةٍ - بعيدًا عن الفلسفة والتعقيد -: رأيناك ألقيتَ نعلَك فألقينا[29].
فما أيسرَها من إجابة على مَن وفَّقه الله - عز وجل - إلى اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- بل وما أجملها من إجابة تدل على سرعة الاستجابة، ولم ينتظر أحدُهم أن يسأل ويستفسر من النبي -صلى الله عليه وسلم- لماذا فعل هكذا؟ فليكن أخي هذا هو شأنك، إذا سُئِلت: (لماذا تطلق لحيتك؟ لماذا تقصِّر ثيابك؟ لماذا؟ لماذا؟)، فليكن جوابك: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل هكذا، أو أمَر به، أو حثَّ عليه وفقط.
وهذا أنس بن مالك أحبَّ الدُّبَّاء (القرع)، عندما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يتتبعُه ويأكله[30].
وصدق القائل حيث قال لو كان حُبُّك صادقًا لأطعتَهُ
إن المُحبَّ لمن يُحبُّ مطيعُ

لذا آثرتُ أن أذكر آداب دخول الخلاء دون كثيرِ بحثٍ في حكم المسائل والخلافات المذكورة فيها، ولكني أردتُ أن أذكرَها للتأسي والمتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله.
الآداب: جمع أدب، والأدب هو: ما يُحمَد الإنسانُ عليه من قول أو فعل.
والمراد بقضاء الحاجة: البول أو الغائط، وعُبِّر عنه بالحاجة؛ لأن هذه الأشياء يُستحيا من ذكرها، ويُعبَّر عنها أيضًا بالاستنجاء، والاستجمار، والاستطابة، وبالتخلي، وبالتبرز.
1- قل عند دخول الخلاء: ((بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث)).
دليل التسمية:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل الكنيف قال: ((بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث))[31].
ويشهد له حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((سترُ ما بين أعينِ الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدُهم الخلاء، أن يقول: بسم الله))[32].
دليل (اللهم إني أعوذ بك من الخبُث والخبائث): عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبُث والخبائث))[33].
المراد بقوله: (إذا دخل الخلاء)؛ أي: إذا أراد الدخول، وصرح بذلك في رواية للبخاري في الأدب المفرد، وفيه: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يدخل الخلاء، قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث))[34].
المراد (بالخُبُث): بضم الخاء والباء جمع (خبيث)، وهم ذكور الشياطين، وتُضبط بسكون الباء، ويكون معناها الشر.
والمراد (بالخبائث): إناث الشياطين، وقيل: النفوس الشريرة.
2- قل إذا خرجت من الخلاء: (غُفرانَك)؛ فعن عائشةَ - رضي الله عنها - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانَك))[35].
3- لا تتكلَّم بكلام فيه ذكر الله، عن جابر بن عبدالله أن رجلاً مرَّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبولُ، فسلَّم عليه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا رأيتَني على مثل هذه الحالة، فلا تسلِّمْ عليَّ، فإنك إن فعلتَ ذلك لم أردَّ عليك))[36].
4- استَتِرْ عن أعين الناس؛ فعن عبدالله بن جعفر قال: "أردَفَني النبي -صلى الله عليه وسلم- ذاتَ يومٍ خلفَه فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أحدِّث به أحدًا من الناس، وكان أحبَّ ما استتر به رسول -صلى الله عليه وسلم- لحاجته، هدف أو حائِشُ نخلٍ"[37].
المراد (بالهَدَف): كل مرتفع من بناء وكثيب أو رمل أو جبل.
المراد (بحشائش النخل): جماعته؛ أي: نخل مجموع.
5- ابتعِدْ عن الناس حال الغائط ولا بأس عند الماء؛ فعن جابر قال: "خرجتُ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يأتي البَرازَ حتى يتغيَّب فلا يُرَى"[38].
المراد (بالبَرَاز)، بفتح الباء: اسم للفضاء الواسع من الأرض.
