نهى الزينى : جيل الثورة أقوى من جيلى وأخطأنا عندما لم نشكل مجلس قيادة قبل ترك الميدان

في الخميس ٢٩ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

نهى الزينى : جيل الثورة أقوى من جيلى وأخطأنا عندما لم نشكل مجلس قيادة قبل ترك الميدان

منال لاشين

12/29/2011   5:36 PM

نهى الزينى : جيل الثورة أقوى من جيلى وأخطأنا عندما لم نشكل مجلس قيادة قبل ترك الميدان



 

 
 
قبل ثورة 25 يناير عرف المجتمع المصرى المستشارة نهى الزينى فى يوم 24 نوفمبر 2005عندما قدمت شهادتها التاريخية على تزوير انتخابات دائرة بدمنهور. دائرة أحد كبار رجال النظام، وقد يبدو غريبا للبعض أن المرأة التى احرزت شهرتها من خلال الإشراف على الانتخابات قبل الثورة قد اعتذرت عن المشاركة للاشراف على انتخابات اول برلمان بعد الثورة. تبرر عدم المشاركة بأنها تؤمن بأن الإشراف الكامل القضائى نظام غير موجود إلا فى مصر. وأنها تؤمن بأن تحقيق الديمقراطية فى الانتخابات يتطلب إرادة شعبية وإرادة سياسية. فإشراف قاض على كل صندوق لم يحقق النزاهة فى انتخابات 2000 و2005، وهناك انظمة أخرى لضمان تحقيق الديمقراطية مثل لجنة قضائية مستقلة لإجراء كل خطوات العملية الانتخابية.. وتستدرك المستشارة نهي: ولكن الانتخابات هذه المرة قد جرت بديمقراطية وذلك بفضل الإرادة الشعبية والسياسية، وماجرى فيها من مخالفات مجرم قانونا».
 
 
بعيدا عن الانتخابات قبل وبعد الثورة ترفض نهى الزينى أن يتم تقييدها فى مربع تقرير «الفقي» ومعها كل الحق فهى حاصلة على دكتوراه من جامعة السوربون فى القانون الدستورى، وعندما سافرت نهى لفرنسا منذ نحو 27 عاما لم تكتف بدراسة القانون، لكنها درست أيضا وبدرجة اقل الادب الفرنسي. ومابين دراسة القانون والايمان بالعدل قطعت نهى شوطا طويلا فى مهمات ترسيخ العدل، وفى مذبحة قنا ذهبت الى قنا بدون تكليف رسمي. ذهبت بشكل إنسانى وتجولت فى شوارع قنا وقابلت قيادات كنسية واخرى مجتمعية، وعادت لتحكى عن الاضطهاد الذى يعانيه الاقباط هناك، وفى حوار صحفى كان السؤال: «هل الاقباط مضطهدون فى مصر؟» فأجابت بكثير من العدل: «هناك فى مصر اضطهاد للاقباط والمسلمين معا، لكن مسئولية الاغلبية تكون اكبر ومعاناة الاقلية تكون اكبر ايضا». 
 
بعد الثورة ونتائج الانتخابات البرلمانية اسألها مرة اخرى عن مسئولية الاغلبية من قوى الإسلام السياسي، فتقول مسئولية الاغلبية ألا تعمل على إقصاء الاقلية السياسية، وأن تدرك أنها وإن كانت تحكم لانها تمثل الاغلبية، فالاصل أن هذا الحكم مرهون بتوافق فى المجتمع. 
 
وفيما يتصل بصياغة دستور جديد.. ترد بسرعة «مفيش حاجة اسمها اغلبية سياسية فى صياغة الدستور، ولا أن يصنع الدستور داخل البرلمان، وهناك خطأ يقع فيه الإخوان وبعض القوى السياسية.. هذا الخطأ هو ضرورة التوافق بين الاغلبية البرلمانية والاقلية تحت القبة على الدستور» من وجهة نظر نهى الزينى فإن الدستور لا يصنع فى مجلس الشعب ولا يصنعه البرلمانيون ولا يعترف بأى أغلبية أو أقلية. لان الدستور يقوم على فكرة المواطنة وليست الوزن النسبي، فالجميع يجب أن يكون ممثلا فى لجنة صياغة الدستور. الدستور يجب أن يمثل جميع القوى «الحية» فى المجتمع. فى الديمقراطيات العريقة تمثل ستات البيوت وحتى فئة الخدم أو الفئات المهمشة اجتماعيا أو اقتصاديا. وتحذر الزينى من أن انفراد أغلبية سياسية أو غير سياسية بالدستور قد يكون كارثة (البلد ممكن تقع). وتفرق المستشارة نهى الزينى بين حق الاغلبية البرلمانية فى إصدار القانون. قد تقوم هذه الاغلبية بتغييره، وبين الانفراد بالدستور، فالدستور وإن كان ابو القوانين إلا أنه ليس قانونا ولكنه عقد اجتماعى لا يجب أن نقصى منه أى قوى اجتماعية أو دينية أو اقتصادية. 
 
وبهذا الرأى تختلف المستشارة نهى الزينى مع الإخوان، وقد اختلفت معهم فى مسار التحول الديمقراطى فقد كانت من أوائل المدافعين عن مسار «الدستور اولا». 
 
وقد يبدو هذا الخلاف غريباً لدى البعض، فقد كانت التهمة التى طاردتها بعد تقرير الفقى أنها إخوانية، قلت لها الآن وبعد الثورة اسألك: هل انت إخوانية؟ فردت بضحكة: لا انا باحاول اتصالح مع الإخوان. انا احترم حقهم فى طرح مشروع ولكننى اختلف مع هذا المشروع السياسي، واعتقد أن هذا المشروع السياسى لن يحل مشكلة مصر. 
 
وتضيف الدكتورة نهي:الإخوان تضم اعضاء وقيادات محترمين ولكننى لا انتمى للإخوان واختلف معهم، ولو كنت إخوانية لصرحت بذلك حتى قبل ثورة 25 يناير. 
 
لا ترى نهى الزينى فيماحدث فى الاشهر التالية للثورة مفاجأة كبري. وتقول: ما يحدث حالة طبيعية جدا نحن امام ثورة لم تكتمل، وهناك تياران.. تيار يريد أن يكمل ثورته، وتيار يريد أن يوقف الثورة. تتوقف نهى عند التيار الاخير: «لا اقصد الفلول أو أعداء الثورة فقط ولكننى اتحدث عن تيار آخر من المواطنين شاركوا فى الثورة فى الايام الاولى وكرهوا نظام مبارك وقد يكونوا قد تعرضوا للاذى من هذا النظام، لكن هؤلاء يريدون ايقاف الثورة لانهم خائفون من دفع الثمن ومستعدون للقبول بإصلاحات وتحسينات مؤقتة مقابل عدم دفع الثمن»، وتضيف المستشارة نهي: انهم لا يدركون أن هذه الطريقة لم تقطلع الفساد من جذوره. 
 
وبلهجة لا تخلو من السخرية تقول الدكتورة نهى «بيخوفوا الناس من هدم النظام.. الثورة هدم لنظام وبناء نظام جديد». 
 
رغم كل ما يحدث لا تبدو المستشارة نهى الزينى مرعوبة مما يحدث. سألتها: لسه متفائلة؟ فأجابت بعد لحظة صمت قصيرة «مش متشائمة». 
 
وتكمل: «الشباب صامدون ومصرون على استكمال الثورة. جيل الشباب ده اقوى واكثر صلابة من جيلي، تعرضوا للضرب والسحل والقتل وحملات تشويه بشعة فى اخلاقهم وسمعتهم، ومع ذلك مازالوا صامدين.. فى جيلى كان من يتعرض لبعض أو كل هذا يعتبر بطلا، لكن هؤلاء الشباب ينظرون لكل هذا على انه تصرف عادي». 
 
وتتوقف نهى الزينى عند ما حدث من تعليقات على واقعة الفتاة التى تمت تعريتها فى الاحداث الاخيرة، وتصف التعليقات التى تدين الفتاة بدلا من الوقوف معاها بـ «البشاعة والحقارة».
 
لم تنقطع الاتصالات بينها وبين بعض شباب الثورة، بعضهم يؤكد لها أنها كانت على حق، كانت نهى الزينى من الداعين لعدم ترك ميدان التحرير قبل تشكيل مجلس قيادة الثورة، واليوم تقول لى «ماكنش لازم نسيب الميدان قبل ما نعمل كيان يمثل الثورة ويحافظ عليها ويتفاوض باسمها». 
 
على عكس عدم التشاؤم من الصورة الحالية فإن المستشارة نهى الزينى أبدت انزعاجا حاسما حين سألتها عن حال ومستقبل المرأة فى مصر سألتها متفائلة فأجابت بسرعة:
 
«لا.. وضعية المرأة المصرية من اسوأ الوضعيات النسائية فى المنطقة العربية وليس العالم الخارجي. المشكلة لاتكمن فقط فى السلطة الاستبدادية وتعاملها مع المرأة، لكن الاخطر هو ثقافة الشارع. هذه ثقافة مع الاسف تقوم على احتقار المرأة» وتضيف الدكتورة نهى «الاخطر أن هذا الاحتقار لبس ثوب الدين وهذه كارثة خاصة مع الجهل من ناحية تنامى الاتجاه السلفى من ناحية اخري، وفى ظل هذه الثقافة فإن أى مكتساب للمرأة ستظل هشة لان هذه المكتساب لاتستند الى قوة شعبية». 
 
ومن وجهة نظرها فإن هناك تياراً إسلامياً (وليس الإخوان) أحد عناصر شعبيته تقوم على خطاب احتقار المرأة. 
 
وتكمل الزينى أن قهر النظام الاستبدادى للرجل وإهانته لكرامته يدفعه الى قهر المرأة واحتقارها فى عملية إزاحة للقهر، وأن هذه التيارات استغلت هذه الازاحة للقهر، وكان أحد عناصر شعبيتها تقوم على احتقار المرأة. 
 
وتدلل المستشارة نهى الزينى على ثقافة الشارع التى تحتقر المرأة بواقعة شخصية، فقد كتبت مقالا عن واقعة الفتاة نهى التى تعرضت للتحرش فى وضح النهار ولم يتحرك أحد لنجدتها، وكانت نهى قد أقامت دعوى ضد المتحرشين بها، تقول الدكتورة نهى الزينى «وجدت تعليقات معادية وهجومية على المقال من جانب قراء كثيرا ما أعجبوا بمواقفى وعبروا عن إعجابهم، وبعضهم كتب يقول إنه مصدوم من دفاعى عن نهي». 
 
فى المنظور القريب لا تجد نهى الزينى تغييرا فى حال النساء فالمنظور سيظل مظلما، ومع ذلك فإن امرأة مثل نهى الزينى كانت ولاتزال جديرة من وجهة نظر البعض بأن تتولى اهم المناصب. اصدقاؤها ومؤيدوها رشحوها عبر صفحات الفيسبوك كأول نائب عام وأول وزيرة للعدل.. بل وأول رئيسة للجمهورية
اجمالي القراءات 4474