حوار صحفي خيالي مع الفقيه السوسي الجزء الاول ؟
مقدمة متواضعة
قد اشتقت الى هذه الحوارات الصحفية الخيالية فمنذ مدة طويلة لم انشر هذه الحوارات الابداعية في موقع اهل القران بالولايات المتحدة الامريكية رغم انني نشرت حواران في موقع مغربي معروف لكنه قد رفض دفع اجرتي الشهرية بعد شهر كامل من العمل بمعدل ثلاث مقالات اسبوعيا و قال هذا الاخير لي لا اجرة لكتاب الراي مثلي و منذ ذلك الحين قررت عدم نشر مقالاتي و حواراتي الخيالية في المواقع الاخبارية المغربية الا بعد تحقيق مطلب الاجرة الشهرية كحقي المشرعي حسب الشرائع السماوية و القوانين الوضعية .
ان الفقيه في منطقة سوس الكبير يتوفر على مكانة اعتبارية بصفته مكلف بامامة الناس في الصلوات المقامة بالمساجد و ارشادهم في امور دينهم الحنيف و تعليم اطفالهم القران الكريم الخ من هذه المهام ذات طبيعة اجتماعية و ثقافية متعددة اي ان الفقيه يمكنه ان يمارس الفن دون اي اعتراض خصوصا في اقليم طاطا الجميل و المعروف بفن احواش اي الرقص الجماعي بين الرجال و النساء و بين الفتيان و الفتيات في اجواء الوقار و الحياء.
و كما يمكنه ان يمارس فن الكتابة و التاليف و الدفاع عن الثقافة الامازيغية بالقوة قبل الغزو الوهابي للمغرب سنة 1979 حيث كان فقهاء اهل سوس منخرطون في النضال الثقافي الامازيغي وقتها حسب ما قاله المرحوم الاستاذ ابراهيم اخياط في احد كتبه اي انذاك كان هؤلاء الكرام بالرغم من حصار الدولة الفضيع تجاه كل ما هو امازيغي على مختلف المستويات و الاصعدة يناضلون بالقلم و بالتاليف حيث يكفي ذكر اسم المرحوم الفقيه امحمد العثماني و اسم المرحوم عبد الله السجثيمي الخ لكي ندرك هول ما حدث طيلة اكثر من 40 سنة من التغليل الوهابي داخل حقلنا الديني الرسمي برغم ظهور الفقيه الامام لحسين بن ابراهيم اسنكفل كمدافع وحيد عن الثقافة الامازيغية الان و الذي ارجع الهيبة لفقهاء سوس الكرام .......
انني ساحاول عبر الحوار الخيالي ابراز هيبة فقهاء اهل سوس و دفاعهم عن الامازيغية كهوية اسلامية مغربية بدون ادنى شك بالنسبة لي على اقل ......
الى صلب الحوار الصحفي الخيالي
يشرفني عظيم الشرف و الشوق ان اجري هذا الحوار الصحفي المتواضع مع سيدي الحاج عبد اللطيف اباعمران الذي بلغ من العمر حوالي 90 سنة و هو في صحة جدية حيث كان فقيه و امام في مجموعة من المساجد بقرى سوس و في الدار البيضاء و عرف عنه نضاله الامازيغي منذ اواخر الخمسينات الى سنة 2020 و حاليا يجلس في بيت ابنته تيليلا في الدار البيضاء .
السؤال 1 من هو عبد اللطيف اباعمران ؟
الجواب قد ولدت حوالي سنة 1934 في احدى قرى قبائل اباعمران داخل اسرة العلم و الرئاسة بحكم ان اجدادي كانوا من فقهاء و من قضاة و من قواد الخ من المهن الموقرة .
قد وجدت نفسي في وسط امازيغي متدين كالطبع الغالب في قرى سوس الى حد الان حيث كان ابي فقيه في مسجده و كانت امي مقاومة ضد الاستعمار الاسباني انذاك بشعرها الامازيغي الديني اي انها كانت تحضر في حفلات احواش قصد انشاد قصائدها امام عامة الناس بدون اي اعتراض من ابي الفقيه باعتبارها لا تفعل شيئا يناقض مع الاذاب العامة او مع الوقار الخ.
