قراءة في كتاب فضل عمارة المساجد

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٥ - أغسطس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة في كتاب فضل عمارة المساجد
المؤلف أو المحاضر هو أحمد بن حمد الخليلي وقد استهل حديثه بالكلام عن أن العمارة الحسية والمعنوية للمساجد هى سعار الإيمان فقال :
المساجد شعار الإيمان.
إن بناء المساجد وعمارتها حسا ومعنى إن دل على شيء فإنما يدل على عمق الإيمان ورسوخ العقيدة، وقوة الصلة بالله تبارك وتعالى، يقول الله عز وجل: { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين }
ومن أجل ذلك كانت العناية بالمساجد من شيمة أهل الخير والصلاح، بل نجد في كتاب الله تبارك وتعالى ما يدل على اجتماع القلوب وتآلفها وارتباطها بهذه البيوت، التي أسست من أجل وصل هذه القلوب ببارئها، وارتباطها بمبادئها، فالله سبحانه وتعالى ذكر لنا في كتابه العزيز أول بيت وضع للناس عندما قال عز وجل قائل: { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } "
وبالقطع عمارة المساجد ليست شعار الإيمان وإنما هى جزء من كل إن عملناه كله كنا مؤمنين وإن عصينا كله أو بعضا منه فقد كفرنا فلا يصح مثلا ألا نؤمن بالملائكة أو الرسل مع عمارتنا للمساجد ولذا قال تعالى :
"أطيعوا الله "
ولم يحدد ماذا نطيع لأنه أراد الطاعة لكل الأحكام
وذكر الخليلى قصة إبراهيم (ص) وإسماعيل مع البيت الحرام فقال :
"وحكى سبحانه قصة عبديه الصالحين إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان قواعد البيت العتيق، وكانت ألسنتهما تفيض بالضراعة والابتهال إلى الله أن يجعلهما مسلمين له، وأن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة، وأن يريها مناسكها، فالله سبحانه وتعالى يقول:
{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منآ إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنآ أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينآ إنك أنت التواب الرحيم، ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم }
ثم بين أين يوجد هذا النور ومن أي أفق يشرق على العباد فقال: { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتآء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشآء بغير حساب } "
وتحدث عن العناية بالمساجد فقال :
"العناية بالمساجد
ومن أجل هذا كانت عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمساجد عناية بالغة، بل كانت رسالته عليه أفضل الصلاة والسلام مرتبطة بهذه المساجد، فقد بعثه الله سبحانه وتعالى بشيرا و نذيرا ليناديهم من رحاب المسجد الحرام، الذي هو أول بيت وضع للناس.
وعندما أراد الله تبارك وتعالى إكرامه بأن أوفده أولا إلى المسجد الأقصى ثم إلى السموات العلا؛ جعل رحلته في هذه الأرض تبدأ من المسجد وتنتهى إلى المسجد، قال سبحانه: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنآ إنه هو السميع البصير }ثم كان المسجد الأقصى الذي هو بداية الانطلاقة إلى السموات العلا، حيث أكرمه الله سبحانه وتعالى بمشاهدة ملكوت الله؛ زيادة في إيمانه وقوة في يقينه وعلوا في قدره.
عندما هاجر عليه الصلاة والسلام ما كاد يصل إلى دار هجرته حتى أعتنى بانشاء المسجد، بل عني في طريقه بإنشائه، فقد عني أول ما عني وهو في طريقه قبل أن يلقي عصا الترحال بإنشاء مسجد قباء، الذي هو -كما يقول كثير من المفسرين والعلماء- أول مسجد أسس على تقوى من أول يوم، حسبما ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة، ثم بعد ذلك ما كاد يلقي عصا الترحال في مستقره بالمدينة المنورة حتى كانت عنايته بإنشاء المسجد، وقد ساهم - صلى الله عليه وسلم - بنفسه في إنشاء ذلك المسجد، ببذل جهده وعرقه في سبيل ذلك."
