ف 8 : الصلاة ( 2 ) يجوز للمرأة أن تؤم الرجال فى الصلاة ، طالما لم يرد فيه تحريم
آحمد صبحي منصور
في
الثلاثاء ٢٧ - سبتمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
ف 8 : الصلاة ( 2 ) يجوز للمرأة أن تؤم الرجال فى الصلاة ، طالما لم يرد فيه تحريم
القسم الأول من الباب الثالث : عن تشريعات المرأة التعبدية بين الاسلام والدين السنى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 8 : الصلاة ( 2 ) يجوز للمرأة أن تؤم الرجال فى الصلاة ، طالما لم يرد فيه تحريم
أولا :
عن الشافعى الذى جعل نفسه إلاها مع الله جل وعلا .!
1 ـ ( مالك بن أنس ) لم يتعرض للموضوع فى كتابه "الموطأ".
2 ـ بدأ الشافعي إثارة هذه القضية ، تحت عنوان " إمامة المرأة للرجال" فأجاز إمامتها في الصلاة للنساء ، وقال بعدم جواز أن تكون المرأة إماما للذكور في الصلاة أبداً ، لأن الرجال قوامون على النساء وهم أولياء على النساء.
3 ـ وما ذكره الشافعي يتفق مع بعض أخبار أوردها ابن سعد فى الطبقات الكبرى عن قيام السيدة عائشة بإمامة بعض النساء ، وأيضا السيدة ام سلمة من أمهات المؤمنين . ولكنه لا يتفق مع رواية أخرى في التأريخ لأم ورقة التي كانت قد أسلمت وبايعت النبي ،وأمرها النبي أن تؤم اهل دارها ، وظلت إمامة لأهل بيتها من الرجال والنساء والعبيد إلى أن قتلها بعض عبيدها في خلافة عمر وهربا ، فأمر عمر بقتلهما وصلبهما في المدينة ، فكان اول من حكم بالصّلب في المدينة ، على حد قول ابن سعد ، وتلك ملابسات نفهم منها أن إمامة المرأة لأهل بيتها من الذكور والإناث جائزة ، فالإمام في الصلاة ينبغي أن يكون الأكثر حفظا للقرآن وإقامة للصلاة فى تقواه وسلوكه بغض النظر عن جنسه ذكراً او انثى..
4 ـ ولكن الشافعى إمتد تأثيره قرونا بعده ، وحتى الآن . ونتوقف معه بالمناقشة :
4 / 1 : عن صلاة الجمعة قال": ولا تجمع امرأة بنساء لأن الجمعة امامة جماعة كاملة، وليست المرأة ممن لها أن تكون امام جماعة كاملة." "الأم 1- 171 " أى لا تصح لأمرأة أن تقيم صلاة جمعة حتى لو كانت للنساء فقط لأنه ليست للمرأة ان تكون اماما لأى جماعة.
الشافعى لم يستدل بآية ولا حتى بحديث من الأحاديث الكاذبة التى ملأ بها كتابه ، واكتفى باستدلال عقلى هو أنه لا يجوز للمرأة أن تكون أماما لجماعة كاملة. وهى عبارة ركيكة تحمل وجهة نظر ذكورية متحيزة، والرد عليه سهل من القرآن والتاريخ . القرآن الكريم ذكر أن امرأة كانت ملكة لسبأ، كانت تملك قومها وأوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم ، واعترف لها الملأ من اتباعها قائلين : " قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) النمل ) .نحن هنا امام امرأة مستبدة تقود جماعة شعبا ، وقد ذكر رب العزة جل وعلا قصتها وجاء وصفها بأنها تملك قومها وقد أوثيت من كل شىء ولها عرش عظيم ( النمل 23 )، مع إشارة لحنكتها بحيث أسلمت فى النهاية . هذا بينما تكرر القصص القرآنى فى ذكر مستبد آخر ، لكنه من الذكور وصل به استبداده الى ادعاء الالوهية ومطاردة اثنين من انبياء الله تعالى وقومهما المضطهدين ، فاستحق اللعنة والغرق وصار مثلا لكل مستبد يهلك نفسه وشعبه ودولته. أنه فرعون الذى لا يتعظ بسيرته المستبدون العرب ، الذين لم يصل واحد منهم الى حكمة المستبدة العربية الحسناء بلقيس فى العصور القديمة ، مما يؤكد انهم تأخروا بنا للوراء عشرات القرون من الزمان.
