مقدمة
قام سبعون من رجال الدين السعوديين بتكفير د.ميرفت التلاوى الدبلوماسية والوزيرة المصرية السابقة والتى تشغل حالياً منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ،وسبب التكفير ورفع الشكوى لكوفى عنان هو أنها تهجمت على الإسلام وعلى أبى هريرة كمايدعون وهذا يعد كفراً صريحاً من وجهة نظرهم يستدعى تطبيق حكم الردة .
لو كانت الدكتورة ميرفت مواطنة سعودية لقتلوها بدون الحاجة للجوء للأمم المتحدة ، فتطبيق حد الردة وحد الرجم ضمن التطبيقات الوهابية التى يتم تنفيذها رسميا مع مناقضتها للاسلام. ولكن لأن الدكتورة ميرفت مواطنة مصرية وشخصية عالمية مرموقة وفوق ذلك تشغل منصبا رفيعا فى الأمم المتحدة يتشرف به العرب والمسلمون العقلاء ، ولأنها تتكلم فى حقائق الاسلام بما يخالف الوهابية وتناقش آلهة الوهابية المقدسين الذين هم فوق مستوى البشر وتعتبرهم بشرا يمكن مناقشتهم والاختلاف معهم – بسبب ذلك كله أصبحت عندهم مرتدة لكن لا يمكن اقامة حد الردة عليها لأنها ليست فى متناول ايديهم . وجاء الحل الوهابى العبقرى بنظرته المتدنية للمرأة ، وهو شكوتها الى "ولى أمرها" ليقيم عليها العقاب ، ولا بأس من استغلال النفوذ واستعمال قوة الريال والدولار كما يحدث فى اضطهاد المفكرين المسلمين المصريين داخل بلادهم بقوة ريالات النفط . المهم انه فى التأصيل الوهابى لديهم لابد من اللجوء الى الحسبة لتنفيذ حد الردة. أى يقومون بالشكوى احتسابا لدى السلطة الأخرى لكى تقيم العقاب الذى لا يستطيعون اقامته فى الخصم الذى سفه احلامهم وانتقد ما وجدوا عليه آباءهم.
لم يعرف الشيوخ الأفاضل أن الأمم المتحدة ليست نظم الحكم الصديقة فى البلاد العربية ، لا يعرفون أنها تمثل ضمير العالم وقلعته المتقدمة فى حماية حقوق الانسان ممن ينتهكها. والوهابيةالسعودية ونظمها الصديقة هى المتهم الأول فى انتهاك حقوق الانسان وكرامته. لم يعرف الشيوخ الأفاضل أنه ليس فى الأسلام مايعرف بحد الردة أو بالحسبة بالمفهوم التراثى والوهابى، وانهم بالتالى أحوج الناس الى فهم حقائق الاسلام الذى يزعمون الانتماء اليه .
لا نتصور أنهم فعلوا ذلك لكى يقوم السيد كوفى عنان ممثلا عن المجتمع الدولى بتطبيق حد الردة المزعوم على الدكتورة ميرفت التلاوى – وهى أحدى الثمرات الحية للتطور الحضارى للمرأة المصرية المسلمة قبل أن يفلح الوهابيون المصريون فى تعبئة ملايين المصريات فى أكياس النقاب – انما التصور الواقعى لهذه الشكوى المسمومة يصب فى اتجاهين : الأول هو ارهاب الحركة النسائية عموما فى الوطن العربى والاسلامى ، وارهاب الحركة النسائية الوليدة فى السعودية وتوابعها ،ارهاب الجميع حتى لا يصل اجتهادهم أو طول لسانهم الى مناقشة التدين الوهابى وثوابته. الاتجاه الثانى هو استباحة دم الدكتورة ميرفت التلاوى بالطريقة التقليدية المتبعة فى توزيع الأدوار بين الجناح الفقهى للارهاب – الذى يتولى اصدار فتاوى القتل بتهمة الردة – والجناح العسكرى الذى يتولى التنفيذ. ولا ضير من أن يصدر الشيوخ فيما بعد اعلانات الشجب والاستنكار وأن يتحدث بعضهم عن سماحة الاسلام بعد أن يتوضأوا بدم الضحية كما قلت فيما سبق فى جريمة اغتيال فرج فودة.
