قراءة في كتاب المبادرة لامتثال أمر الله

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٢٠ - مايو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة في كتاب المبادرة لامتثال أمر الله
الكتيب يبدو أنه مقالة أو كتيب كتب للرد على مقال الصحفى أنيس منصور وهو أستاذ للفلسفة في جامعة قاهرية ولكنه لا أحد يعرف ذلك أنه باحث أكاديمى سوى قلة قليلة
قطعا كل من يعمل بالصحافة خاصة اليومية في زمن لا وجود للتلفاز فيه في منطقتنا ولا وجود لوسائل الاجتماعى عليه أن يدرك أن اثبات وجوده قائم على وجود يومى له سواء كان قيما أو تافها وعليه أن يلعب على الحبال وأن يكون ماهرا في انتقاء كلماته حتى لا يقصها الرقيب أو حتى لا يدخل السجن ومن ثم وجدنا معظم من يعملون بالصحافة مرتبطون بالسلطة أيا كانت ومن ثم كان عليهم أن يكتبوا مقالات ويدبجوا كتبا الهدف منها شغل الناس عن السياسة والمشاكل اليومية والكثير من كتب أنيس منصور كانت عن الغرائب والطرائق التى لا وجود لها في الغالب مثل العالم في 200 يوم ولعنة الفراعنة وغريب في بلاد غريبة ولم يكن له إلا كتب قليلة للقراءة المفيدة كفى صالون العقاد كانت لنا أيام وهو كتاب ضخم أكثر من خمسمائة صفحة على ما أتذكر ومع هذا كانت تخلل ثناياها حكايات عن علم الغيب كالتى يتحدث عنها الكتيب
استهل المؤلف كلامه بالحديث عن مقال نشر بعنوان نددت له يدى فقال :
كتب الصحفي المعروف أنيس منصور في صحيفة الشرق الأوسط بعددها رقم (9706) الصادر يوم السبت 18 جمادى الأولى 1426هـ الموافق 25 يونيو 2005م بعنوان: "مددت له يدي وقال ما أدهشني! "
"عندي حكايات وتجارب تملأ هذه الصحيفة لو قلتها أو كتبتها عن المنجمين أما أنهم يجتهدون ويصيبون أحيانا فلا شك عندي في ذلك وليس عندي تفسير علمي لهذه البراعة أو هذا التخمين إن الفرنسيين عندهم موسوعة أسمها (موسوعة الفنون الظنية) أي أن الذي يقوله هؤلاء الناس في معرفة أخبار الغد وفيها أكثر من ألف طريقة، نوع من الظن فليكن ولقد عرفت عددا منهم في مصر وفي العالم قابلت مددت يدي وقلبت فنجاني وانتظرت فقالوا عجبا والحكايات كثيرة
لي صديق قارئ كف اسمه محمد جعفر في سنة 1961م قال لي:
إن شاء الله عند نهاية هذا العام لن تكون في موقعك هذا، لا في الغرفة ولا في مؤسسة (أخبار اليوم) وكان ذلك في شهر مايو ويوم الكريسماس صدر قرار من الرئيس عبد الناصر يوقفني عن العمل ويوم رأس السنة صدر قرار بفصلي من الصحافة ومن التدريس في الجامعة وفي نفس اليوم قال محمد جعفر للكاتب الكبير مصطفى أمين: إنه وأخاه التوأم على أمين سينفصلان حتى الموت وبعدها بشهور دخل مصطفى أمين السجن تسع سنوات، وجاء أخوه من الخارج ليدخل المستشفى ويموت، يرحمهما الله
وكان لي صديق راهب إيطالي اسمه فيردي، ذهب إليه نجيب محفوظ عندما كان طالبا في الجامعة فشخط فيه وقال له: أنت كنت عاوز تموت نفسك أنت حتكون أعظم واحد في مصر امشي أطلع بره!