قد حفظت القران الكريم كاملا في سن عشر سنوات عند الوالد رحمه الله حيث كان صارما معي لكنه كان يحبني الى حد الجنون و كذلك امي رحمها الله و بعد ذلك بدات رحلتي العلمية في المدارس العتيقة و المنتشرة في سوس العالمة و وقتها كان المغرب تحت يد الاستعمار المسيحي حيث كبرت في ظل تلك الظروف الاستثنائية و قاومت هذا الوافد الجديد من طبيعة الحال بالسلاح و بنشر الوعي الديني النظيف من اية ايديولوجية للحركة الوطنية في صفوف العامة و الخاصة حتى سنة 1956 و ثم استقرت باحدى قرى سوس للامامة في احدى مساجدها او لشرض ن لطالب كما هو معروف في عاداتنا الامازيغية الاسلامية .
السؤال 2 كيف ادركت ان الامازيغية كانت مهمشة انذاك ؟
الجواب بعد حصولنا على الاستقلال سنة 1956 كنت ازور ابن عمي حماد في مدينة فاس العتيقة حيث كان هذا الاخير يعمل بقالا كبيرا في المدينة القديمة و يقول لي يا صديقي الفقيه عليك ان تتزوج من جميلات هذه المدينة باعتبارهن بنات الاصل و العائلات العريقة و قلت له انني احب بنت خالتي و ساتزوجها قريبا انشاء الله لان المهم هو جمال القلب و ليس جمال المظهر الخارجي....
و كنت اجلس في احد مساجد فاس استمع الى الدروس الدينية من تقديم الفقهاء و العلماء حيث سمعت للمرة الاولى مصطلح الظهير البربري و انذاك كان خطاب الحركة الوطنية الديني هو الطاغي في مدن المركز في اواخر الخمسينات اي العروبة و اسلام الحركة الوطنية بمعنى انني اكتشفت من خلال زيارتي المتكررة لمدينة فاس ان الامازيغية بشموليتها مهمشة الى ابعد الحدود و الدرجات .
السؤال 3 متى انطلقت في نضالك الامازيغي في اواخر خمسينات القرن الماضي ؟
الجواب كنت اتمنى لقاء المرحوم العلامة المختار السوسي للحديث معه حول المسالة الثقافية الامازيغية كما عرفت وقتها لكن لم يكتب هذا اللقاء ...
لقد كانت خزانة الوالد رحمه الله تضمن على العديد من الكتب و المخطوطات في شتى المعارف الدينية و الحياتية و حتى التاريخ الاجتماعي لقبائل ايت باعمران حيث وجدت رسائل فقهاء و علماء اقروا بان الاعراف الامازيغية لا تتعارض مع مقاصد الشرع الاسلامي و انذاك انطلقت في تاليف كتاب حول هذا الموضوع الشيق .........
و بعد الانتهاء من تاليفه سافرت الى مدينة الرباط سنة 1964 بغية تقديم كتابي في مقر وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية و بعد شهريان من الانتظار داخل مقر هذه الوزارة قد استقبلني المكلف بطبع الكتب اسوء الاستقبال حيث قال لي تبارك الله على الشلوح الكفار هل مازلت تظن اننا في زمن الاستعمار و خد كتابك و ارميه في مرحاض الوزارة و ارجع الى دوارك فورا لان غدا هو فاتح رمضان حيث ان الناس هناك يحتاجون الى امام و ليس الى فاتن في دينهم و في وطنيتهم الصادقة هيا اخرج من مكتبي حالا.
و بعد هذا الاستقبال المسيئ لي ركبت الحافلة راجعا الى دواري فوجت زوجتي قد انجبت طفلة في غاية الجمال و قد اطلقت عليها اسم تيليلا اي النجدة بالعربية .
السؤال 4 متى انتقلت للعيش في الدار البيضاء ؟
الجواب بعد تحرير مدينة سيدي ايفني من الاستعمار الاسباني في يونيو 1969 قد تحدثت مع عمي الحاج عمر الذي كان يعمل فقيها في احد مساجد عين السبع بالدار البيضاء منذ 30 سنة و قرر انذاك العودة الى ايت باعمران بصفة نهائية بحكم السن و قد اقترح علي الرحيل الى الدار البيضاء للعمل في مكانه كفقيه و هناك بيت كبير يمكنني العيش مع اولاي و امي فوافقت على اقتراح عمي .