وهذا الحديث عن اعتناء النبى(ص)ببناء المسجد وهو لا زال يتحرك مهاجرا لا يعرف موضعه كلام ليس صحيحا فأول شىء سيبحث عنه أى مهاجر هو بيت يأويه وليس مسجد يصلى فيه خاصة مع الرحلة المتعبة ومشاقها من مطاردات الكفار ومن ثم كان بناء بيته أولا وهو الحجرات ثم بناء المسجد ثانيا خاصة أن صلاة الجمعة لم تفرض على المسلمين إلا بعد الهجرة
وحدثنا الرجل عن أحاديث تذكر فضل المساجد وعمارتها فقال :
"وقد جاءت أحاديثه - صلى الله عليه وسلم - منبهة على ضرورة وجود هذه المساجد وفضلها وفضل من قام بعمارتها، فإنه عليه أفضل الصلاة والسلام يقول: ((من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بني الله له بيتا في الجنة)) وجاء في حديثه - صلى الله عليه وسلم - : ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ ومن هؤلاء السبعة؛ رجل متعلق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه)) "
والخطأ هو أن الله يظل 7 فقط فى ظله ويخالف هذا أن الله يظل المسلمين كلهم مصداق لقوله تعالى "وندخلهم ظلا ظليلا "كما أن السبعة المذكورين هم سبع حالات قد تحدث كلها لإنسان واحد والجنة لا تدخلها الحالات وإنما أصحاب الحالات
وتحدث عن وجوب العمارتين الحسية والمعنوية فقال:
"وفي هذا ما يدل على أن كلتا العمارتين مطلوبتان؛ العمارة الحسية والعمارة المعنوية، فالعمارة الحسية؛ هي إنشاء المساجد وصيانتها والقيام بتنظيفها، فإن تنظيفها أيضا من معالم الإيمان، إذ جاء في بعض الرويات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((أن كنس المساجد من مهور الحور العين)) "
الحديث باطل فلا يوجد مهور للحور العين وإنما المهر يكون في الدنيا لقوله تعالى:
" وأتوا النساء صدقاتهن نحلة"
ثم قال :
والعمارة المعنوية؛ هي الارتباط بهذه المساجد، من أجل عبادة الله سبحانه وتعالى وذكره، ومن أجل نشر العلم وتلقيه من أفواه العلماء بين جنبات هذه المساجد، فإنه من رسالة المساجد الكبرى، وعندما أنشأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - مسجده بالمدينة المنورة كان ذلك المسجد مكانا لحل المشكلات؛ سواء كانت تتعلق بالناحية المالية أو الاجتماعية أو غيرها.
كان المسلمون يجتمعون في المسجد ويتلقون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشريعات والارشادات والتوجيهات، وعندما كان يعني الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر يسرع إلى المسجد وينادي الصلاة جامعة، ويجتمع الناس في المسجد ويحدثهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما يعنيه ويعنيهم.
وظلت هذه الأمة معتنية كل العناية بالمسجد إلى أن دب فيها داء التخلف، فلذلك بعدت عن المسجد.
ولا ريب أن إعادة رسالة المسجد بإعادة التعليم بين جنباته، وتذكير الناس بما يجب عليهم، وبما ينبغي لهم أن يتبعهوه، وببث سائر التعلميات التي تنفع الناس وتعود عليهم بالنفع والخير في الدنيا والآخرة في هذه المساجد، مما يجسد هذه الرسالة الكبرى التي بعث بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكانت مرتبطة بالمسجد."
وحديث الخليلى عن التعليم في المساجد والتوجيهات في مجالات اخرى كلام لا أساس له من الصحة فالمساجد للصلاة وهى ذكر اسم وهو وحى الله فقط في الصلاة كما قال تعالى :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
وأما التعليم ففى أماكن أخرى وكذلك التوجيهات الخاصة بالمؤسسات ألأخرى والقضاء وغيره كل منها في مؤسسته
وتحدث عن وراثة الأمة لكل مقدسات المم السابقة وهو كلام باطل فقال :
"إن الله عز وجل أكرم هذه الأمة بأن أورثها مقدسات الأمم السابقة، كما أورثها مواريث النبوات المتقدمة، ومن أجل ذلك كانت نقلته - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى تجسيدا لذلك، ثم أن الله عز وجل وجه المسلمين في صلاتهم إلى المسجد الأقصى عندما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأجل أن يجمعوا ما بين جميع مواريث الأمم السابقة فيما جاءت به نبواتها، ثم بعد ذلك وجه هذه الأمة إلى المسجد الحرام، لأجل الجمع بين كل خير، والعناية بجميع هذه المقدسات.
