نظرات فى خطبة تدارس القرآن في رمضان

رضا البطاوى البطاوى في الثلاثاء ١٣ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نظرات فى خطبة تدارس القرآن في رمضان
الخطيب محمد صالح المنجد وهى تدور ليس عن دراسة القرآن وإنما عن دراسة تفاسير القرآن وهناك فرق بين فالتفاسير بشرية وأما القرآن نفسه فهو أمر إلهى المطلوب فهمه مباشرة أو فهمه عن طريق العلماء بالسؤال
استهل الرجل خطبته بوعظ الناس بالتسابق لعمل الخيرات فقال :
"عباد الله: شهركم قد انتصف فمن ذا الذي أخذ حقه وانتصف، ومن حاسب نفسه على ما مضى كي يستدرك فيما بقي، سارعوا بالخيرات وسابقوا بالحسنات فلا ندري متى يهجم الأجل .. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك."
وتحدث عن الاعتناء بالقرآن فى رمضان فقال :
"أيها المسلمون: لقد أنزل الله سبحانه وتعالى كتابه في ليلة القدر من هذا الشهر، ولذلك فإن الاعتناء في القرآن في رمضان أمر عظيم، هذا شهر القرآن (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) "
وبالقطع المسلم مطالب بالعناية بالقرآن فى كل يوم من خلال الصلاة كما تعالى :
"اقرءوا ما تيسر من القرآن"
وتحدث عن استمداد الهدى من خلال تلاوة القرآن فقال :
"ولذلك ينبغي أن يكون موقفك يا عبد الله وأنت تتلو كتاب الله في استمداد الهدى وحصول البينة، الهدى الذي يهديك إلى الصراط المستقيم، الذي يهديك إلى الحق بإذن ربك، والبينات التي تتبين من خلالها هذا الحق وتعرف تفاصيله، ويستنير لك الطريق، هدى وبينات، ينقذك من الضلالة فيتوب الإنسان بعد معصية ويتعلم بعد جهل.
وكذلك يصيب السنة بدلا من الوقوع في البدعة، هذا هدى، والبينات التي يعرف من خلالها تأصيل العبادات والحلال والحرام وغير ذلك مما يريده الله من العبد، ولذلك فينبغي أن يكون العمل في هذا الكتاب ليس مجرد التلاوة."
وبين أن الواجب تجاه القرآن هو تدبره وهو فهمه والعمل به فقال :
"عباد الله: إن حق القرآن علينا كبير، (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به) هذا من الواجب ولكن أيضا يتدبرونه، فإذا واجب القرآن علينا أن نتلوه ولا نهجره، وأن نتلوه حق تلاوته إذا تلوناه فنقرأه كما أنزله الله."
ثم حدثنا عن أمور ليست من القرآن على اعتبار أنها قرآن كتجويده ومخارج حروفه فقال :
"ولذلك فإن معرفة تجويده ومخارج حروفه، والوقوف أين يكون ونحو ذلك في غاية الأهمية لتلاوته حق التلاوة، ثم التدبر ولا يمكن التدبر إلا بمعرفة المعنى، وهذا هو التفسير، ثم يعين على ذلك المدارسة، وقد كان الرسول البشري يقعد مع الرسول الملكي في رمضان، كان عليه الصلاة والسلام في رمضان مع جبريل يتدارسان القرآن."
وهذا الكلام خروج عن كلام الله فالله لم يقل ادرسوا التجويد واللغة وإنما ادرسوا معانى القرآن دون وسيط
وتحدث عن كون التدجارس أن واحد يقرأ والثانى يستمع ويتناقشان فى المعانى فقال :
"وهذه المدارسة أن يقرأ هذا ويستمع الآخر، ثم يتبادلان ما في هذه الآيات من العلم والمعاني، وتعظيم الله والموعظة باليوم الآخر ما في قصص الأنبياء من الفوائد وما في قصص الصالحين وأعداء الله أيضا من المواعظ."
وهذا كلام لا أصل له لأن التدارس المطلوب من القوم يكون فى المساجد والمساجد صنعت لشىء واحد وهو الصلاة وهى ذكر الله كما قال تعالى :
" فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
ودراسة القرآن تكون فردية بمعنى أن الواحد يقرأ ويفهم الحكم المطلوب منه فى الآية أو يتخذ العبرة والعظة مما تقصه
ثم قال :
"وكذلك ما في هذا القرآن من الأحكام ففيه وعد ووعيد، وفيه علم وتفصيل، وفيه موعظة بليغة. قرأ أحد السلف مرة قوله تعالى (ليسأل الصادقين عن صدقهم) قال لنفسه لما قرأ الآية: "هذا إذا كان يحاسب هؤلاء الصادقين ليسأل الصادقين عن صدقهم، فكيف بغير الصادقين؟ "
وهذا السلفى فهم خطأ فمعنى ألآية أن الله يثبت المسلمين عن تصديقهم بالصدق وهو الوحى كما قال تعالى :" والذى جاء بالصدق وصدق به"
فالسؤال بمعنى الجزاء وليس بمعنى الاستفهام
ثم قال :
ومر بعض السلف بمثل من أمثال القرآن فأراد أن يعرف معناه فلم يهتد إلى ذلك كأنه خفي عليه فبكى، فسئل قال: إن هذه الأمثال التي أخبر الله عنها (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) فأبكي على نفسي أني لست بعالم."
وكان الواجب من هذا السلف أن يسأل من هو أعلم منه كما قال الوحى :
" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"
ثم قال :
فإذا نحن عندما نحتاج قراءة القرآن في رمضان، ونفتح المصحف قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي البيت، عندما نفتح المصحف يا إخواني ينبغي أن يكون لنا مع المصحف موقف سواء في الاستعداد لقراءته من التطهر، وإصلاح النية بالإخلاص، والإقبال على هذا القرآن بنية المستفيد منه ..
ولذلك كانت عبارات بعض السلف في مسألة حضور الخشوع عند تلاوة القرآن "استحضر كأن الله يخاطبك به، استحضر كأن القرآن ينزل عليك، استحضر كأنك تكلم ربك بكلامه".
فعندما يشعر المسلم أنه يكلم ربه بكلام ربه سيكون لذلك وقع آخر في النفس، ولذلك تعامل المؤمن مع القرآن لا بد أن يكون فيه تأمل، تفكر، تدبر، فعندما يسمع مثلا هذه الحروف المقطعة (ألم) (حم) (ق) (يس) (ن) (كهيعص) عند ذلك يستحضر التحدي الذي تحدى الله به العرب في هذا القرآن ..
لما كان قوم موسى مشغولين بالسحر تحداهم الله في هذه العصا التي تنقلب حية، وهذه اليد التي تخرج بيضاء للناظرين، عندما كان قوم عيسى مشغولين بالطب تحداهم الله بمعجزات لعيسى يبرأ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله يقيمه من قبره بإذن الله، يمسح الأعمى فيرتد بصيرا بإذن الله.
عندما كانت قريش والعرب مشغولين بالفصاحة، وكان الوقت في ذلك الحين عند العرب قمة الشهرة بالفصاحة والمعلقات الشعرية جاءهم هذا القرآن فتحداهم الله بهذه الأحرف، القرآن منها هاتوا مثله، القرآن فيه: أ، و ل، و م، و ح، فيه ياء، و س، و ق، و ن ... هاتوا مثله إنه من الحروف التي تعرفونها هاتوا مثله .. !! عجزوا
(فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) عجزوا، (فأتوا بسورة مثله) عجزوا، فناد عليهم بالعجز إلى قيام الساعة (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)
هنا تحس يا عبد الله حتى وأنت تقرأ الحروف المقطعة أن هنالك أمرا عظيما وراء هذه الأحرف فإذا سمعت النداءات (يا أيها الذين آمنوا) فلك وقفة أن الله يناديك بهذا النداء الذي تتصف به أنت بالإيمان به وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فتقول ماذا يريد ربي مني؟ إما خير تؤمر به، وإما شر تنهى عنه."
وهذا الكلام عن الحروف المقطعة وكون أن العرب أرباب الفصاحة ,ان قوم مويى(ص) كانوا أرباب السحر كلام باطل فالفصاحة موجودة فى كل قوم ولذا نزلت الرسالات بلسان كل قوم كما قال تعالى :
طوما أرسلنا من رسول إلا بلسام قومه ليبين لهم"
فالبيان هو الفصاحة وهو من لسان كل قوم
وقوم موسى(ص) لم يكونوا يمارسون السحر وإنما كانوا قوم فرعون وتحدى الله للناس وليس للعرب وحدهم وهو ليس تحدى فى قول كلام وإنما تحدى فى الإتيان بالوحى من مصدره وهو الله وهو أمر لا يقدر عليه أحد ولذا قال تعالى :
" فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا"
ثم قال :
"هذه وقفة، (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) (يا أيها الذين آمنوا .... ) وهكذا تقرأ في القرآن ..
