ف 8 : أهلية المرأة فى التصرف فى أموالها وفى الشهادة
ب 2 : تفاعل المرأة فى المجتمع . كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 8 : أهلية المرأة فى التصرف في أموالها وفى الشهادة :ــ
أولا : فى تصرفاتها المالية
1ــ إذا كان الاسلام قد حفظ للمرأة حقوقها في الميراث وفهمنا من السياق القرآني حقوقها في العمل خارج بيتها فإن ذلك يعني اعترافا واضحا بأهليتها للتصرف في أموالها أو رشدها حين تبلغ ، شأن الذكر تماما ، ونفهم ذلك من حديث القرآن الكريم عن اليتيم صاحب الأموال الذي يقوم الوصي على رعاية أمواله ، فإذا بلغ مبلغ النكاح يُحرى له اختبار ، فإذا نجح فيه أصبح رشيداً ويتسلم أمواله امام الشهود ، ونرى ان هذا الحديث عن اليتيم يشمل الذكر والأنثى معاً ... فالله سبحانه وتعالى يقول : ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ..) (6) النساء ) ، إذ قال سبحانه وتعالى عن بلوغ اليتيم الذكر والأنثى " بَلَغُوا النِّكَاحَ " أي بلغوا مرحلة الصلاحية للإنجاب والتزاوج ، وهذا تعبير يسري على الجنسين الذكر والأنثى ، وذلك مثل قوله سبحانه وتعالى : ( وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا )( النور : 59 ). ثم تأتي الآية التالية ، والآية السابقة في سورة النساء لتتحدث عن حقوق الرجال والنساء في الميراث : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) النساء : 7 )، فاليتيم إذا كان صبيا فله حقه في الميراث ويستلمه إذا بلغ مبلغ الرجال وكان راشداً ، واليتيمة إذا بلغت مبلغ النساء وكانت راشدة فلها حق تسلم أموالها والتصرف فيها..
2 ـ وكان يحدث أن يطمع الوصي في مال اليتيمة ، فإذا بلغت الرشد سارع بزواجها ان كان يجوز له الزواج منها لتظل تحت سيطرته بأموالها ، وقد سئل النبي محمد عليه السلام فى ذلك في ذلك ، ولأنه لم يكن أن يُفتى أو أن يتكلم فى دين الله جل وعلا لأنه مُبلّغ فقط للدين الالهى فقد كان ينتظر أن تأتى الاجابة وحيا من الله جل وعلا ، وهذا عام فى الآيات التى فيها : ( يسألونك .. قل ) ، أو ( يستفتونك .. قل ) وفيما يخص موضوعنا نقرأ قوله جل وعلا : ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً ونزل الوحي بالإجابة (النساء : 127) مما يؤكد على أهلية المرأة للتصرف في أموالها حين تبلغ سن الرشد مثل الرجل تماما ..
3 ـ وهذه الأهلية لرشد المرأة المالي لا تنفصل في السياق القرآني عن اهليتها في إدارة كل أعمالها ، ومنها علاقتها بربها جل وعلا وبالمجتمع ، تستوى في ذلك مع الرجل ، والله سبحانه و تعالى يقول :( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) (الأحزاب :35 )..كل هذه الصفات المشتركة للرجال والنساء تتركز حول الصلة بالله جل وعلا والعلاقة بالناس فى المجتمع ، فالمرأة بدافع ذاتي واستقلال في الإرادة تختار الإسلام والإيمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع والتصدق بالأموال ــ من مالها الخاص ــ والصوم والعفاف وذكر الله تعالى كثيرا ، شأنها في ذلك شأن الرجل الحُرّ الإرادة .
ثانيا : فى شهادة المرأة: ــ
عموم الشهادات والاشهاد بالرؤية والسماع
الشهادة هنا أن تكون حاضرا وتشهد بعينيك وأذنيك ما ترى وما تسمع . ثم تشهد بما رأيت وما سمعت . وفى هذا يستوى الرجال والنساء .
ونعطى أمثلة على هذه الشهادة العينية
فى القصص القرآنى
1 ـ فى تحطيم ابراهيم لأصنام قومه عدا واحدا : ( قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) ( قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) ( الأنبياء 60 ، 61 ).
2 ـ فى قصة يوسف :
2 / 1 ـ ( قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) ( 26 يوسف ).
2 / 2 ـ ( ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ) ( . يوسف 81 ).
2 / 3 : ولا ننسى شهادة النسوة وشهادة إمرأة العزيز : ( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) يوسف )
3 ـ المائدة التى تنزل من السماء وقد طلبها الحواريون من عيسى ، وقالوا :( قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ) المائدة 113 )
فى القصص السابق إخبار عمّا حدث ، أما فى التشريعات الجديدة فى الشهادة والاشهاد فقد نزلت فى القرآن الكريم تشمل الرجال والنساء على السواء.