أهمية صلاة الجماعة"
والمسجد الأقصى ليس خاص بأحد من الناس خاصة لأنه ليس مسجدا أرضيا لأنه أبعد مكان عن الأرض وهو فىة السماء السابعة لأن الأرض إذا اعتبرناها كرة أو دائرة فلها 360 نقطة قاصية عن نقطة المركز وهى الكعبة ومن ثم لا وجود للمسجد في أى مكان من الأرض ومن ثم فالمقدسات في الأرض واحدة لا ثانى لها وهى البيت الحرام وهى الأرض المقدسة ولذا قال الله عن بنى إسرائيل أنهم سيدخلوه كما دخلوه أول مرة فقال :
" وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة"
ومن ثم لا وجود لمسجد أقصى في الأرض
وتحدث عن وجوب صلاة جار المسجد في المسجد وكذا من سمع النداء ووجوب حرق بيت من لا يصلى في المسجد فقال :
"جعل الله تعالى رسالة الأمة رسالة مسجد كما قلنا، ومن أجل ذلك أمرت هذه الأمة بأن تحافظ على الصلوات الخمس في المساجد، فإن عمارة المساجد بالصلوات الخمس من معالم الإيمان، ومن دليل الصلة والارتباط بقيم هذا الدين وتعاليمه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)) وقد روي ذلك موقوفا على علي كرم الله وجهه، وجاء في الرواية الموقوفة أنه سئل من هو جار المسجد؟ فقال: من سمع النداء.
وجاء أيضا في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((من سمع النداء إلى الصلاة فلم يجب فلا صلاة له إلا عن عذر. فقيل: وما العذر يا رسول الله. قال: خوف أو مرض)) وجاء في كثير من الأحاديث ما يدل على أن المحافظة على الجماعات في المساجد من فروض الإعيان التي لا تسقط عن أحد بقيام غيره بها، اللهم إلا إن كان ذلك من عذر، فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((والذي نفسه بيده؛ لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)) وما كان هذا الهم منه - صلى الله عليه وسلم - بتحريق بيوت المتخلفين بالنار إلا من أجل أنهم تركوا فرضا عينيا واجبا على جميعهم، فلو أنها من فروض الكفايات لكانت الكفاية حاصلة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين الذين يقيمون هذه الشعيرة، ولكنها فرض واجب على الجميع."
وكل هذه الأحاديث باطلة تناقض أن الصلاة تجوز في أى مكان يكون فيه المسلم وهو قوله تعالى :
"فأينما كنتم فولوا وجوهكم شطره"
ويناقض وجود صلاة واحدة هى التى تصلى جماعة وهى صلاة يوم الجمعة كما قال تعالى :
" إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله "
وتحدث عن صلاة الجماعة وفضلها فقال:
"وجاء أيضا في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((ما من ثلاثة نفر في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان)) وهكذا يؤكد النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوب إقامة الجماعة والمسارعة إلى تلبية داعي الله سبحانه وتعالى، على أن في كتاب الله ما يشير إلى ذلك، فقد جاء في كتاب الله تعالى عز وجل: { واركعوا مع الراكعين } وقد فسر جماعة من المفسرين ذلك؛ بأن يقيموا الصلوات في الجماعات، ليكون ركوعهم منتظما مع ركوع الراكعين من عباد الله الصالحين، الذين يدأبون على إقامة الصلوات في الجماعات، وكذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى يقول: { يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون } وقد فسر ذلك بأنهم كانوا يدعون إلى السجود أي إلى الصلاة في المساجد؛ بقول المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح. ثم لا يجيبون، فاستحقوا بسبب ذلك هذا الوعيد الشديد، إلى غير ذلك من الإشارات القرآنية التي تدل على أهمية هذه الشعيرة المقدسة، وجاء ذلك أيضا صريحا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
كما بينت سنته عليه أفضل والسلام الفضل العظيم الذي يحرزه من يقوم بالصلاة في الجماعات، إذ قال عليه أفضل الصلاة والسلام: ((صلاة الجماعة تفضل على صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين درجة)) وروي أيضا: ((الصلاة في الجماعة خير من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) ولا تنافي بين ذكر السبع والعشرين والخمس والعشرين لاختلاف ذلك باختلاف الأحوال، وقد أدرك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا كله أن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان،"
وحديث الخليلى باطل فثواب الصلاة واحد سواء صليت في جماعة او فرديا وهو عشر حسنات كما قال تعالى :
"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
ومن كل تلك الأحاديث باطلة لمخالفتها الثواب في القرآن
وتحدث الخليلى عن كون التخلف عن صلاة الجماعة علامة من علامات النفاق فقال :
"ولذلك كان من يتخلف بينهم عن صلاة الجماعة يوسم بسمة النفاق، كما دل على ذلك قول ابن مسعود رضى الله عنه عندما قال: (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وأنهن من سنن الهدى، ولو صليتهم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأتينا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد رأيت الرجل يهادى بين الرجلين من المرض، حتى يقيماه في الصف) يعني أنه كان يرى الرجل من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتمايل بين رجلين من شدة المرض، متكئا عليهما عن يمينه وعن يساره حتى يصلا به إلى المسجد فيقيماه في الصف، كل ذلك من أجل الحرص البالغ على هذا الخير العظيم، فمن الذي يزهد في هذا الخير؟!."
