يبدو أن مصر مقبلة على مرحلة جديدة، تغيير ليس بيد فئة معينة، وإنما تغيير نتيجة المؤثرات العالمية والدولية، والتي ليس لمصر قِبل بها.
مصر مقبلة على تغيير حتمي، نتيجة عدم قدرة نظام السيسي على مواجهة التحديات الإقتصادية القادمة، ذلك لأن المشكلة الإقتصادية لن تحل إلا بدماء جديدة.
دماء جديدة للحكم ذات جينات مدنية وليست عسكرية، ومع ذلك لا نبخس من حكم العسكر، والذي كان له حسنات، مثل أنه قد تحمل المسئولية الكاملة بعد قرارات رفع الدعم، وإزالة الكثير من العشوائيات، وأشياء أخرى.
إلا أن ضريبة حكم العسكر كانت باهظة الثمن في مجال الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأيضاً في عدم القدرة على رفع دخل المواطن البسيط.
والآن وفي ظل المتغيرات الدولية، فإن تغيير نظام الحكم بات ضرورة ملحة، وستعود الساحة السياسية من جديد إلى حلبة صراع على السلطة من قوى مدنية، وقوى أخرى مدنية مدعومة من النظام العسكري.
ستكون المرحلة القادمة صعبة نظراً لأن مرحلة ما بعد ٢٠١٣ كانت مرحلة دموية، كما كانت مرحلة (إفقار متعمد) للعديد من فئات المجتمع، فكم من مصادرات للأموال تمت للعديد من الحقوقيين والسياسيين، وكذلك رجال الأعمال، إن سنوات حكم السيسي تعد العجاف بالنسبة لشخصيات كثيرة تعد هي الأكثر تأثيراً خلال المرحلة القادمة، لأنها وحدها تعرف آلية تغيير الموازين في مراحل التحول السياسي، ولكن ...
الخطر كل الخطر إذا ما سيطر الإنتقام على محركي الأحداث خلال الأيام القامة.
أما عن أطراف الصراع فسيكون هناك فئات أربعة :
أولاً/ البكاؤون على عصر السيسي.
وهؤلاء سيدفعون ثمناً باهظاً، نظير ولائهم السابق.
ثانياً/ فلول الحزب الوطني.
وهم الذين يسعون إلى العودة والظهور على الساحة من جديد، مصطفين خلف أبناء الرئيس الراحل/ حسني مبارك.
ثالثاً/ المعارضون في الخارج.
إذ أنهم سيكونون أكثر الفرق قوة، نظراً للخبرة التي إكتسبوها من علاقات خارجية طيلة قرابة عشر سنوات مضت، أيضاً كانوا الأكثر قدرة على تحليل الأمور من خلال رؤية ثاقبة، ساعدهم في ذلك أنهم كانوا خارج المشهد السياسي الداخلي، أيضاً تنوع المعارضة في الخارج فيما بين أوربا وأمريكا، وكلا القارتين تؤثران بشكل مباشر على تحديد شكل نظام الحكم في مصر.
رابعاً/ المؤسسة العسكرية.
وهي التي ستسعى لنشر نفس الثقافة التي كانت في الفترة من ٢٠١١ حتى ٢٠١٣، بأنها لا تسعى إلى السلطة، وستكتفي فقط بالجانب التنظيمي، ولكن .. هل ستصدقها كافة الأطراف المتصارعة، أم ستكذبها هذه المرة، ستجيب الأيام القادمة عن هذا السؤال.
في النهاية أقول :
عبد الفتاح السيسي لم يكن أبداً يمثل نفسه، وإنما كان دوماً ممثلاً عن المؤسسة العسكرية، فإذا ما رحل عن السلطة، فسترحل معه المؤسسة العسكرية كاملة، وقد لا تعود أبداً للمشهد السياسي.
مصر مقبلة على عصر جديد، حكم المدنيين الحقيقيين بلا رتوش، فهل سيكون المدنيون على قدر المسئولية، أم أنهم سيفشلون ليعطوا الفرصة للمؤسسة العسكرية للعودة والعبور من عنق الزجاجة.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت