مفهوم التطور و التطوير في فكرنا الاسلامي بكل التواضع

مهدي مالك في الإثنين ٢٠ - يونيو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً


مفهوم التطور و التطوير في فكرنا الاسلامي بكل التواضع
مقدمة متواضعة
نواصل كتابة هذه المقالات الداخلة في اطار التنوير الاسلامي لكن البعض سيتساءل من هو المهدي مالك حتى يتكلم عن هذه الامور الشائكة و الصعبة في نفس الوقت .
و جوابا على هذا السؤال المهم باختصار شديد انني بدات اهتم بهذا الموضوع بشكل حقيقي منذ سنة 2012 حيث وقعت احداث اساسية مثل بداية تدبير الفاعل الاسلامي للشان الحكومي بالمغرب و مثل نجاح جماعة الاخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية بمصر عقب الاطاحة بنظام حسني مبارك في ثورة 25 يناير 2011 .
و من قبيل خروج الفيلم المسيئ للرسول الاكرم في الولايات المتحدة الامريكية في صيف 2012 حيث كنت انذاك اكتب مقالات متواضعة حول العلاقة بين الامازيغية و الاسلام بالمغرب و شاهدت وقتها فيديو لباحث بارز في الثقافة الامازيغية دون ذكر اسمه و هو نفس الوقت كان تنويري يدعو الى التجديد في الفكر الاسلامي الخ .
لقد كان ذلك الفيديو مفيدا بالنسبة لي حيث تحدث الاستاذ المعروف عن ذلك الفيلم المسيئ للرسول الاكرم قائلا ان احداث الفيلم تسند على ما قالته كتب التراث الاسلامي البشري بضبط او كان يحاول الوصول الى هذا المعنى وقتها ..
و قبل هذا التاريخ اي في سنة 2007 بضبط قد ارسل احدهم لي عبر الايميل رسوم متحركة تظهر الرسول و هو يمارس الجنس مع الطفلة استغفر الله حيث انذاك لم افهم شيئا على الاطلاق لكن مع مرور الايام و الشهور و السنوات حتى سنة 2015 حيث اكتشفت موقع اهل القران بامريكا و اصبحت كاتبا فيه سنة 2016 بعدما كنت انشر مقالاتي داخل المغرب و خارجه منذ سنة 2005 حيث وجدت في موقع اهل القران ظلتي و الكثير من المعلومات لم تكن متداولة في خطابنا الديني الرسمي بالمغرب كغيره من دول شمال افريقيا و دول الشرق الاوسط بحكم سيادة الوهابية كفكر تخريبي لسماحة الاسلام و عالميته و تطوره و تطويره طبقا للزمان و المكان و الاحوال السياسية و الاجتماعية و طبقا لاعراف الناس و تقاليدهم حيث ان العرف هو قاعدة من قواعد المذهب المالكي المعتمد بالمغرب رسميا مع العلم ان هذا المذهب هو سلفي يراعي عمل اهل مدينة الرسول الاكرم قبل ظهور الوهابية بقرون عديدة لكنه استطاع استيعاب تقاليد و اعراف اجدادنا الامازيغيين بالمغرب لقرون عديدة قبل ظهور اولى تجليات السلفية سنة 1930 مع ما يسمى بالحركة الوطنية المغربية.
هذه خلاصة مختصرة عن مساري في التنوير الاسلامي علما انني غير حافظ لكتاب الله بشكل كامل بل احفظ قصار السور و احب قراءته على الحاسوب يوم الجمعة او في شهر رمضان الخ.
و انني مجرد تمليد لرموز التنوير الاسلامي بالمغرب و مصر حيث اجريت حوار صحفي مع الاستاذ اسلام بحيري بجلال قدره قبل رمضان الماضي و قرات كتابان للمرحوم محمد شحرور و هما الكتاب و القران و الدولة و المجتمع حيث اعجبني كثيرا منهجه في الفكر الاسلامي المعاصر اي التطور و التطوير لاستمرار الاسلام رغم اختلاف الازمنة و الامكنة و ساقرا باقي كتبه و كتب هؤلاء الدعاة الى استمرارالاسلام الى قيام الساعة .
الى صلب الموضوع
ان التطور و التطوير من سنن الله في هذا العالم منذ خلقه الى قيام الساعة حيث قلت سابقا في هذه المقالات لا وجود لشيء مطلق على مر التاريخ الانساني الواعي منذ ادم باعتباره ابو الانسانية حسب قول المرحوم المفكر الاسلامي المعاصر محمد شحرور اي ان الانسانية منذ عهد ادم عليه السلام الى الان قطعت العديد من الاشواط و المراحل مثل الانتقال من المملكة الحيوانية الى مملكة الانسان الواعي و من عهد القرى الى عهد المدن اي المدنية و التمدن و القران الكريم قد سمى مكة المكرمة بام القرى بينما سمى يترب بالمدينة و هذا الانتقال من حال الى حال اخر قد استغرق قرون من التطور و التطوير حتى وصلنا الى هذا القرن الميلادي الجديد و النسبي في ديمقراطيته و في حقوق الانسان و في علمانيته و في تدينه اي لا توجد الاشياء المطلقة في هذا العالم منذ الازل الى يوم القيامة لان صفة المطلق هي من صفات الله سبحانه و تعالى لوحده .
