نقد كتاب الإعلام بأحكام زيارة خير الأنام

رضا البطاوى البطاوى في الخميس ٠٧ - يوليو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد كتاب الإعلام بأحكام زيارة خير الأنام
الكتاب تأليف أبي عبد الله محمد بن محمد المصطفى وقد استهل الرجل البحث بمقدمة وتمهيد طويلين رأينا أن لا فائدة منهما لأن المطلوب هو صلب الموضوع وهو زيارة القبر المنسوب للنبى الخاتم(ص)
وقد أورد الرجل الأحاديث في فضل المسجد النبوى والصلاة والتعلم فيه فقال :
المطلب الأول الأحاديث الواردة في فضل المسجد النبوي والصلاة والتعلم فيه.
لا شك أن فضائل المسجد النبوي الشريف لا يمكن حصرها لأنه منبع الإيمان ومهبط الوحي ومؤسسه رسول الله (بأمر من الله وكان يتردد عليه فيه جبريل
قال الله تعالى (وما ينطق عن الهوى (إن هو إلا وحي يوحى) وإليك بعض الأحاديث الواردة في فضله
1 - عن أبي هريرة (عن النبي (قال لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول والمسجد الأقصى "
والحديث تكذيب لقوله تعالى :
" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا"
فلا زيارة سوى لبيت الله وقال:
2 - عن أبي هريرة قال صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ."
الحديث يكذب كون الصلاة وأى عمل صالح أخر غير مالى بعشر حسنات كما قال تعالى:
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
وقال :
3 - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي
4 - عن أم سلمة قالت قال رسول الله ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة وقوائم بيتي رواتب في الجنة."
الحديث تكذيب لقوله تعالى :
" عندها سدرة المنتهى عندها جنة المأوى"
فالجنة في السماء حاليا وليس في الأرض وقال:
5 - عن يزيد بن أبي عبيد قال كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف فقلت يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة قال فإني رأيت النبي يتحرى الصلاة عندها ."
ليس في الحديث أذى ذكر للفضل أو غيره وقال:
6 - عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله (يقول من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره ."
الحديث يكذب أن المجاهد لا يدانيه أحد في منزلته كما قال تعالى :
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وتحدث هم حكم زيارة المسجد النبوى فقال :
"المطلب الثاني حكم زيارة المسجد النبوي.
حكى ابن تيمية الاتفاق على مشروعية السفر إلى مسجده عليه الصلاة والسلام.
وقال عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب اتفق علماء السلف والخلف على أن السفر إلى مسجده والصلاة والسلام عليه (أنه سفر مشروع باتفاق المسلمين قال ومراد العلماء الذين
قالوا إنه يستحب السفر إلى قبر النبي (هو السفر إلى مسجده .
وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد
••واستدلوا على ذلك بما يأتي
••الدليل الأول
عن أبي هريرة (عن النبي (قال لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الأقصى
••الدليل الثاني
عن أبي هريرة قال صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلاالمسجد الحرام .
الدليل الثالث
عن جابر بن عبد الله عن رسول الله (قال إن خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق"
لا يوجد في الوحى شىء اسمه زيارة المسجد النبوى وقد ثبت مناقضة الأحاديث السابقة للقرآن والرسول (ص) لا يمكن أن يخالف كتاب الله فيخترع أحكام من نفسه كما قال:
"قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم"
وذكر حكم زيارة القبور الثلاثة فقال :
"المطلب الثالث حكم زيارة قبر النبي وصاحبيه وآداب السلام عليهم.
حكم زيارة قبر النبي
تستحب زيارة قبر النبي وصاحبيه وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد قال المرداوى هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة متقدمهم ومتأخرهم.
