آحمد صبحي منصور
في
الإثنين ١٧ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
أجبنا كثيرا على هذا السؤال حتى أصابنا السأم ، ولكن أكثر الناس لا يعقلون ، يعنى بالعامية ( مغفلون ).
أكثر الناس هم أتباع ديانات ارضية ، وهذه الديانات الأرضية يتحول فيها التاريخ الى دين ، أى يدخل الدين فى دائرة الايمان ، فتصبح الشخصيات البشرية التاريخية آلهة . يفعل هذا المحمديون فى تاريخ الصحابة وتاريخ الأئمة السنيين وآل البيت والأولياء الصوفية ، يؤلفون كتبا فى مناقبهم ، يملأونها بالخرافات والمعجزات . ويبدأ هذا بتأليف سيرة للنبى من وحى الخيال ، تخالف شخصيته فى القرآن الكريم ، ثم تتسع كتب السيرة ، وتتكاثر الروايات مع زيادة تقديس النبى ، ويضاف الى ذلك كتابة ( سير ) فى تقديس بقية الآلهة المقدسين ، كالأئمة الاربعة فى المذاهب السنية ، ومناقب آل البيت ومناقب الأولياء الصوفية . ونفس الحال مع ( المسيحيين ) فالانجيل الحقيقى الذى نزل على عيسى عليه السلام تم إستبعاده ، وفرضوا مكانه ( أناجيل ) أربعة هى عبارة عن ( سيرة نبوية ) للمسيح عليه السلام من وجهة نظر مؤلفيها . وتعرضت هذه الاناجيل لنقد موضوعى من محققى المفكرين الغربيين . ولم يحدث مثل هذا بالنسبة للتاريخ الدينى للمسلمين فيما يخص السيرة وتاريخ الصحابة والخلفاء الراشدين ومناقب الأئمة . نحن أول من بدأ هذه الدراسات البحثية فى الصحابة والأولياء الصوفية ، بمنهج تاريخى ، يعتبرهم قضية علمية ن وليسوا جزءا من الدين الاسلامى ، ثم نعرضهم على القرآن الكريم نحتكم اليه فيهم طلبا للإصلاح . أى البحث التاريخى فى هذه الشخصيات طبقا للمكتوب عنهم فى الروايات التاريخية ، ومنهج التدبر فى القرآن الكريم كتبنا فيه كثيرا . ومنهج البحث فى هذه الروايات له أصوله ، وقد كتبنا فى منهجية البحث كتابان عام 1984 .
يبقى أن نقول إن المكتوب فى التاريخ إذا صحّ فهو ( حقيقة تاريخية ) نسبية وليست مطلقة ، لأن الحقائق المطلقة الايمانية اليقينة هى آيات القرآن الكريم فحسب . والقرآن الكريم تحدث فى مئات الآيات القرآنية عن من كان مع النبى محمد عليه السلام ، من منافقين ومؤمنين سابقين متفوقين بالعمل والايمان ومقتصدين وضعاف الايمان ، ولكن دون ذكر لاسمائهم ( ما عدا زيد فى سورة الأحزاب ) . التاريخ المكتوب بيد المؤرخين فى العصر العباسى ذكر الأسماء والتفصيلات الزمانية والمكانية . وهذا يدخل ضمن ( علم التاريخ ) . وليس ضمن ( دين الاسلام ) لأن دين الاسلام إكتمل بالقرآن الكريم وموت خاتم المرسلين . وفى النهاية فالتاريخ صناعة بشرية ، وهو ( علم بشرى ) يتكون من ( أخبار وروايات ) من حق الباحث بل من واجبه نقدها وتحليلها ، وتحليل ونقد من رواها ، وتحليل ونقد تلك الشخصيات التاريخية . وقلت كثيرا للمغفلين المحمديين الذين يقدسون الصحابة ، لو أعلن شخص أنه لا يوجد أبو بكر وعمر والخلفاء الراشدين فلا يؤثر ذلك شيئا فى إيمانه لأنهم شخصيات تاريخية . ولكنه لا يمكن أن يكون باحثا تاريخيا . ونفس الحال لو انكر أحدهم وجود الدولة الأموية أو وجود الحسين وكربلاء والفتوحات الخلافة الراشدة وغير الراشدة ، لا ينقص من إيمانه شىء لأنه لم ينكر شيئا من الدين الاسلامى. أما لو قدّس تلك الشخصيات وإعتبرهم جزءا من الاسلام ، وأنكر علينا نقدهم فهو على الأقل من المغفلين ، وهذه هى كلمتى للمغفلين . فقد سأمت من تكرار هذا السؤال .!!