الفصل الثامن والثلاثون : القول المبين فى الحور العين
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السُّنّى ) الباب الأول : لمحة عامة
الفصل الثامن والثلاثون : القول المبين فى الحور العين
قال : وعدت بأن تقول رؤيتك القرآنية للحور العين فى الجنة ،وأفهم أنها مخالفة للسائد خصوصا للنظرة الذكورية للدين السُنّى . هل ممكن تلخيصها أولا ؟
قلت : نعم . الأديان الأرضية الذكورية جعلت الحور العين للرجال فقط . وإفتروا أحاديث تعبر عن ثقافتهم الذكورية . ولكن طبقا للقرآن الكريم فإن دخول الجنة حسب العمل ، ممن كانوا ذكورا وإناثا . وهم سيصبحون فى الجنة جنسا واحدا ، وسيخلق الله جل وعلا لهم من أعمالهم الصالحة الحور العين .
قال : مهلا .. هنا نقطة منهجية . تبدو واثقا مما تقول ، مع إنك كتبت من قبل أن حديث القرآن الكريم عن نعيم الجنة هو بالتشبيه ، أى المجاز ، وليس بالاسلوب التقريرى الحقيقى المحدد.
قلت : نعم . ولكن عليك أن تفهم معنى التشبيه فى البلاغة العربية . لأسلوب التشبيه أربعة أركان : مُشبّه ومُشبّه به ووجه الشبه وأداة التشبيه . حين تقول : هذه الفتاة كالقمر : فالفتاه هى المثشبّه ، والقمر هو المُشبّه به، وأداة التشبيه هى حرف ( الكاف ) ، ووجه الشبه هو الجمال . لكن الفتاة ليست فى حقيقتها القمر . ونفس الحال فى قوله جل وعلا عن الحور العين ( وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) الواقعة ). هنا ( الحور العين ) هو المُشبّه ، و(اللؤلؤ المكنون ) أى اللؤلؤ المحفوظ ، وهو المُشبّه به ، وأداة التشبيه حرف الكاف ، ووجه الشبه هو الجمال المُصان . ولكن الحور لن تكون فى حقيقتها اللؤلؤ المكنون فى أصدافه .
قال : أنت تتفق معى إذن ، فى أن التشبيه لا يقرر الحقيقة .
قلت : نعم ، ولكنه يُقرّب من فهمها وتخيلها . وهنا يكون التدبر ، حتى فى اسلوب المجاز التشبيهى .
قال : ولكن التخيل ليس هو العلم بالشىء .
قلت : نعم . هناك فارق بين العلم فى الدنيا ، والعلم فى الآخرة . وهناك أيضا فرق بين علم الدنيا بشىء ما وتخيله عقلا .
قال : بمعنى ؟
قلت : قال جل وعلا عن نعيم الجنة :( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ )(17) السجدة ) . لا يمكن لنفس بشرية فى هذه الدنيا أن ( تعلم ) ما خفى من نعيم الجنة . هنا نفى للعلم ، وليس نفيا للتخيل والتصور .
قال : لماذا ؟
قلت : العلم البشرى فى هذه الدنيا سطحى . بسبب قصور أجهزة جسدنا فنحن لا نرى كل شىء ولا نسمع كل شىء ولا نُحسُّ بكل شىء يخترق أجسادنا . نعلم ظاهرا من الحياة الدنيا ، قال جل وعلا : ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) الروم ) . سيختلف الوضع فى الآخرة حين نأتى وقد تخلصنا من هذا الجسد وأصبحنا نفسا تحمل كتاب عملها . هنا يكون قد تم كشف الغطاء فنرى ببصر ثاقب مخترق حديد ، قال جل وعلا : ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ق ) .