واستدلوا على ذلك بما يأتي
الدليل الأول
عن ابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله (نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا "
الحديث اتهام صريح للنبى(ص) بأنه يخترع أحكام من عند نفسه وهو ما يخالف قوله تعالى على لسان النبى(ص) "قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم"
وقال :
"الدليل الثاني
عن أبي هريرة عن رسول الله قال ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ... "
هنا الرسول(ص) حسب القول الكاذب هو من يسمع الصلاة وهو ما يناقض الدليل الثالث أن السامع هو أحد الملائكة والذة يوصل القول للنبى(ص) وهوقولهم:
"الدليل الثالث
عن عمار بن ياسر (قال قال رسول الله ( إن الله وكل بقبري ملكا أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك "
والباطل في الدليل الثانى أن النبى(ص) حاليا في الجنة ولو قعد يرد على تلك الصلوات فلن يتمتع بأى شىء مما في الجنة
وقال :
"الدليل الرابع
عن أبي بكر الصديق قال قال رسول الله أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكا عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة."
والباطل في الدليل الثالث والرابع وجود ملك في الأرض عند القبر والملائكة في السماء لا تنزل الأرض لعدم اطمئنانها أى خوفها كما قال تعالى :
" قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
وقال :
"الدليل الخامس
عن ابن عمر (أنه كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه "
وهذه الرواية باطلة فالحى لا يخاطب الميت وإلا كان مجنونا لأنه لن يرد عليه فإن سلمنا برد النبى(ص) فكيف نسلم بأن أبو بكر وعمر يردان وليس في ردهما أحاديث ؟
الدليل السادس
قال الشوكاني وقد رويت زيارته (ص)عن جماعة من الصحابة "
وهذا الكلام عام لأن لو كان القبر في جانب البيت لكان طبيعيا أن يصلى الناس فيه ومن ثم يعتبر الصلاة في جوار القبر زيارة مخطىء
وأتانا الرجل بخبل وهو الاستدلال بالأحاديث المرفوضة من علماء الحديث كدليل على صحة الزيارة فقال :
الدليل السابع
الأحاديث الضعيفة الواردة في زيارته ( ص)
قال الشوكاني منها أحاديث خاصة بزيارة قبره الشريف أخرج الدارقطني عن رجل من آل حاطب عن حاطب قال قال رسول الله ( من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي وفي إسناده الرجل المجهول ..وعن ابن عمر حديث آخر عند الدارقطني بلفظ من زار قبري وجبت له شفاعتي وفي إسناده موسى بن هلال العبدي عدي ..وعن أنس عند ابن أبي الدنيا بلفظ من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة وفي إسناده سليمان بن زيد الكعبي ضعفه ابن حبان والدارقطني ...وعن عبد الله بن مسعود عن أبي الفتح الأزدي بلفظ من حج حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلى في بيت المقدس لم يسأله الله فيما افترض عليه وعن أبي هريرة بنحو حديث حاطب المتقدم وعن ابن عباس عنده بنحوه وعنه في مسند الفردوس بلفظ من حج إلى مكة ثم قصدني في مسجدي كتبت له حجتان مبرورتان وعن علي بن أبي طالب عليه السلام عند ابن عساكر من زار قبر رسول الله (كان في جواره وفي إسناده عبد الملك بن هارون بن عنبرة وفيه مقال قال الحافظ وأصح ما ورد في ذلك ما رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعا ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام وبهذا الحديث صدر البيهقي الباب ولكن ليس فيه ما يدل على اعتبار كون المسلم عليه على قبره بل ظاهره أعم من ذلك وقال الحافظ أيضا أكثر متون هذه الأحاديث موضوعة.
وجه الدلالة
دلت هذه الأحاديث والآثار على مشروعية زيارة القبور وأن الله تبارك وتعالى وكل ملكا بقبره يبلغه صلاة وسلام أمته عليه وأنه يرد عليهم السلام ولاشك أن أفضل القبور وأولاها بالزيارة والسلام عليه هو قبر النبي (وصاحبيه.."
أين ذهب عقل الرجل وهو يستدل على المشروعية بما ثبت عند القوم أمه غير صحيح ؟
وقال:
"الدليل الثامن الإجماع
قال الحافظ ابن حجر الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي (وما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي (وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدبا لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلى الصواب."
