قراءة فى كتاب الأم بين برها في الإسلام وعيدها في الغرب

رضا البطاوى البطاوى في الإثنين ٢٨ - مارس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى كتاب الأم بين برها في الإسلام وعيدها في الغرب
المؤلف محمد مهدي بن نذير قشلان والكتاب يدور حول بر الأم وقد أقر المؤلف بأن الكتيب كان عبارة عن خطبة ألقاها فى مسجد ثم حولها إلى كتاب فقال :
"وبعد:
هذه خطبة جمعة ألقيتها في مسجد سيدنا حمزة بن عبد المطلب –رضي الله عنه ب- سوريا – دمشق - وقد تناولت قضية الاحتفال بعيد الأم .. وما جرى عليه عادة بعض المسلمين من المشاركة فيه .. ، وحذرت وبينت مرض وعلة التشبه والتبعية ... ،ثم طرحت فكرة إعطاء الأم هدية من دون أن نقع بإثم التشبه المقيت ...
فما كان في هذا العمل من صواب وفائدة، فالفضل فيه يرجع لله تعالى وحده، وما وجد فيه من خطأ أو نسيان فهو من صنع يدي، وأنا وحدي المسئول على ذلك أمام الله تعالى ... فأسأل الله المغفرة والقبول مع تقصيري .. مع رجاء دعوة صالحة"
وقد استهل الرجل الكتاب بحديث رواه الأصبهانى يقول:
"أوحى الله تعالى إلى نبي الله موسى عليه السلام فقال يا موسى: {وقر والديك فإنه من وقر والديه مددت في عمره، ووهبت له ولدا يبره، ومن عق والديه قصرت عمره، ووهبت له ولدا يعقه } "
والحديث بائن العوار فتمديد عمر البار وتقصير عمر العاق يعارض كتاب الله الذى يخبرنا بأن العمر لا يتقدم ولا يتأخر عن موعده كما قال تعالى :
"فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"
وقال على لسان نوح(ص) نفس المعنى:
" إن أجل الله لا يؤخر لو كنتم تعلمون"
ثم أمطرنا الخطيب بالأدعية فقال:
"يا رب:
أكرمنا ما أحييتنا برضاك، وبرضا والدينا عنا، بارك اللهم لنا في حياتهم، وارزقنا برهم، ولا تحرمنا أجرهم، واكتب السعادة لنا ولهم، رب اغفر لي ولوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغيرا، اللهم اجعل أيام الطائعين كلها أعيادا وأفراحا، وأعياد الكافرين وبالا وخبالا عليهم ... ،اللهم احقن دماء المسلمين، واكتب لهم النصر المبين، اللهم انتقم من كل يد باغية آثمة تلوثت بدم الأبرياء، اللهم انتقم ممن يتم الأطفال، ورمل النساء، وهتك الحرمات، اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، ونجعلك في نحورهم، اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا، اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، وفك أسرى المأسورين .. برحمتك يا جواد يا كريم. ابن آدم:
تزود من التقوى فإنك راحل وسارع إلى الخيرات فيمن يسارع
فما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوما أن ترد الودائع وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا رسول الله: كان يحب المؤمن الفذ في شخصيته، الحر في تفكيره، الذي لا ينقاد لغيره مقلدا ولا متشبها "
وحديثه عن عدم التقليد أتبعه بالحديث التالى:
"قال أنس بن مالك-رضي الله عنه- قدم رسول الله المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما-أي يحتفلون فيهما-،قال: ما هذان اليومان؟
قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية،-فهما يوما فرح وسرور-قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «قد أبدلكم الله خيرا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر "
والحديث لو قلنا أن المعنى فيه أن أيام العيد أيام لعب لخبنا وخسرنا فليس فى دين الله لعب لأن اللعب هو دين الكفار لقوله سبحانه:
"وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو"
وقد وصف الله الكفار بكونهم يلعبون فقال :
" ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم "
وبين أن سبب أخذ الكفار وهو هلاكهم هو اللعب كما فى قوله:
"أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون"