ان الانتقال من السكن بالكهوف الى السكن بالبيوت او القصور الرفيعة بالخدم و بالحشم قد استغرق قرون من التطور و التطوير في الوعي العام الانساني بمعنى ان التطور لم ياتي بين عيشة و ضحوها ابدا بل اتى بالتدريج عبر مراحل عديدة مثل الانسان نفسه حيث كان طفلا في بطن امه ثم خرج منه الى الحياة يتطور مع الزمان حتى اصبح شاب ثم رجل ثم شيخ ثم يموت ثم انتهى امره اذا لم يترك علما من العلوم الدينية او الانسانية و ادا لم يترك صدقة جارية او ولد صالح يدعو له بالمغفرة و الرحمة ..
ان الدين الاسلامي نفسه قد مر بعدة مراحل من قبيل مرحلة مكة ثم مرحلة المدينة ثم مرحلة الخلفاء الراشدون ثم مرحلة سقوط الاسلام في وحل الجاهلية و تحطيم مقدسات الاسلام المادية و المعنوية مع الدولة الاموية المارقة بالنسبة لبعض المسلمين كالامازيغيين و الشيعة و الخوارج الخ و العظيمة بالنسبة للسلفيين و الوهابيين و جل تيارات الاسلام السياسي الراهنة اي انني اعتقد ان الاسلام قد سقط في وحل جاهلية بني امية بكل ما يحمل هذا المصطلح من ابعاد دينية او سياسية او اخلاقية فان الجاهلية كما يعلم القاصي و الداني تعني مرحلة ما قبل الاسلام في شبه الجزيرة العربية اي بمعنى اخر ما قبل المدنية لان مفهوم القرية في الجزيرة العربية يعني الاحادية في السلوك الانساني الواعي مع تعدد الاهية على شكل الاصنام و تقديس تراث الاجداد وقتها اي قبل نزول الوحي على رسولنا الاكرم عليه الصلاة و السلام .
ان الاسلام قد توقف عن التطور و عن التطوير منذ تلك العصور بالمشرق رغم ظهور بعض الفرق الاصلاحية كالمعتزلة في العصر العباسي على سبيل المثال لا حصر حيث ان الاسلام في اصله هو قابل للتطور و التطوير بحجج كثيرة منها بكل التواضع ان المسلم في القرن السابع للميلاد كان يفهم القران الكريم حسب ارضيته المعرفية داخل الجزيرة العربية و كان يتخيل الجنة حسب ارضيته المعرفية مثلا انها تعج بالخيول و بالنساء الخ
اما المسلم في هذا القرن فانه يفهم القران الكريم حسب ارضيته المعرفية الحالية و المتميزة بتقدم العلوم الانسانية و يتخيل الجنة الان بانها تعج بالسيارات الفاخرة و بالقصور المتطورة و النساء الخ و هذا من علم الغيب و لا يعلم الغيب الا الله سبحانه و تعالى و استغفر الله اذا قلت شيئا في هذا المقام باعتباري اريد ايصال الفكرة مفادها ان الاسلام هو دين صالح الى قيام الساعة بشرط الاجتهاد العميق في نصوصه كالقران الكريم بالدرجة الاولى و السنة النبوية بالدرجة الثانية الخ.
لكن هذه الافكار التنويرية تعارضها عدة جهات من قبيل الانظمة الحاكمة و مؤسساتها الدينية و حركات الاسلام السياسي و حتى العامة من الناس كيف لا و خطابنا الديني الرسمي في دولنا لا يشجع على التطور و التطوير و التفاعل مع العالم باختلاف دياناته و هوياته الثقافية و المذهبية كالشيعة و الاباضية عند امازيغي الجزائر و تونس و ليبيا .
بل يشجع هذا الخطاب الديني الرسمي او معظمه على الالتزام بسلف الامة بشكل مطلق في جميع امور الحياة الدنيا و لا يقتصر هذا الامر على مسائل العبادات كالصلاة و الصوم و الحج الخ بل يشمل هذا الامر مسائل اخرى من السياسة الاسلامية و الاقتصاد الاسلامي الخ وفق تراث دولة الخلافة السلبي بالنسبة للاسلام كقيم عليا مثل بر الوالدين و الاحسان و الحفاظ على الاذاب العامة و العدل و الرحمة و الغفو عند المقدرة و المساواة بين المسلمين و الاحسان الى اهل الكتاب الخ من هذه القيم العليا ..
ان الالتزام بسلف الامة الصالح كما يسمى بشكل مطلق يخالف مع مبدئ التطور و مبدئ التطوير الجوهريان في هذا القرن الميلادي الجديد بكل التواضع مني لاننا لا نعيش لوحدنا في هذا العالم الواسع و الشاسع بتناقضاته العجيبة بين الولايات المتحدة الامريكية كقمة الديمقراطية و المدنية و حقوق الانسان بشكل نسبي و دول الذهب الاسود الغارقة في اوحال فتاوى ابن تنمة و محمد عبد الوهاب و حسن البنا و سيد قطب و وجدي غنيم الخ من هؤلاء الدعاة الى جعل الاسلام بعظمته و بجلال قدره دينا و فكرا ملك حصري لماضي سلف الامة الفاسد منذ تولي خلفاء بني امية الحكم دون نسب شريف الى بيت الرسول صلى الله عليه و سلم .
في حين استقبل اجدادنا الامازيغيين ادريس الاول من نسل الامام علي بن طالب كرم الله وجهه اي ان مكانة اهل البيت عند الامازيغيين هي عظيمة قديما و حديثا حيث الله يحفظ ملكنا الهمام محمد السادس ...........
اتمنى ان تكون هذه المقالات في المستوى المطلوب .................
توقيع المهدي مالك
اجمالي القراءات 2348