الإجماع ليس دليلا فقد أجمع اخوة يوسف (ص) المسلمين على تضييعه كما قال تعالى "فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابات الجب "
وأجمع النبى الخاتم(ص) والمؤمنين معه على اتهام برىء حتى أنزل الله الوحى ناهيا إياهم عن ذلك فقال :
"ولا تكن للخائنين خصيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبين ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء"
وكرر دليل الإجماع مسميا إياه اتفاق العلماء فقال :
"الدليل التاسع
قال عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب اتفق علماء السلف والخلف على أن السفر إلى مسجده والصلاة والسلام عليه (أنه سفر مشروع باتفاق المسلمين وقال ومراد العلماء الذين قالوا إنه يستحب السفر إلى قبر النبي (هو السفر إلى مسجده وأما إن كانت الزيارة لقبر النبي (أو الرجل الصالح فيها شد رحل فهي زيارة بدعية ووسيلة من وسائل الشرك. .
قال النووي فإذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحبابا متأكدا أن يتوجهوا إلى المدينة لزيارته (وينوي الزائر من الزيارة التقرب وشد الرحل إليه والصلاة فيه أي في المسجد وإذا توجه فليكثر من الصلاة والتسليم عليه (في طريقه فإذا وقع بصره على أشجار المدينة وحرمها وما يعرف بها زاد من الصلاة والتسليم عليه (وسأل الله تعالى أن ينفعه بهذه الزيارة وأن يقبلها منه ويستحب أن يغتسل قبل دخوله ويلبس أنظف ثيابه ويستحضر في قلبه شرف المدينة وأنها أفضل الأرض بعد مكة عند بعض العلماء وعند بعضهم أفضلها مطلقا وأن الذي شرفت به (خير الخلائق وليكن من أول قدومه إلى أن يرجع مستشعرا لتعظيمه ممتلىء القلب من هيبته كأنه يراه فإذا وصل باب مسجده (فليقل الذكر المستحب في دخول كل مسجد ويقدم رجله اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج كما في سائر المساجد فإذا دخل قصد الروضة الكريمة وهي ما بين القبر والمنبر فيصلي تحية المسجد بجنب المنبر فإذا صلى التحية في الروضة أو غيرها من المسجد شكر الله تعالى على هذه النعمة وسأله إتمام ما قصده وقبول زيارته ثم يأتي القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر ويبعد من رأس القبر نحو أربع أذرع ويجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه ويقف ناظرا إلى أسفل ما يستقبله من جدار القبر غاض الطرف في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علائق الدنيا مستحضرا في قلبه جلالة موقفه ومنزلة من هو بحضرته ثم يسلم ولا يرفع صوته بل يقصد فيقول السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين السلام عليك يا خير الخلائق أجمعين السلام عليك وعلى آلك وأهل بيتك وأزواجك وأصحابك أجمعين السلام عليك وعلى سائر عباد الله الصالحين جزاك الله يا رسول الله أفضل ما جزى نبيا ورسولا عن أمته وصلى عليك كلما ذكرك ذاكر وغفل عن ذكرك غافل أفضل وأكمل ما صلى على أحد من الخلق أجمعين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده اللهم آته الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ومن طال عليه هذا كله اقتصر على بعضه وأقله السلام عليك يا رسول الله (ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع للسلام على أبي بكر ( لأن رأسه عند منكب رسول الله (فيقول السلام عليك يا أبا بكر صفي رسول الله (وثانيه في الغار جزاك الله عن أمة رسول الله (خيرا ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع للسلام على عمر ( ويقول السلام عليك يا عمر الذي أعز الله به الإسلام جزاك الله عن أمة نبيه (خيرا
قال الأثرم رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي (يقومون من ناحية فيسلمون قال أبو عبد الله وهكذا كان ابن عمر يفعل."