جدير بالذكر ان شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى كان قد أفتى بأن المرأة من حقها ان تترشح لرئاسة الجمهورية وهذا اجتهاد جميل نشكره له ونشجعه عليه، وان كان قد جاء متأخرا بحكم العادة، اذ سبقناه ونشرنا بحثا أثار ضجة فى حينه لأنه يحمل عنوانا جريئا يقول " حق المرأة فى رئاسة الدولة الاسلامية" وبعد اذاعته فى ندوة عالمية فى القاهرة كانت تحت رعاية الدكتورة نوال السعداوى ، وبعد ترجمته الى الانجليزية - نشره مركز القاهرة لحقوق الانسان فى دورية "رواق عربى" سنة 1999 . السؤال هنا : اذا كان للمرأة أن تكون اماما فى الحكم وقيادة المسلمين – برغم أنف الامام الشافعى – ألا يصح لها أن تؤمهم فى الصلاة؟
قد يقول قائل : ان امامة السياسة غير امامة الصلاة . وأقول انه فى الدين السنى لا فارق بين الاثنين ، فالخليفة الحاكم المستبد هو الأمام أيضا فى الصلاة. بل انها مهمته الأولى ، وهى أيضا كانت مهمة الولاة فى الأقاليم ، فوالى الصلاة هو الوالى السياسى الحاكم ، ومن هذا الترابط اكتسب الحاكم السياسى لقب الامام فى كتب الفقه بالذات ، حيث يطلق لقب للامام على الحاكم السياسى ، ومنه فتواهم الشهيرة بأن للإمام ان يقتل ثلث الرعية لاصلاح الثلثين .
4 / 2 : نرجع الى الشافعى فى الرد عليه بالقرآن لنقول ان الله تعالى ضرب مثلا أعلى لكل المؤمنين – رجالا ونساء - فى كل عصر بامرأتين هما امرأة فرعون والسيدة مريم عليهما السلام .كما ضرب أسوأ مثل للبشرية – أيضا – بامراتين هما زوجة نوح وزوجة لوط عليهما السلام. أى ان المراة هى مثل أعلى فى الخير والشر بغض النظر عن زوجها. كان الزوج مستبدا احمق – مثل فرعون – بينما كانت زوجته اماما للمؤمنين . كان الزوج نبيا عظيما وكانت زوجته على النقيض خائنة له. القرآن ذكر هذين المثلين ليدل على استقلالية المرأة بذاتها واستحقاقها أن تكون قدوة فى الخيرأو فى الشر. والامامة هى أن يكون الامام قدوة للمأموم فى الصلاة. .
4 / 3 : ثم كيف ننسى أن أول من قاد جيشا فى حرب أهلية كانت إمرأة ، وهى عائشة . وإمامة إمرأة لجيش من الرجال فى حرب أكثر خطورة من إمامتها لبعض رجال فى الصلاة .
5 ـ نعود للشافعى وهو يصدرأحكامه التشريعية على امامة المرأة فى صلاة الجماعة العادية ، يقول:" ولا يجوز أن تكون أمرأة إمام رجل فى صلاة بحال أبدا " ويرى انه يجوز لها أن تؤم النساء فقط ، وانه من صلى وراءها من الرجال والصبيان لا تصح صلاته. واستدل بقوله تعالى "الرجال قوامون على النساء " وان النساء ممنوعات من أن يكن أولياء (كتاب الأم للشافعى "1"- 145" ط. الشعب . القاهرة)
5 / 1 : الشافعى هنا يخلط الأوراق . فلا قوامة للرجل على زوجته اذا اشترطت الزوجة ذلك فى عقد الزواج . وهى عموما مشروطة فى القرآن بالانفاق عليها من الزوج ، والقوامة لا تعنى التسلط الزوجى وانما الرعاية والمسئولية بالانفاق عليها ، وهى شأن مختص بعلاقتهما الزوجية لا شأن له بالصلاة التى هى علاقة بالله تعالى ، والامام فى الصلاة يجب أن يكون الأفضل فى قراءة القرآن والأكثر أقامة للصلاة والأكثر التزاما بالخلق القويم – اى شروط موضوعية فى امامة المصلين وليست شروطا نوعية جنسية . وعلى أى حال ماذا يكون الحكم اذا كان الزوج من نفس نوعية فرعون موسى وكانت زوجته من نوعية امرأة فرعون واراد الزوج أن يصلى ، هل يؤم زوجته وهو لايجيد سوى العصيان ؟
أما قول الشافعى بحرمان المرأة من الولاية فقد سبق الرد عليه قرآنيا وتاريخيا.
