الاستاذ احمد عبده ماهر يستحق التقدير و الاحترام باعتباره قلما من اقلام التنوير الاسلامي بمصر لماذا ؟
مقدمة متواضعة
منذ هزيمة العرب الشهيرة في حرب 1967 مع اسرائيل ظهرت تاويلات مختلفة و من بينها التخلي عن الدين بصفة مطلقة من طرف المسلمين و انظمتهم الحاكمة حيث اصبح هذا التاويل فرصة ذهبية للغوص مجددا في بحور خرافات سلف الامة الفاسد نعم الفاسد للاسف الشديد منذ تولي بني امية الخلافة بالسيف و بالعنف و لعن علي بن طالب على المنابر و اغتيال ابنه الحسين في العراق الخ من قائمة الجرائم و المنكرات التي فعلها بني امية و بني عباس و بني عثمان و بني عبد الوهاب بالاسلام كدين و كقيم و كفكر سياسي تحت ذريعة اتباع سلف الامة الصالح كما يسمى .
ان هذا التاويل الايديولوجي بعد هزيمة سنة 1967 لم ينطلق من منطلق السير بالاسلام و بالمسلمين الى مدارك التقدم و التطور و التطوير في كل مناحي الحياة العامة بما فيها الدين الاسلامي كجزء جوهري من الوعي الجمعي لمنطقة شمال افريقيا و منطقة الشرق الاوسط احب من احب و كره من كره.
بل عمد هذا التاويل الى استغلال هذا الوعي الجمعي استغلالا خطيرا لصالح الوهابية العالمية بصفتها النسخة الاصلية للاسلام و هكذا تم تدويل هذه الفكرة الخطيرة شيئا فشيئا داخل مجتمعاتنا الاسلامية و داخل مجتمعات الغرب المسيحي فاخذ الارهاب باسم الاسلام ينتشر في مصر بعد اغتيال الراحل السادات الذي سمح للتيارات المسماة بالاسلامية لتاطير المجتمع المصري عبر التلفزيون و الاذاعة و منابر المساجد تطبيقا لسياسة الوهابية العالمية .
لقد وصلت هذه السياسة الى المغرب ابتداء من سنة 1979 لان النظام وقتها كان يحارب اليسار القومي و يحارب وعي فقهاء اهل سوس الطبيعي تجاه الثقافة الامازيغية بوصفها ثقافة اسلامية بمعنى ان النظام قد اختار الوهابية وقتها لصياغة الوعي الديني الجمعي للمغاربة نحو الجمود و الانكار التام لوجود لهوية تسمى الامازيغية فوق ارض المغرب انذاك .
ان الوهابية العالمية قد استطاعت في ظرف اكثر من 40 سنة تخريب الاسلام كدين و كقيم عليا و كفكر سياسي خصوصا في الغرب المسيحي بعد احداث 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدة الامريكية و استطاعت هذه الاخيرة تشجيع تيارات الاسلام السياسي عبر جغرافية العالم الاسلامي بغية تحطيم اسس الدولة المدنية المنشودة التي تقر بالاسلام كالدين الرسمي للدولة المدنية و كالامتداد المجتمعي لها .
لكن بالمقابل تسعى هذه الدولة المدنية المنشودة الى حماية الحقوق الانسانية و الحريات بعيدا عن تاويلات سلف الامة المتخلفة لكنها نسبت الى الاسلام ظلما و عدوانا علما ان الاسلام له قابلية للتطور و التطوير مع تعاقب العصور و الازمان الى قيام الساعة و لهذا السبب وجد التنوير الاسلامي كما اسميه لتنظيف ديننا الطاهر اصلا من اوساخ سلف الامة من خلال صحيح الامام البخاري كنموذج فقط باعتباره اصح كتاب بعد كتاب الله تعالى حسب قول عموم الوهابيين و دعاة الاسلام السياسي ...
الى صلب الموضوع
انني اعتذر للاستاذ احمد عبده ماهر لعدم مواكبتي لمنحته مع مؤسسة الازهر الشريف و مع الدولة المصرية منذ ابريل الماضي لانني كنت مشغولا في مراجعة كتابي الخ .