وفي ذلك اليوم كان في نية نجيب محفوظ أن يلقي بنفسه في النيل؟! وأعرف العرافة التي نشرت صحف إسرائيل عن أن الرئيس السادات سوف يموت في نهاية هذا العام وانزعجت وقررت أن أنقل الخبر للرئيس، وقلت له وكان رده: الأعمار بيد الله وقلت لوزير الداخلية النبوي إسماعيل فقال لي: أنا احترت مع الرئيس، لقد نبهته كثيرا ولكن لا فائدة!
وكنا في كينيا وذهبنا مع عدد من الصحافيين، وفي قلب إحدى الغابات كان عراف القبيلة عاريا وأمامه قفص به ثعلب، وعلى كل واحد منا أن يمسك مجموعة من العظام ينفخ فيها، ويخرج الثعلب من القفص يشمشم فيها ثم يقلبها برجليه ويدخل القفص ويقول لنا المترجم:
وكان من نصيب صحافي أمريكي أن قال له:
بعيدا جدا زوجتك وقعت لها حادثة سيارة ودخلت المستشفي
هذا الرجل عريان في غابة ولم يبرحها منذ ولد ولا يعرف شيئا عن الدنيا أولها ثعلب وآخرها بعض العظام والسياح من كل مكان، واتصل الصحافي الأمريكي يسأل عن زوجته فكانت في أحد المستشفيات كيف عرف الرجل؟ ليس هو السؤال؛ لأنه لا توجد عليه إجابة منطقية ولك أن تستنتج ما تشاء
وكان قارئ الكف محمد جعفر قد أعطاني ورقة تنبأ فيها بما سوف يحدث حتى نهاية القرن العشرين وفزعت ولم أشأ أن أقرأها وظننت أني مزقتها والحقيقة أنني تمنيت ذلك وفوجئت بها منذ يومين هل هذا علم؟ ليس علما أذن ما هو؟ لا أعرف! " انتهى"
كلام أنيس منصور هذا تكرر في كتاب في صالون العقاد وكان موضوع مناقشة بينهما وبين غيرهم وكان رد العقاد على حد ما أتذكر يا شيخ كذبوا المنجمون ولو صدقوا
ما ذكره أنيس منصور هو من قبيل ما أرادت السلطة أن تبثه في المجتمع من خرافات فكثير من الشخصيات الغامضة في حياتنا تعمل في المخابرات ومن ثم فبعض ما يحدث كأخبار فصل الرجل من عمله والتى قالها له محمد جعفر هى من قبيل ما يعد في المطبخ المخابراتى ويتم عملها فيما بعد واخبار الناس بها على أن محمد جعفر عارف
ولا يستبعد الفرد أن يكون محمد جعفر نفسه هو من حرض على أنيس على كتابة مقالات ضد النظام فيما بعد حتى يكون هناك سببا لفصله
بالقطع على الفرد أن يتوقع أى شىء فجارنا لمدة عشرين عاما كان يعمل في جهاز أمنى وكل من يراه كان يقول عليه رجل طيب ليس له في الطور ولا الطحين يصلى ويفتح الدكان وتلمس فيه كل معانى الطيبة ومع هذا لم يعلم الفرد بعمله في الجهاز الأمنى إلا بعد موته من خلال أنه شغل أحد أولاده في الجهاز الأمنى وهو المسئول عن البلدة حاليا في الجهاز الأمنى ومع هذا لا يعرف الكثيرون أنه يعمل
ومن ثم يمكن القول عن العارى والثعلب نفس الكلام فتلك الزيارة التى تبدو غير معدة وأنها جاءت فجأة يبدو أنها معدة وهدفها ذلك الصحفى حتى يشيع في الناس ما يشيعه أنيس عن قدرة الناس على معرفة الغيب فما أدرانا أن رجل من السفارة في كينيا جالس الرجل قبلها بعد أن تلقى اتصالا هاتفيا من الولايات المتحدة وحدثه عن إصابة زوجة الصحفى حتى يخبره وكثير من الناس تظنه لا علاقة له بشىء ويبدو أهبلا أو مجنونا كالعارى والثعلب ومع هذا يكون ضمن الجهاز المخابراتى الضخم في العالم والذى نظنه أجهزة مختلفة حسب كل بلد ولكنه في الحقيقة جهاز واحد
ويدخل ضمن هذا اغتيال السادات والأحداث العالمية فتلك الأخبار تعد في المطبخ المخابراتى العالمى الواحد والذى يبدو متفككا ومعادى لبعضه ولكنه في الحقيقة جهاز واحد سواء درى العاملون به ذلك أو لم يدر به إلا قلة
