شادي طلعت
في
الأربعاء ١٩ - أكتوبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
إن الزعماء الحقيقيين لم يأتوا من فراغ، فلا لـــ الحسب، أو النسب، أو المال، أو الجمال، أو الكاريزما، دور في بقاء إسم الزعيم، طالما كان خاوياً من الأفكار، والنظريات.
فطالما لم يكن الزعيم صاحب نظرية فكرية، فلا مكان له في التاريخ.
إن النظرية الفكرية ترسخ للبقاء لعقود أو قرون من السنين.
من ذا لايذكر سقراط أو أفلاطون أو أرسطو، أو الإسكندر، أو جنكيز خان ... إلخ.
ألم تقم الثورة الأمريكية، ويؤسس الدستور الأمريكي بناء على نظريات كل من :
جون لوك، و توماس هوبز، و إدوارد كوك، و جان جاك روسو.
كانوا جميعاً موتى عندما أسس الآباء الأوائل أمريكا، و وضعوا لها أول دستور عام ١٧٨٧م، إلا أن نظريات المفكرين ظلت باقية إلى يومنا هذا، بل كانت حجر الأساس لقيام أكبر إمبراطورية في التاريخ (أمريكا).
وبنظرة لــ بعض زعماء التاريخ سنجدهم جميعاً أصحاب نظريات فكرية مثل :
١- المهاتما غاندي
عندما قرر المهاتنا غاندي مواجهة بريطانيا، إتخذ من فكرة اللاعنف، نظرية سياسية يبدأ وينتهي بها ليحقق الإنتصار لشعب الهند.
ولم يتنازل لحظة عن نظريته التي قرر أن يسير بها طوال فترة النضال، فكان أميناً مع نظريته الفكرية، ولم يخرج أبداً عن سياقها.
إلى أن تحقق له ما أراد في النهاية، وتحقق الإستقلال، وظل إسم غاندي في التاريخ، يذكر دوماً بكل فخر وعزة وكرامة، في أعتى الدول المتقدمة.
٢- كارل ماركس
عندما طُلِبَ من (كارل ماركس) التفاعل مع الدعوة للثورة الشيوعية في أوربا، رفض هذا المقترح.
وقال : لابد من وضع النظرية الفكريةأولاً.
فقال له رفقاؤه : إن الشعب الروسي مستعد للثورة من دون الحاجة إلى النظرية الفكرية.
فرد ماركس وقال : وماذا عن شعوب أوربا، وهي من تُعمل عقلها قبل أي شيء، وأصر على وضع نظريته أولاً قبل الدعوة إلى الثورة.
ولازال إسم ماركس موجود حتى يومنا هذا، لأنه لم يكن مجرد شخص معنيُ بالسياسة، وإنما كان مفكر، وصاحب نظرية سياسية وإقتصادية، لازال لها مريدون إلى يومنا هذا.
٣- جنكيز خان
عندما قرر (تيموجين)، المعروف فيما بعد بإسم (جنكيز خان) توحيد المغول، فقد وجد أن كافة السبل سوف تبوء بالفشل، فتلك شعوب (المغول) قد إعتادت على قتال بعضها البعض.
بيد أنه توصل إلى الحل في تلك المعضلة، فقام بوضع نظريته الفكرية أولاً، والتي ترسخت في دستوره المعروف (إلياسا.
وبعد أن قرأ المغول الـ إلياسا، بدأوا يتوافدون إليه فرداً فرداً ليكونوا جنوداً مخلصين له، فكون بهم جيشاً غزا به العالم.
ليتحول جنكيز خان فيما بعدُ، إلى أسطورة في التاريخ، والفضل يعود إلى نظريته الفكرية الأولى دستور الـ إلياسا.
٤- جورج واشنطن
أما (جورج واشنطن) هذا الرجل الذهبي الذي وضع حجر الأساس لأقوى إمبراطورية في التاريخ، فقد كان أيضاً صاحب نظرية فكرية مفادها : الديمقراطية التي لا تعرف الأبدية في السلطة، ذلك إن أردنا حقاً مصلحة الأمة.
وتقاعد جورج واشنطن بالفعل بعد فترتين رئاسيتين، وسلم السلطة لخلفه (جون آدمز) بكل سهولة ويسر، ليرسخ القاعدة الديمقراطية التي لازالت تتبع حتى يومنا هذا.
وسيظل إسم جورج واشنطن أول رئيس لأمريكا لامعاً في التاريخ، وتكفي صورته التي لازالت على الدولار الذي يحكم العالم حتى تاريخه.
٥- أدولف هتلر
(أدولف هتلر) الذي كان زعيماً لدرجة العبادة، بغض النظر عن أنه كان سبباً في إبادة الملايين.
إلا أنه عندما صعد إلى السلطة، صعد بنظريته الفكرية، القائمة على الجنس الآري والنازية معاً، فنشر نظريته بين كُل أتباعه من حول العالم، وليس أوربا وحدها، إلى أن وصل الحال بأتباعه أنهم باتوا مستعدين لقتل أنفسهم، إذا ما طلب (هتلر) منهم ذلك.
وما كانت جرائم (هتلر) ستحدث، لو لم تكن قائمة على نظريته الفكرية.
وفي النهاية، فإن التاريخ كما يذكر الصالح، يذكر أيضاً الطالح.
وسيظل إسم (هتلر) يردد إلى مدى لا نعلمه.
٦- نيلسون مانديلا
أما (نيلسون مانديلا) ، فتعود شهرته إلى فكرته التي أسس عليها نظام حكمه، وهي العدالة الإنتقالية.
هذا الرجل الذي بدا من شخصيته أنه لا يسعى إلا إلى المصلحة العامة، من دون النظر إلى مصالحه الشخصية.
فـ إتخذ سياسة المصالحة أداة لبناء دولته التي أرادها في أحسن حال.
وبسبب فكرته وتطبيق نظريته، نال إحترام الجميع (العالم بأسره) ولازال إسم مانديلا يذكر وسيظل يذكره التاريخ.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت