النهضة بناء لا هدم

عمر أبو رصاع في الأحد ٢٢ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

ربما يعجب البعض من فكرة كنت ولا زلت أكررها دوماً تتمحور حول مبلغ تأثري بكلمات قلائل لطفل وقف يوماً امام مذيعة أحد المحطات الفضائية في مخيم برج البراجنة في لبنان يجيبها عن سؤالها له : متى ستعود لوطنك؟

و كان جواب الطفل : عندما أصبح أنا أحسن من الاسرائيلي سأتمكن من العودة و الحصول على حقي.


نموذج آخر مغاير لدعي ثقافة ملفق فاشل يعاني من تضخم ذات حاد على حساب الموضوعية صدع رأسنا بمنولوج النضال ، الأخ المنظر ينسى نفسه و ينسى موقعه من العالم و حياته التي يعيش لينصب نفسه حكماً على عباد الله القابعين تحت نير الإحتلال و القمع و الظلم بمختلف أشكاله ، العجيب أن هذه النماذج المتفذلكة علينا لا تتنازل لتنضم إلى صفوف المناضلين الذين تزعم زوراً و إفكاً و بهتاناً أنها تدافع عنهم .

شيء مقرف أن رؤياتك السياسية أياً كانت ليست محل نقاش من حيث مضمونها إنما هي محل حكم فتصير مطبل لكل أشكال الإستعمار ، لماذا ؟ لأنك بكل بساطة تدعو إلى التعامل مع الأمور و الحكم عليها بمنطق مصلحي عملي ، يراعي الإمكانيات و الواقع و يرسم تصوراته و مواقفه وفق الممكن و ليس ما نتمنى.

إن هذا النموذج التدميري هو المسؤول دوماً عن المواقف العنترية السخيفة التي حملتنا و لا زالت تحملنا إلى مزابل التاريخ و الهزائم التاريخية التي نوالي من خلالها ردود الفعل العنجهية و العنترية و الخسارة على أرض الواقع بحيث صرنا نأمل أقل كثيراً مما رفضناه يوماً.

من أين يبدأ الخلاص ؟

هل نحتاج لنماذج تنفجر هنا و هناك ؟

ما الذي نحتاجه فعلاً لنحصل على ما نراه حقنا؟

لقد قالها ذلك الطفل ، إننا بحاجة إلى أن نبني انفسنا و نمتلك الإماكنيات المجتمعية التي تمكن مجتمعاتنا من احتلال مكانها تحت الشمس ، بحاجة للتنمية و البناء ، بحاجة لأن نمتلك إنسان على سوية عالية مؤهل للدفاع عن حقوقه و تحقيق مصالحه ، إنسان يرقى لمستوى العالم لا ينفجر في وجهه ليشوهه ، او ينفجر بكاء كطفل عاجز للفت الانتباه.

لقد تعلمنا من تجربتنا و من تاريخنا في القرن المنصرم أن تخلفنا بالذات هو سبب ما نحن فيه ، تعلمنا أننا نحتاج للنهوض بأبناء هذه الأمة فهذا هو المخرج الصحيح الذي نحن بأمس الحاجة إليه للوصول إلى ما نصبوا له ، ليس إلا لنرفع الظلم عن انفسنا و لنأخذ مكاننا اللائق بين الأمم و الشعوب المختلفة .

ما نحن بحاجة إليه

أن نرقى لنكون مجتمع يستحق الإحترام و يستطيع ان يفرضه ، مجتمع يقدم نموذجاً للعالم بقدراته و مساهماته في حضارة الانسان.

لقد مللنا من هذا الهراء القميء ، و تلك البطولات الورقية التي ينتجها المزيفون و قاهري الشعوب بإرغامها على أن تختار لنفسها مواقف الهزيمة دائماً.

مللنا من غياب الحكمة و الموضوعية ، و من نظرية المؤامرة ، و من غيبة الوعي و تجارة الدين ، مللنا من اسطوانة امكانية اللامعقول التي تلعبها علينا اقلام و مؤسسات و أحزاب تريد ان تستعرض على حساب مستقبلنا و واقعنا .

نعم مللنا هذا الوضع ، إن خط النهضة واضح و أسسه معلومة ، النهضة ليست مشروع قمبلة بشرية و لا مشروع لإعادة احياء التراث و لا مشروع لقراءة النصوص الدينية قراءة تلفيقية لنرضي غرورنا المزيف التافه.

النهضة مشروع تنمية اقتصادية و تعليمية و لحاق بركب الامم المتقدمة من خلال العلم و العمل ، من خلال تنشيط الفكر و الابداع و تشجيع الانتاج و البناء ، النهضة التي يمكن ان تحققها الشعوب كما فعلت اليابان و كوريا و ماليزيا و كما يفعل كل العالم لا علاقة لها بمنتجات الغباء الذي يوضع عليه زوراً و ظلما و بهتاناً إسم الله و الله منها بريء.

النهضة ليست مشروع للمزاودات الغبية ، و اتهام كل من يخالفنا تارة بالكفر و أخرى بالعمالة و لا هي مشروع للزيت و الزعتر ، النهضة ...... النهضة عملية بناء و ليست عملية هدم.

اجمالي القراءات 12469