وإنما العيد كما جاء فى القرآن يوم أكل يكون فى نفس الموعد وهو ما ينطبق على الفطر بعد صوم رمضان أو ألأكل فى الحج:
"قال عيسى ابن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وأخرنا وأية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين"
ثم قال متحدثا عن تكريم الإسلام للأم :
"سيدي أبا الزهراء يا رسول الله:
الله أكبر إن دين محمد ... وكتابه أقوى وأقوم قيلا
والحق أبلج في شريعته التي ... جمعت فروعا للورى وأصولا
لا تذكروا الكتب السوالف عنده ... طلع النهار فأطفئوا القنديلا
أما بعد فيا أحباب رسول الله: التاريخ لا يعرف دينا ولا نظاما كرم المرأة باعتبارها (أما) وأعلى من مكانتها مثل الإسلام، فالإسلام أكد على الوصية بالأم وجعلها تالية للوصية بتوحيد الله وعبادته، فقد قرن الله بر الوالدين بالتوحيد فقال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} ،بل إن هذه الوصية من المواثيق التي أخذت على أهل الكتاب من قبلنا: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا}"
والخطأ هنا أن البر بالوالدين بعد العبادة فالبر هو من ضمن عبادة الله وليس منفصلا عنها
وتحدث عن كون الوالدين جنة ونار الإنسان فقال :
"وقد جعل الإسلام برها من أصول الفضائل وعقوقها من الكبائر, كما جعل حقها آكد من حق الأب, لما تحملته من مشاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية، أقبل رجل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال يا رسول الله: ما حق الوالدين على ولدهما؟ فقال صلوات الله عليه مختصرا: هما جنتك ونارك }"
وقطعا كل شىء فى حياتنا قد يكون سببا فى دخول الجنة بطاعة الله أو سبب فى دخول النار بعصيان الله فيه وتحدث عن اختراع الكفار لعيد الأم وتقليد الناس لهم فقال :
"معاشر الأحبة: لعلي طرحت هذه القضية اليوم باعتبار أن بعض المسلمين اعتادوا أن يقلدوا غير المسلمين بأن يجعلوا من الواحد والعشرين من شهر آذار يوم عيد للأم .. ، وقد طرح علي سؤال بإلحاح ما حكم المشاركة بالاحتفال بعيد الأم .. ،وهل هناك حرمة شرعية بتقديم هدية للأم في هذا اليوم بالذات .. ؟؟
بادء ذي بدء وقبل الإجابة عن هذا السؤال، أقول لكم بحرقة وألم لماذا نشتهي التقليد والتشبه بكل ما يأتينا من هنا وهناك، مرة من الغرب ومرة من الشرق ... ونتناسى شخصيتنا وديننا وأوامر رسولنا .. إن هناك حديثا لرسول الله ما إن يسمعه المؤمن إلا ويشعر بشيء يختلج في قلبه ونفسه، بل إنه ليشعر بأن رسول الله يعيش بيننا، ويرى وينظر حال أمته اليوم، وما وصلت إليه من ضعف وهوان وتبعية .. ،اسمع معي هذا الحديث الذي نطق به الفم الشريف فم سيدنا محمد وكأنه ينظر من وراء الحجب حين قاله ووقع كما قال بعد أربعة عشر قرنا، أخرج البخاري ومسلم-رحمهما الله-عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لتتبعن سنن من كان قبلكم، وفي رواية "لتركبن سنن من كان قبلكم"شبرا بشبر، وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن } فمن غير هؤلاء؟ اتبعت الأمة طريق المغضوب عليهم من اليهود، وطريق الضالين من النصارى، وتركت طريق الأطهار الأخيار الأبرار، تركت أصل عزها، ونبع شرفها ومجدها وكرامتها وسيادتها بل وبقائها، وراحت تلهث وراء الشرق الملحد تارة ووراء الغرب الكافر تارة أخرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله! ويرحم الله الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عندما قال كلمته المشهورة "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله"تأملوا حديث رسول الله: {لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم} انظروا هذا التشبيه البليغ لرسول الله "لو دخلوا جحر ضب"وجحر الضب معروف بشدة ضيقه ورداءته وكراهة رائحته، ومع ذلك فإنهم يتبعونهم في أضيق الطرق ..."