قال : إذن فعلم الآخرة الذى سنشهده مختلف عن علمنا بالدنيا ؟
قلت : نعم . قال جل وعلا : ( كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) التكاثر ). إنّ علمنا فى الدنيا نسبى وقاصر وليس يقينيا . العلم اليقينى فى الآخرة حين نرى ونبصر بعين اليقين . بالتالى حين نتدبر الآيات القرآنية عن الحور العين لا نزعم أننا نقول ( علم اليقين ) لأنه غيب إلاهى ، ولكن نتدبر فى حدود تصورات مبنية على الآيات القرآنية ومحكومة بها وليس شطحا وتقولا بالغيب . بالتدبر القرآنى نعرف أن الحور العين هم لأهل الجنة المتقين ، والذين سيكونون جنسا واحدا فى الجنة ، ويخلق الله جل وعلا لهم من أعمالهم أزواجا هم الحور العين .
قال : يعنى الحور العين هم أزواج أهل الجنة ، ولس لهم زوجاتهم اللاتى كنّ فى الدنيا ؟
قلت : نعم .
قال : بعض التفصيل من فضلك .
قلت : نحن فى الدنيا مخلوقون من ذكر وأنثى . قال جل وعلا:( وَخَلَقۡنَٰكُمۡ أَزۡوَٰجٗا ﴿٨﴾ النبأ ). وبهذا نتناسل ونتكاثر، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً )(1) النساء ) . هذه هى النشأة الأولى لنا . ثم ستكون لنا نشأة أخرى يوم القيامة . عن هذه النشأة الأولى قال جل وعلا :( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46)النجم ) وعن النشأة الأخرى قال جل وعلا بعدها : ( وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى (47) النجم ). وقال جل وعلا أيضا : ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ )(20) العنكبوت )
قال : وما هى هذه النشأة الأخرى ؟
قلت : النشأة الأخرى لأهل الجنة تكون بخلق الحور من أعمالهم الصالحة ، والله جل وعلا يقول عنهن ( إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً (35) الواقعة )، يعنى إشتقاق وخلق لأول مرة من الأعمال الصالحة لمن يدخل الجنة .
قال : وماذا عن أهل النار ؟
قلت : نحن فى هذه الدنيا لنا حدُّ أقصى فى تحمل الألم . أصحاب النار ستكون لهم نشأة أخرى بأجساد تتحمل الألم بلا حد أقصى وفى خلود أبدى ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ )(56)النساء ). لا يموتون ولا يحيون ولا منها يخرجون ، ولا تخفيف . قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا) (36) فاطر) ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) الزخرف )( إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) طه ) ( وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) ابراهيم ).
قال : هل هذه هى الزوجية فى الآخرة ؟
قلت : نعم . قال جل وعلا عن يوم القيامة : ( وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ ﴿٧﴾ التكوير )، أى أصبح العمل زوجا لكل نفس .
قال : أفهم من هذا إنه على حسب العمل يكون الجزاء نعيما أو عذابا ؟
قلت : نعم ، فالجزاء حسب العمل للكافرين والمتقين يوم الدين . قال جل وعلا : ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) الجاثية )( وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (22) الجاثية )( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) طه ) ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ )(17)غافر )( فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54) يس ).
قال : هذا يستلزم تجهيزا لجسد أصحاب الجنة .
قلت : نعم . الذين آمنوا من الذكور والاناث وعملوا الصالحات فى حياتهم الدنيا سيكونون ( صالحين ) أى مؤهلين لدخول الجنة. قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) العنكبوت )
قال : هل هذا يعنى أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الذكور والاناث سيكونون فى الجنة معا بنفس التأهيل والصلاحية للعيش فى الجنة ؟
قلت : نعم . عن الأجر الموحّد في الجنة لمن يؤمن ويعمل صالحا ، يقول سبحانه وتعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ( التوبة 72 ) ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الأحزاب 35 ). يعنى هم فى الدنيا مؤمنون ومؤمنات عملوا الصالحات فسيكونون معا أصحاب الجنة .
