وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ.
عزمت بسم الله،
لقد أرسل الله تعالى رسلا مبشرين للذين لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون. إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ* ( أي مبعدون من النار) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ* لَا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ.101/103.الأنبياء. وتنذر الرسل الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا، فأنبأنا الله تعالى بما سيقولون بعد البعث والحساب، قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ*الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ*وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ*هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ.50/53.الأعراف.
وفي سورة الأنعام نجد تحذيرا آخر للذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا. وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ ( أي بالقرءان) أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ(70).الأنعام.
يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ(130).الأنعام.
إن القرءان العظيم بلاغ للناس ولينذروا به وليذكر أولو الألباب. هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ(52).إبراهيم.
بعث الله تعالى الرسل ليبلغوا ما أنزل الله تعالى عليهم ولينذروا قومهم بالوعيد الذي توعد الله تعالى الظالمين لأنفسهم، ويبشر المخبتين المتقين المؤمنين بالغيب الذين يقيمون الصلاة والمنفقون مما رزقهم الله تعالى، لأنهم بالآخرة هم موقنون، أولائك على هدى من ربهم وأولائك هم المفلحون. ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ(2)الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4)أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(5)البقرة.
إن مهمة الرسل هي تبليغ ما نُزِّل إليهم من ربهم لأَلَّا يكون للناس على الله تعالى حجة يوم القيامة بعد الرسل. قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(54).النور. فإن اعرضوا ولم يؤمنوا بما جاء به الرسل، فليس عليهم هداهم ولا أن يسيطروا أو يرغموهم على الإيمان بل يبلغوا رسالة ربهم فقط دون أن يُذهبوا أنفسهم عليهم حسرات. فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ(48).الشورى.
أمر الله تعالى آخر الأنبياء أن يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا يذهب نفسه عليهم حسرات ولا يشقى إذا لم يؤمنوا، ولم يأمر الله تعالى أن يحكم مخلوق على إنسان بالكفر أو الإيمان، لأن ذلك لا يعلمه إلا العليم بما تخفي الصدور. فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ(35).الأحقاف.
لكن الذين أشركوا يجدون لأنفسهم مبررات يتكئون عليها، لكنها لن تغنيهم ولن تشفعَ فيهم. قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(35).النحل. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(12).التغابن.
من الذين سوف يَعضُّون على أيديهم أكثر من غيرهم، ولن يجدوا ملجأ من الله إلا إليه، هم رجال الدين الذين هجروا القرءان وكفروا به واتبعوا ما كتبت أيدي البشر، افتراء على الله تعالى ورسوله واستمسكوا بها، ظنا منهم أنهم على شيء وأنهم مهتدون، لكنهم حسب القرءان فإنهم ضالون مضلون، لأنهم اتبعوا السبل فتفرق بهم عن سبيل الله تعالى. يخبرنا الله تعالى في آيات بينات لا ريب فيها لمن اتقى وآمن بها. يقول سبحانه: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا*وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا*وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا.56/58.الكهف.
لنضرب مثلا على هجر القرءان واتباع ما كتبت أيدي البشر فاصبح لمعمول به خلافا لما جاء في القرءان العظيم.
يقول الله تعالى: يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ. النساء 11. إن كلمة (أولادكم) تعني الجنسين الذكر والأنثى، ولا تعني أبدا جنس الذكر فقط، فكل مولود يسمى (ولد). وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ(3).البلد. فإذا وجد أحدهما أي ذكر أو أنثى، فلن يدخل الأعمام وغيرهم في الميراث أبدا حسب القرءان العظيم. قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ(116).النحل. لكن المعمول به غير ذلك، لقد افتروا على الله تعالى الكذب فجعلوا كلمة ( الولد) تعني الذكر فقط، فيورثون الأعمام مع البنات افتراء على الله تعالى، حتى لا يخرج المال من العائلة، لأن البنت تنتمي إلى عائلة أخرى عائلة زوجها، بينما نجد أن الله تعالى يقول في البداية: يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ.ثم يحدد حظ كل منهم الذكر والأنثى فيقول سبحانه: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ.النساء 11.
أليس هذا افتراء على الله تعالى ولهو ولعب بآيات الله تعالى ابتغاء متاع الحياة الدنيا؟
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.