وانتهى الرجل فى الفقرة السابقة إلى كون العيد هو اتباع لتقليد أهل الأديان الأخرى خاصة اليهود والنصارى وفى الحقيقة أنه ليس تقليد لهم لأنهم لا يعترفون بعيد الأم وإنما تقليد لمن اخترعوه أيا كانت ديانتهم وقد استدل بذلك على وجود عقدة نقص تجاه الغرب فقال:
"لقد آن الأوان أن يتخلص هؤلاء المقلدون من عقدة النقص أمام الغرب بثقافاته، ومعطياته، وسلوكياته، لا سيما في الجانب الأخلاقي التربوي، وإن كنت في الوقت ذاته أقول بأعلى صوتي: لا حرج على الإطلاق أن تستفيد الأمة من حضارة الغرب في الجانب العلمي والمادي والصناعي، ليت الأمة نقلت أروع ما وصل إليه الغرب في جانب التقدم العلمي، ليت الأمة فعلت ذلك، لكنها بكل أسف تركت أروع وأجمل ما وصل إليه التكتيك الغربي في عالم الاتصالات، في عالم المواصلات، في عالم الذرة، في عالم الكيمياء، في عالم الطب، في عالم الجيولوجيا، في كل هذه العوالم تركت الأمة أروع ما وصل إليه الغرب في هذا الجانب، وراحت لتنقل أعفن وأقذر وأرخص وأحقر ما وصل إليه الغرب في الجانب الأخلاقي والتربوي، الذي يصطدم مع عقيدتنا وأخلاقنا، وقيمنا وديننا، حتى رأينا من بني جلدتنا من يقلد فساق الغرب وضلالهم في كل شيء حتى في تسريحة شعرهم، وفي أسلوب حياتهم من زيي وأكل وشرب ونوم .... تبعية ذليلة، وهزيمة خطيرة، خذ أفضل ما عند الغربيين لا حرج، واترك أعفن ما عند الغربيين مما يصطدم مع دينك وقيمك وأخلاقك.
واسمع معي هذه النبوءة لرسول الله، قال: {لا تترك هذه الأمة شيئا من سنن الأولين حتى تاتيه } وأخرج الترمذي والنسائي والإمام أحمد عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال:"خرجنا مع رسول الله إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر-أي أسلموا حديثا-وللمشركين سدرة-شجرة خضراء كبيرة-يعكفون عندها أي يقفون عندها معتقدين فيها متبركين بها يرومون بها أسلحتهم - أي يعلقون عليها أسلحتهم تبركا بها-يقال لها ذات أنواط فنظرنا إلى سدرة-أي شجرة كبيرة-فقلنا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط- أي اجعل لنا شجرة نتبرك بها كما للمشركين شجرة يتبركون بها ويعلقون عليها أسلحتهم. فبم أجاب رسول الله؟ كبر غضبا قال: "سبحان الله، الله أكبر هذا كما قال قوم موسى {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون} والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم"وروى الإمام الطبراني عن عبد الله ابن مسعود قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم: {أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل،لتركبن طريقهم حذو القذة بالقذة،- (والقذة):ريشة السهم، وجمعها قذذ، وتكون أيضا متساوية الأقدار، تقص كل ريشة على قدر الأخرى- لتركبن طريقهم حذو القذة بالقذة، حتى لا يكون فيهم شيء إلا كان فيكم مثله، حتى أن القوم لتمر عليهم المرأة فيقوم إليها بعضهم فيجامعها ثم يرجع إلى أصحابه يضحك إليهم ويضحكون إليه }"
وهذا الكلام لم يقله النبى(ص) لأنه علم بالغيب وهو تقليد القوم لليهود وهو لا يعلمه كما قال سبحانه على لسانه:
" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
كما لا يعلم بما سيحدث له كما قال :
" وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
فإذا كان لا يعرف ما يحدث له فكيف علم بذلك التقليد ؟
قطعا هو لم يقل ذلك لأنه لا يمكن أن يفترى على الله
وتحدث الرجل عن أن الاحتفال بعيد الأم ليس حراما لعدم وجود نص فقال :
"معاشر الأحبة: لا أقول إن إقامة عيد للأم حرام، فإن التحريم لا يقدم عليه إلا بنص، والأصل في الأشياء والعادات الإباحة. والمنع يأتي من التشبه بغير المسلمين كما ذكرنا، ولا نجد حاجة للاحتفال بعيد للأم في مجتمع الإسلام والمسلمين، وإذا كان لا بد من الاحتفال فلنسمه (يوم الأم) بدل (عيد الأم) كما قال بعض العلماء لأن فكرة العيد عندنا مرتبطة بالدين ولا نود أن يكون لنا عيد غير عيد الفطر، الذي نحتفل فيه بإتمام الصيام لشهر رمضان، وعيد الأضحى، الذي نشارك فيه حجاج بيت الله الحرام في يوم حجهم الأكبر، وعلينا أن لا ننسى مشاعر الأبناء والبنات الذين فقدوا أمهاتهم، فيصبح هذا اليوم يوم حزن ونكد عليهم، فالإسلام لا يحتفل بيوم يسعد في البعض ويعذب ويتألم فيه البعض "
وهذا الكلام عن عدم الحرمة يناقض استدلاله فى أول الخطبة برواية اليومين الفطر وألأضحى فقد استدل بنص عنده ,اما فى القرآن فالنص واضح وهو :
" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"
وليس فى المنزل ما يسمى عيد أو يوم ألأم ولو فتحنا الباب لذلك فسيكون هناك عيد الأب وعيد الأخ وعيد الأخت وعيد العم وعيد العمة وعيد الجد وعيد الجدة...وستكون كل السنة بتلك الطريقة أعياد لا تنتهى فما دام هناك أعياد للأقارب فلماذا لا يكون هناك عيد للصفات كعيد الحب وعيد البعض وعيد العفاف....
إنها باب لن ينسد
وتحدث قشلان عن أن المسلمين يهتمون بالأم طيلة السنة وليس يوم واحد فقال :
"أنا لست ضد تقديم هدية للأم في السنة أو في الشهر مرة، لكن نحن المؤمنون نحتفل بأمنا في كل سنة ثلاثمئة وستين يوما، أما في العالم الغربي فتمر الأيام والشهور الطويلة وأحدهم لا يعرف عن أمه وأبيه شيئا، أذكر أني قرأت مرة أن الشرطة البريطانية عثرت على امرأة ميتة منذ ستة أشهر في بيتها، لم يدر أحد بها إلا بعد أن فاحت الرائحة خارج المنزل، فالأبواب محكمة الإغلاق، وشتاء لندن بارد جدا، من أجل ذلك ما علم بها أحد إلا بعد ستة أشهر، وعجب المحققون ألم يسأل عنها أحد، ألم يبحث عنها أحد؟ وظن الجميع أنها كما يقولون –مقطوعة من شجرة- ولكن بعد البحث عجبت الشرطة أن لها أربعة من الأولاد وهم يسكنون في لندن أيضا، ما فكر ابن أن يتفقد أمه في النصف سنة مرة واحدة، هؤلاء بحاجة إلى عيد أم، أما نحن فتربينا على مائدة الحبيب المصطفى ... الذي زار قبر أمه يوم الفتح العظيم في ألف مقنع أي: مع ألف فارس مغطى بالسلاح، فما رئي -صلى الله عليه وسلم- أكثر باكيا من ذلك اليوم هكذا وفاء الإسلام بالأم في حياتها ومماتها ...
إذن أيها الأحبة: حتى لا تحزن بعض أمهات وتغار من غيرها لا مانع من أن تقدم لها هدية لكن بغير اليوم الذي يحتفل فيه بعيد الأم، لا بأس بما بعد هذا اليوم، ولا بد أن تخبر أمك بسبب تأخرك في إهدائها حتى تكون على وعي ديني صحيح ..."
وهذا الكلام عن تقديم هدية للأم فى ذلك اليوم يتعارض مع منطقه فى تصديق أحاديث التقليد
اجمالي القراءات 2638