أما عند التبول، فيرخص في ترك التباعد مع الاستتار؛ فعن حذيفة قال: "كنتُ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فانتهى إلى سُباطة قوم، فبال قائمًا، فتنحَّيتُ، فقال: ((ادْنُه))، فدنوتُ حتى قمتُ عند عقبيه، فتوضَّأ فمسَح على خفَّيه"[39].
المراد (بالسُّباطة): بضم السين وفتح الباء: المكان الذي يُلقى فيه المزابل.
6- إذا كنتَ في الفضاء لا ترفَع ثوبك حتى تدنوَ من الأرض؛ فعن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد حاجة لا يرفعُ ثوبَه حتى يدنوَ من الأرض[40].
7- لا تستقبِلِ القبلة ولا تستدبِرْها ببولٍ أو غائط في الفضاء؛ فعن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا جلس أحدُكم على حاجته، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها))[41].
أما في البُنْيان، فجائز، والأولى تركه؛ فعن عبدالله بن عمر قال: "ارتقيتُ فوق ظهر بيتِ حفصةَ لبعضِ حاجتي فرأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجتَه مستدبِرَ القبلةِ مستقبِلَ الشَّام"[42]، وهذا مذهب مالك، وأحمد، والشافعي، وإسحاق، والشعبي، وإلا ففي المسألة خلاف مشهور[43].
المراد بـ: (ارتقيت)؛ أي: صعِدت أو ارتَفَعْتُ.
8- استنزِهْ واستبرِئْ من بولِك؛ فعن ابن عباس، قال: مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بحائط من حيطان المدينة أو مكة، فسمِع صوتَ إنسانينِ يعذَّبانِ في قبورهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يعذَّبانِ، وما يعذَّبانِ في كبير))، ثم قال: ((بلى، كان أحدُهما لا يستَتِرُ من بولِه، وكان الآخر يمشي بالنميمة))، ثم دعا بجريدةٍ، فكسرها كسرتين، فوضع على كلِّ قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله، لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: ((لعله أن يخفَّف عنهما ما لم تيبسا)) أو: ((إلى أن ييبسا))[44]، زاد مسلم:
((وكان الآخرُ لا يستنزِهُ عن البول - أو من البول)).
9- لا تقضِ حاجتَك في طريق الناس وظلِّهم؛ فعن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اتَّقوا اللَّعَّانينِ)) قالوا: وما اللَّعَّانانِ يا رسول الله؟ قال: ((الذي يتخلَّى في طريق الناس، أو في ظلهم))[45].
10- أزِلْ ما على السَّبيلينِ من النجاسةِ، عن عائشة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا ذهب أحدُكم إلى الغائط، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيبُ بهن، فإنها تجزئ عنه))[46].

11- إذا استجمرتَ فاستخدِمْ ثلاثة أحجار أو أكثر، بشرط أن تكون وترًا؛ فعن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا استجمر أحدُكم فليستجمِرْ ثلاثًا))؛ يعني: يستنجي[47].
وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن توضَّأْ فليستَنْثِرْ ومَن استجمر، فليُوتِر))[48].
12- لا تستنجِ بيمينك؛ فعن أبي قتادة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا بال أحدُكم فلا يأخذُنَّ ذَكَره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفَّس في الإناء))[49].
13- اغسِلْ يدَك بعد الاستنجاء؛ فعن أبي هريرة، قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى الخلاءَ، أتيتُه بماءٍ في تَوْر أو رَكْوة فاستنجى، ثم مسَح يده على الأرض، ثم أتيتُه بإناء آخر فتوضَّأ)[50].
المراد (بالتَّوْر): إناء من نُحاس أو حجارة، والمراد (بالرَّكْوة): إناء من جلد.
14- ادخُلْ بالرِّجْل اليسرى واخرُجْ باليمنى، قال النووي: (وقاعدةُ الشرع المستمرة، استحبابُ البداءة باليمين، وكل ما كان من باب التكريم والتزين، وما كان بضدها استحُبَّ فيه التياسر)[51].
________________________________________
[1] أبو داود 41، كتاب الطهارة، ابن ماجه 315، دون السؤال، والموطأ 57، وأحمد 21873، والدارمي 696، دون السؤال.