هذا هو تفسير معظم أمور الغيب التى يعلمها القوم فهى تدبير مخابراتى كما سبق القول لشغل الناس وأما البقية فهى مجرد رؤى أى أحلام يحلم بها البعض ويفاجىء بأن من حلم به أمامه فيقول له ما حلم به وهذا كحكاية الراهب الايطالى مع نجيب محفوظ
وقال مؤلف الكتيب في نقد مقال أنيس منصور:
"ولما يتمتع به الأستاذ من شهرة تجعل مقالاته سريعة الانتشار والتداول بين الناس، فقد يغتر بعضهم بما احتوى عليه مما ينافي عقيدة التوحيد، فأقول مستعين بالله:
إن كاتب المقال ممن أولع بتتبع الغرائب والخرافات ونشرها بين المسلمين كتحضير أرواح الموتى عن طريق (السلة) كما أشاع ذلك في الستينات (الميلادية) والسلة: طريقة من طرق الاتصال بالأرواح وهي الطريقة المستخدمة في إندونيسيا، والسلة يمكن عملها خصيصا بحيث تكون منتظمة الشكل مستديرة أو مربعة أو مثلثة، ولها مقاسات خاصة ويوضع قلم في طرفها وتوضع ورقة على المنضدة، ثم يمسك بها اثنان من الوسطاء، انظر: كتاب:"تكلم مع الأرواح بعشرة طرق" (ص/22 - 24)، نقلا من كتاب"موقف الإسلام من السحر" (2/ 465)"
وكما سبق القول كل من يعمل في الصحافة أو الإعلام بوسائله الحالية إلا نادرا جدا ينفذ تعليمات الأجهزة الأمنية فحتى عندما يسجن يكون عارفا أنه سيسجن ويكون في سجن له مميزات ويخرج بعد مدة فهو يردى دوره كممثل باتقان لتوصيل رسالة فمثلا من ينتقد الرئيس أو كبار النظام عندما يجد أن القريب من النظام يسجن سينتهى عن انتقاد الرئيس والنظام ومن ثم لا يظن ظنا أن دخول فلان أو علان السجن أو ايقافه عن الظهور في وسائل الإعلام هو عقاب فعلى وإنما أدوار تمثيلية يؤديها القوم باتقان
وأورد الكاتب فتوى للفزان في مجال تحضير الأرواح فقال :
"وقد سئل العلامة صالح الفوزان السؤال التالي:
ما حكم تحضير الأرواح وهل هو نوع من أنواع السحر؟
الجواب: لا شك أن تحضير الأرواح نوع من أنواع السحر أو من الكهانة, وهذه الأرواح ليس أرواح الموتى ,كما يقولون وإنما هي شياطين تتمثل بالموتى وتقول: إنها روح فلان أو أنا فلان وهو من الشيطان فلا يجوز هذا وأرواح الموتى لا يمكن تحضيرها لأنها في قبضة الله سبحانه وتعالى {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} [الزمر:42] فالأرواح ليست كما يزعمون أنها تذهب وتجيء إلا بتدبير الله عز وجل فتحضير الأرواح باطل وهو نوع من الكهانة المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان (1/ 388) "
ونقل فتوى أخرى فقال :
"وجاء أيضا في جواب للجنة الدائمة عن تحضير الأرواح ما نصه:"إن ذلك هو المعروف باستخدام الجني واستحضاره بأدعية وتعويذات يقوم بها مستحضره, وذلك نوع من أنواع الشعوذة والكهانة, وهو ممنوع شرعا، لما فيه غالبا من الشرك والكذب ودعوى علم الغيب ونحو ذلك" فتاوى اللجنة الدائمة (1/ 644)]"
ومن أصدروا تلك الفتاوى يحرمون العمل ومع هذا يعترفون بوجود اتصال بالجن من قبل محضرى الأرواح المزعومين بدلا من أن يعرفوا الناس حقيقة الأمر وهو أنه عمل خداعى محض فلا وجود للاتصال بالجن لأن الرسول الخاتم(ص) نفسه لم يتصل بهم ولم يعلم أن الله جعل بعض الجن يسمعون قراءته للقرآن إلا بعد حدوث ذلك فقال :
" قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا"
وحقيقية ما يحدث هو حسب التقنية الموجودة في العصر فقد يكون خادم النصاب أو تلميذه الذى يقف خارج الحجرة وعندما يسمع طلب معلمه الحضور يتكلم دون أن يدرى أهل البيت أو من في الجلسة وقد يكون جهاز تسجيل مسجل عليه صوت يخفيه النصاب في ملابسه ويضغط عليه للحديث عند يأمر الروح المزعومة بالكلام أو تشغيل مشغل اسطوانات عليه كلام مسجل ويتم تشغيله عند أمر النصاب أو النصاب نفسه ممثل يغير صوته ليتناسب مع صوت الروح المزعومة
المهم أن من يحضرون تلك الجلسات لابد أن يلهيهم النصاب بأى شىء في أثناء الجلسة حتى لا يتنبه أحد لما سيحدث
ويمكن اكتشاف عملية النصب بسهولة لو فقه الحاضرون حيث يقومون باحضار ملابس من عندهم للنصاب ويقومون بخلع ملابس النصاب عنه تماما وإلباسه الملابس الأخرى وبعد ذلك يقومون بتغيير المكان الذى اتفقوا عليه لعمل الجلسة لمكان بعيد وساعتها سيظهر لهم عجز النصاب عن عمل أى شىء
فالعملية لا تعدو أن تكون عملية خداع بأدوات تقنية أو باتفاق عدد من النصابين
وتحدث المؤلف عن أن الرجل يشيع ما ينافى علم الله وحده بالغيب فيقول:
"وها هو في هذه المقالة يعود ليبث ما ينافي عقيدة التوحيد، بإشاعة الذهاب إلى العرافين والكهان وتصديقهم؛ بل وتشكيك الناس في حقيقة أمرهم!! فإن كلامه من أوله إلى آخره فيه مخالفة صريحة لقوله تعالى: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله} [النمل:65]،
وقوله: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمهآ إلا هو} [الأنعام:59]، ونحو ذلك من الآيات، كما فيه مخالفة لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان العرافين والكهنة والسحرة وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتي كاهنا فصدقه بما قال؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" [أخرجه البزار (1/ 647) رقم (1171 - مختصر زوائد مسند البزار) وقال المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 34):"رواه البزار بإسناد جيد قوي"، وجود إسناده أيضا الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/ 227)، وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (3387)، وصحيح الترغيب (3/ 171) رقم (3044)] وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:"من أتي عرافا أو ساحرا أو كاهنا، فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - " [أخرجه الطيالسي في مسنده (381)، و البزار في مسنده (5/ 256) رقم (1873)، والبيهقي (8/ 136)، وأبو يعلى في مسنده (9/ 280) رقم (5408)، وأبو سعيد الأشج في جزء من حديثه (35)، (36)، ابن وهب في"جامعه" (687)، وغيرهم قال المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 36):"رواه البزار وأبو يعلى بإسناد جيد" وجود إسناده أيضا الحافظ ابن حجر، في فتح الباري (10/ 228) وقال:"لكن لم يصرح برفعه، ومثله لا يقال بالرأي" وقال أيضا في إتحاف المهرة (10/ 500):"موقوف وحكمه الرفع" وحسن إسناده البوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة رقم (6168)، وقال الألباني في صحيح الترغيب (3/ 172) رقم (3048):"صحيح موقوف"] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" [أخرجه أحمد (2/ 429)، وإسحاق ابن راهويه في "المسند" (1/ 434)، والحارث ابن أبي أسامة في "مسنده" (2/ 187/2)، ومن طريق الحارث رواه أبو بكر بن خلاد في "الفوائد" (1/ 221/1)، كما ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في"إرواء الغليل" (7/ 69) رقم (2006) وابن خزيمة في"التوكل" كما ذكر الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (14/ 475)، الحافظ عبد الغني المقديسي في"العلم" (ق 55/ 1) كما أفاده الشيخ الألباني في"الإرواء" (7/ 70) وزاد أحمد: "والحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " والحسن: هو البصري وشهد له ما قبله من أحاديث] وأيضا لما سأل معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن منا رجالا يأتون الكهان قال: فلا تأتيهم" [أخرجه مسلم (537)] وما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت:" سأل ناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان فقال:"ليس بشيء" [قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/ 230):"أي ليس قولهم بشيء يعتمد عليه، والعرب تقول لمن عمل شيئا ولم يحكمه: ما عمل شيئا"] فقالوا: يا رسول الله، إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء فيكون حقا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة" [أخرجه البخاري (5762)، ومسلم (2228) (123)، واللفظ للبخاري]"
والحديث باطل لتعارضه مع كتاب الله فحتى الجنة لو عرف الشىء من الغيب من القعود للسمع فلن يقدر على أن يبلغه لأحد لأن على الفور يتبعه شهاب مهلك يهلكه كما قال تعالى :
"إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب"
ولا يوجد نص من القرآن يقول بوجود اتصال بين الإنس والجن لأن هذا آية أى معجزة وقد منع الله الآيات وهى المعجزات كما قال تعالى:
" ,ما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ومن ثم لم يعلم النبى(ص)بسماع الجن له إلا بعد أن أعلمه كما في أول سورة الجن
ثم قال :
"وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما" [أخرجه مسلم (2230)] قال العلماء: إن من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة فإن صدقه فقد كفر؛ لأن من سأل الكاهن معتقدا صدقه وأنه يعلم الغيب فإنه يكفر؛ لأنه خالف القرآن في قوله تعالى: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله} وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ في "تيسير العزيز الحميد" (ص/414) عن حديث:"من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد":"وفيه دليل على كفر الكاهن والساحر والمصدق لهما، لأنهما يدعيان علم الغيب وذلك كفر، والمصدق لهما يعتقد ذلك ويرضى به وذلك كفر أيضا""
والحديث باطل المعنى فمن استغفر بصدق غفر الله له على الفور كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
ومن ثم فالعمل الصالح وهو الحسنة يقبل من الله على الفور ويزيل السيئة كإتيان العراف كما قال تعالى :
"إن الحسنات يذهبن السيئات"
ثم قال :
"أقول: إن الأستاذ أنيس منصور لو رد هذا الأمر إلى الكتاب والسنة كما أمرنا الله عز وجل:
{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير وأحسن تاويلا} [النساء: 59]
لعلم حقيقة هؤلاء الكهنة الذين أولع بالذهاب إليهم وتصديقهم!! وما قال:" وليس عندي تفسير علمي لهذه البراعة أو هذا التخمين كيف عرف الرجل (العريان)؟ ليس هو السؤال؛ لأنه لا توجد عليه إجابة منطقية ولك أن تستنتج ما تشاء " إلى آخر ما جاء في المقال! فهذه الحيرة ناتجة عن البعد عن الكتاب والسنة! "ولا يروج ما ذكره إلا على مفرط في الجهل بدين الرسل، وما جاؤوا به، أو مقلد لأهل الباطل، والمحال من المنجمين، وأقاويلهم، فإن جمع بين الأمرين شرب كلامه شربا! " [من كلام الإمام ابن القيم في كتابه"مفتاح دار السعادة" (3/ 176) في رده على رسالة لأحد المنجمين]، أما المسلم المتمسك بعقيدة التوحيد الخالصة من أدران الشرك فعنده الإجابة الشافية عن هذه الأسئلة التي احتار فيها من يعد من أكابر المثقفين في هذا العصر!! فغاية هؤلاء: قارئ الكف محمد جعفر، والراهب الإيطالي فيردي، واليهودية، وعريان غابات كينيا! [وهذا ليس بغريب على هؤلاء العرافين والسحرة، فقد عقد الدكتور عمر سليمان الأشقر في كتابه"عالم السحر والشعوذة" (ص/165 - 175) فصلا بعنوان "كيف يصبح الإنسان ساحرا" أبان فيه عن الشروط التي يجب توافرها في الساحر كي يعينه الشيطان، وذكر من هذه الشروط:" والساحر لا بد أن يكون فاعلا للمحرمات، واقعا في الموبقات التي تغضب الرحمن وترضي الشيطان، فكثيرا ما يجلس السحرة عرايا في الأماكن المهجورة"]؛ أن يكونوا من هؤلاء الكهان، وإن صحت حكاياتهم التي أخبروا بها الأستاذ أنيس، فهي من جنس إخبار الكهان بشيء من المغيبات، التي لا ينخدع بها المؤمن الحق!! ويعلم أن إخبارهم عن بعض أمور الغيب إنما هي عن طريق الشياطين، قال الإمام ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (3/ 242):"وهؤلاء الكهان وعبيد الجن والسحرة لهم من ذلك أمور معروفة،وهم أكفر الخلق"
وما قاله ألأشقر عن عمل السحرة واتصالهم بالشياطين الجنية هو نفسه اشاعة لخرافة أخرى وهو اتصال الإنس والجن وهى خرافة يشيعها أيضا الجهاز المخابراتى العالمى ليوجد نصابين أخرين يعملون على اخراج الشياطين المزعومة بدعوة اخراج الجن بالقرآن واخراج الجن بالمسيح وتلاميذه وكذلك ألمر في الديانات ألأخرى
فالأمر لا يعدو أن يكون سياسة عالمية اخترعها ذلك الجهاز الخفى كى يخرج الناس من مشكلة لمشكلة أخرى بحيث يظل الناس غافلون عن المعرفة الحقيقية
ويستشهد الرجل على خرافة اتصال الإنس بالجن بكلام لا أساس له فيقول أيضا:
"وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "النبوات" (2/ 996 - 997):"والإخبار ببعض الأمور الغائبة التي يأتي بها الكهان، هو أيضا من مقدور الجن؛ فإنهم تارة يرون الغائب فيخبرون به، وتارة يسترقون السمع من السماء فيخبرون به، وتارة يسترقون وهم يكذبون في ذلك؛ كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهم، وأخبار الكهان وغيرهم كذبها أكثر من صدقها، وكذلك كل من تعود الإخبار عن الغائب؛ فأخبار الجن لا بد أن تكذب، فإنه من طلب منهم الإخبار بالمغيب كان من جنس الكهان، وكذبوه في بعض ما يخبرون به، وإن كانوا صادقين في البعض" وقال القرطبي في "المفهم" (5/ 633):"وإن ظهر صدق بعضهم في بعض الأمور؛ فليس ذلك بالذي يخرجهم عن الكهانة، فإن تلك الكلمة إما خطفة جني أو موافقة قدر ليغتر به بعض الجهال"وقال العلامة ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/ 405 - 406):"إن الكهان من أكذب الناس، ولهذا يضيفون إلى ما سمعوا كذبات كثيرة يضللون بها الناس، ويتوصلون بها إلى باطلهم تارة بالترهيب وتارة بالترغيب، كأن يقولوا: ستقوم القيامة يوم كذا وكذا، وسيجري عليك كذا من الموت أو سرقة مال ونحو ذلك" وهنا أيضا كلام نفيس للخطيب البغدادي في "القول في علم النجوم" (ص/192 - 194) يبن فيه سبب دخول الشبهة على الناس في أمر المنجمين وأشباههم حيث قال:"إنما يدخل الشبهة على الناس في أمر المنجمين من قبيل أنهم يرون المنجم يصيب في مسألة تقع بين أمرين كالجنين الذي لا يخلو من أن يكون ذكرا أو أنثى، أو المريض الذي لا يخلو من أن يصح أو يموت، والغائب الذي لا يخلو من أن يقيم بمكان أو يؤوب ومن شأن الناس أن يحفظوا الصواب للعجب به والشغف، ويتناسون الخطأ؛ لأنه الأصل الذي يعرفونه، والأمر الذي لا ينكرونه، ومن ذا الذي يتحدث بأنه سأل المنجم فأخطأ؟! وإنما التحدث بأنه سأله فأصاب والصواب في المسألة إذا كانت بين أمرين قد تقع-أحيانا- للمعتوه والطفل، فضلا عن المتلطف الرفيق، والقول في إصابة المنجم كقول الشاعر في الطيرة:
