د. عبدالرزاق منصور على
دراسه علميه حديثه عن القضاء والقدر (1)

د. عبد الرزاق علي في الأربعاء ١٤ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

دراسه علميه حديثه عن القضاء والقدر (1)
د. عبدالرزاق منصور على

كرست الثقافة الموروثة مفاهيم خاطئة عن الإسلام فبدلاً من مبادئ القرآن الساميه التى تدعونا للتدبروالتفكروإعمال العقل. أرسى بعض فقهاء الشريعه مبدأ “إذا تعارض العقل مع النقل فيُقدم النقل على العقل"! مع ملاحظة أنه فى آيات القرآن الحكيم وردت كلمة "يتفكرون" عشر مرات، وكلمة "لعلهم يتفكرون" ثلاث مرات، وكلمة"يعقلون" اثنتان وعشرون مرة, وكلمة "يفقهون" عشرين مره, و"يتدبرون" خمس مرات و"أولو الالباب" سبع مرات- وبعد كل هذامطلوب منا أن نلغى إعمال العقل حسب رأى بعض الساده الفقهاء!.
-القضاء ورد فى القرآن بمعانى مختلفه عماهو شائع عندنا فمثلا ورد بمعنى "الوصية والأمر, الإتمام, الوجوب والحتم, الفصل" وكذلك القدرجاء بمعانى "التضييق, التعظيم, التدبر, تحديد المقدار,الأحكام,الإرادة".راجع آيات القرآن التى ذكرت كلمة القضاء وكلمة القدر. وبديهيا أننا سنتناول القضاء والقدر بالمفهوم الدارج عند الناس.