6 ـ الا ان المضحك فيما يقوله الشافعى فى نفس الصفحة وهو يشرع امامة المرأة للنساء فقط : " تؤم المرأة النساء فى "الصلاة" المكتوبة وغيرها، و( آمرها ) أن تقوم فى وسط الصف . وان كان معها نساء كثيرات ( أمرت ) أن يقوم الصف الثانى خلف صفها، وكذلك الصفوف . وتصفهن صفوف الرجال اذا كثرن". هنا تشريع جديد ( يأمر ) به الشافعى النساء ويجعله تشريعا كما لو كان الاها مع الله تعالى . واضح اذن انه شرع الشافعى وليس شرع الله تعالى لأن الذى يأمر وينهى ويبتدع ويخترع فى الدين هو الشافعى وهواه الشخصى .
ثانيا :
بعد الشافعى
1 ـ المضحك اكثر ان الفقهاء الآخرين من اتباع الشافعى ومن اتباع المذاهب السنية الأخرى ساروا على نفس طريق الشافعى يصدرون الأوامر التشريعية التى تعبر عن أهوائهم وغرائزهم ويجعلونها شرع الله تعالى!!
2 ـ تعالوا بنا الى السفر الضخم :"الفقه على المذاهب الأربعة " 1-409 ، 384-385 "ط. القاهرة 1970.) وقد جمع فيه الشيخ الجزيرى الراجح فقط من اقوال فقهاء المذاهب الأربعة فى عصور الآزدهار الفكرى متجاهلا التخلف الفقهى فى العصر العثمانى والذى لا يزال يتم تدريسه فى الأزهر ، وفيه من بذىء القول وانحطاط الفكر ما يخجل منه سيدهم ابليس نفسه!!
3 ـ عن حضور المرأة لصلاة الجمعة يلخص الكتاب آراء المذاهب . ونحن ننقلها عنه ونعلق عليها :
3 / 1 : ( الحنفية قالوا ان الأفضل للمرأة أن تصلى فى بيتها الظهر بدل الجمعة لأن الجمعة لم تشرع فى حقها). أقول هذا خطا لأن الأمر بصلاة الجمعة جاء عاما للجميع من ذكر وانثى شأن كل العبادات .
3 / 2 : وقال المالكية (اذا كانت المرأة عجوزا لم يعد فيها للرجال مطمع يجوز لها حضور صلاة الجمعة. اما اذا كانت عجوزا لا يزال فيها مطمع للرجال فيكون مكروها لها حضور صلاة الجمعة. ويحرم عليها حضور صلاة الجمعة اذا كانت شابة وخيف من حضورها افتتان الرجال بها فى طريقها أو فى المسجد.) ونقول ما هو معيار افتتان الرجال بالمرأة العجوز أو بالشّابة؟ وما هو مقياس مطامع الرجال فى هذه أو تلك ؟ هل نقيم للنساء مسابقات جمال ليحكم الرجال على من فيها مطمع ومن زالت عنها المطامع الجنسية وعليها أن تقدم استقالتها من عالم الأنوثة والإشتهاء الجنسى ؟ وما شأن ذلك كله بعبادة الصلاة وهى المفروض ان تسمو بالناس وتجعلهم يفكرون فيما يسمو عن الغرائز ؟ وهل يذهب المؤمنون الى المسجد للصلاة أم الى كازينو للرقص جماعة على أنغام الديسكو ؟
3 / 3 : قال الحنابلة (يباح حضورها صلاة الجمعة بشرط ان تكون غير حسناء. أما اذا كانت حسناء فانه يكره لها الحضور). المشكلة ان كل انثى ترى نفسها حسناء ، وأن كل أنثى لا تخلو من حُسن. وان أذواق الرجال فى جمال النساء يختلف من رجل لآخر. فأين المعيار وكيف نطبقه، وهل نعلق على كل مسجد قائمة باسماء الحسناوات الممنوعات من الدخول وبجانبه اعلان آخر يرحب بالقبيحات المؤمنات ؟ وهل اذا أرادت حسناء ان يزداد ايمانها بحضور صلاة الجمعة فنقول لها : عيب ياحلوة يا مُزّة ، روحى الديسكو أحسن حتى لا تغرى جموع الأبرار فى المسجد ؟؟!!