تعلم أنه لا طير إلا على متطير وهي الثبور
بل شيء يوافق بعض شيء أحايينا وباطله كثير
وإن وجد لمن يدعي الأحكام إصابة في شيء، فخطؤه أضعافه، ولا تبلغ إصابته عشر معشاره، وتكون الإصابة اتفاقا كما يظن الظان المنافي للعلم المقارن للجهل الشيء فيكون على ظنه، ويخطيء فيما هو معلوم أكثر عمره، ولا يقال: إن هذه إصابة يعول عليها، ويرجع إليها، بل إذا تكررت منه الإصابة في قوله، وكثر الصدق في لفظه والصحة في حكمه، ولم يخرم منه إلا القليل حينئذ سلمت له هذه الفضيلة، وشهد له بهذه المعجزة، ولا فرق بين المنجم والكاهن إذ كل واحد منهما يدعي الإخبار بالغيوب، وكيف يسلم للمنجمين ما يدعونه وأحدهم على التحقيق ما يعرف ما يحدث في منزله ولا ما يصلح أهله وولده، بل لا يعرف ما يصلحه في نفسه، ويؤثر عنه أن يخبر بالغيب الذي لم يؤته الله أحدا، ولم يستودعه بشرا إلا لرسول يرتضيه أو نبي يصطفيه" والخلاصة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (35/ 177):"ولهذا قد علم الخاصة والعامة بالتجربة والتواتر أن الأحكام التي يحكم بها المنجمون يكون الكذب فيها أضعاف الصدق وهم في ذلك من أنواع الكهان""
وبعد كل هذه النقول نجد المؤلف يحارب الخرافة بتصديق خرافة أخرى وكأنها معركة بين فريقين من النصابين ففريق يروج للعرافين والسحرة وفريق يروج لمعالجى الجن والأمراض مع أن الحقيقة واضحة في كتاب الله وهى :
1-لا أحد يعلم الغيب سوى الله وحده فحتى الرسول الخاتم(ص) نفى ذلك عن نفسه فقال :
"لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السواء"
2-لا اتصال بين الجن والإنس والأدلة عدة سبق قول بعضها وهناك غيرها فمن بين الآلهة المزعومة جن كما في قوله تعالى :
"بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون"
وهؤلاء الجن لا يعلمون أن الناس يعبدونهم كما قال تعالى:
"ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعاءهم غافلون"
وقال :
"فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين"
وتوجه الرجل بنداء للمسئولين لمنع أنيس وأمثاله من الكتابة عن ذلك فقال :
"فأقول للأستاذ أنيس منصور: فكان ماذا؟!
وإني أوجه النصيحة للمسؤولين في الصحف المحلية وفي الصحف في العالم الإسلامي بأجمعه، بألا يسمحوا لكل من هب ودب بالكتابة عن أمور الدين والشرع والخوض فيها بغير علم فإنهم مسؤولون عن هذا أمام الله عز وجل فليحذروا سخط الله وعقابه وليتقوه حق تقواه، كذلك أيضا أدعو كاتب هذه المقالة إلى أن يتوب إلى ربه، وأن يراجع نفسه، وأن يكف عن نشر مثل هذه المقالات التي تفسد على المسلمين عقائدهم، وإن كان يخفى عليه ذلك فلا يدخل فيما لا يحسنه، وليكن بعيدا عن الكتابة في أمور شرعية بضاعته فيها مزجاة"
وهذا النداء هو استغاثة المستجير من النار بالرمض فهو يستغيث بمن يريدون أن تشيع الخرافات والأكاذيب في المجتمع لتظل حالة الجهل والظلم والفقر شائعة بين الشعوب
اجمالي القراءات 2001