نظرات فى خطبة فضل لا إله إلا الله

رضا البطاوى البطاوى في الخميس ٠٦ - أكتوبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نظرات فى خطبة فضل لا إله إلا الله
الخطيب حسين آل الشيخ وقد استهلها بالحديث عن كون التوحيد هو أعظم مطلوبٍ وأكبر مقصود فقال:
"أمّا بعد:
فيا أيها المسلمون، اتّقوا الله جلّ وعلا يغفِر لكم ذنوبكم ويجِركم من عذاب أليم.
إخوة الإسلام، أجلُّ ما في الحياةِ تحقيقُ التعبُّد للهِ جلّ وعلا، ولأجل ذا فالتّوحيد أعظم مطلوبٍ وأكبر مقصود، فلا إلهَ إلا الله هي زُبدة دعوةِ الرسل وخلاصة رسالتهم، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]."
الغريب هو أن الخطيب لا يعبر عن التوحيد بالمعنى الذى قاله الله وهو عبادته وهو أى لفظ التوحيد هو تفسير للفظ العبادة ولكنه ام يرد فيما بين أيدينا من كتاب الله
الخطبة تدور حول كلمة التوحيد لا إله إلا الله وفوائدها وهو قول الخطيب :
""لا إله إلا الله" لها من الفضائل العظيمةِ والمزايا الكبيرة والثّمار النافعة والأجورِ الكريمةِ ما لا يمكن لأحدٍ استقصاؤه ولا لمخلوقٍ عدُّه، لها مِنَ الأجر العظيم والثّواب الكبير ما لا يخطُر ببالٍ ولا يدور في خيال، قال سفيان بن عُيينة رحمه الله: "ما أنعَمَ الله على العبادِ نعمةً أعظمَ من أن عرَّفهم لا إله إلا الله".
هي الكلِمة الطيّبة والقول الثابت والعروةُ الوثقى وكلِمة التقوى، من تمسَّك بها نجا، ومن فرَّط فيها هلَك، ففي الصحيحين أن النبيَّ قال: ((إنّ اللهَ حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغِي بذلك وجه الله)).
والحديث لو فسرناه على ظاهره لوجب دخول فرعون الجنة وحرم جسده على النار فقد قالها مبتغيا وجه الله وهو جنته أى رحمته ولكن الكلمة إذا اعتبرناها قول يلزمها الركن الثانى وهو العمل الصالح فلا إيمان دون عمل صالح ومن ثم تلازم ذكر الإيمان والعمل الصالح فى كتاب الله غالبا
وهذا هو ما فهمه الخطيب فقال ناقلا بعض الكلام:
"إخوةَ الإسلام، وهذهِ الكلمةُ العظيمة لها حقُّها وفرضُها، ولها شروطُها ولَوازِمُها، قيلَ للحسَن البصريّ: إنَّ ناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخَل الجنة، فقال: "مَن قال: لا إله إلا الله فأدَّى حقَّها وفرضَها دخل الجنة"، وقال وهب بن منبّه لمن سأله عن مفتاحِ الجنّة وأنه لا إله إلا الله، فقال: "بلَى، ولكن ما مِن مفتاحٍ إلا وله أسنان، فإن أتيتَ بمفتاحٍ له أسنان فتِحَ لك، وإلاّ لم يُفتَح". حينئذٍ ففرضٌ على كلِّ مخلوق القيامُ بحقيقةِ مدلولها والتطبيق لأساسِ مقصودها من إثباتِ الوحدانية لله جل وعلا ونفيِ الشركِ عنه سبحانه وتعالى.
هذه الكلِمةُ العظيمة "لا إله إلا الله" ليسَت اسمًا لا معنَى له، أو قولاً لا حقيقةَ له، أو لفظًا لا مضمونَ له، بل لها المَعنى العظيمُ والمفهوم الجَلِيل الذي هو أجلُّ من جميع المعاني وأعظَم من جميع المباني. إنها تضمَّنت معنى أساسيًّا هو أنَّ ما سِوى الله لا يُعبَد ولا يؤلَّه، وأنّ إلَهِيّة ما سواه أبطَلُ الباطل وأظلَم الظلم ومنتهَى الضّلال."