لقد قام مفكرون مسلمون وعرب بحملة لمساءلة أولئك الفقهاء – فقهاء الدم – أمام الأمم المتحدة ، والبيان لا يزال مطروحا للمزيد من المثقفين المسلمين للتوقيع عليه قبيل تقديمه للأمين العام كوفى عنان الذى سيجد بنفسه وثيقة أقوى تدين اولئك الفقهاء ، هى تكفيرهم للدكتورة ميرفت وما يعنيه هذا التكفير المعلن من الدعوة المفتوحة لاغتيالها باسم الاسلام والجهاد .
الرد المطلوب من الأمين العام للأمم ا المتحدة هو
1- أن يعتبر أولئك الفقهاء مسئولين مسئولية جنائية بالتحريض على القتل والاغتيال حتى اذا لم يحدث مكروه للسيدة الدكتورة ميرفت التلاوى, لأن ما قاموا به يدخل فى نطاق الجريمة حتى لولم بنتج عنه فعل ايجابى بالقتل ، ثم ان الأمر يتعدى دائرة التحريض على القتل الى الاتهام بالكفر والاساءة الى السمعة والتحقير للدكتورة بما لها من وزن ومكانة وسمعة طيبة على كل المستويات المحلية والمصرية والعربية والاسلامية والدولية. انهم قد الحقوا ضررا محققا بسمعتها بما يماثل الاغتيال المعنوى وهذه جناية لا بد لها من عقاب .
2- يرد على أولئك الفقهاء الارهابيين بمواثيق الأمم المتحدة فى حرية الرأى والفكر والأعتقاد .
3- وأن يعضد الدعوة التى يرفعها المسلمون الأحرار لمساءلة فقهاء الدم باعتبارهم مسئولين مسئولية جنائية بالتحريض على قتل الضحايا – الضحايا القتلة والضحايا المقتولين .
4- وأخيرا أن يطلب من اولئك الشيوخ أن يبدءوا بمعرفة الاسلام وليس التشريع الوهابى المناقض للاسلام .
لقد كتبت مقالات عديدة فى نفى حد الردة ، ثم كتبت فى ذلك كتابا خاصا سيكون- ان شاء الله تعالى - بين يدى القارىء على هذا الموقع. وحين ثارت قضية التفريق بين الدكتور نصر حامد أبو زيد وزوجه اصدرت العديد من المقالات فى موضوع الحسبة تلاها كتاب مستقل عن الحسبة. وحين اتهموا الدكتورة نوال السعداوى بالكفر وطالبوا بالتفريق بينها وبين زوجها كتبت هذا المقال ونشرته فى حينه جريدة سواسية التى يصدرها مركز القاهرة لحقوق الانسان. كان آخر مقال لى فى هذا الموضوع.
ولأن مرض الحسبة يتجدد الآن فى قصة الدكتورة ميرفت التلاوى فلا بد من التذكير بهذا المقال على أمل التنوير وليس التكفير .
د . أحمد صبحى منصور
فبراير 2005
مرض الحسبة
مثل مرض الحصبة ،نجد الحسبة مرضا اخر قابلا للعدوى والانتشار والتكرار ، خصوصا في مناخ عام بالغ السوء .
ومثل مرض الحصبة فان مرض الحسبة من أمراض الطفولة العقلية ، ومثل أى مرض فانه يحتاج الى توصيف وتوضيح وتعليل ..وعلاج.
توصيف الحسبة
بعيدا عن التعريفات الفقهية فان واقع الحسبة يقول ان نفرا من البشر زعموا لانفسهم تفويضا الاهيا يحكمون من خلاله على خصومهم في الفكر والاعتقاد ، ويستغلون هذا التفويض الالهي المزعوم لتحقيق اطماع سياسية تبدا بارهاب الخصوم في الفكر الديني والسياسي وتنتهي بالوصول السلطة السياسية .
توضيح الحسبةـ
هل للحسبه موقع في حقائق الاسلام؟
وفي حقائق الاسلام فانه لا وجود للحسبه في حقوق الله تعالى ،وان يكن لها وجود في حقوق العباد .
