هل تغير الإسلام بعد موت النبى عليه السلام ؟؟
عثمان محمد علي
في
الأربعاء ٠٤ - مايو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
سؤال مُستوحى من عنوان فيديو لأحد المُستنيرين السعوديين (فرج الله كربه وأخرجه من سجون آل سعود ).
=
الحقيقة أن كثيرامن المُسلمين المُستنيرين أو المُسلمين العلمانيين الأقرب للإنصاف يقعون في هذا الخطأ الكبير بقولهم (ان الإسلام تغيّر بعد موت النبى محمد بن عبدالله عليه السلام) ،ويقولون أيضا أن الديانة اليهودية والنصرانية تغيرتا بعد وفاة أنبياء بنى إسرئيل وعيسى بن مريم عليهم السلام .وهذا خطا كبير وعظيم وفيه إتهام للمولى جل جلاله بعدم حفظ دينه ورسالته الخاتمة القرءان العظيم .فالأصل في الدين واحد مبنى على تشريعات الإيمان بلا إله إلا الله واليوم الآخر والغيب ،وتطبيق العبادات التي أمرالله جل جلاله بها البشرية وفى هذا قال المولى جل جلاله (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ) الشورى 13. .... (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات 56. ((ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون )) البقرة 177.
((الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون )) البقرة 5-.
وإتباع أوامره سبحانه وتعالى في المعاملات بين البشر مثل إقامة العدل والقسط ((لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه باس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز )).
وعدم أكل أموال الناس بالباطل (( ولا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتاكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون )
وعدم السخرية والتنابز (التنمر ) بالألقاب. ((يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون )).
والدعوة للسلام والتآخى بين الناس (( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ))
والحرية: ((وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
والشورى في الأمر (( وشاورهم في الأمر ))
والصفح والعفو عن المُسىء ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ.الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
والقول الحسن وعدم الإعتداء ( وقولوا للناس حسنا ).....(( ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ))...
فالدين نزل مع آدم عليه السلام ثم نزل التذكير به في رسالات نزلت على نوح والنبيين عليهم السلام من بعده إلى أقوامهم .وكان في بعض الأزمنة وفى بعض الأماكن يوجد أكثر من نبى في زمن واحد للقرية الواحدة إما للإتيان برسالة جديدة أو لتذُذكيرهم برسالة النبى هو موجود معه ولنصرته مثل أنبياء سورة (يس ) وموسى وهارون ،وداود وسليمان عليهم السلام جميعا .إلى أن بُعث النبى محمد عليه السلام ونزلت عليه الرسالة الخاتمة (القرءان الكريم ) فأصبح القرءان الكريم مُصدقا لما قبله ولما بين يديه من الرسالات الربانية السابقة ومُهيمنا عليها (اى جامعا شاملا ومحتويا على ما سبق فيها من تشريعات وأوامر ونواهى ،وأصبح لاغيا عمليا وتطبيقيا لما قبله من كُتب ورسالات ( مثل الدستور الحديث المحتوى على مواد الدساتير السابقة عليه مع تعديل وتصحيح وإضافات لمواد دستورية جديدة ) .فأصبح الإيمان بالرسالات والكُتب السابقة هو مُجرد إيمان قلبى لا يلزم معه البحث عنها وتطبيق ما فيها من أوامر ونواهى لأنها أصبحت موجودة ضمنيا ضمن أوامر ونواهى وتشريعات القرءان الكريم ) . أما ماحدث من إختلافات ووجود تدين مختلف ومذاهب عدة مع التشريعات السابقة لنزول القرءان الكريم ومع المسلمين أيضا هو أن تشاحن لدرجة الإقتتال أحيانا المُتعلمون والباحثون والدارسون لها وإنتصر كل واحد منهم لرأيه وألف تدينا وفهما للدين على طريقته هو ثم نسبه للدين وقال (هذا هو الدين ) . ولكن لأن أصحاب الهوى والإنتصار لرأيهم لن يستطيعوا أن يُلغوا القرءان ولا يُغيروا فيه ليتماشى ويتوافق مع أهوائهم ولأنهم لا ولم ولن يستطيعوا أن يأتوا بمثله ((قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القران لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)) ولاأن يزيدوا عليه أو يُنقصوا منه حرفا فإخترعوا تديُنا موازيا يُرضى رغباتهم وأطماعهم وشهواتهم الدنيئة وشهوات الخلفاء والأمراء والولاة مبنيا على ( روايات لهو الحديث ) ونسبوا دينهم الأرضى هذا وتديُنهم ومرجعيته إلى الله ، وقالوا عنها (احاديث قدسية ) وإلى النبى (احاديث وتقريرات نبوية ) وإلى الصحابة والتابعين (احاديث وروايات موقوفة ) . وكل هذه الإختلافات والخلافات كانوا فيها مُطيعين خاضعين لأوامر ووسوسة الشيطان الذى قال لرب العزة ((قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً )) . وقال (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ.ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) .
فدخل عليهم من باب الإنتصار للرأي والهوى والآنا .وقد أخبرنا القرءان العظيم عن وجودهذه الفئات فقال (وما تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة )) أي من بعد ما جاءهم العلم وفهم الكتاب ,صبح كل واحد منهم يعتقد أنه قادر منفردا على فهم الكتاب ولا يقبل التواصى في الحق والنُصح والإرشاد من غيره ،وهذا ينطبق على المُسلمين أيضا ،ونراه في كتابات بعض من ينتسبون خطئا إلى تيار التنوير ((كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ))..
((ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب ))...... ((واتيناهم بينات من الامر فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )).... فكل هذه الإختلافات والخلافات والمذاهب والطوائف المُتناحرة مبنية على الرأي والهوى ونتيجة للبغى العلمى بينهم. ولا صلة لها بالإسلام ،وهى تدين وليست دين .فالدين هو القرءان الكريم وحده (قل اي شيء اكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم واوحي الي هذا القران لانذركم به ومن بلغ ائنكم لتشهدون ان مع الله الهة اخرى قل لا اشهد قل انما هو اله واحد وانني بريء مما تشركون )) ....((تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق فباي حديث بعد الله واياته يؤمنون )) ... ((فباي حديث بعده يؤمنون )) .وقد وعد رب العزة جل جلاله بحفظ هذا الحديث القرءانى وبيانه وهداية من يبحث فيه عن الهداية فقال سبحانه وتعالى (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) .... (((لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ .إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ.فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه ثم إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ).... ((والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم )).. ..((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين ))... فهل أخلف الله وعده في حفظ القرءان وبيانه وهداية من يبحث فيه عن الهداية ويُجتهد ليصل إليها ؟؟؟
لا والف لا ((فلا تحسبن الله مخلف وعده )). ...((وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ))...... فالقرءان باق إلى يوم القيامة ولم ولن يتغير ولم ولن يتبدل ولم ولن يندثر .ومن هُنا فالإسلام لم يتغير بموت النبى عليه السلام لأنه هو القرءان الكريم وحده والقرءان باق بين أيدينا وسيظل إلى يوم القيامة حتى لو هجره المُسلمون جميعا.وإنما من تغير وتبدل هم المُسلمون (إلا من رحم ربى )الذين هجروا القرءان وأتبعوا أهوائهم وشهواتهم وأصبح دينهم هو روايات وأراء ومذاهب فقهاء ومشايخ (لهو الحديث ) .