كل هذا الكلام باطل فتعبيرات خيرة الخلق وسيد المرسلين باطلة لا تتفق كون عقيدة المسلمين كما قص الله علينا:
" لا نفرق بين أحد من رسله"
وكما سبق القول خطاب الحى للميت خبل طبقا للتفسير الظاهرى لقوله تعالى " وما أنت بمسمع من في القبور"
فالميت لا يسمع شىء
وكما سبق القول إن صدقنا أن النبى(ص) يرد فكيف يرد أبو بكر وعمر ولم يرو فيهما أحاديث أنهما يردان السلام ؟
وقال الرجل :
"المطلب الرابع حكم إرسال السلام إلى النبي (من بعد مع الغير
قال النووي وجاء عن عمر وغيره كان قد أوصى بالسلام عليه (قال السلام عليك يا رسول الله من فلان ابن فلان وفلان ابن فلان يسلم عليك يا رسول الله أو نحو هذه العبارة ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع للسلام على أبي بكر ( لأن رأسه عند منكب رسول الله (فيقول السلام عليك يا أبا بكر صفي رسول الله (وثانيه في الغار جزاك الله عن أمة رسول الله ( خيرا ثم يتأخر إلى صوب يمينه ذراع للسلام على عمر ( ويقول السلام عليك يا عمر الذي أعز الله به الإسلام جزاك الله عن أمة نبيه (خيرا
قلت مراد النووي هنا بعمر هو عمر بن العزيز وليس عمر بن الخطاب.
قال بن الهمام في كتابه فتح القدير وليبلغ سلام من أوصاه بتبليغ سلامه فيقول السلام عليك يا رسول الله (من فلان ابن فلان أو فلان بن فلان يسلم عليك يا رسول الله (يروي أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان يوصي بذلك ويرسل البريد من الشام إلى المدينة الشريفة بذلك. قلت ولم أقف عليه عن أحد من السلف إلا عن عمر بن عبد العزيز إن صح ذلك عنه مع أنه ليس هناك دليل شرعي يمنع من إرسال السلام إلا عدم نقله عن السلف ولكن هذا تحصيل حاصل ولسنا بحاجة إليه لأننا قد كفيناه لأنه ثبت عن رسول الله (من حديث عبد الله بن مسعود (قال قال رسول الله ( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام فمتى سلم المسلم عليه (سواء في الشرق أو في الغرب فهي تصله بإذن الله تعالى"
الحديث يتناقض مع أن المبلغ هو ملك واحد في القبر فأيهما نصدق ملك في القبر أم ملائكة سياحين في الأرض؟
وكيف نصدق بسياحة الملائكة في ألأرض وهو يحافون نزولها فهم غير مطمئنين فيها كما قال تعالى :
" قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
وذكر حكم السلام على النبى (ص) من بعد فقال :
"المطلب الخامس حكم السلام على النبي (من بعد وهو داخل المسجد النبوي.
لا شك أن السلام والمخاطبة من بعد تنافي التوقير وكمال الاحترام لا سيما إذا كان ذلك من غير ضرورة قال الشيخ عطية محمد سالم يجاء الأدب معه (في بيته مع أسرته وحرمة بيته صلوات الله وسلامه عليه فقال تعالي "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون * ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم "
وقد سبق القول في مخاطبة الحى للميت ثم قال :
"المطلب السادس صيغة السلام على النبي (وصاحبيه.
كل صيغة من صيغ السلام مما يؤدي المعنى المطلوب فهي جائزة وأولاها الصيغة الثابتة
عن ابن عمر أنه كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه
قال الأثرم رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي (يقومون من ناحية فيسلمون قال أبو عبد الله وهكذا كان ابن عمر يفعل .
وإذا أتى بما هو حق وصدق من الألفاظ الصحيحة السالمة من المخالفات والغلو فهو جائز.