وتوضيح ذلك ان الفقهاء قسموا الحقوق الى قسمين ،حقوق الله :فى العقيدة أي الايمان بالله تعالى الاها واحدا لا شريك له ولم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ،وليس له ولي ولا ولد ولا شفيع .و حقوقه تعالىفي عبادته تعالى وحده بالصلاه والزكاه والحج والصيام والذكر والتسبيح ..هذه هي حقوق الله تعالى على العباد .وهذه الحقوق لا محل فيها للحسبه ، لانها تستلزم الاخلاص القلبي الذي لا يحكم عليه الا الله تعالى الذي يعلم خائنة العين وما تخفي الصدور ،ومن هنا فان الله تعالى وحده هو الذي شاء ان يكون البشر جميعا احرارا في الايمان او في الكفر, ومنع الاكراه في الدين أي لا اكراه في دخول الاسلام ،ولا اكراه في الخروج منه، ولا اكراه في تأدية عباداته الى ان ياتي يوم الدين او يوم القيامه ،وحينئذ ياتي الاختبار بعد هذا الاختيار .
ولا نبالغ اذا قلنا ان معظم أيات القران تؤكد على حرية البشر المطلقه في تأدية حقوق الله تعالى في العقيده وفي الفرائض التعبديه ،وتؤكد على ارجاع الحكم على الناس الى الله تعالى وحدة يوم القيامه .وانه ليس للنبي عليه السلام أي تدخل في هذا ،بل ان عليه مجرد التبليغ .وبالتالي فان الذي يمنح نفسه سلطه دينيه كهنوتيه انما يضع نفسه فوق النبي ، او يزعم لنفسه الالوهيه وبذلك يكون خارجا عن الاسلام الذي لا مجال فيه للكهنوت.
(راجع الايات الاتيه مجرد امثله )(البقره 6:15 ،119،256)ال عمران (55 :57،61)129:128 (182:176)، النساء (51-60 :63،80 :82/85 :87/94،138 :141،170)المائده (8،42،48،29،49،54)يونس (96،97،98، 99،101،108،109)(هود110 :111،118 ،123 ،هود 123.(الرعد 40 :43)(الحجر 91 :99)(النحل 124 :128)(الاسراء13 :15،84،96 :97،105 :107)(الكهف 29 :31)(مريم75 :76)(طه135)الحج18 :24)المؤمنون117 (النور:54)(الشعراء215 :216)(النمل76 :81،91،92)(الشعراء215،216)النمل 76: 81)91،92،(القصص 55 :57،83.(الروم44،45،52،53،60)(الغاشيه21: 26)(السجده22: 25،30)سبأ24: 26)(فاطر18: 22)(ص86: 88)الزمر3،7،14،15،39: 41،46،52: 59)غافر77 (فصلت(40: 46)..
اما حقوق البشر او حقوق العباد او حقوق الانسان فمن اجلها شرع الله عقوبات لحفظها،فهناك عقوبات لحفظ حق الحياه وحق المال وحق العرض ،وهناك اوامر بالمشاركه في السلطه السياسيه ..وبالتالي فان حقوق الافراد تستوجب التدخل لرفع الظلم عن المظلوم ،وبالتالي تكون الحسبة هنا لاقرار حقوق الافراد اذا تعرضت لانتهاك من حاكم مستبد أو شرطى فاسد أو قاض مرتشى او شيخ متسلط او حتى من فتوة مسجل خطر او متطرف يسعى فى الأرض فسادا تحت لافتة دينية..
والاشكاليه هنا ان التيار الديني المتطرف يتناقض مع حقائق الاسلام في موضوع الحسبة..
اذ يرفع دعاوي الحسبة في المجال الممنوع،وهو حقوق الله تعالى التي اكد القران الكريم علىحرية البشر المطلقه فيها وانه ليس لاحد في هذه الدنيا ان يتدخل فيها،وفي نفس الوقت فان هذا التيار يتصالح مع الفساد المنتشر ومع الظلم السائد , وما سمعنا انه تدخل محتسبا لرفع ظلم عن مظلوم اوللدفاع عن حقوق الانسان الا اذا كان الفرد المظلوم من المنتمين اليه ،بل على العكس نجده يزايد على المظلومين من اصحاب الفكر اذا كانوا خصوما له ويتسلط عليهم وعلى غيرهم معتديا ومنتهكا لحقوقهم فى الحياة وحريتهم الفكرية والعقيدية .
