اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(3).الأعراف.
عزمت بسم الله،
لقد أراد الله تعالى أن يجعل في الأرض خليفة، فأخبر الملائكة ( الجن) الذين خلقهم من قبل. وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ. الحجر 27. قال سبحانه: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. في نظري، الخليفة هي للملائكة ( الجن)، لأنهم احتجوا على ذلك بأنهم يسبحون بحمد ربهم ويقدسونه. قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(30).البقرة. لكن إرادة الله تعالى اقتضت أن يخلق الإنسان من صلصال من حمإ مسنون، والجان ( الملائكة) خلقهم من قبل من نار السموم. وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ*وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ الساجدين 26/31 الحجر. والأمر بالسجود لما خلق الله تعالى ( البشر) كان موجها للملائكة وكان إبليس ضمن الملائكة قبل أن يمتنع عن السجود ويعصي أمر ربه فيلعنه الله تعالى ويصبح شيطانا مريدا.
وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ(15).الرحمان.
بعد أن خلق الله تعالى الجن والإنس أرسل رسلا مبشرين ومنذرين، ليبلغوا لهم رسالات ربهم، المتمثلة في أوامر ونواهي، وينذرونهم لقاء ربهم يوم القيامة والفرقان، قال رسول الله عن الروح عن ربه: يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ(130).الأنعام. يوم القيامة سيشهد الجن والإنس أنهم كانوا كافرين بما أنزل الله تعالى عليهم مع الرسل من البينات والهدى. إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ(33).آل عمران. فكل الأنبياء والرسل من لدن آدم ونوح إلى محمد عليهم السلام جميعا، كانوا يدعون إلى الإسلام لله تعالى، وتوحيده والعمل الصالح، وحذر الله تعالى أن يُشرك به. إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا(116).النساء.
لقد ختم الله تعالى الرسائل المنزلة مع خاتم الأنبياء محمد عليه السلام، وهو القرءان العظيم الذي كان مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه. وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(48).المائدة.
وفي عهد تبليغ الرسول لرسالة ربه كان المترفون من قوم محمد الكافرون بما جاء به من الحق ( القرءان) يقولون: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون. وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مقتدون. 23 الزخرف.
وبعد وفاة النبي بدأت الفتن والتصارع من أجل الحكم، فخلف من بعد الرسول خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات. فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا(59).مريم. وبقي ذلك إلى يوم الناس هذا، فأكثر الناس اتبعوا لهو الحديث مما كتبت أيدي البشر، مما افتُري على الرسول أنه قال، أو فعل أو أَقرَّ، وهجروا القرءان الذي هو أحسن الحديث، فجعل الله تعالى على قلوبهم أكنة أن يفقهوا القرءان، وأصبح أتباع القرءان وحده الهاجرين للهو الحديث يشار إليهم بأنهم كفار، لكنهم يعترفون بأنهم قرءانيون والحمد لله تعالى أنهم وصفونا بالقرءانيين وشهدوا على ذلك، لأن الرسول محمد عليه السلام كان قرءاني وبلَّغ ما نُزِّل إليه وهو القرءان، ولم يتقول على الله تعالى أبدا، لأنه لو فعل لأخذ الله تعالى منه باليمين ثم لقطع منه الوتين، والله سبحانه يقول في شأن هاجري القرءان: وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا(46).الإسراء. وأخبرنا الله تعالى بما يقول الكافرون بالقرءان: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ*فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ*ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ*وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنْ الْأَسْفَلِينَ.26/29.فصلت. قال الذين كفروا (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ). وهذا ما يفعله أهل لهو الحديث، فهم يقدمون ما كتبت أيدي البشر على القرءان وذلك هو اللغو ولهو الحديث المنهي عنه.
لنستعرض بعض آيات الله تعالى التي تؤكد أن الرسول بلغ ما نزل إليه ولم يتقول على الله تعالى، رغم محاولة قومه أن يأتيهم بقرءان غير هذا أو يبدله، فكان الجواب من الله تعالى قائلا:
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(15).يونس. وهذا من الأدلة التي لم يتقول الرسول على الله تعالى أبدا، بل كان يبلغ القرءان كما أنزل عليه. نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الْغَافِلِينَ(3).يوسف.
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ(7).الشورى.
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ(31).فاطر.
لقد حذر الله تعالى رسوله من قومه أن يفتنوه عن الذي أوحي إليه، ليفتري غيره ليتخذوه خليلا.
وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا(73).الإسراء.
وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا(86).الإسراء.
كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَانِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ(30).الرعد.
إن القرءان العظيم والكتب المنزلة نورا وهدى للمتقين يهدي الله تعالى بها من يشاء من عباده المخلصين. وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(52).الشورى.
خلاصة القول لقد أرسل الله تعالى آخر الرسائل ( القرءان) وتولى حفظه بقدرته من عبث العابثين، والكتاب الذي سوف نحاسب على ما جاء فيه من أمر ونهي، ولن نحاسب على كتب البشر المختلفة، والمخالفة للقرءان في كثير من الأحيان، وإن كتب البشر دونت لتضل الناس عن الصراط المستقيم وتبعدهم عن نور الله تعالى وصراطه المستقيم المتمثل في أحسن الحديث.
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(23).الزمر. وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ(55).الزمر.
اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(3).الأعراف.
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا(125).النساء.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.