وعندما تمر بآيات فيها أفعال الله (يدبر الأمر) (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) (الله يتوفى الأنفس) (الله يفعل ما يشاء)
(تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء) عندما تتأمل في أفعال الله (كل يوم هو في شأن) عندما تتأمل في أفعال الله (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء)
من هؤلاء الملاحدة (وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه إلى رجل من عظماء المشركين يدعوه إلى الله، فإذا بهذا الزنديق من الكفار يجادل في الله، ويقول للمسلم: "أيش ربك من حديد هو! من نحاس هو! من فضة هو! من ذهب هو! "، فيرجع الصحابي إلى الرسول (ص) يقول: كيف وكيف فيرده إليه يدعوه والمشرك يرد بنفس الرد، فيعود المسلم في الثالثة يقول النبي (ص): "إن الله أنزل على صاحبك صاعقة أحرقته وأنزل الله (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال)
ولذلك أيها الإخوة يكون معرفة أسباب النزول من الأمور المهمة في فهم الآيات،"
وهذا الكلام عن أسباب النزول وحرق المجادل هو افتراء على الله فالله أعظم من يعاقب المجادل وإنما يرد عليه بالحجة الباهرة وإلا كان هذا تهربا من السؤال والله ليس عاجز عن الرد على أى حجة مهما كانت
ثم قال :
"حتى في شعورك أنت بهذه الآيات ومعانيها لما تقرأ (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) لها معنى لكن عندما تستحضر أنه كان هناك ضيف جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم والنبي عليه الصلاة والسلام أرسل إلى أزواجه قالوا ما عندنا شيء واحدة وراء واحدة ما عندنا شيء ..
فقال النبي عليه الصلاة والسلام وهو المتطبع بطبع إكرام الضيف الذي يستحي أن يخرج الضيف من عنده بلا شيء، قال: "ألا رجل يضيف هذا الليلة يرحمه الله"؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فأخذه إلى بيته ..
الرجل لما دخل على زوجته قال: هذا ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدخل علينا، لا تدخريه شيئا، قالت: ليس عندي إلا قوت الصبية، قال: ضعي له الطعام، وأتظاهر أني أصلح السراج وأطفأه ونتظاهر بالأكل وندعه يأكل ..
فحصل ذلك وباتوا ونوموا الأولاد على جوع وفي الصباح غدا به إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأنزل الله (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) خصاصة يعني حاجة، جوع ..
فعندما تستحضر القصة التي نزلت بشأنها الآية يكون هناك طعم آخر، فمعرفة أسباب النزول مفيدة جدا في تدبر القرآن"
الآية واضحة لا تحتاج لحكاية لكى تفهم أناس يعطون غيرهم وهم محتاجين لما يعطونه لهم
والحكاية أصلا باطلة فهى ليست عن ضيف وأنصارى واحد وإنما هى عن الأنصار والمهاجرين كلهم فالأنصار كلهم أعطوا المهاجرين أكثر مما طلب منهم فالله لم يقل ويؤثر وإنما قال ويؤثرون
ثم قال :
"هذه الآية نزلت فيمن؟ (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) تأتي خولة بنت ثعلبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهي امرأة كبيرة تقول: "يا رسول الله هذا زوجي أوس أفنيت شبابي حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني يقول: أنت علي كظهر أمي .. أشكو إلى الله"!!
النبي عليه الصلاة والسلام ما عنده جواب حاضر، ولا يقول بغير علم، فيطلب من المرأة أن تنتظر وأن تحسن رفقة هذا الإنسان حتى يحكم الله، وكان رجلا كبيرا تقدم به السن وتغير خلقه لكبر السن، وهذا معروف ومشاهد تغير الخلق لكبر السن، فينزل الله الآية تقول عائشة: "سبحان الذي وسع سمعه الأصوات، إني في ناحية البيت أسمع كلام خولة أسمع بعضه ويخفى علي بعضه"، شيء سمعته وشيء لم أسمعه .. فنزلت الآيات (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) وتنزل الأحكام.
إن معرفة سبب النزول مرة أخرى يعينك كثيرا على تدبر القرآن."