ونخلص من هذا الى توصيف واقعي لمرض الحسبه وهو ان المتطرفين قد اتخذوها لارهاب خصومهم . وذلك يجعلهم في موقع التناقض مع حقائق الاسلام الكبرى التي تؤكد على ان الله تعالى وحده هو صاحب الحق في الحكم على عقائد الناس وعلى ما يخص حقوقه جل وعلا..وانه تعالى لم يعط هذا الحق حتى للانبياء المرسلين عليهم السلام..
وهنا ناتي بعد التوصيف والتوضيح الى التعليل..
التعليل
لماذا ؟ لماذا يحدث هذا التعارض بين المتطرفين وحقائق الاسلام مع انهم يرفعون راية الاسلام ؟
والجواب :لانهم في الحقيقه يدينون ليس بالاسلام و حقائقه ، ولكن بثوابت تدين متوارث تخالف حقائق الاسلام ومن هذه الثوابت جاء موقفهم من الحسبه مناقضا لحقائق الاسلام .
توضيح التعليل
هناك فجوه بين حقائف الاسلام (ما ينبغي ان يكون)وبين تطبيقها الفعلي (ما هو كائن ).
وفي عهد النبي محمد علية السلام كان التطبيق العملي لحقائق الاسلام اروع ما يكون، وكان الوحي ينزل يصحح التطبيق ويعاتب النبي عليه السلام نفسه كما يعاتب المؤمنين ونزلت عشرات الايات تلوم الصحابة المنافقين والمرجفين فى المدينة والذين في قلوبهم مرض وضعاف الايمان . واولئك جميعا كانوا من الصحابه ،ومنهم من ادمن النفاق حتى توعده الله تعالى بالعذاب مرتين في الدنيا ثم العذاب العظيم في الاخره .
ومع هذا كان التطبيق لحقائق الاسلام اروع ما يكون..
ثم بدأ العد التنازلي لاتساع الفجوه بين حقائق الاسلام وواقع الاسلام في بيعة السقيفه وحروب الرده ،ثم اتسعت الفجوه بالفتوحات التي خالف المسلمون فيها تشريع القران في القتال حيث هاجموا من لم يهاجمهم وفرضوا الجزيه على الشعوب المقهوره خلاف حقائق الاسلام (البقره190،194،،الانفال38:40) وعوقب المسلمون بالاختلاف حول الغنائم مما اوقعهم في الحروب الاهليه التي نتج عنها فيما بعد ضياع الشورى الصوريه وتحولها الى حكم وراثي مستبد يقوم على القهر خلال الدوله الامويه،مما اضاع الشورى الحقيقيه التي ارساها القران والتي تعني في عصرنا الديموقراطيه المباشره .(الشوري 38 النور 61 :64 ال عمران 159)وهذا ما فصلناه في مؤلفات سابقه.
ثم تحول الاستبداد الصريح القائم على قانون القوه في العصر الاموي الى استبداد ديني ودوله دينيه تزعم انها تحكم باسم الله بقوة الشرع المزيف الذي يخترعه الفقهاء ،وذلك في العصر العباسي الذي شهد اختراع حد الردة و اختراع وظيفة الحسبة واتهام الخصوم السياسيين بالزندقة وقتلهم بسيف الشرع ، الشرع الذي يخترعونه باحاديث مزيفة منسوبة كذبا للنبي-وقد شرحنا هذا في كتبنا (حد الردة )و (حرية الراي بين الاسلام والمسلمين ) (الحسبة بين الاسلام والمسلمين ).
