هو نفس النباح إذن..
لا أحد تعلم ولا أحد تاب ولا أحد تراجع..
لا يوجد أى اختراع علمى أو طبى على مدى مئات السنين نجح فى أن يعدل ذيل الكلب، ومن ثم لا يمكن أن تتوقع أن يتغير هؤلاء الذين عملوا خدامين لمبارك ونجله فى التليفزيون والفضائيات الخاصة ويتحولوا إلى رجال محترمين لهم كلمة ولديهم استقلالية، إطلاقا إنهم نوع من المماليك الذين لا يجيدون إلا تأجير سيوفهم لأسيادهم، لا أمل فيهم ولا منهم!
نفس الذين نافقوا مبارك وحاربوا الثورة والثوار بمنتهى الصفاقة والكذب والتضليل من مقدمى البرامج المسائية حتى مقدمى البرامج الرياضية من الذين رقصوا لجمال مبارك وركعوا لمبارك ولعقوا لأمن الدولة هم الذين سارعوا ليقدموا فروض الولاء والطاعة والنطاعة نفاقا للمجلس العسكرى ويخلعون الأقنعة الممزقة عن وجوههم، تلك التى حاولت أن تخفى كراهيتهم العميقة للثورة والثوار طيلة شهور سبقت، حتى تيقنوا أن المجلس العسكرى يكره الثورة كما يكرهونها ويلعن الثوار كما يلعنونهم ويطعن فى سيرتهم وسمعتهم، فانطلقوا ينهشون بنفس المخالب وذات الحوافر لحم الثوار وسط مباركة ورضا وحفاوة وتشجيع من المجلس العسكرى!
نفس تليفزيون صفوت الشريف وأنس الفقى هو تليفزيون إسماعيل عتمان وأسامة هيكل وأحمد أنيس..
ما الحل إذن؟
أعرف تماما أنه بمجرد خروج المجلس العسكرى من المشهد -هذا إن خرج- سيتحول خدم الإعلام الحكومى إلى نفاق الإخوان المسلمين والسلفيين وسينحنى باركا فورا ليركبه الإسلاميون ويشدوا لجامه..
إذن هو إعلام مركوب بالضرورة، فكيف نتخلص من نظرية ذيل الكلب الذى لا يمكن أن ينعدل؟ بالمناسبة كل الذيول لا تنعدل ولا أعرف لماذا اختار المصريون الكلب تحديدا ليعايروه بذلك أو يضربوه مثلا، نريد حلا ينقذنا من هذا الإعلام المركوب ليصبح إعلاما حقيقيا مملوكا للشعب وليس عبدا مملوكيا فى يد سيده، إعلام كان بالأمس بوق مبارك واليوم نوق المجلس العسكرى وغدا بوق ونوق الإسلاميين. السعداء الآن بأن التليفزيون فى خدمتهم وتحت بيادتهم ربما بعد عدة أسابيع يتحول إلى حرب عليهم لخدمة سيد آخر ينتقل فيه من مدافع عن الكاب والبيادة إلى مدافع عن اللحية والجلباب، هذا إعلام ليس منا وليس ملكنا بل هو إعلام مركوب للراكبين فكيف ننقذ مصر ومستقبلها منه؟
الحل هو أن نسمع كلام ياسر عبد العزيز الذى للغرابة يقوله منذ اليوم التالى للثورة وأسمعَه نصا لكل وزير ومسؤول عن الإعلام وأرسله إلى كل رئيس حكومة وأوصله إلى عدد من جنرالات المجلس العسكرى، لكن لا صوت يعلو فوق صوت الهرتلة، فلم يُعِر أحد ياسر وحلوله أى اهتمام!
أما ياسر عبد العزيز فهو خبير إعلام مصرى مرموق له تجارب مع الإعلام الدولى وخبرات واسعة وعميقة مع الإعلام الحقيقى اللى بجد فى العالم الخارجى، حيث لا أنس ولا فقى ولا إسماعيل ولا عتمان وبالقطع ولا أحمد ولا أنيس!
الرجل انشغل بشغله فقدم مشروعه يحمل عنوانا هامًّا وطويلا «إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة.. اتحاد الإذاعة والتليفزيون والصحف القومية بعد 25 يناير»، ولأن الله لم يرزق مصر بعد بمسؤولين يجيدون القراءة والكتابة فإن الإهمال لا يزال يلاحق هذا المشروع الضامن لإعادة حق المواطن فى تليفزيونه وصحفه المملوكة له والمنزوعة منه لصالح نفاق السلطة أيا كانت السلطة، لقد ضبطت ثورة يناير هذا الإعلام فوق السرير، ولهذا يقول ياسر عبد العزيز بعلمية متجردة وبعقل بارد «كشفت ثورة 25 يناير 2011 عن عدد من العوامل المتعلقة بأداء المؤسسات الإعلامية التابعة للدولة المصرية ونمط ملكيتها وتشغيلها والعوائد من هذا التشغيل، ومنها:
- افتقاد منظومة وسائل الإعلام التابعة للدولة الرؤية والاتجاه الإدارى والتحريرى والتشغيلى.
- ارتهان تلك المنظومة للحكومة وليس للدولة بوصفها تعبيرا عن المجموع العام، وفى أحيان كثيرة لجناح ضيق فى الحكومة جسّدته مجموعة مصالح محددة، وفى أحيان أخرى للحزب الحاكم سابقا (الحزب الوطنى الديمقراطى)، ولجناح ضيق فى هذا الحزب.
- افتقاد الجمهور المصرى الثقة فى منظومة وسائل الإعلام المملوكة للدولة، خصوصا بعد انتقالها المثير للدهشة والجدل من أقصى درجات الولاء للنظام السابق إلى أقصى درجات التشهير به والطعن فيه، مستخدمة فى كلتا الحالتين المقاربة غير المهنية والانحياز الصارخ.
- تفاقم المظالم والمفاسد والهدر الذى تنطوى عليه إدارات تلك المؤسسات.
- عدم خضوع أى من هذه الوسائل للمساءلة بشكل مستمر، وافتقادها أى إطار للمسؤولية بخلاف تحقيق مصالح ورغبات النظام المتحكم فيها.
- سقوط الفلسفة التى بنيت عليها فكرة تملك الدولة أو المجموع العام وسائل إعلام للنهوض بخدمات محددة، بسبب ارتهان تلك الوسائل لممثل المالكين، الذى جاء عبر انتخابات مزورة أو بتعيينات غير سليمة».
طيب نعمل إيه يا ياسر وقد قلت بطريقة مؤدبة ما نريد أن نقوله بطريقة تخلو من أدبك؟
نكمل غدا بإذن الله…