هنا ركز حسين الشيخ على معنى التوحيد وليس على ما يوجبه التوحيد وهو العمل الصالخ الذى طاعة واحد فقط هو الله
التوحيد أى العبادة أى الإسلام .......هو حكم أى وحى يلزم طاعته وليس مجرد معنى مستقر فى القلب لا يتبعه العمل الصالح وركز الرجل مرة أخرى على نفس المعنى دون ما يتبع القول فقال :
"كلمةٌ عظيمة لا تنفَع قائلها إلا حين يعرِف مدلولها نفيًا وإثباتًا، ويعتقِد ذلك ويعمَل به، من قالها وهو يعلَم علمًا جَازمًا أنه لا معبودَ حقٌّ إلا إلهٌ واحد هو الله جلّ وعلا لا شريك له. كلمةٌ تقتضي إثباتَ العبادة وإخلاصَها لله وحدَه واجتنابَ عِبادة ما سواه ونفيَ جميع أنواع العبادةِ عن كلِّ من سوى الله، على حدِّ قول الله جل وعلا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].
"لا إله إلا الله" اشتمَلَت على معنى عظيم، وهو أنّ العبدَ لا يقصد شيئًا بالتألُّه والتعبُّد والخضوعِ والتذلّل إلا للهِ الواحِد الأحَدِ، بتوحيدٍ نقيٍّ تخرُج النفس به مِن ظلمات الجهل، وترتفِع به من أوحالِ الشرك، وتتطهَّر به من دنَس الخرافات والأوهامِ. توحيدٌ خالِص يرتفع به الإنسانُ كريمًا من أن يخضَعَ لأيّ مخلوقٍ علَت مرتبته أو دنَت، يقول عزّ شأنه: وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5].
"لا إله إلا الله" معناها إفرادُ الله جلّ وعلا بالعبادة والبراءةُ الكاملة من عبادةِ كلِّ ما سواه من الشفعاءِ والأنداد، ولو كانوا ملائكةً مكرَّمين أو أنبياءَ مرسَلين، قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي [الزمر:11-14].
كلمةٌ ما أجلَّها، تتضمَّن الإقبالَ على اللهِ وحدَه خُضوعًا وتذلُّلاً، طمعًا ورغبًا، إنابَة وتوكُّلاً، دعاءً وطلبًا، رجاءً وخوفًا. فأهل "لا إله إلا الله" لا يصرِفونَ شيئًا مِن العِبادة والتديُّن لغير الله، فهم لا يسأَلون إلاّ الله، ولا يدعُون إلا إيّاه، ولا يتوكَّلون إلا عليه، ولا يرجُون غيرَه، ولا يذبحونَ ولا ينذُرون إلاّ له، ولا يَرجون كشفَ ضرٍّ ولا جَلبَ نَفعٍ إلاّ منه وحدَه، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162، 163]."
كل هذا الكلام يركز أولا وأخيرا على العقيدة القلبية مع أنه لا ينفع ألإنسان سوى الاثنين الإيمان وهو العقيدة مع العمل الصالح كما قال تعالى :
" وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
ثم قال :
"أخِي المسلم، "لا إله إلا الله" من شروطها العلم بمعناها المذكورِ آنفًا، فربُّنا جلّ وعلا يقول: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ [محمد:19]، ونبيُّنا محمّد يقول فيما رواه مسلم: ((مَن ماتَ وهو يعلَم أن لا إلهَ إلا الله دخل الجنة))."
والحديث باطل فالكفار معظمهم يدخلون النار وهم يعلمون أن الله واحد لا شريك له وفرعون علم بها ومع هذ1ا دخل النار فمجرد العلم العلم لا يوجب الجنة لأن الرسل(ص) عرفوا كل الأقوام الهالكة هذا المعنى ومع هذا دخلوا جميعا النار بعد إهلاك الله لهم
ثم قال :
"من شروطِها أن يكونَ قائلُها موقِنًا بها يقِينًا جازمًا لا شكَّ فيه ولا ريب، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا [الحجرات:15]، وسيِّد الخلقِ صلوات الله وسلامُه عليه يقول: ((أشهد أن لا إلهَ إلا الله وإني رسولُ الله، لا يلقَى الله بهما عبدٌ غيرَ شاكٍّ فيهما إلا دخَلَ الجنّةَ)).