وفي العصر العباسي تم تدوين تراث المسلمين في الفقه و الحديث والتفسير وما يسمى بعلوم القران . و ارسى هذا التراث ملامح التدين الواقعي الذي كان سائدا قبل الاسلام , واظهر نفس الاختلافات القديمة تحت اسماء جديدة من السنة والتصوف والشيعة ..و مع وجود هذه الاختلافات الا انها جميعا وجدت لها تأصيلا مزيفا عن طريق نسبتها الي النبي عند اهل السنة او لال البيت عند الشيعة او للاولياء الصوفية بزعم معرفتهم بالعلم الهي اللدني ونزول الوحي والمنامات عليهم.
وكل هذه الانواع المختلفة من التدين اتبعت طريقة التحريف فى معانى القرأن بعد ان عجزوا عن تحريف اياته تحت اسم التفسير ـ متهمين كتاب اللة المبين بالغموض و الحاجة الى البشر لتفسيره . وتحت دعوى النسخ ابطلوا حكم الاية مع ان النسخ معناة في اللغة العربية و في القران هو الاثبات و الكتابة و ليس الالغاء و الحذف، ولنا كتاب يحمل هذا العنوان ،وعن طريق التفسير و النسخ و اختراع الاحاديث اقاموا شرعية زائفة للتدين وصنفوا في هذا التدين مصنفات واسفارا في العقائد و التشريعات و كلها تخالف القران و حقائق الإسلام.
وعلي اساس هذا التراث المكتوب في العصرين العباسي و المملوكي تقوم عقلية التطرف الديني الطامح لان يحكم بنفس طريقة الخليفة الاموي او العباسي او الفاطمي او العثماني ، وهو انه يملك الارض و من عليها و نحن بالنسبه له الرعية أي هو الراعي و نحن الاغنام او الرعية يملكها و يملك حق ذبح من يشاء تطبيقا لفتوى شهيرة تقول ان من حق الامام-أي الحاكم- ان يقتل ثلث الرعية لاصلاح حال الثلثين ..
وبذلك اتسعت الفجوة بين حقائق الاسلام وبين ذلك التراث الذي ادمن المسلون تطبيقه منذ العصر العباسي حتى الآن الي ان اصبح من ثوابت التدين التى من اجلها ينكرون حقائق الاسلام.
وهذه الثوابت التى يتغنون بها تناقض الاسلام في عقائده وفي فرائضه وفي اخلاقياته .. ونعطي امثله قليله..
فالاسلام يعتبر الاضرحه او الانصاب رجسا من عمل الشيطان ويامر باجتنابها وينهي عن تقديم القرابين والنذور اليها،كما ينهي عن تقديس الاولياء لان الولي هو الله تعالى وحده (مجرد امثله :المائده 3،90،الاعراف،194-195،النحل 20 :25،56،الكهف102 :105،الشورى9 :10الرعد16،النعام 14)ولكن من ثوابت التدين عندنا هو تقديس القبور والاولياء والائمه ،واقامة الموالد لاصحاب الاضرحه وتقديم النذور لهم ..
ويؤكد القران على ان النبي محمد عليه السلام بشر يوحى اليه ،يأكل الطعام ويمشي في الاسواق ولا يعلم الغيب ،ويؤكد من خلال 150 ايه قرآنيه على انه لا يشفع ولا يملك لغيره او لنفسه نفعا ولا ضرا ،بل انه سيموت كما سيموت اعداؤه ،وسيختصم معهم يوم القيامه, كما يؤكد من خلال 150 ايه قرآنيه على ان عصمته بالوحي ، وما عدا ذلك فانه يخطئ ويتعرض للعقاب واللوم شان بقية الانبياء السابقين..
(مجرد امثله في نفي شفاعة النبي :(الزمر19،30،31 لقمان 33،الزخرف44،الاعراف6)(وامثله اخرى في نفي الشفاعه والعصمه وعلم الغيب :النساء105: 113،الاعراف187: 188، النازعات42 :45،الانعام 50، الاحقاف9،النساء79،سبأ50،الفرقان7،20 ،ق17 :29)
الا ان الثوابت الدينيه تجعل النبي عندهم مالكا ليوم الدين متحكما فيه وتجعله حيا في قبره يتلقى الشكايات والتسليمات ،وتجعلهم يحجون الى هذا القبر في ابتداع لمناسك الحج لم يعرفها عصر النبي وعصر الخلفاء الراشدين, وزعموا مشروعية زائفه لكل تلك الاباطيل عبر احاديث زائفه منسويه للنبي بحيث اصبح الايمان بتلك الحاديث من ضمن الثوابت.