السؤال 5 كيف كشفت الحركة الثقافية الامازيغية بالدار البيضاء ؟
الجواب قد كنت مولع بفن الروايس و خصوصا شعرهم الديني و كنت احضر في سهراتهم بالرغم من انني فقيه لان الفقيه في مخيلنا المجتمعي هو الذي لا يستمع الى الموسيقى بشكل عام و لا يذهب الى الحفلات الغنائية الخ من هذه الممنوعات الاجتماعية ان صح التعبير حيث ان الوهابية و اخواتها عندما دخلت الى بلادنا ساهمت بشكل مضاعف في جعل الفن بشكل عام شيء حرام في الدين الاسلامي و شيء جالبا للفساد الاخلاقي و مظاهره من قبيل شرب الخمر و النساء الخ لكن الله هو التواب الرحيم.
لقد سمعت في اواخر السبعينات عن تنظيم اول سهرة فنية امازيغية في مسرح محمد الخامس بالرباط بمشاركة مجموعة اوسمان الشهيرة و المرحوم الرايس احمد بيزماون و طبعا قد حضرت في تلك السهرة التاريخية مع ابنتي و فقيه اخر و عند انتهاء هذه الاخيرة تعرفت على اطر الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي و حكت لهم قصتي مع المكلف بطبع الكتب بوزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية ثم قالوا لي مرحبا بك في جمعيتنا الثقافية الامازيغية و نتوفر على امثالك من فقهاء سوس العالمة الحقيقيين .....
السؤال 6 بصفتك فقيه هل تعرفت على عناصر تيار الاسلام السياسي بالدار البيضاء ؟
الجواب طبعا نعم لانهم يصلون في مسجدي الصلوات الخمس و صلاة الجمعة الخ خلفي حيث علاقتي بهم لا تتجاوز علاقة الامام الفقيه و العامة من المسلمين اي الاجابة على اسئلتهم الدينية لا اقل و لا اكثر.
السؤال 7 هل تم دعوتك للحضور في برنامج اذاعي او تلفزيوني في عهد الراحل الحسن الثاني ؟
الجواب نعم تم دعوتي للحضور مجبرا في برنامج تلفزيوني حول ذكرى الراحل محمد الخامس في عشر رمضان الموافق لسنة 1989 و كان معي عالم كبير من مدينة سلا الذي تحدث بحماس فضيع عن الظهير البربري و عن تنصير البربر كما يسمون لدى الحركة الوطنية و تحدثت مجبرا عن هذه الخرافات لكن وقتها كانت من الثوابت الدينية و السياسية.
و بعد خروجي من مقر الاذاعة و التلفزة المغربية شعرت بالم فضيع في قلبي لهول ما قلته في التلفزة و قلت في نفسي من انا ؟ الخ من هذه الاسئلة المقلقة و ركبت سيارتي الخاصة في اتجاه بيتي بالدار البيضاء و عند وصولي الى بيتي حطمت التلفاز و المذياع امام اولادي و امي ثم دخلت الى غرفتي حتى الصباح اي لم اتناول الفطور او العشاء او السحور اي ظلت صائما ل 24 ساعة .
السؤال 8 ما هو مصير كتابك حول الاعراف الامازيغية؟
الجواب تم طبعه من طرف الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي في اكتوبر 1994 حيث انذاك كان حصار شديد على الامازيغية على مختلف المستويات و الاصعدة حيث تم استدعائي للتحقيق في وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية و كتبت مقالات مطولة في جريدة العالم باسم حزب الاستقلال تهاجم كتابي بشتى النعوت القدحية و الاهانات الشخصية من قبيل فقيه سوسي بملابس فرنسا الاستعمارية او فقيه سوس في فراش فرنسا الخ من هذه العناوين المهينة .
السؤال 9 ماهية اراء وسطك الديني تجاه كتابك ؟
الجواب هناك من يرحب و هناك من يكفر و بل اهدار دمي كانني اشركت بالله او اتجهت نحو الالحاد استغفر الله سبحانه و تعالى .
للحديث بقية حيث ارجوا ان يكون هذا الحوار الصحفي الخيالي في المستوى المطلب.
المهدي مالك