مِن شروطها الإخلاصُ المنافي للشّرك والرّياءِ؛ بتصفيَةِ الأعمال والأقوال والأفعالِ وتَنقيَتها من جميعِ الشوائبِ الظاهرة والباطنَةِ، في صحيح البخاري أن سيد الخلق قال: ((أسعَد الناسِ بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه))"
والحديث ظاهر البطلان لأن الشفاعة وهى شهاده حق على من فى عصر محمد(ص) ليست لجزء من المؤمنين وإنما هى للأمة كلها كما قال تعالى :
ط وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
وقال :
" وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"
فشهادته هى للمؤمنين فى عصره وليس لمن آمن بعد موته لأنه هؤلاء يكون عليهم شهداء أخرين الله أعلم بهم
ثم تحدث عن العمل بالتوحيد فقال :
"من شروطِها ـ عبادَ الله ـ الصدقُ فيها باللسان والقلبِ والعمل، ففي الصحيحَين عن إمام الموحِّدين صلوات الله وسلامُه عليه أنه قال: ((ما مِن أحدٍ يشهد أن لا إلهَ إلا الله وأنّ محمّدًا عبده ورسوله صادقًا من قلبِه إلاّ حرّمه الله على النار)).
من شروطها المحبّة الكاملة لله ولرسوله والمحبّةُ لدينه وشرعِه، وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [البقرة:165].
مِن شروطها القَبولُ الكامِل لهذه الكلمة، قبولاً تامًّا بالقلب واللسان، مع الانقياد والقيام بشرعِ الله والإذعان لحكمه والتسليمِ الكامل لذلك، وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [لقمان:22].
فتوحيدُ الاعتقادِ يتبَعه توحيدُ العمل والاستقامَةُ في الاتّباع، فلا تقوم العقيدةُ بصفائها إلاّ حين يقارنها العملُ الصالح والإحسَان فيه، وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا [النساء:125]. فصاحب "لا إله إلا الله" مَشاعِر قلبِه وخلَجَات ضميرِه مرتبِطة بربِّه، مؤتمِرةٌ بأوامره، منتهية عن نواهيه."
وتحدث عن التوحيد بألفاظ اأرى تؤدى نفس المعنى وهو كونه حكم الله الذى يجب أن يطيعه كل مؤمن فقال :
"معاشرَ المسلمين، أمّةُ "لا إلهَ إلا الله" أمّةٌ مؤمِنةٌ باختِصاص ربها بالحكم، لا تنازع ربَّها في حكمه، مسَيطِرٌ دينُها على هواها، متغلِّب على النفوس وبواعثِها وغاياتها، الإسلامُ دستورُها ونِظامها، وهو مصدَر فخرِها وعزِّها، أمّةٌ خاضعة لربِّها، طائِعَة لخالقها، منقادَة مسلِّمَة لشريعة خالِقِها، إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ [الأنعام:57]، فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]."
ثم تحدث عن الهزائم التى نزلت بأهلنا فى هذا الزمان فقال :
"أمّةَ الإسلام، تمرُّ بديار الإسلام أزَماتٌ حادّة وفِتَن مدلهِمّة، وتحلُّ بهم بلايا كبرَى ونكباتٌ شتى، وما يحلُّ ومَا يقَع من نكَبات ما هو إلاّ سُنَن الله في الابتلاءِ والتمحيص، فربُّنا جلّ وعلا يقول: ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ [محمد:4]، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ [آل عمران:141].