-إذا أذلنا الطغاه فهذا قدر الله، وإذا تجاوز أحدهم السرعه فقتل الأبرياء بسيارته فتلك إرادة الله، أما إذا ذبح البلطجى من يقف فى طريقه من الناس فلأنه مختل عقليا وأما المواطن الضحيه فهذا نصيبه وكله يدخل ضمن قضاء الله وقدره، وعليه أصبح الله تعالى مسؤولاً مسؤولية كاملة عما نفعل ونقترف من الإثم العظيم.
-لايوجد مايسمى إنسان خير بطبعه وآخر شرير بطبعه وهذا متدين بطبعه وذاك غير متدين. فإذا كان هناك بعض الصفات الوراثيه التى نتوارثها من الأجداد فإنه لايمكن إنكار دورالبيئه والمحيط الخارجى فى تعديل وربما إلغاء بعض صفاتنا الموروثه. لأن كل صفه وراثيه يتحكم فيها مجموعتان أساسيتان من الجينات (المورثات) المتضاده وكل مجموعه لديها مجموعه أخرى من الجينات المساعده, إذن نحن نتكلم عن معركه حربيه سوف تحدث بين هذه الجينات المتصارعه.
نعم إنها كذالك, فمجموعة الجينات التى تنتصرتعرف بالجينات "السائده" والمهزومه تسمى " المتنحيه". وإليكم بعض التوضيح بالمثال التالى:- لون الشعريحكمه جينات اللون الاسود"السائده" التى تتغلب على جينات اللون الابيض "المتنحيه". ولكن هل بالضروره لابد ان تحسم المعركه لصالح الجينات السائده على طول الخط؟ الجواب لا, لأنه أحيانا تتعادل المجموعتان فى المعركه وبالتالى تحدث تسويه أوحل وسط ونلاحظ ذلك فى لون البشره, فجينات كل من اللون الأبيض والأسود للجلد متعادله فى القوه ولكنهم قد لايتساوون فى العدد وهذا يفسرالإختلاف فى درجة اللون بين الأجداد والأباء والأبناء وكذالك التنوع فى لون بشرة الناس مابين الأبيض والأسود والأسمر والأصفر والبنى والقمحى- الخ. إذا طبقنا ألية عمل الجينات ودورها فى توجيه أعمال وتصرفات البشرينبغى أن نفهم تركيب الجينات واللغه الخاصه بها وسيناريوعملها:
-الجيناتُ او المورثات هي قِطَع من الحمض النَّوَوي(دى ان اي) المكون الاساس للكروموسومات (الصبغيات) التي توجد في نواة الخلية والكروموسوم الواحد يتكون من شريطين (2كروماتيد) يلتف احدهما حول الاخر بشكل حلزوني ويحمل في طياته عشرات الألاف من الجينات وكل جين له موقع خاص به على التركيب الحلزوني للكروماتيد مشابه بالضبط لموقع نفس الجين على الكروماتيد المقابل
معلومه:- يتكون الحمض النووي (DNA) من سلسلتين تلتف حول بعضها البعض لتشبه سلمًا ملتويًا. وتتكون درجات السلم من أزواج مترابطة من القواعد النيتروجينية. هذه القواعد هي الأدينين (A) والجوانين (G) والسيتوزين (C) والثايمين (T). يرتبط A من سلسلة واحدة بـ T من السلسله المقابله (وبالتالي تشكل درجة سلم A-T) ؛ وبالمثل ، فإن ( C)على سلسلة ترتبط بـ G على الأخرى. تسلسل هذه القواعد على طول شريط الحمض النووي يحدد الشفرة الجينية.
درجة السلم مع جانب السلم(الذى يتكون من السكر والفوسفات) يمثل نيوكليوتيد واحده. وإذا تم كسر الروابط بين القواعد فإن السلسلتين تنفصلان ، وتلتصق النيوكليوتيدات الحرة داخل الخلية بالقواعد المكشوفة للسلاسل المنفصلة حالا لتصطف النيوكليوتيدات الحرة على طول كل سلسلة وفقًا لقاعدة ترابط القواعدالنيتروجينيه وبهذه الطريقه يتم تكوين جزيئين من الحمض النووي من أصل جزيئ واحد وهي الطريقة التي يتم بها تمرير المعلومات الوراثية من جيل واحد من الخلايا إلى الجيل التالي.
دور الجينات فى التأثير على طباع الإنسان وشخصيته
تؤثر جيناتنا في تحديد طولنا ,وزننا أو لون أعيننا، لكن حديثًا بيَّنت الدراسات الوراثية أن جيناتنا تتوقع عمرنا أو درجة ذكائنا وقوة إندفاعنا في تعاملاتنا اليوميه ,أوإستعدادنا لتطوير ألأمراض الجسديه أوالعصبيه والعقليه ، وتُكتب هذه الصفات جميعها بدرجات مختلفة فى جيناتنا. وأظهرت الدراسات أن الجينات الوراثية تلعب دورًا كبيرا في تكوين سمات الشخصية وتتحكم في طباع الإنسان وشخصيته مثل ضبط النفس أو إتخاذ القرار أوالتواصل الإجتماعي والقدرة على مواصلة التعلم والتطور، حيث تتكون الشخصية من مجموعة من السلوكيات والخصائص والأفكار والمواقف والعادات والأنماط التعبيرية التي تطورت من العوامل الوراثية والبيئية.
وبشكل عام لا تحدد الجينات السلوك ، ولكنها تؤثر على السلوك بمعنى أنه لايوجد جين طيب وآخر شرير ولكن توجد جينات تساعد وتحفز التوتر والعصبيه وقوة العضلات- بالمقابل توجد جينات أخرى تميل وتدعو إلى التهدئه والعقلانيه والتفكير المنطقى, وتلعب الجينات دورها عن طريق إفراز هرمونات ومواد كيميائيه لإنجاز وظيفتها. وهذه الجينات تعمل لحساب منظومه فى المخ وهى المسؤله عن تفعيل وتوجيه أى مجموعه من الجينات لتدور فى فلك الأعمال والتصرفات السيئه اوالطيبه حسب قرار المنظومه النهائى.
-إذن ليس مكتوبا عند الله مثلا أن حسنين سيئ أومحمدين طيب القلب. فإذا اعتبرنا النسخه الأصليه أو"النسخه الأم"من شريط الحمض النووى مكتوبه فى "الإمام المبين" فبالتالى لايعقل ان يصنف الإمام المبين (حسنين بالشخص السيئ اومحمدين بالشخص الطيب). إذن علميا الفرد منا هو المسؤل عن تصرفاته السيئه أوالحسنه, ولكن كيف ذلك؟
- ثبت علميا أن فص المخ الامامى يحتوى على عدد من المناطق او المراكز. وأشارت دراسات التصوير العصبي الحديثة إلى الدور المهيمن لقشرة الفص الجبهي الأمامي في الخداع حيث أنها تشمل التحكم التنفيذي للعمليات المعرفية مثل التخطيط وحل المشكلات والإنتباه(هذه هى مكونات الخداع المهمة) - لذلك ليس من المستغرب أن تكون قشرة الفص الجبهي نشطة عندما نكذب بالمقابل تكون الإشارات الوارده من"لوزة المخ Amygdala" أقل فأقل ، حيث نكذب أكثر فأكثر. وتميل مشاعر الذنب لدينا إلى الانكماش. أى أن المخ عنده الاستعداد التشريحى والوظيفى لتنفيذ التصرفات السيئه اوالطيبه ولكن من يملك القرار لتوجيه الدفه نحو الخير اوالشر؟ إنها محصلة معركه تدور رحاها داخل المخ (فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا)-الشمس8 . والآن ننتقل إلى الاطراف اللاعبه فى هذه المعركه:
1- اللاعبون المحليون: مناطق الوعى والشعور والذاكره والخبره والتفكير المنطقى وأدواتها(الإتصالات العصبيه وتفعيل الأوامر) فى مقابل الغرائز والاحتياجات الداخليه التى تحرك الفرد
2- اللاعبون الدوليون: المعلومات التى يستقبلها المخ من الوسط الخارجىى مثل الموجات والذبذبات فى العالم الخارجى التى تؤثر فى مشاعر وأفكار الفرد, كالموجات الكهرومغناطيسيه والموجات فوق الصوتيه..الخ. ومن هذه الموجات مايكون تاثيره سلبيا أى يدفع باتجاه القرار الخاطئ مثل موجات الشيطان الفوق صوتيه, وهناك بعض الموجات الكهرومغناطيسيه ذات تردد معين تدفع بإتجاه القرار الصحيح.
وفى النهايه يتخذ القرار(خيرا اوشرا) الذى اختاره "حسنين اومحمدين " من الناس ويتم تنفيذه بعد تفاعل كل ماسبق من المعلومات والمعادلات من كل هؤلاء اللاعبين أي أن الإنسان لا يستطيع أن يخلق فعلا غير موجود في الطبيعة ، لكنه يختار بوعيه أفعاله التى تتشكل من محصلة التفاعل بين تركيبته الجينيه والمؤثرات الخارجيه ويفعلها بالطريقه التي يريدها وهو حر في هذا. وقوله تعالى "لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْد" (الروم4) - يوضح أن الله يعلم كافة الإحتمالات أمام الفرد قبل إختياره إحتمال ما, ويعلم ما اختار الفرد فور إختياره،أى أن لحظة الآن تركها للفرد ليقررها وبعدها إنتقل خياره من إحتمال إلى واقع مسجل عليه ومسؤول عنه (هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون) "الجاثيه 29
أى أن الله تعالى كتب كل الإحتمالات أمام الفرد ليختار وحين يقررالفرد إتخاذ أحد الإحتمالات وينفذه يتم تسجيله صوت وصوره بواسطة برنامج"رقيب عتيد" المثبت فى الجلد وفى حاستى السمع والبصروترسل نسخه فوريه منها لتثبت "تتسيف" فى ال "الإمام المبين"﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُم وكل شيئْ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِين [ يس: 12)
- وأما قوله تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير)الشورى-30" فيمكننا فهم هذه الآيه من المثال الآتى: ثبت طبيا أن التدخين قد يسبب سرطان الرئه أى أنه إذا قمنا بدراسه استقصائيه على مرضى سرطان الرئه فسوف نجد ان هناك نسبه من المرضى كانوا مدخنين ففى هذه الحاله يمكن ان ندرجهم تحت قائمة من أصيبوا بالسرطان بسبب ماعملته أيديهم من التدخين, أما مجموعة المدخنين الذين لم تظهر عليهم أى أعراض لسرطان الرئه فيندرجون تحت قوله تعالى" ويعفو عن كثير"
- أما فى سورة التوبة (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون) وقوله تعالى- (لهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ)-الرعد11