3 / 4 : جاء الشافعية بتفصيلات " مفيدة" ، قالوا ( انه مكروه حضورها ان كانت مشتهاة - أى يشتهيها الرجال – حتى لو كانت فى ثياب رثة. اما اذا لم تكن مشتهاة ولكن تزينت وتطيبت وتعطرت فيكون مكروها أيضا حضورها صلاة الجمعة. وفى كل الآحوال يشترط الشافعية لحضور المرأة صلاة الجمعة شرطين: اذن ولى الأمر ، وألا يخشى من ذهابها افتتان أحد بها. وإلا يحرم عليها الذهاب الى صلاة الجمعة). المستفاد من كلام الشافعية انه لا بد لمن تريد صلاة الجمعة فى المسجد أن تثبت أنها قبيحة أو عجوز ، وأنه لا يجوز للمرأة القبيحة أو العجوزالتى لا يشتهيها الرجال ان تذهب للمسجد الا وهى فى حالة يرثى لها – آخر بهدلة – ثم لا يكفى هذا بل لابد أيضا أن تاخذ تعهدا مسبقا على الرجال الأبرار فى المسجد ألا يفتتن بها أحد اذا جاءت ، ثم تستجدى ولى أمرها لكى يسمح لها بالذهاب للمسجد لصلاة الجمعة. لا يهم أن يكون اصغر سنا منها أو أن يكون ابنا لها، المهم أن يكون ذكرا يستطيع أن يقهرها بالفقه وبالمجتمع الذكورى المتخلف معه.
الواضح ان اولئك الفقهاء مهووسون بالمراة جنسيا لا يرون فيها الا عورة يجب اخفاؤها بين ملابسهم الداخلية حتى لا يراها غريب.
4 ـ الشىء الغريب أن عصر الازدهار الفقهى ـ من القرن الهجرى الثالث وما تلاه ـ كان عصر الشذوذ الجنسى بالصبيان والغلمان و ( المُردان )، إشتهر به خلفاء وقضاة وسلاطين وشعراء ، بل جعله التصوف دينا وطريقا للعبادة . وتحولت بعض المؤسّسات الدينية الى أوكار لهذه الممارسات الشّاذة . ولنا أبحاث فى هذا منشورة . مع هذا فلم يتعرض أحد من الفقهاء الأبرار لحظر دخول المفعول بهم الى المساجد وحضور الصلوات . ربما خوف الاحتجاج عليهم من الكثرة الكاثرة من الأبرار مدمنى الشذوذ الجنسى فى بيوت العبادة وغيرها .
لمجرد التذكير ولاثبات أن كُفر المحمديين وصل الى الحضيض ، نقول إن قوم لوط ـ الذين أهلكهم الله جل وعلا ـ ارتكبوا الشذوذ ، ولكن لم يجعلوه دينا . !
أخيرا
طالما لم يرد فى القرآن الكريم منع للمرأة أن تؤم الرجال فهو مباح . والذى يقوم بتحريم المباح فهو كالشافعى يأمر وينهى فى دين ( ملاكى ) يملكه ويفرضه على الناس .