فأهل "لا إلهَ إلا الله محمّد رسول الله" لا تزيدُهم الابتلاءَاتُ والفِتَن إلاّ إيمانًا صادقًا باللهِ وتَصديقًا محقَّقًا برسول الله وثَباتًا على الحقّ عقيدةً وسلوكًا ونِظامَ حياة، فربُّنا جلّ وعلا يقول: فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146]، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران:120]."
وتحدث عن أن التخلى عن ما يتبع الكلمة هو الهلاك الدنيوى والأخروى فقال :
"نعم، يعلَمون أنه التّخلِّيَ عن حقوقِ "لا إله إلا الله" وأنّ الانفصالَ عن ذلكَ خسَارةٌ مَا بعدَها خَسارَة، يدرِكون أنَّ ذلك هو الهلاكُ والفَناء، يستيقِنون أنّه لا حياةَ لأمة الإسلامِ إلاّ بالإسلام، بقاؤُها مرهونٌ بالمحافَظَة عليه، وفناؤُها راجِعٌ إلى التفريطِ فيه، يدوم عِزّها بدوامِه، ويضمحلّ باضمحلاله.
أمّةَ الإسلام، إنَّ الرابطة الحقيقيّةَ التي يجتمِع عليها أهلُ الإسلام فتجمَع المتفرِّق وتؤلِّف المختلِف هي رابطةُ "لا إله إلا الله محمّد رسول الله"، فعليها يجِب أن يوالُوا، وبها يحِبُّون، وبها تصبِح مجتمعاتهم كالجسَد الواحِد وكالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضًا."
وتحدث عن كون الكلمة هى التى تربط بين أهلها فقال :
"إنها رَابِطةُ العقيدةِ التي تَضمَحِلّ معها كلُّ وشيجَةٍ، وتتهاوى دونها كلُّ صِلَة، بها تتوحَّد الصفوف وتتألَّف القلوب، تجمَع القلوبَ المتنافِرَة، وتؤلِّف بين الشعوبِ المتناثِرَة. رابِطةٌ تتضاءَل أمامَها الشِّعارَاتُ القَبليّة والدعواتُ العنصريّة والانتماءات الحِزبيّة. رابِطةٌ مُقتضاها أن تحبَّ لأهلِ الإيمان ما تحِبّ لنفسك من الخَير على حدِّ قوله : ((لا يؤمِن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبّ لنفسه)) رواه البخاري، وفي لفظ: ((حتى يحبَّ لأخيه المسلم من الخير ما يحبّ لنفسه)) ، قال ابنُ حجَر رح: "الخيرُ كلِمة جامعة تعمُّ الطاعاتِ والمباحاتِ الدنيويّة والأخروية". ومِن ذلك ـ عبادَ الله ـ أن يبغِض المسلم لأخيهِ ما يبغِض لنفسه من الشرّ، يتألَّم لألمه، ويحزن لحزنه، قال : ((المسلِم من سلِم المسلمون من لسانِه ويدِه)) رواه البخاري."
والأحاديث السابقة باطلة فالمسلم المفروض أن يحب لأخيه ما يحبه الله لهما وليس ما يحب لنفيه خيرا كان أو شرا
وأما كون الإسلام سلامة المسلم من لسان المسلم ويده فقول باطل لأنه يقصر السلامة على المسلمين فقط بينما مطلوب سلامة المعاهدين وسلامة المخلوقات ألأخرى كما أنه يبيح إيذاء المسلم لغيره مسلما أو كافرا أو نوع أخر بالنظر والسمع والرجل والفرج
وأعاد الكلام بألفاظ ثالثة وهى كون التوحيد أخلاق وآداب ومبادىء فقال :
"إخوةَ الإسلام، للآدابِ والأخلاق صِلةٌ وثيقَة بعقيدةِ الأمّة ومبادِئِها، بل هي التّجسيدُ العَمَليّ لقِيَمها ومُثُلها، فأهل "لا إلهَ إلا الله" ذوو قِيَم عاليةٍ وأخلاقٍ نبيلة، لهم محاسِنُ لا تُجارَى وفضائِلُ لا تُبارَى، ذوو رحمةٍ وإحسان ورِفقٍ بالمخلوقِين، ذوو عَطفٍ وجودٍ وكَرَم وسَخاءٍ بجميعِ المسلمين، وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195]، وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة:83]. والرحيم المشفِق سيِّد الخَلق يقول : ((مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتعاطُفِهم وتراحمِهم كمَثَل الجسدِ الواحِد، إذا اشتَكى منه عضوٌ تداعى له سائِر الجسَد بالسَّهر والحمّى)).