قال النووي يأتي الزائر إلى القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر ويبعد من رأس القبر نحو أربع أذرع ويجعل القنديل الذي في القبلة ثم القبر على رأسه ويقف ناظرا إلى أسفل ما يستقبله من جدار القبر غاض الطرف في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علائق الدنيا مستحضرا في قلبه جلالة موقفه ومنزلة من هو بحضرته ثم يسلم ولا يرفع صوته بل يقصد فيقول السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين السلام عليك يا خير الخلائق أجمعين السلام عليك وعلى آلك وأهل بيتك وأزواجك وأصحابك أجمعين السلام عليك وعلى سائر عباد الله الصالحين جزاك الله يا رسول الله أفضل ما جزى نبيا ....السلام عليك يا رسول الله (ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع للسلام على أبي بكر ( لأن رأسه عند منكب رسول الله (فيقول السلام عليك يا أبا بكر صفي رسول الله (وثانيه في الغار جزاك الله عن أمة رسول الله (خيرا ثم يتأخر إلى صوب يمينه ذراع للسلام على عمر ( ويقول السلام عليك يا عمر الذي أعز الله به الإسلام جزاك الله عن أمة نبيه (خيرا ."
وهذا الكلام هو تكرار للكلام الذى سبق في الزيارة ولكنه أعاده بدون مبرر وحدثنا عن هيئة المسلم عند الزيارة فقال :
"المطلب السابع هيئة المسلم عند الزيارة ومذاهب العلماء في ذلك
ينبغي للزائر أن يقف بكل سكينة وأدب ووقار مستقبلا القبر الشريف فإن كان الزحام شديدا فليؤخر إلي ساحة أقل زحاما معتبرا مقام أفضل وأعظم خلق الله على الإطلاق (ثم يسلم عليه وعلى صاحبيه وأما ما يفعله بعض الناس من وضع اليمنى على اليسرى كهيئة الصلاة أو الانحناء أمام القبر أو الدعاء فذلك حق لله تبارك وتعالى فلا يصح صرفه لغير الله ولا يرضاه رسول الله (.
وقد اختلف العلماء في مكان الوقوف وقت السلام على النبي (على قولين
القول الأول
أن مكان الوقوف عند المواجهة مستقبلا القبر الشريف ومستدبرا القبلة
وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد ورواية عن أبي حنيفة
القول الثاني
قال ابن الهمام يقف الزائر من قبل رجل المتوفي لا من قبل رأسه فإنه أتعب لبصر الميت بخلاف الأول لأنه يكون مقابلا بصره لأن بصره ناظر إلى جهة قدميه إذا كان على جنبه فعلى هذا تكون القبلة عن يسار الواقف من جهة قدميه (ص)بخلاف ما إذا كان من جهة وجهه الكريم فإذا أكثر الاستقبال إليه (ص)لا كل الاستقبال يكون استدباره القبلة أكثر من أخذه إلى جهتها فيصدق الاستدبار ونوع من الاستقبال وينبغي أن يكون وقوف الزائر
.استدل أصحاب القول الأول بما يأتي
الدليل الأول
عن ابن عمر (أنه كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه
الدليل الثاني
لأن من أدب المحادثة أن تكون أمام من تتحدث معه وهو اللائق في حقه (وصاحبيه.
استدل أصحاب القول الثاني
بأن الوقوف في مواجه الميت أتعب لبصره بخلاف الوقوف من قبل الرجل لأن بصره ناظر إلى جهة قدميه إذا كان على جنبه فعلى هذا تكون القبلة عن يسار الواقف من جهة قدميه (ص)بخلاف ما إذا كان من جهة وجهه الكريم .
المناقشة والترجيح
بعد النظر في أدلة أصحاب القولين تبين لي ما يأتي
الأول أن ما استدل به أصحاب القول الأول وجيه وقوي لأن من أدب المحادثة أن تكون أمام من تتحدث معه لا وراءه وهو اللائق في حقه (وصاحبيه وأما قول أصحاب القول الثاني بأن ذلك يتعب بصر الميت فلا وجه له لأن الحياة البرزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله عز وجل وقد أخبر النبي (أنه مر بموسى ليلة أسري به وهو قائم يصلي في قبره كما في الصحيح وغيره من حديث أنس بن مالك (أن رسول الله (قال مررت بموسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره.