الشهادة بالعدل فرض على الرجال والنساء
1 ـ اشتراط العدالة في الشهادة ليس حكراً على الرجل ، وإقامة الشهادة بالحق ابتغاء مرضاة الله وعدم كتمان الشهادة أوامر الله سبحانه وتعالى للرجال و النساء معاً . قال جل وعلا :
1 / 1 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135) النساء )
1 / 2 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة ) .
2 ـ ولذلك فإن الذي يثبت عليه الكذب في سب العفيفات وقذفهن دون دليل بأربعة شهود جزاؤه إلى جانب عقوبة الجلد ثمانين جدله أن قفد عدالته : ( فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ) (النور :4 ) ،
ونعرض للشهادة فى التشريعات الاسلامية :
فى العقوبات
1 ـ الجلد 100 لمن يثبت عليه وعليها الزنا ، والاثبات بالاقرار ، أو بشهود أربعة معا . بدون ذلك يكون قذفا للمُحصنات وعقوبته ثمانون جلدة. قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (4 ) النور ).
2 ـ فى الملاعنة أو إتهام الزوج لزوجته بالزنا دون أن يكون معه أربعة شهود ، قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) ( وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) ( وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ) ( وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) ( النور 4 : 9 ) .
3 ـ التطبيق فى موضوع حادثة الإفك حيث إنتشرت الإشاعات عن بعض المؤمنين والمؤمنات بدون أربعة من الشهود ، قال جل وعلا : ( لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ )( النور )( 13 ).
4 ـ حين يُشاع عن إمرأة الفاحشة دون ضبطها متلبسة بأربع شهود ، يتم إستشهاد أربعة شهود على إتيانها الفاحشة ، وإذا شهدوا فليس عليها عقوبة المائة جلدة ، ولكن حبسها حتى تتوب أو تموت . قال جل وعلا : ( وَالَّلاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) النساء 15 ).
فى الوصية قبل الموت
1 ـ أوجب الله تعالى أن يكتب الإنسان عند الموت وصية مالية بالوالدين والأقربين ، يجري تنفيذها قبل توزيع الميراث ، لتحقيق العدل والإحسان بالوالدين ، والمفهوم أن يكون هناك شهود على الوصية ممن يحضرون الإنسان عند موته ، وقد يقوم أولئك بتبديل الوصية فيقع في الإثم ، وقد تكون الوصية جائرة ظالمة ، فلابد من تعديلها وإصلاحها ، وذلك ما جاء فى قوله جل وعلا : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182) البقرة) والواضح ان الشهود هنا يضمون النساء مع الرجال ، إذ لا يخلوا البيت والورثة من وجودهن ..
2 ـ وقد يحدث أن يدرك الموت احدهم وهو غائب في سفر ويحتاج لكتابة الوصية وحينئذ عليه أن يختار شاهدين ذوى عدل حسبما يتيسر له ، قد يكونان من الرجال او من النساء المهم ان يكونا من ذوي العدالة ، وأن يشهدوا بذلك أمام الجهات المختصة ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنْ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنْ الآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108) المائدة )،
الشهادة فى الزواج والطلاق
1 ـ الزواج عُرف قديم ، ويكون بالاعلان بالشهود والصداق ، ولأنه عُرف معروف فلم يتعرض له القرآن الكريم . تعرض القرآن الكريم بتشريعات جديدة تحفظ حقوق المرأة ، ومنها حقوقها حين الطلاق ، إذ لا بد أن يكون هذا بشاهدى عدل ، قال جل وعلا : ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ) ( الطلاق 2 ).
الشهادة فى حقوق الأيتام المالية :
فى حقوق اليتيم / اليتيمة فى الاشهاد على تسلم اليتيم / اليتيمة ماله / مالها . قال جل وعلا : ( وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) النساء 6 ). المرأة هنا شاهدة كالرجل ، وشهادة الأم مثلاً على أن ابنها تسلم أمواله اكثر مصداقية من شهادة رجل لا شأن له بالموضوع ، او له شأن بالموضوع يأخذ فيه موقفا منحازاً ضد الوصي الذي سلّم اليتيم أمواله بالعدل ، وحينئذ تكون شهادة أم اليتيم أو اخته أوقع أثراً واكثر مصداقية ..
وهذا يدخل بنا على :
الشهادة فى كتابة الأموال :
قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)( البقرة 282 ).
نلاحظ هنا : شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فى كتابة الديون ، وفقط . وهذا أمر تشريعى له مقصد تشريعى مذكور فى نفس الآية : ( وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى). المقصد التشريعى هو الحاكم على الأمر التشريعى ، وعليه فإذا تحقق المقصد التشريعى وهو العدل وضمان الحق بدون هذا الأمر فلا حاجة لتنفيذ هذا الأمر . بمعنى أن تكون شهادة المرأة كالرجل فى كتابة الديون إذا كانت هناك وسائل للتثبت ، كالتصوير والتسجيل والتوقيع .
أخيرا
النقاب يمنع تطبيق الشريعة الاسلامية القائمة على الشهادة . فكيف يمكن إستشهاد منقبة الوجه ليس معروفا ملامحها ؟