وهذه الأحاديث باطلة لأن المنافقين كانوا حريصين على الصلاة رغم كرههم لها حتى لا يعرفوا وفى هذا قال تعالى :
" ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى "
كما يناقض أن الصلاة الوحيدة الواجبة كصلاة جماعة هى الصلاة من يوم الجمعة ومن ثم ومن ثم فصلاة بعض الصلوات فرديا مباح
وتحدث الخليلى ذكرا حديثا عن عقاب أصحاب العاهات كالعمى إن تخلفوا عن صلاة الجماعة فقال :
"والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعذر رجلا ضريرا شكا إليه شسوع الدار، وضرر البصر، وكثرة الهوام والسباع: ((فقد جاء ابن أم مكتوم رضى الله تعالى عنه إلى النبي الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ وقال له: يا رسول الله إني ضرير البصر شاسع الدار، وأن المدنية كثيرة الهوام كثيرة السباع، أفتجد لى رخصة أن أصلى في بيتي. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم. فلما هم بالانصراف ناداه فقال له: هل تسمع النداء؟ قال له: نعم. فقال له: أجب إذن؛ فإني لا أجد لك رخصة)) وجاء في بعض الروايات؛ ((أجب ولو حبوا)) وإذا كان هذا حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا الرجل مع ما شكاه إليه عليه أفضل الصلاة والسلام من شسوع الدار وكثرة الهوام والسباع وفقد البصر، فكيف بحال المبصرين؟ كيف يعذر المبصرون عن تلبية داعي الله سبحان وتعالى والانضمام إلى المسلمين، والبقاء في سكنهم، عندما يقيمون الصلاة في جماعات."
وهذا الحديث يخالف الرخصة التى أعطاها الله للمرضى وأصحاب العاهات في قوله تعالى :
"ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج"
وتحدث عن فوائد صلاة الجماعة فقال:
"حكمة صلاة الجماعة
هذا؛ وصلاة الجماعة شرعت لاجتماع الكلمة، وتأليف القلوب، وتغسيلها من أدران الشقاق والخلاف بينهما، فإن القلوب تنتظم وتتآلف عندما تجتمع النفوس وتتراص الأجسام في صفوف متراصة؛ ماثلة بين يدي الله عز وجل، منتظمة في جميع حركاتها؛ في ركوعها وسجودها وقيامها، وفي جميع أفعالها، فإن ذلك مما يجمع الشمل، ويوحد الكلمة، ويرأب الصدع، وينتزع من القلوب السخائم والأحقاد، ويترك القلوب تتآلف وتتناظم بألفة الإيمان، وتترابط برباط الإسلام ووشيجة الإيمان، ويزول كل ما يكون داعيا للنفرة والشقاق بينهما، فلذلك كان واجبا على المكلفين أن يحرصوا على هذا الخير.
ثم مما يجب عليهم أن ينشئوا ذريتهم عليه حتى تنشأ على الإيمان والتقوى، وتتآلف بألفة الإيمان، وتترابط برباط الإسلام، وتكون بينها المودة والإخاء والوئام؛ يجب عليهم أن ينشئوا على حضور حلقات الذكر في المساجد؛ بحيث تنشأ الذرية على تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى بين جنبات المسجد، وتنشأ كذلك على حضور الدروس العلمية؛ دروس الوعظ والإرشاد، والتذكير والفقه، وجميع الدروس النافعة التي تبث في هذه المساجد، ينبغي للآباء أن ينشئوا ذريتهم على حضورها لتنشأ على الخير، موصولة بحبل الله سبحانه وتعالى.
ومما ينبغي ألا يفوت الجميع السعي إلى إعادة رسالة المسجد، لإعادة ارتباط الناس بالمسجد في دروسهم وحلقاتهم، وأن يكون للمسجد دائرة تشرف على تصرفات الناس وأحوالهم، حتى يتقلى الناس الأمر بالمعروف والنهي عن النكر من بين هذه المساجد، ولتذكيرهم بالخير، وتعريفهم بما يجب عليهم، وتبصيرهم بالطريق الأقوام، فإن ذلك من أسباب العزة للمؤمنين؛ { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين }"
ومما لا شك فيه أن لصلاة الجماعة فوائد ولكن صلاة كل الصلوات جماعة في المسجد يفوت واجبا على المسلم وهو وجوب تعليم ما يتعلمه في المسجد لأهله من زوجات وعيال من خلال صلاته معهم في البيت أو من خلال صلاته الفردية أمامهم وهو التعليم بالقدوة
اجمالي القراءات 2565