القصة فى القرآن ظاهرة واحدة ظاهر منها زوجها فليس بنا حاجة إلى سبب النزول لأنه صريح فى الآية وأما التفاصيل التى أضافتها الحكاية فلا يمكن التأكد منها ككبر سن المرأة وغير ذلك وإنما المطلوب هو فهم أحكام الظهار لتطبيقها وليس معرفة أن المظاهرة اسمها كذا وزوجها اسمه كذا فالقرآن سكت عن الأسماء حرصا على عدم فضح الناس بذنوبهم
ثم قال :
"ما أعظم هذه الرسالة يا عباد الله وإن التفسير ومعرفة معاني الكلمات في غاية الأهمية فلو كان الإنسان لا يعرف كلمة (خصاصة) ما معناها، (وله الدين واصبا) لا يعرف واصبا ما معناها (لإيلاف) فضلا عن تلاوتها، وأيضا (الصمد) و (غاسق) وهكذا .. لا تعرف معناها، فكيف ستتدبر يا عبد الله؟!
ولذلك يا إخواني هذا القرآن الذي نقرأه في رمضان، وربما ننهي الختمة والختمتين وأكثر، له حق عظيم علينا، ليست القضية فقط في إمراره وإنهائه، وإنما القضية قرآن هذا (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب) (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)
هذا القرآن الذي تجد فيه حتى نقاش الملاحدة (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون) ..
هذا القرآن تجد فيه العلاجات العظيمة، علاجات المشكلات الاقتصادية، وعلاجات المشكلات الاجتماعية، وعلاجات المشكلات النفسية .. وهكذا
والله فيه علاجات عظيمة، إنسان عنده كنز عظيم لكن لا يعرف كيف يستفيد منه، عنده حساب مجمد فيه ملايين لكن لا يعرف كيف يستثمره.
ومن هنا إن حق القرآن علينا عظيم، حتى لما تكون في ضائقة وتقرأ الآيات (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب) (ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا) لكن ماذا نفعل عند الكرب؟ (فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب) صلاة، عبادة، ذكر.
عباد الله: هذا كتاب ربنا، وحقه عظيم علينا، وتأمل ما في القرآن من النفائس العظيمة مهم للغاية ومن علوم القرآن علوم المناسبة ومجيء هذا مع هذا، وهذا بعد هذا، وهذا قبل هذا."
المطلوب ليس أن نقرأ كتبا لم يكن لها وجود فى عهد النبى(ص) وهى التفاسير وكتب النزول واستخراج المحسنات وما شاكل ذلك من الآيات وإنما المطلوب هو فهم القرآن
ثم حدثنا عن آيات الصيام فقال :
هذه آيات الصيام في سورة البقرة فيها أشياء كثيرة فهو أخبرنا في ثناياها وذكر عبادات في ثنايا آيات الصيام كأنه يذكر
الصائمين بأشياء فمثلا ذكر في آيات الصيام الدعاء في أدناه هذه الأحكام والفرضية وذكر الآداب ذكر الدعاء (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) فمعناها أن الدعاء مع الصيام شأن عظيم فينبغي للصائم أن يحرص عليه، والصائم دعاؤه مستجاب أثناء الصيام وعند الإفطار، فإذا دعوة الصائم لا ترد أثناء صيامه. وللصائم عند فطره دعوة – هذه ميزة أخرى- عند الفطر."
وتفسير الدعاء بأنه الطلب من الله تفسير خاطىء فالدعاء هو العبادة أى طاعة الله وليس الطلب من الله لأن الله لا يجيب كل دعاء وإنما يجيب ما شاء فقط وهو ما قدره فى لوح القضاء كما قال تعالى :
"بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء"
ثم قال :
"وذكر أثناء الصيام عبادة الاعتكاف (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) فمعنى ذلك أن الاعتكاف والصيام بينهما علاقة قوية، لماذا ذكر الاعتكاف أثناء الصيام؟ ولذلك فإن اعتكاف الصائم عبادة جديدة، قال بعض العلماء أقله يوم وليلة، قال بعضهم ليلة في حديث ابن عمر قال: "نذرت أنا أعتكف ليلة في المسجد الحرام"، قال: "أوف بنذرك"، وقال بعضهم: لا حد لأقل فلو نوى الاعتكاف ساعات صح ذلك ..
لو واحد قال أنا موظف لا يتهيأ لي أن أعتكف مثلا إلا أن أدخل قبل العشاء وأخرج بعد القيام، أنويها اعتكاف خمس ساعات ست ساعات، قال بعض العلماء بصحة ذلك، الله كريم لا يرد ويضاعف الأجر.
أثناء آيات الاعتكاف قال (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) وقال (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) ذكر الرجال بحق النساء، وذكر العلاقة بين المرأة الرجل من أثناء آيات الصيام (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) هل تستغني يا مسلم عن اللباس! في الحر أو في البرد هل تستغني عن اللباس!