هذا مع ان الله يؤكد أن الحديث الوحيد الذى يجب أن نؤمن به وحده هو حديث الله تعالى فى القرآن الكريم . جاء ذلك في ايتين من قوله تعالى (فبأي حديث بعده يؤمنون ،الاعراف 85 ،المرسلات50)وقوله تعالى (تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق ،فبأي حديث بعد الله واياته بؤمنون،ويل لكل افاك اثيم ،يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها :الجاثيه 6: 8)أي كما انه لا يصح الايمان بآله مع الله فانه لا يصح الايمان بحديث اخر مع القران .الا ان الذي يحدث ان كل ايات القران التي تعارض الاحاديث يتم تجاهلها وانكارها والاعراض عنها دفاعا عن الحديث المنسوب كذبا للنبي ،مع ان النبي عليه السلام كانت سنته الحقيقيه في اتباع القران وتطبيقه .
وتلك الثوابت المخالفه للقران يرفض التيار الديني عرضها على القران ،اوالاحتكام بشأنها الى القران وحين اجتهد كاتب هذه السطور في رصد تلك الفجوه بين حقائق الاسلام وواقع التدين لدي المسلمين فانه تعرض ولا يزال لانتهاك الحقوق و تطاردة لعناتهم لأنة خرج على دين الاباء و ما وجدنا علية اباءنا. ..
والذي لا يعرفه التيار الديني ان القران الكريم نبأ مسبقا بأن من شيمة المشركين اتباع الثوابت التي اعتادها الاسلاف ،وانهم يرفضون كلام الله تعالى حبا في هذه الثوابت (واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه اباءنا ،اولو كان اباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون :البقره 170)(اقرا ايضا المائده 104،لقمان 21،الزخرف22: 23).
ومن خلال تلك الثوابت الكاذبه اعتقدوا انهم يملكون تفويضا من الله تعالى يخول لهم محاكمة خصومهم واستتابتهم وعقوبتهم بحد الرده المزعموم طبقا لما كان سائدا في العصور المظلمه..
ومن هنا فان حقائق الاسلام تؤكد حقوق الانسان ،ولكن ثوابت المسلمين التاريخيه التي يتمسك بها التيار الديني تعارض حقوق الانسان وتتناقض في نفس الوقت مع حقائق الاسلام..
ومن هنا ايضا ينبع الحل
الحل
الماده الثانية من الدستور المصري تجعل مبادئ الشريعه الاسلاميه المصدر الاساسي للتشريع ..وعليه يمكن الاحتكام الى هذه الماده والمطالبه من خلالها بتنقية القوانين من كل تجريم للفكرو العقائد ،خصوصا وان ايات القران الكريم تجعل اصحاب الحق خصوما متساوين لاصحاب الباطل وتؤجل الحكم على الخصمين معا الى الله تعالى يوم القيامه (الحج 19)وتلك اشاره لنا بان الخصم فى مجال العقائد والافكار لا ينبغي ان يكون حكما او قاضيا على خصمه..بل يرجع الخصمان معا الى الله تعالى القاضي الاعظم يوم القيامه..
وهي اشاره اخري لنا في ان القضايا الفكريه تهدد حياد القاضي .لان القاضي يجب ان يكون محايدا،فاذا عرضت عليه خصومه فكريه فلن يخلو من ان يكون مع المتهم او ضده ،متفقا معه في الراي او مخالفا له في الراي،وفي الحالتين يفقد الحياد.واذا لا محل لعرض القضايا الفكريه والعقائديه على القضاء، حتي ولو بلغت لدرجة ازدراء الاديان لان القران الكريم ما جعل عليها عقوبه بشريه ودينويه بل ارجأ الحكم فيها الى الله تعالى يوم القيامه (على سبيل المثال اقرا من سورة ا لأنعام 21-34،36،48 :51،57 :58،66: 70،91: 94،104: 108،112: 117،124: 126،148: 149،159: 165).
وصدق الله العظيم ..