قراءة في عقل قاتل طالبة جامعة المنصورة :
عثمان محمد علي
في
الإثنين ٢٧ - يونيو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
بداية انا لست طبيبا نفسيا ولا أدعى هذا .ولكن هناك إشارات وبديهيات نفهمها عن شخصية المُتحدث أو الكاتب أو الفاعل من خلال قراءتك أو مواجهتك أو مُشاهدتك لفيديو يتحدث فيه .. وبالأمس شاهدت فيديو أولى جلسات مُحاكمة (قاتل طالبة جامعة المنصورة ) وقرأت في شخصيته نقاط سريعة أعتقد من وجهة نظرى أنها مُهمة وتدُق ناقوس خطر في المُجتمع المصرى ،وتحتاج منا كأباء وأُمهات إلى إعادة تقييم لمجهودنا ومستوى تربية أولادنا ...... وكلامى هذا ليس فيه أدنى تعاطف مع (القاتل ) نهائيا حتى لو بدى فيه هذا ولو من بعيد .... ملاحظاتى على (القاتل ) وبصفته يُعبر عن مأساة شبابنا المصرى الحالي تكمُن في أنه لم يجد من يُعلمه ويُربيه لا في البيت ،ولا في (وزارة التربية والتعليم ) ،ولا في المسجد ،ولا في الكنيسة ،ولا من خلال الدراما والإعلام ،ولا من خلال (القدوة ) في الشارع والعمل .... (القاتل ) وقع فريسة لغياب نهج وثقافة (السلام )و(التسامح ) و(الصبر ) و(الرضا بما لم تتمكن بأن تحصل عليه وكُنت تتمناه ) أو ما يُسمى (الرضا بالحتميات في القضاء والقدر ) .فالقاتل نشأ يتيما ولم تستطع والدته أن تُعلمه وتُربيه وتُصقله تربية جيدة سلوكيا ،,ربما لضعفها ،وربما لعاطفتها في ألا تقسو عليه وهو يتيم ،وربما لتغلغل (الثقافة الذكورية في أحشاء عقلها وسيطرتها على تفكيرها ) ، وهذه مُشكلة كُبرى في كُل البيوت المصرية حتى لو كان فيها الأب والأُم على قيد الحياة .ولذلك خرج الشاب وكبُر هو لا يُرد له طلب في بيته ،فآمن وأعتقد وسيطر على عقله أنه لا يجوز لأحد أن يرفض طلباته ،وعلى الجميع تلبية رغباته (وهذه كارثة الكوارث وأم النكبات وأولى خطوات سقوط وضياع الأبناء ) . وغابت التربية السليمة للقاتل وللشباب جميعا داحل أسوار وأروقة مدارس (وزارة التربية ) وتحولت من وزارة التربية للأولاد إلى وزارة (تأديب وضرب المُعلمين على يد الشباب الفاجر وأولياء الأمور الفسدة بسبب وبدون سبب أو لأنهم أولاد فلان بيه أو الراقصة فلانة أو أو أو ) فغاب الإحترام ومن ثم القُدرة على التأديب ،وخلت المناهج من تعليم مُقررات تعليم وتربية وتطبيق مناهج وثقافة (السلام والمحبة والصفح والمودة والإخوة والتكامل بين الناس في البيت وفى الشارع وفى العمل وفى خارج حدود القرية والمدينة والمُحافظة والدولة ) وأبتُليت مصر بإستبدال مناهج (ثقافة السلام ) بمناهج (ثقافة البدو والعُنف والإرهاب والتطرف الفكرى وسواعده من الإرهاب والتطرف والعُنف البدنى ).وغاب تعليم ثقافة (السلام والتسامح وإحترام رأى ومكانة وكلمة الكبير ) في الدراما والفن المصرى وإستبدلوها بثقافة وفن (الفهلوة وقلة الأدب والعُنف والبلطجة ) وغابت ثقافة (إحترام الجيران وثقافة تبادل الأطعمة والأطباق المُتبادلة بين الجيران ) بثقافة فرض السيطرة وضرب الجيران بالسيوف وطردهم من الشارع ومن الحى ومن المدينة كُلها في خيلاء وتفاخر وتعالى وتصفيق للظالم الفاسد ..