أهل "لا إلهَ إلا الله" أهلُ عدلٍ وإنصافٍ وإصلاح، ولذا فكلُّ تصرّفٍ خَرَج عن العدلِ إلى الجَور وعن الرحمةِ إلى القَسوة وعن المصلحة إلى المفسدةِ وعن الحِكمة إلى العبث فليس من الإسلامِ في شيء، كما نصَّ على ذلك العلاّمة ابن القيم "وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]."
والغريب فى الكلام السابق أن يتحدث عن ابن القيم وكأنه الله فيجعل كلامه نصا بدلا من أن يكون النص هو كلام الله وهو كلام منافى للتوحيد فهو حتى لم يقل الرسول(ص) بالكلام المنزل عليه وإنما جاء بكلام إنسان لم ينزل عليه وحى حتى يكون كلامه نصا ؟
ثم أوصانا بتقوى الله وهى معنى رابع للتوحيد فقال :
"أمّا بعد: فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسِي بتقوى الله عزّ وجلّ، فهي وصيّة الله للأوّلين والآخرين"
وآتانا حسين الشيخ بما ليس من كلمة التوحيد وهو تسمية المسلمين أهل السنة والجماعة وهى ملمة اخترعها الفقهاء ولم ترد فى كتاب الله وحتى السنة التى يعتمدون عليها دون القرآن لم ترد فيها تلك التسمية إلا فى حديث قالوا عنه أنه منكر
وقد قال :
"إخوةَ الإسلام، مِن عقائدِ أهلِ السنة والجماعة تسميَتُهم أهلَ القِبلة مسلمِين مؤمنين ما دامُوا بما جاءَ بِهِ النبيّ معتَرفِين، وله بكلِّ ما قال وأخبر مصدِّقين، قال : ((من صلَّى صلاتَنا واستقبَلَ قِبلتَنا وأكل ذبيحَتَنا فذلك المسلِم، له ذِمّة الله وذمّة رسوله، فلا تخفروا اللهَ في ذمّته)) أخرجه البخاري.
ومِن عقائدِ أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفِّرون أحدًا من أهلِ القبلة يقول: "لا إله إلا الله" إذا أتى بذنب ما لم يستحلَّه، فمِن الإفكِ العظيمِ والبهتانِ المبينِ إطلاقُ التّكفير لأهل "لا إله إلا الله"، بدون برهانٍ من القرآنِ الكريمِ ولا منَ السنةِ المطهّرة وإجماع المسلمين المعتَبَر، فرسولنا يحذِّر من ذلكَ بقولِهِ: ((إذا قالَ الرّجل لأخيه: "يا كافر" فقد باء بها أحدُهم، إن كانَ كمَا قالَ وإلاّ رجَعت عليه)) متفق عليه."
وتسمية أهل القبلة لا تتعلق بالمسلمين وحدهم لأن كفار قريش والعرب كانوا يتجهون لنفس القبلة كما قال تعالى :
" وما كانت صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية"
ومن ثم هذا الاسم لو أخذناه كما قالوا لدل على المسلمين والكفار مها ومن ثم لا يجب أن يكفر كفار قريش طبقا لهذا الاسم
وهناك طوائف كافرة فى العالم تعتبر الكعبة هى قبلتها
وتحدث عن عدم تكفير المسلم فقال :
"ولأهل العلم في بيانِ قوله : ((وإلاّ رجعت عليه)) أقوال، أشهرها أنَّ ذلك محمولٌ على من استحلَّ التكفيرَ فيبوء حينئذٍ بالكفرِ، وقيل: المعنى: رجعَت عليه نقيصتُه لأخيهِ ومَعصيَةُ تكفيرِه إيّاه، وقيل: إنّ ذلك يؤول به أي: إنّ تكفيرَه لأخيه المسلم يبوء به إلى الكُفر؛ لأنّ المعاصي بريد الكفر، وقيل: معناه: فقد رجع عليه تكفيره؛ لكونه جعل أخاه المؤمنَ كافرًا، فكأنه كفرّ نفسه، إمّا لأنّه كفَّر من هو مثلُه، وإمّا لأنّه كفّر من لا يكفِّره إلاّ كافِرٌ يعتقِد بطلانَ دينِ الإسلام.