فدل ذلك على أن الحياة البرزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله عز وجل فالقول بأن بصر الميت ناظر إلى قدميه فيه نظر ويحتاج إلى دليل وبهذا يتبين لي رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن زائر قبر النبي (يقف مستقبلا القبر ومستدبرا القبلة للسلام عليه (وعلى صاحبيه للأدلة التي استلوا بها "
وكل هذا الكلام مبنى على خطأ ففى مسجد الله لا ينبغى إلا الصلاة لله ولا ينبغى لأى شىء أخر كما قال تعالى :
" في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
وحدثنا عن الدعاء عند القبر فقال :
"المطلب الثامن تحري الدعاء عند القبر الشريف وهيئته
وقال ابن عقيل وابن الجوزي يكره قصد القبور للدعاء وقال مالك هو بدعة لم يفعلها السلف.
وقال ابن تيمية يكره قصد القبور للدعاء ووقوفه عندها أيضا للدعاء.
وقال أيضا ولاينبغي لأحد أن يدعو الله ويتوسل إليه إلا بما شرع من سؤاله بأسمائه وصفاته العلا وبالأعمال الصالحة التي شرعها لعباده وبدعاء الأحياء الصالحين , ولم يعرف قط أن الصديق أبا بكر وعمر بن الخطاب وأكابر الصحابة رضوان الله عليهم سألوا النبي (أن يدعو لهم وإن كانوا يطلبون منه أن يدعو للمسلمين نعم دعاء المسلم لأخيه حسن مأمور به مادام في حياته لورود ما يدل عليه. أما أن يسأل المؤمن الله تعالى بحق فلان أو بذاته أو بجاهه بعد موته فهذا من أعظم أنواع البدع المحرمة التي سد الله ورسوله ذريعتها وينبغي أن يكتفي بالسلام المشروع
قال السدلان في رسالته آداب وأحكام زيارة المدينة
لم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر النبي (لأجل الدعاء عنده بعد السلام عليه ولا كان الصحابة رضوان الله عليهم يقصدون الدعاء عند قبره لا مستقبلي القبلة ولا مستدبريها. ولم يقل أحد من العلماء أن الدعاء مستجاب عند قبره ولا أنه يستحب أن يتحرى الدعاء متوجها إلى قبره (, إلا ما ذكره بعض أهل العلم في كتبهم من استحباب استقبال الحجرة عند السلام عليه , ثم بعد فراغه من السلام عليه يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو قرب من الحجرة أو بعدها.
هذا لا دليل عليه من كتاب ولا سنة , والأولى للمسلم إذا أراد أن يصيب السنة أن يسلم على النبي (وعلى صاحبيه ثم ينصرف ولا يقف مستقبل القبلة ولا مستقبل القبر للدعاء , بل نص أئمة السلف على أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء مطلقا.
وهكذا حمد الله تعالى والصلاة على النبي (وإكثار الدعاء والتضرع وتجديد التوبة عند قبره (ص)لم يثبت عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك , وإنما المأثور عن السلف والأئمة أنهم يستحبون عند قبره (ما هو من جنس الدعاء له (ص)والتحية كالصلاة والسلام عليه فقط .
ومعلوم أن الصلاة عليه والدعاء له (سؤال تطلب فيه الوسيلة وبعثه المقام المحمود
ثم إن استقبال القبلة أو استدبارها للدعاء وتحديد التوبة والتضرع ليس عليه دليل ولا هذا الموضوع من مواضع إجابة الدعاء في السجود وآخر الليل وأدبار الصلوات وبعد تلاوة القرآن الكريم وبعد النداء وبين الآذان والإقامة وعند نزول الغيث ومجالس الذكر واجتماع المسلمين
ودعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب وفي ليلة القدر ويوم عرفة وليلة الجمعة ويومها , ونحو ذلك مما ورد ."
والرجل هنا ينهى الناس عن الدعاء عند القبر وحدثنا عن تكرار الزيارة فقال :
"المطلب التاسع التردد على المواجهة وتكرار زيارة قبر النبي (وصاحبيه.
ينقسم الناس في ذلك إلي قسمين قسم مقيم وقاطن في المدينة سواء كان من أهلها أو ساكن فيها لغير الزيارة وقسم وافد إليها مدة يسيرة ويرحل عنها.