وغابت التعليم الدينى الصحيح وإستبدلوه بالأإستغراق في التدين الشكلى الظاهرى المُرائى المُنافق المُهتم ب(النقاب والحجاب واللحية وحلق الشوارب ،ولبس القميص –الجلابية – المينى جيب للرجال –وتربية ذبيبة الصلاة – وفتح الراديو على أعلى صوت بقراءة القرءان الكريم وهو يسرق بكل فجور زباين المحل ووووو) فغابت القدوة والمثل الذى يُحتذى به في البيت وفى الشارع . فالقاتل لم يجد من يُعلمه أنه ليس وحده في هذا العالم وأنه لا يُسيطر على الناس وليست أحلامه أوامر (كما يُنافق المُنافقون لأسيادهم بقولهم – أحلام سيادتك أوامر – أو بالمُصطلج الجديد عندما يطلب منهم شيئا يردون عليه على الفور قائلين –جصل – يعنى خلاص الموضوع تم ولو فيها دم هههههههه ) .لا ياعزيزى حضرتك لو حصلت على 40% مما تتمناه وتسعى إليه في دُنياك فأنت فائز كبير و(تبوس ايدك وش وضهر ) ولازم تتقبل ثقافة (الخُسارة )أيضا وتعيش وتتعايش معها وتتخطاها وتتفادى أثارها السلبية عليك بسُرعة .. لكن أن تُسيطر عليك فكرة أو أفكار (ازاى أنا أخسر ،او إزاى بنت 60 في 70 ترفضنى أنا ، او إزاى الواد فلان يكسب هو وانا أخسر ) وتقع تحت تأثير سلبيات وسموم كل هذه الأفكار وتتحول إلى (مُنتقم ) لنتظر إلتهام فريستك فهذا هو الضياع وهذا هو طريق ضياع شبابنا وأولادنا ....... (فالقاتل ) وقع فريسة لغياب تعليم وتربية ثقافة ومنهج (السلام – التسامح – أنه ليس أفضل من في الكون وأنه شخص عادى – قبول الرفض والخسارة وعدم التوفيق –وأنه لابد أن يعلم أنه ليس الآمر الناهى في هذا الكون وأنه فرد في مُجتمع وليس سيدا عليهم ،وليست أحلامه أوامر ) ....
هل ممُكن نفكر في كيفية تربية أولادنا تربية أخلاقية على السلام والمحبة وقبول الآخر كما هو وأننا لسنا أفضل منه ؟؟؟؟؟ أعتقد نعم ما زال الوقت والظروف معنا في أن نحمى أولادنا من الضياع ،ومُجتمعنا من الإنفجار والتدمير الذاتي نتيجة غياب ثقافة الإخوة والإحترام والتسامح والتعاون بين أفراده..
أنا لا أُريد أن أقلب الموضوع لخطبة دينية ولكن أُذكر المؤمنين بالقرءان بأن القرءان العظيم ذكر لنا كيفية التعامل مع ما نعتقد أننا نُحبه أو ما نعتقد أننا نكرهه في قوله تعالى (وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون )) وفى أن نكون مُتعادلين ونتحكم في عواطفنا ومن ثم تصرفاتنا عند الحُزن والخسارة ،وعند الفرح والسرور في قوله تعالى ((لكيلا تاسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم والله لا يحب كل مختال فخور )) . فثقافة تقبل الهزيمة والخسارة بسلام وبعدم الوقوع تحت سيطرة رد فعل عنيف أمر مُهم ومطلوب ،وعلينا تعليمه لأولادنا لكى لا يتحولوا لقنابل موقوتة مثلما حدث مع (قاتل طالبة جامعة المنصورة ).