[2] صحيح: أبو داود 3607، وأحمد 21883، وصححه الألباني وكذا محققو المسند، وعند ابن أبي شيبة في مصنفه 19 مختصرًا، وفيه أن اسم الأعرابي: سَوَّاد بن قيسٍ المُحَارِبي.
[3] صحيح لغيره: النسائي في السنن الكبرى 7583، أحمد 21882، 21884، واللفظ له، والحاكم في المستدرك 2/22، والطبراني في الكبير 4/87، وابن حبان 7149، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 2357، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/533: رجاله ثقات، وصححه لغيره الألباني في المشكاة 4624.
[4] البخاري 2807.
[5] صحيح: أبو يعلى في مسنده 2953، واللفظ له، والبزار في مسنده 7090، والطبراني في الكبير 3488، والحاكم في المستدرك 4/90، وصححه، وكذا الذهبي.
[6] انظر ترجمته في: معرفة الصحابة لأبي نعيم 2/913 - 919، والاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبدالبر 2/448، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 3/239 - 240، وأسد الغابة لابن الأثير 2/123 - 124.
[7] إعلام الموقعين عن رب العالمين 3/368.
[8] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 1/69.
[9] شرح مسلم للنووي 3/158.
[10] عون المعبود 1/30.
[11] التمهيد 2/36.
[12] حسن: أبو داود 45، والبيهقي في السنن الكبرى 452، وحسنه الألباني.
[13] مسلم 262، وأبو داود 7، والترمذي 16.
[14] البخاري 156، والترمذي 17.
[15] البخاري 216، مسلم 292.
[16] انظر المسألة: البناية شرح الهداية 1/747 - 749، والبيان في مذهب الشافعي 1/213 - 214.
[17] ضعيف: أبو داود 35، وابن ماجه 337، 338، 3498، وأحمد 8838، فيه أبو سعيد، والحصين بن الحراني، وكلاهما مجهول، قاله ابن حجر في التلخيص الحبير 37، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة 1028، وكذا محققو المسند.
[18] مسلم 262، وأبو داود 7، والترمذي 16.
[19] صحيح: أبو داود 8، والنسائي 40، وابن ماجه 312، 313، وأحمد 7409، وأصله عند البخاري 161، ولفظه: ((مَن توضَّأ فليستَنْثِر، ومَن استجْمَر فليُوتِر)).
[20] حسن: أبو داود 40، والنسائي 44، وأحمد 24771، صححه الألباني في الإرواء 48، وصحَّحه لغيره محققو المسند.
[21] فتح الباري 1/375.
[22] انظر: التمهيد 2/37.
[23] عمدة القاري شرح البخاري 2/299.
[24] نفس المصدر.
[25] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/380.
[26] البخاري 3860.
[27] ضعيف: الدارقطني 156، وابن عدي في الكامل 4/356، تحت ترجمة سلمة بن رجاء، وقد قمت بدراسة هذه الرواية منذ فترة، وقد توصَّلت إلى ضعفها؛ لوجود أكثر من علة:
1- سلمة بن رجاء، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عدي: أحاديثه أفراد وغرائب، حدَّث بأحاديث لا يتابع عليها.
2- الحسن بن فرات القزاز، قال أبو حاتم: منكر الحديث؛ انظر: تهذيب التهذيب 2/316.
3- التفرد، قال ابن عدي في الكامل 3/332: ولا أعلم رواه عن فرات القزاز، غير ابنه الحسن، وعن الحسن، سلمة بن رجاء، وعن سلمة، ابن كاسب الشاكون بن رجاء، غير ما ذكرت من الحديث، وأحاديثه أفراد وغرائب، ويحدث عن قوم أحاديث لا يُتابَع عليها.
4- المخالفة لما في الصحيح، وهي: أنهما طعام الجن.
ومن العجيب أن الدارقطني قال: إسناده صحيح، وتابعه الحافظ ابن حجر كما في الدراية تخريج أحاديث الهداية 1/96، وقال: إسناده حسن، وقد تعقب مغلطاي الدارقطني في شرحه لابن ماجه 1/99 قائلاً: وفيه نظر؛ لأن في إسناده ابن رجاء.