فاجتنِبوا التكفيرَ لأهل الإسلام ولأهل "لا إلهَ إلا الله"، ولا يخوض في ذلكَ إلاّ عالم ربّانيّ متمرِّسٌ على كتابِ الله جل وعلا وسنّةِ رسوله وعلى درايةٍ بإجماع المسلمين."
والتكفير كحكم لا يمكن تجنبه وإلا تسبب تجنبه فى الفوضى التى نعيش فيها فأصبح السارق والزانى والقاتل وكل من يرتكب المعاصى عند القوم مسلم وهو كافر حتى يتوب من جرمه
التكفير كحكم مرتبط بالقضاء ولكن من يثبت تلك الجرائم هم الشهود على من فعل الجرم
وتحدث عن أن كلمة التوحيد تعصم صاحبها من القتل فقال:
"إخوةَ الإسلام، "لا إله إلا الله" كلمَةٌ عظيمَة تعصِم قائلَها من أن يُسفَك دَمه أو يُهدَر ماله أو يُهتَكَ عِرضُه، قال : ((لا يحِلّ دمُ امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدَى ثلاث: الثيِّب الزاني، والنّفس بالنفس، والتارِك لدينه المفارق للجماعة)) أخرجه الشيخان"
والحديث باطل فالزانى عقابه الجلد كما نص كتاب الله :
" الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"
والزناة جميعا لهم توبة ولو اعتبرنا هذا الحديث شرح لقوله تعالى فى اتيان زوجة من زوجات النبى(ص) الزنى فكيف يتم تطبيق القتل عليها مرتين ؟وكيف نعاقب الأمة أو العبد الزناة بنصف العقوبة وهى القتل ولا وجود لنصف موت
ثم قال :
|وعن أسامةَ بن زيد رضي الله عنه قال: بعَثَنا رسول الله إلى الحُرَقَة من جُهينة، فصبَّحنا القومَ فهزمناهم، ولحِقتُ أنا ورجلٌ من الأنصارِ رَجلاً مِنهم، فلمّا غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكفَّ عنه الأنصاريّ وطعنته برُمحي حتى قتلتُه، فلما قدِمنا بلَغ ذلك رسولَ الله فقال لي: ((يا أسامة، أقتلته بعدَما قال: لا إله إلا الله؟!)) قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إنما قالها خَوفًا من السلاحِ، قال: ((أفَلا شققتَ عن قلبِه حتى تعلمَ ذلك))، فما زال يكرِّرها عليَّ.. الحديث أخرجه مسلم، وفي لفظٍ آخَر أنَّ رسولَ الله قال: ((فكَيف تصنَعُ بلا إلهَ إلا الله إذا جاءَت يوم القيامة؟!))؛ ولهذا قال محذِّرًا من حملِ السلاح على أهل "لا إله إلا الله": ((من حمَل علينا السلاحَ فليس منّا)) ، وفي لفظٍ: ((مَن سلَّ علينا السلاحَ علينا فليسَ منا)) رواه مسلم."
وبالقطع هذا الحديث صحيح المعنى فى روايته الأولى وهو ما طالب الله فيه بالتبين قبل القتل
وكرر وصية التقوى فقال :
"فاتَّقوا الله عباد الله، والتزِموا بحقائقِ "لا إله إلا الله"، وعظِّموا فروضَها، والتزموا بشروطها؛ تسلَموا وتفوزا وتغنَموا دنيًا وأُخرى"
اجمالي القراءات 1851