ان المستشار احمد عبده ماهر كان متهم بازدراء الدين الاسلامي كتهمة جاهزة ضد من يفكر اي يجتهد لصالح تطوير فكرنا الاسلامي خارج الاطار السلفي الطاغي داخل مجتمعاتنا الاسلامية و داخل خطابنا الديني الرسمي حيث يكفي ان يقول المستشار عبده ماهر لا وجود لسبي النساء و وطئهن في الاسلام اصلا و لا وجود لقتل المرتد او تارك الصلاة او المليين في الاسلام الخ من هذه الاراء التي تتعارض مع الاسلام اصلا...
غير ان الاراء الاسلامية تتعارض مع مصالح الوهابيين و الاخوان المسلمين بمصر و لهذا قامت الدنيا عليه بالتكفير و اخراجه من الملة الاسلامية و حتى قتله كما كان الحال مع شهيد المرحوم فرج فودة منذ 30 سنة اي في يونيو 1992 .
ان مثل هذه السلوكيات الرافضة للتنوير الاسلامي ستساهم بدون ادنى شك في زيادة التطرف العنيف او الالحاد الكبير معا في مجتمعاتنا الاسلامية الراهنة حيث ان كتب التراث الاسلامي بكل الاكبار و الاجلال لسلف الامة تتضمن اخبار و احاديث تتعارض مع القران الكريم او مع العقل السليم او مع الاذاب العامة حيث كيف يعقل ان نجد في صحيح البخاري احاديث عن حياة الرسول عليه الصلاة و السلام الجنسية مع زوجاته التسعة .
و هنا اتساءل السؤال التالي من اخبر بهذه الاحاديث المشينة؟ هل الرسول الموقر طبعا لا ام زوجاته الموقرات باعتبارهن امهات المؤمنين بصريح القران الكريم طبعا لا او احد كان يراقب الرسول متى يجامع زوجاته طبعا لا ...
اذن هذه الاحاديث هي من وحي الخيال لا اقل او اكثر بالنسبة لي لان من الناحية الدينية لا يجوز الاخبار باسرار الحياة الزوجية في غرفة النوم لعامة الناس و هنا نتحدث عن رسول الاسلام الذي له الوقار و الاحترام من طرف المسلمين قديما و حديثا ..
غير ان الامام البخاري قد اظهر رسول الاسلام كرجل عادي يحب الجنس لدرجة الجنون حيث كان يطوف بنساءه اي يجامعهن في ساعة واحدة و بغسل واحد حسب الامام البخاري بجلال قدره لكن هذه الاحاديث تستغل الان لتشويه الاسلام و رسوله الاكرم من طرف الملحدين و اليمين المتطرف في اوروبا او في امريكا الخ ..
و هناك احاديث تتعارض مع سماحة الاسلام الذي اقر بحرية الاعتقاد و المعتقد حسب ايات قرانية كثيرة مثل لا اكراه في الدين الخ لكن في احاديث من بدل دينه فاقتله الخ من كوارث كتب التراث الاسلامي للاسف الشديد ...
نعم ان سلف الامة من العلماء و الفقهاء قد اجتهدوا حسب ارضيتهم المعرفية و حسب اوضاعهم السياسية حيث الله يجزهم بالخير لكن اجتهاداتهم قد ماتت بموت خلافتهم المسماة بالاسلامية منذ سنة 1923 اي منذ 99 سنة اي ان الاسلام يحتاج الان الى عناصر جديدة و معاصرة لتجتهد فقه معاصر استجابة لحاجات مسلمي العالم في هذا القرن الحالي و هذا لا يعني القطع نهائيا مع التراث الاسلامي بمعنى ان صحيح البخاري عليه ان يراجع ككتاب كتبه بشر و ليس وحي الله سبحانه و تعالى و هذا ما قاله المستشار احمد عبده ماهر على شاشات التلفزيون المصري منذ سنوات عديدة و اتساءل هنا السؤال التالي هل هذه الدعوة الطيبة حرام في الاسلام او في الوهابية العالمية ؟
يحق لنا الافتخار بوجود هذا الشيخ الوقور كقلم من اقلام التنوير الاسلامي في مصر كبلد افريقي مسلم ساهم في تنوير العالم الاسلامي منذ عهد المرحوم محمد عبده الى الان....
و اننا في المغرب نملك مفكرين كبار في التنوير الاسلامي امثال الاستاذ رشيد ايلال بالرغم من اختلافي معه في مسائل كثيرة و الاستاذ عبد الوهاب رفيقي و الاستاذ سعيد ناشيد و الاستاذة سناء العاجي الخ .......
توقيع المهدي مالك