قلت: والمتتبِّع لصنيع الدارقطني في سننه أنه قد يذكر الحديث في السنن ويصحح إسناده، ثم يأتي ويُعِلُّه في العلل، وهذا الحديث مثال على ذلك؛ انظر: العلل للدارقطني 8/239.
[28] انظر: التمهيد 2/37، وفتح الباري 1/374.
[29] صحيح: أبو داود 650، وأحمد 11877، من حديث أبي سعيد الخدري، قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي بأصحابه إذ خلع نعلَيْه فوضعهما عن يسارِه، فلما رأى ذلك القومُ ألقَوا نعالَهم، فلما قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته، قال: ((ما حملكم على إلقاء نعالكم؟))، قالوا: رأيناك ألقيتَ نعلَيْك فألقَيْنا نعالَنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ جبريل - صلى الله عليه وسلم - أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا - أو قال: أذى))، وقال: (( إذا جاء أحدُكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسَحْه، وليُصَلِّ فيهما))، وصححه الألباني في صحيح الجامع 461.
[30] البخاري 2092، ومسلم 2041، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول: إن خيَّاطًا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعامٍ صنعه، قال أنس بن مالك: فذهبتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك الطعام، فقرَّب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبزًا ومَرَقًا، فيه دُبَّاءٌ وقَدِيدٌ، فرأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يتتبَّع الدُّبَّاء من حوالَي القصعة، قال: فلم أزل أحبُّ الدُّبَّاء من يومئذٍ.
[31] حسن: ابن أبي شيبة في مصنفه 5، وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح 1/244، وعزاه للعمري، وقال: إسناد على شرط مسلم، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4714.
[32] صحيح لغيره: الترمذي 606، وابن ماجه 297، وصححه الألباني في الإرواء 50، بمجموع طرقه.
[33] متفق عليه: البخاري 142، ومسلم 375، وأبو داود 4، والترمذي 5، وابن ماجه 296.
[34] البخاري تعليقًا، باب: ما يقول عند الخلاء، وفي الأدب المفرد 692، باب: دعوات النبي - صلى الله عليه وسلم، وصححه الألباني في الإرواء 51.
[35] حسن: أبو داود 30، والترمذي 7، وابن ماجه 300، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 4707.
[36] حسن لغيره: ابن ماجه 352، وله شواهد بمعناه، منها حديث أبي هريرة عند ابن ماجه 351، ومن حديث ابن عمر عند ابن ماجه 353، وصحَّحه الألباني في الصحيحة 197.
[37] مسلم 342، وأبو داود 2549، وابن ماجه 340.
[38] حسن لغيره: أبو داود 2، وابن ماجه 335، وله شواهد؛ منها: حديث المغيرة بن شعبة عند الدارمي 1/169، وعبد بن حميد 395، ومن حديث عبدالرحمن بن قراد عند النسائي 16، وابن ماجه 334، ومن حديث يعلى بن مرة عند ابن ماجه 333؛ انظر: المنتخب من مسند عبد بن حميد بتحقيق الشيخ مصطفى العدوي.
[39] البخاري 224، ومسلم 273، واللفظ له، وأبو داود 23، والترمذي 13، وابن ماجه 305.
[40] أبو داود 14، والترمذي 14، من حديث أنس، وصححه الألباني، وقد أعله الدارقطني في علله 1/2.
[41] مسلم 265، وأبو داود 8.
[42] البخاري 148، ومسلم 266، الترمذي 11.
[43] تيسير العلام شرح عمدة الأحكام 1/89.
[44] البخاري 216، مسلم 292.
[45] مسلم 269، وأبو داود 25.
[46] حسن: أبو داود 40، والنسائي 44، وحسنه الألباني.
[47] صحيح: أحمد 15296، وابن أبي شيبة في مصنفه 1644، وصححه محققو المسند، وأصله عند مسلم 239.
[48] البخاري 162، ومسلم 237.
[49] البخاري 154، ومسلم 267، وأبو داود 31، والترمذي 15.
[50] حسن: أبو داود 45، وحسنه الألباني في المشكاة 360.
[51] انظر: فتح الباري 1/170.
انتهى )
اجمالي القراءات 4009