إذا زوجتك لا تستغني عنك وأنت لا غنى لك عن زوجتك، كلاهما مهم لإعفاف كل طرف للآخر، واللباس يلي الإنسان مباشرة على الجلد مباشرة، فأخص العلاقات العلاقة بين الزوجين، واللباس يستر الإنسان (هن لباس لكم) يعني سترا لكم (وأنتم لباس لهن) يعني سترا لهن. فهو ستر لها لا يفضح أسرارها ولا يهتك ولا يكشف وهي كذلك؛ لأن من طبيعة اللباس أن يستر.
(وابتغوا ما كتب الله) يعني من الولد إذا أتيتها فيذكر الصائمين في الإتيان بنعمة الله عليه أنه جعلها في الليل، وكان قبل ذلك إذا نام لا يجوز له أن يأتيها حتى لو استيقظ قبل الفجر، لكنه خفف سبحانه.
(وابتغوا ما كتب الله) من الولد حتى فيها رد على دعاة تهذيب النفس (وابتغوا ما كتب الله) إذا هنا علم يقال له علم المناسبة، ذكر أشياء خلاف أشياء له معنى، فذكر أثناء آيات الصيام الدعاء والاعتكاف والوصية بالزوجة والزوجة بالزوج، وقضية النية الحسنة في ابتغاء الولد. وذكرنا في هذه الآيات بالتقوى وهي الأصل الصيام، ليس للحمية فقط، لتخفيف الوزن فقط، لعلاج مشكلات المعدة فقط .. وهذه تأتي تبعا لكن ما هو الأصل (لعلكم تتقون) وينبغي المحافظة على هذه الكلمات الشرعية فيقال الصيام للتقوى."
وآية الاعتكاف فسرها القوم خطأ فلو كان المراد الاعتكاف فى المساجد العامة فلا يمكن أن يجامع المصلة زوجته أمام الناس فى مكان عام والمساجد العامة قصرها الله على الرجال فقال :
"لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا"
ومن ثم يكون تفسير القوم خاطىء وإنما قصد الله أن الاعتكاف يكون فى حجرات النوم حيث يتخذ المسلم مكان منها للاعتكاف بعيدا عن زوجته على السرير
ثم قال :
"وكذلك وافانا في الصيام بأنه فرضه على الذين من قبلنا، فلسنا لوحدنا في هذا المشوار، وكأنه أيام معدودات سرعان ما تنقضي، هل فعلا أحسسنا أيها الإخوة بأن الشهر قد انقضى نصفه، ذهب نصف رمضان هكذا بهذه السرعة! إذا لما قال (أيام معدودات) فعلا أنت ترى ذلك وتعاين يا مسلم يا عبدالله بنفسك كر الأيام بسرعة وذهب نصف الشهر!! راح النصف مع أننا نعيش الآن أشد الرمضانات حرارة وأطول النهار عبر 33 سنة نعيشه الآن، هذا رمضان أشد الرمضانات حرارة وأطوله نهارا وما يأتي مثله إلا بعد 33 سنة، لكن مع طول نهاره وشدة حرارته هل استوعبنا فعلا أنه قد مر نصفه بهذه السرعة؟!
رب كريم يفرض علينا ويواسينا، رب كريم يحكم فينا ويعطينا، ما أعظم الأجر "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" يجازي على كل الأعمال لكن هذه تحديدا لي؛ لما فيه من السر بينك وبينه؛ لأن الصوم سر، وبقية الأعمال فعل.
"وأنا أجزي به " هو عندما يتكفل معناه أن العطاء مدهش؛ لأنه من كريم، وهكذا يا عباد الله نجد أن تدبر القرآن يعطينا أبعادا كثيرة نحن بأمس الحاجة إليها، الناس عندهم مشكلات مادية، مشكلات نفسية، أزمات، عندهم اكتئاب، إحباط، عندهم صدمات، عندهم أشياء عصبية، هذه علاجها والله الذي لا إله إلا هو بهذا "القرآن"، ولو أنك تجرب تجمع الآيات التي فيها مواساة الله لنبيه في إعراض الكفار عنه (فلعلك باخع نفسك) (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) (ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون) ستجد والله أن العلاجات هذه القرآنية الإلهية للنبي عليه الصلاة والسلام في الأزمة التي كان فيها نتيجة إعراض المشركين ستنفعك أنت كثيرا في علاج أزماتك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهل القرآن .."
الاعتكاف هو قراءة القرآن داخل حجرات النوم فى مكان منها وليس فى المساجد العامة
اجمالي القراءات 1877