قال : وهل فى الجنة يقال عنهم مؤمنون ومؤمنات ؟ أى ذكور وإناث كما كانوا فى الدنيا ؟
قلت : لا .. سيكون لهم وصف خاص يشمل الجميع ، وهو التقوى . فالجنة للمتقين فقط ، قال جل وعلا:( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم ) ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً )(73) الزمر )
قال : وستكون لهم جميعا الحور العين ؟
قلت : نعم . قال جل وعلا : ( إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴿٣١﴾ حَدَآئِقَ وَأَعۡنَٰبٗا ﴿٣٢﴾ وَكَوَاعِبَ أَتۡرَابٗا ﴿٣٣﴾ النبأ ) .
قال : هذا يستلزم توضيحا .
قلت : في الآخرة وقبل دخول الجنة أو النار يظل الناس ذكرا وأنثى . قال جل وعلا :
1 ـ ( فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) عبس ). هذا عن البعث ، سيكون الجميع ذكورا وإناثا ، حيث يفرُّ الشخص من أمه وأبيه وزوجته وبنيه الذكور والاناث .
2 ـ ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ (14) المعارج ) هذا قبيل دخوله النار ، وهنا تذكره لصاحبته أى زوجته وبنيه ومن فى الأرض جميعا من ذكور وإناث . يعنى حتى هذه اللحظة سيكونون ذكورا وإناثا .
3 ـ بل حتى حين تبشيرهم بالجنة يظلون ذكرا وأنثى ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الحديد).
بدخولهم الجنة يتحولون الى جنس واحد : أصحاب الجنة . ويخلق الله جل وعلا من أعمالهم الصالحة أزواجا هم الحور العين . وهذه هى النشأة الأخرى لأصحاب الجنة . يكون لهم أزواج مخلوقة من عملهم الصالح ، هى الحور العين .
قال : أريد الدليل القرآنى على أن الحور العين هم أزواج أهل الجنة الذين كانوا من قبل ذكورا وإناثا .
قلت : في وصفهم بالأزواج قال جل وعلا عن المتقين الذين كانوا من قبل ذكورا واناثا :
1 ـ ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) الدخان )
2 ـ ( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ )(15) آل عمران ) .
3 ـ ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) الطور )
4 ـ ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) يس )
قال : ما معنى ( أزواج مطهرة ) ؟
قلت : الأعضاء الجنسية للبشر فى الدنيا ليست مطهرة وتحتاج الى تطهير . الأزواج المطهرة فى جنة الآخرة هم الحور العين ، لأنهن مخلوقات من عمل صالح طاهر . قال جل وعلا :
1 : ( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) البقرة )
2 ( لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57) النساء )
قال: أريد دليلا حاسما على أن المتقين فى الجنة لم يصبحوا ذكورا وإناثا كما كانوا فى الدنيا .
قلت : يأتى الحديث عن المؤمنين الذكور والمؤمنات الاناث قبل مرحلة الجنة ، وسبقت آيات ( ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الحديد) ( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ( التوبة 72 ) ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الأحزاب 35 ).
لم يأت فى الآيات السابقة كلمتا ( المتقون والمتقيات ) بل لا يوجد هذا فى القرآن الكريم مطلقا. وطالما لا يدخل الجنة إلا المتقون فهم سيصبحون جنسا واحدا من الذكور ، ويخلق الله جل وعلا الحور العين من أعمالهم الصالحة .
قال : هل تسمح بمثل واضح لأن الموضوع صعب الاستيعاب ؟
قلت : فى هذه الدنيا الاستاذ ( شوقى ) تزوج الآنسة ( شوقية ) . مات كلاهما وهما ( شوقى وشوقية )، وعند البعث سيكونان ( شوقى وشوقية )، وعند الحشر سيكونان ( شوقى وشوقية )، وعند الحساب سيكونان ( شوقى وشوقية )،بالحساب ينقسم الجميع الى قسمين : شقى وسعيد ، قال جل وعلا : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) هود ) . نفترض أن الاستاذ ( شوقى ) والاستاذة ( شوقية ) دخلا الجنة ، سيتحولان من ( شوقى وشوقية ) الى ( سعيد ) ، وهذا وصف لأهل الجنة جميعا .
قال : اللهم اجعلنا من السعداء يوم الدين .
قلت : اللهم استجب يا رب العالمين ..