وقد نقل عن مالك بن أنس التفصيل والتفريق بين القسمين فكره لأهل المدينة أنه كلما دخل أحدهم إلي المسجد أن يقف ويسلم أي في المواجهة وأجاز ذلك للغرباء. قال الباجي وقال مالك في المبسوط إنما ذلك على الغرباء إذا دخلوا وخرجوا وليس عليهم فيما بين ذلك وليس ذلك على أهل المدينة قال ابن القاسم ورأيت أهل المدينة إذا أرادوا الخروج منها أتوا القبر فسلموا وإذا دخلوا المدينة فعلوا مثل ذلك قال وهو رأي وفرق مالك بين أهل المدينة والغرباء لأن الغرباء قصدوا لذلك وأما أهل المدينة فهم مقيمون بها لم يقصدوها من أجل القبر والمسجد والذي شرع لمن وقف بالقبر أن يسلم على النبي (وعلى أبي بكر وعمر قاله مالك في المبسوط
...
والخلاصة أن العلماء يفرقون في تكرار الزيارة للموجود بالمدينة بين المقيم الساكن بها وبين الوافد القادم إليها وحكم كل منهما هو عدم استحباب التكرار والتزامه وأن للمقيم عند السفر وعند العودة من سفر.
وللقادم عدم الإكثار كل يوم وله في الأمر سعة. وللجميع من مقيم وقادم أنه إذا مر من المواجهة في طريقه إلي الصلاة أو خروجه من المسجد أن كل من مر من هناك فإنه يسلم عند مروره ولو لم يقف في المواجهة.
وكذلك نقل عن مالك في شرح (العتبية) لابن رشد أنه سئل عن المار بقبر النبي (أترى أن يسلم كلما مر قال نعم أرى ذلك عليه أن يسلم كلما مر به وقد أكثر الناس من ذلك فإذا لم يمر به فلا أرى ذلك "
وقطعا الزيارة لا هى مطلوبة ولا بالتالى لا تكرر لأن الله لم يطلب أن نزور قبر أحد من الخلق والغريب هو أن من يطلب زيارة القبر ينهى عن زيارة من يسمونهم قبور الأولياء والصالحين وهو تناقض في المبدأ فإما حرمة الكل وهو الصحيح وإما إباحة الكل وهو الحرام
وأنهى الرجل الكتاب بذكر مخالفات الزوار فقال :
المطلب العاشر المخالفات التي تحدث من بعض الزوار أو بعض المصلين عموما في المسجد النبوي وغيره.
أ – منها الجري عند الإتيان إلى الصلاة وبخاصة عند الدخول من الأبواب قبل صلاة الفجر.
ب – ومنها تقطع الصفوف وخاصة الصفوف المتأخرة.
ج - ومنها تباعد ما بين الصفوف مما يسع صفا أو أكثر
د – ومنها تخلل الفجوات في الصف ووجود فضاء بين المصلي والذي يليه يمينا أو يسارا.
هـ – ومنها عدم المبالاة بالمرور بين يدي المصلين.
و – ومنها اعتقاد بأن ازدحام المصلين في المسجد النبوي مسوغ لجواز المرور بين يدي المصلين
ز – ومنها تخطي الرقاب ممن جاء متأخرا ليصل إلى أوائل الصفوف أو إلى الروضة أو المسجد القديم.
ح – ومنها الجلوس في الممرات أو في مداخل المسجد عند الأبواب مع وجود السعة داخل المسجد.
ط – ومنها اعتقاد أن لزيارة المسجد النبوي مدة معينة وأقلها ثمانية أيام لأجل إكمال أربعين صلاة.
ي – ومنها التمسح بالشبابيك الذي على القبر الشريف أو الجدران أو المنبر أو المصلى كل ذلك من الجهل.
ك – ومنها رفع أصوات النساء وقت الزيارة وجريهن إثناء دخولهن للروضة النبوية.
ل – ومنها إنشاء صلاة النافلة بعد إقامة صلاة الفريضة.
م – ومنها الدعاء ورفع الأيدي مستقبلا القبر."
ومعظم ما قاله في أول المخالفات لا علاقة له بموضوع الزيارة وإنما يتعلق بالصلاة
اجمالي القراءات 2367