لوبوان الفرنسية: طارق رمضان... "السعودية وراء السلفيين" ..
دينا قدري
12/6/2011 9:29 PM
وصفت جريدة "لوبوان" الفرنسية -على موقعها الالكترونى- ما يحدث فى مصر أنه صراع الأشقاء. فإذا لم يكن هناك شك فى فوز جماعة الإخوان المسلمين فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية، فإن حصول السلفيين على 24% من الأصوات يشكل مفاجأة حقيقية من الممكن أن تغير المشهد السياسى فى مصر.
ومن بين الستة وخمسين مقعدا المتنافس عليهم فى المرحلة الثانية، يتنافس الإسلاميون "المعتدلون" بحزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمين) مع حزب النور المتشدد (السلفيين) على اثنين وعشرين. والنتيجة غير مؤكدة بنسبة كبيرة. ومن أجل فهم أسرار "صحوة" السلفيين فى مصر، أجرى موقع "لوبوان" حوارا مع طارق رمضان أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة بجامعة أكسفورد وصاحب كتاب "الإسلام والصحوة العربية"
وحول تفسيره للنسبة الكبيرة التى حصل عليها السلفيون فى الانتخابات البرلمانية المصرية ، قال طارق رمضان أنه من المهم ملاحظة التحول المذهل الذى قام به السلفيون فى الأسابيع الماضية. ويجب معرفة أن هذا التيار -الذى يتبنى رؤية حرفية للقرآن والسنة دون وضع الأشياء فى سياقها- كان يؤكد منذ عدة أشهر أن الديمقراطية تتعارض مع الإسلام وأنه لا يجب المشاركة فى الانتخابات. وفجأة تغير كل شئ. ففى الأسابيع الماضية لعب السلفيون على مشاعر الشعب. فهم موجودون بقوة فى الشارع ويسيطرون على الكثير من المساجد. كما استفادوا من صورة المعارضة التاريخية التى تلتسق بالإخوان المسلمين.
ويرى طارق رمضان أن السلفيين أدركوا بلا شك أن أمامهم فرصة تاريخية بأن تصبح الأحداث فى صالحهم. ففى حين أن السلفيين والإخوان المسلمين لم يكونوا موجودين فى بداية الثورة، فقد أدركوا أنه كلما يمر الوقت كلما يظهر المرجع الإسلامى من جديد داخل المجتمع المصرى. ومنذ بداية الثورة، لاحظ رمضان أن الذين يدعمون الثورة ليسوا إسلاميين ولكنهم يظلوا مسلمين.
وأشار طارق رمضان إلى أن الإخوان المسلمين كانوا قد قرروا تحديد 40% من الأصوات كحد أقصى. وهدفهم من ذلك عدم الظهور سريعا كأغلبية ولكن كأقلية قوية. ولكن فجأة وصل السلفيون وحصلوا على نسبة كبيرة من الأصوات. وأضاف رمضان أنه يجب القول أنهم يستفيدون من الدعم المالى والأيديولوجى الذى تقدمته المملكة العربية السعودية
وعند سؤاله حول هدف السعودية من تمويل السلفيين قال طارق رمضان أن السعوديين يريدون تقسيم مصر من أجل إضعاف الإخوان المسلمين. ولكن تكمن المشكلة فى معرفة موقف الإخوان. فهل سيقومون بالتحالف مع السلفيين كتيار إسلامى؟ ولكن الأيدولوجية السلفية التى تتبناها السعودية ترى أن الإخوان المسلمين خارجون عن الإسلام. وفى جميع الأحوال سيكون أى تحالف إسلامى مرادفا للثيوقراطية -أى الحكم القائم على الدين- وبالتالى انتهاء عملية الإصلاحات على النموذج التركى أو التونسى.
والحل الآخر بالنسبة إلى الإخوان المسلمين -وفقا لطارق رمضان- هو إيجاد تحالفات مع أحزاب سياسية أخرى أو بالأحرى مع الجيش الذى لايزال يلعب دورا حاسما فى مصر ولايرغب بالطبع فى ترك السلطة. ويعلم الجميع أن هناك مشاورات بين الجيش والإخوان فمن الممكن أن نشهد اتفاقا بينهما -والكلام لايزال على لسان طارق رمضان- يؤدى إلى الاعتراف الرسمى بدور الإخوان المسلمين فى المجتمع مقابل نظام سياسى يظل الجيش مسيطرا عليه.
وقال رمضان أنه من الواضح للغاية أنه لن يوجد نظام عسكرى على رأسه المشير طنطاوى. فالنظام السياسى فى مصر سيشهد تطورا. وأضاف رمضان أنه يبقى أن نعرف إذا كان الجيش قادرا على الحفاظ على سلطة حقيقية
وفيما يتعلق بقلق فرنسا من صعود الإسلاميين فى مصر، قال طارق رمضان أن هناك ما يبرر وجود مخاوف على المستقبل. فما يحدث على أرض الواقع خطيرا للغاية. فالتغيير السياسى الشامل للتيار السلفى لم بكن من قبيل المصادفة. وبالتالى يضع التيار السلفى القوى الديمقراطية المصرية فى موقف حرج حيث لم يترك خيارا للأحزاب السياسية الأخرى سوى البحث عن إعادة وضع الجيش من أجل تجنب الحكم القائم على الدين. ولكن هناك سؤال يطرحه طارق رمضان: "كيف أن فرنسا التى تنتقد هنا وهناك ليس لديها أية مشكلات مع التيار السلفى السعودى؟" ويجب أن تكون مواقف فرنسا شاملة بصورة أكبر لأن السعودية -وفقا لطارق رمضان- تقوم اليوم فى الشرق الأوسط بتقسيم شديد الخطورة
وحول رأيه فى أن الشباب المتظاهرين المصريين يعتبرون أن ربيعهم العربى سرقه الخريف الإسلامى أجاب طارق رمضان أنه لم يحدث ربيعا عربيا أو خريفا إسلاميا. فالشباب تدفعهم الطاقة والرغبة والشجاعة فى التغيير دون أن يكونوا مسلحين سياسيا. فيرى رمضان أنه لا يكفى إسقط مبارك ونظامه. ولم تتواجد الحركات الإسلامية فى بداية الثورة. فجميع الشباب الذين نزلوا إلى الشارع كانوا يحملون الأمل فى التغيير. ولم تنتهى تلك الانتفاضات الشعبية بحدوث ثورة.