تفكّر فى قول الله عز وجل (والأرض بعد ذلك دحاها)
فسر كاتبوا التراث (دحاها) بمعنى بسطها ومدها وبالفعل هذا هو معنى الفعل (دحا) فى معاجم اللغة. ولكن هذا ليس بالضرورة نفى لكروية كوكب الأرض فقد يكون معنى الأرض مكان محدد على سطح الأرض كما فى قوله عز وجل إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) المائدة. والمعنى بالطبع ليس ان ينفوا من الكرة الارضية. وقوله سبحانه وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَٰرَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَـُٔوهَا ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرًا(27) الأحزاب. وفى هذه الحالة يمكن أن ترى العين الارض ممتدة ومنبسطة وفى الوقت نفسه لا يتعارض مع كرويتها.
وذهب بعض المفسرين إلى أن تفسير دحاها أى جعلها مثل الدحية وهى البيضة وهذا ينافى الحقيقة فالثابت علميا أن الأرض كروية وليست بيضاوية. الحسابات الفلكية تقول إن نصف القطر الاستوائي: 6,378.1 كم.
نصف القطر القطبي: 6,356.8 كم. وهذا الفرق ( أقل من 24 كم) لا ينال من كرويتها ويجعلها بيضاوية.
والذى يمكن أن يُطرح بناء على تفسير (الدحية) هو أن الأرض صار لها قشرة كالبيضة..
ونعود إلى النص القرآنى الكريم ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا (27) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا (28) وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا (29) وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ (30) أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا (31) وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا (32) مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَ لِأَنۡعَٰمِكُمۡ (33) النازعات
أخرج منها ماءها. أى أن رب العزة أخرج الماء من باطن الأرض إلى سطحها فصارت انهارا وبحارا ومحيطات بل وثلوج. وبعد ذلك استقرت دورة البخر والسحاب والمطر فنشأت المراعى.
وبخروج هذه الكمية الضخمة من الماء من جوف الأرض صارت شبه جوفاء بالمعنى النسبى. هنا يكون تفسير دحاها أى (جوفها).
بعد أن أخرج رب العزة الماء من جوف الأرض صارت هناك بحار ومحيطات وارض يابسه وبهذا فإن توزيع الضغط على سطح القشرة الارضية غير متساوٍ فى كل نقطة وهذا يهددها أن تميد وتتحطم وهنا جاء دور الجبال (والجبال ارساها)
خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٖۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجٖ كَرِيمٍ (10) لقمان
وَجَعَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِيهَا فِجَاجٗا سُبُلٗا لَّعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ (31) الأنبياء
أرسى رب العزة الجبال ووزعها على سطح الكرة الارضية وفى قاع المحيطات ليتساوى الضغط على القشرة الارضيه فلا تنسحق. فالجبال هى التى تحافظ على الكرة من الانسحاق تحت تأثير اختلاف الضغط على سطحها ولننظر إلى الآية التالية فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ (34) يَوۡمَ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَٰنُ مَا سَعَىٰ (35) النازعات. ارتباط آنىّ وسببى بين الجبال وقيام الساعة.
ويقول سبحانه وتعالى وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ نُسِفَتۡ (10) المرسلات. ويقول جل وعلا
وإذا الجبال سيرت (3) التكوير. يعني اقتلعت من الأرض ، وسيرت في الهواء.
دحاها أى جوفها... والله سبحانه وتعالى أعلى واعلم