كيف أن الملائكه الحفظه يحفظون الناس من أمرالله؟ نقول ،اللوح المحفوظ هو بمثابة برنامج القوانين الأساسيه المنظمة للكون وهو برنامج ثابت ولا يتغيّرمن أجل أحد مهما كان وبالتالي لا ينفع فيه الدعاء وهذا مايطلق عليه "أمرالله" مثل الموت,دوران الارض والشمس والرعد والبرق...الخ, .إذا استدعى تطبيق أحد هذه القوانين المكتوبه الثابته المنظمه للكون حدوث مصيبه لشخص ما من الناس (نتيحة أمرالله) فإما أن يكون وقوع المصيبه بغته وتسمى فى هذه الحاله" النازله" فحينئذ تتجلى المعقبات الحفظه لتحاول دفع المصيبه عن هذا الشخص, وأما إذا كانت المصيبه تدريجيه اى متوقع حدوثها فيبعث الله تعالى رسائل تحذيريه وادله بينه واضحه للشخص لتكشف له السوء (غموض وملابسات المصيبه لكى يتقى شرها),قال تعالى" أمن يجيب المضطرإذا دعاه ويكشف السوء-النمل62
معلومه: سألنى أحد الأصدقاء عن توجهى وعما إِذا كنت منتميا لحزب سياسى فأجبته بقول الشيخ محمد عبده رحمه الله عندما أعلن أنه يلعن السياسه وحتى الفعل"ساس" المشتق منها. وأضفت أننى لا ألعن السياسه فقط بل ألعن خلط الدين بالسياسه وضربت مثالا على ذلك: إِطلاق الفتاوى من بعض ممثلى الكوميديا أقصد "مشايخ الكوميديا السوداء" الذين يفتون(متطوعين أومجبرين) بحرمة مونديال قطرلكأس العالم للكره. ويفتون بتحريم مشاهدة المسلسلات التركيه!. تأكدت الآن ياصديقى من حجم الكارثه جراء خلط الدين بالسياسه. -أنا مجرد مجتهد أمعن التفكيرفى آيات الله الكونيه و آيات الله القرآنيه والترابط بينهما لأننى أعلم عاقبة من يكتمون العلم.
اجمالي القراءات 2580