تعقيب على مقال "ٱلحلال وٱلحرام"
قلت فى مقال "ٱلحلال وٱلحرام": "أما مسألة "ٱلختان" للذكر وٱلأنثى فهى من ٱلمسآئل ٱلتى تدخل فى مفهوم ٱللّغو وٱلكذب وٱلجهل وغياب ٱلنّور وٱلشهدآء. فٱلكلمة ليست من كلام كتاب ٱللّه. وأرىۤ أنّ مصدرها يشبه ما يفعله ٱلناس فى تعليم ٱلدّوآبّ حتى لا تضيع بٱلاختلاط. كمآ أن فعلها بٱلناس يولّد أذىً فى نفوسهم وقصورا فى فعل ٱلمسِّ لديهم". وبقولى "فٱلكلمة ليست من كلام كتاب ٱللّه" أكون قد غفلت عن ٱلقول ٱلعربىّ ٱلتالى:
"أُحِلََّ لكم ليلة ٱلصِّيام ٱلرّفَثُ إلىٰ نسآئكم هُنَّ لباس لَّكم وأنتم لباس لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللّهُ أنَّكم كُنتُم تختانونَ أنفُسَكم فتاب عليكم وعفا عنكم فٱلأنَ بَٰشِرُوهُنَّ وٱبتَغُوا ما كتب ٱللّهُ لكم وكلوا وٱشربوا حتَّىٰ يتبيّنَ لكم ٱلخيطُ ٱلأبيضُ مِنَ ٱلخيطِ ٱلأسودِ مِنَ ٱلفجر ثُمَّ أتِمُّوا ٱلصِّيامَ إلى ٱلَّيلِ ولا تُبَٰشِرُوهُنَّ وأنتُم عَٰكِفُونَ فِى ٱلمَسَجِدِ تِلكَ حُدُودُ ٱللّه فلا تَقرَبُوها كذَٰلك يُبيِّنُ ٱللّهُ ءَايَٰتِهِ للنَّاس لعلَّهُم يتَّقُونَ" 187 ٱلبقرة.
وفيه ٱلقول "عَلِمَ ٱللّهُ أنَّكم كُنتُم تختانونَ أنفُسَكم فتاب عليكم وعفا عنكم". فكلمة "تختانون" من أصل ٱلفعل "خَتَنَ يختن" وهو ما سبق وأن فعلوه بأنفسهم وهو ما علم به ٱللّه فتاب عليهم وعفا عنهم.
لقد كان أثر لغو ٱللغة وتحريفها للكلم عن مواضعه وتفسير ٱلمفسرين بلغوها وتحريفها للكلمة بقولهم (تختانون = تخونون وتلومون) عالقا فى نفسى فظننت أنها من مصدر ٱلفعل "خان يخون" فقلت تحت تأثير ٱلظّنِّ قولى: "فٱلكلمة ليست من كلام كتاب ٱللّه".
إلاۤ أنِّى عدّت إلى ٱلبلاغ ٱلعربىّ ونظرت فيه وتوكّدت من أن ٱلمخاطبين فيه مختونون وهو ما علم ٱللّه به وبسببه تاب عليهم وعفا عنهم. وبذلك علمت أنّ ٱلختان ليس من شرع ٱللّه وهو كما قلت عنه: "يشبه ما يفعله ٱلناس فى تعليم ٱلدّوآبّ حتى لا تضيع بٱلاختلاط. كما علمت أنه يولّد أذىً فى نفس ٱلمختون (ذكرا كان أم أنثى) وهيجانا وإلحاحا على فعل ٱلمسِّ.
وعلمت لوۤ أنّ ٱلكلمة كانت من أصل ٱلفعل "خان" لجآءت فى هيئة "تخونون" وليس "تختانون". فٱلقول ٱلعربىّ "تختانون أنفسكم" يبيّن أنّهم ختنوۤا أنفسهم بتأثير ظنّهم أو ظنِّ ءابآئهم أنّ ٱلختان عهد مع ٱللّه كما يزعم ٱليهود. فٱلمخاطبين لم يكونوا يعلمون أنّ ٱلختان أذى يفعل بهم ٱلهيجان ونقص ٱلصبر فى ليلة ٱلصيام. وهذا ما يبيّنه دخول ٱلثور "ا" على ٱلعلامة "ت" فيجعلها فى حال من ٱلثورة وٱلهيجان.
كما يبيّن ٱلقول ٱلعربىّ ٱلتوبة وٱلعفو عمّا سبق من ختان ٱلمخاطبين وما لحق ٱلختان من أذى فىۤ أنفسهم. فٱلختان هو ورآء مرض هيجان ٱلمرء وضعف قدرته على ٱلتحكم بنفسه ليلة ٱلصيام. وهو ٱلسبب فى ٱلقول "أحلّ لكم ليلة ٱلصيام". فٱلذى يصوم وهو مختون لا يستطيع صبرا على هيجانه. وإن كان من ٱلذين يدركون ويفهمون ٱلقول ٱلعربىّ فلا يختن أولاده حتى لا يكونون من ٱلهآئجين ٱلفاقدين للصبر.
ٱلرَّفَثُ إلى ٱلنسآء هو ٱلحضور إليهنّ وٱلاجتماع بهنّ فى ٱلفراش فٱلذكر يلبس ٱلأنثى وٱلأنثى تلبس ٱلذكر فيكونان جسما واحدا ونفسا واحدة كأصلهما ٱلأول قبل جعلهما زوجا منفصلا. فٱلبلاغ يحلّ للمؤمنين ٱلمختونين ٱلرّفث إلى نسآئهم ومباشرتهنّ ليلة ٱلصيام. إلاۤ أنّه يمنعهم من مباشرتهن وهم عاكفون فى ٱلمساجد "تِلكَ حُدُودُ ٱللّه فلا تَقرَبُوها". فٱلمساجد هىۤ أماكن عبادة ٱلأمر من دون تبديل أو تغيير فيه (وهىۤ أماكن ٱلسلطة ٱلتنفيذية_ مجلس وزرآء وإدرارات عامّة). فٱلذى يسجد لا يتمرد على أمر ٱلسلطة ٱلتشريعية ولا يغير فيه ولا يلهو عنه فى مباشرة ٱلنسآء ويطيعه كما هو. وهو ما يبيّنه ٱلفعل "عكف". فٱلذى يعكف على ٱلأمر وٱلشىء يلزمه ولا ينصرف عنه إلىۤ أمر أو شىء أخر.
وبذلك أقول ما هو من مسئوليتى ٱلشخصية أمام ٱللّه وبما تشابه لى فهمه من ٱلقول ٱلعربىّ (187 ٱلبقرة) أنّ ٱلختان للذكر وٱلأنثى هو أذى لهما وليس من شرع ٱللّه ولا من عهده كما يزعم ٱليهود. وهو ظنّ يحتاج إلى علم وإلى توبة وإلى عفو.
وأطلب مرّة أخرى من شيوخ ٱلأزهر وقم وكربآء أن يوقفوا ظنونهم وفتاويهم وتأثيرهم ٱلضّآرّ فى نفوس ٱلناس وأن يعودوۤا إلى ٱلبلاغ ٱلعربىّ فيعملون علىۤ إدراك وفهم قوله وبيانه فيقولون فيه بما يتشابه لهم لا ما يظنون أنّه قول عليم لا رجعة فيه.