شريف منصور يتحدث لـ«المصري اليوم» : ينقصنا الكثير لكى نصف ما حدث بأنه ثورة.. ونحتاج ٥ سنوات لمعرفة تأثيرها
أجرت الحوار فى واشنطن بسنت زين الدين ٢٨/ ١١/ ٢٠١١
قال شريف منصور، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى منظمة «فريدوم هاوس»، إن مصر ينقصها الكثير لكى تصف ما حدث فى ٢٥ يناير بأنه ثورة، لأنها مازالت فى منتصف الطريق، وأمامها نحو ٥ سنوات للحكم على مدى تأثير الثورة فى المجتمع، مؤكداً أنه يعارض قطع المعونة الأمريكية عن مصر حالياً، ويرفض أن تكون مشروطة، لكنه فى الوقت نفسه طالب بزيادتها مقابل إلغاء حالة الطوارئ، متوقعاً أن يحصد أصحاب المال والدين والقوة التنظيمية أغلبية البرلمان، معتبراً أن قوة جماعة الإخوان المسلمين لا تزيد على ٣٠%. وأضاف «منصور»، فى حواره مع «المصرى اليوم»، أن المنح التى تطلب جمعيات المجتمع المدنى المصرية الحصول عليها من المنظمة صغيرة ولا تتجاوز ١٥ ألف دولار، متهماً القائمين على السلطة حالياً بممارسة نفس سياسات النظام السابق فى التعامل مع المنظمات غير الحكومية بشكل وصفه بأنه عدائى وغير مبرر، واصفاً اتهامات بعض الجمعيات بتلقى تمويل أجنبى بأنها ضربة استباقية للمنظمات إذا حدث تزوير فى الانتخابات لكى تظهر الحكومة بريئة والجمعيات عميلة، مشيراً إلى أن منظمته ملتزمة ببيانها التأسيسى، وترفض التمويل السياسى، وإلى نص الحوار: ■ بماذا ترد على بعض التقارير التى تتهم المنظمة بممارسة أنشطة غير قانونية فى مصر؟ ـ غير صحيح، فالمنظمة لديها برنامجان فقط فى مصر، الأول خاص بالانتخابات بالتعاون مع شركاء محليين، مثل المعهد الديمقراطى، ومركز دعم التنمية لمراقبة الانتخابات وفقاً لتقنية «يشاهد» لنقل الشهادة الحية على انتهاكات الانتخابات، أما المشروع الثانى فهو تقديم عدد من المنح الصغيرة إلى منظمات مصرية، ومازلنا ننتظر موافقة وزارة التضامن الاجتماعى على مشروعاتنا منذ ٦ أشهر، وباختصار هناك كلام كثير عن أن المنظمة تمنح أموالاً بصورة غير شرعية أو غير قانونية، ولكن بالعكس التزامنا بالإجراءات القانونية هو العقبة التى تقف فى وجه عملنا بمصر. ■ وما المنظمات المقرر أن تتلقى منحا من المنظمة فى حال موافقة وزارة التضامن الاجتماعى؟ ـ نقدم المنح الصغيرة إلى ٤ منظمات، هى جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية لمشاركة الفنانين الشباب فى أنشطة المجتمع المدنى فى مشروع «ريميكس السياسة»، ومنتدى حوار التنمية وحقوق الإنسان، المعروفة أكثر فى مصر باسم «ملتقى» لتوثيق العنف ضد المتظاهرين من خلال العمل مع المدافعين عن حقوق الإنسان لتوثيق الانتهاكات التى وقعت فى مناطق مختلفة من مصر، والثالثة هى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التى ستستخدم المنح فى «تنقيح البنية التشريعية المصرية لإضفاء الشرعية على مراقبة الانتخابات»، وأخيراً المجلس العربى لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان لتوعية وتثقيف الناس فى مناطق الطبقة العاملة فى محافظة الجيزة، وتحديدا إمبابة والوراق.■ وهل تلقى باللوم على الحكومة المصرية فقط؟ ـ الحكومة المصرية «لا بترحم ولا بتسيب رحمة ربنا تنزل»، بمعنى أنها لا تقوم بدورها فى توعية المواطنين، أو السماح بالمراقبة الدولية، ولا توافق للمجتمع المدنى على القيام بهذا الدور فى الفترة القليلة المتبقية، وهناك سوء نية تجاه عملنا، لأن تضخيم وتهويل دور المنظمة بأنه كان لها دور فى الثورة يعتبر تفكيراً تآمرياً. ■ إذا كنتم تتبعون الإجراءات القانونية لتنفيذ مشروعاتكم، فلماذا ينظر البعض إلى المنظمة باعتبارها سيئة السمعة؟ ـ نحن نرى الآن نفس طريقة التفكير فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك والنظام الأمنى، وهى القيام بإحداث هوجة إعلامية قبل أى انتخابات تجاه المنظمات المحلية أو الدولية التى تحاول مراقبة الانتخابات، لكن هذه الطريقة الآن غير مريحة ولا توحى بأى انطباعات بالثقة تجاه نوايا الحكومة بشأن نزاهة الانتخابات، فلو كانت الحكومة تريد انتخابات حرة ونزيهة فلماذا تلجأ للكذب والاحتيال واستخدام أسلوب التضخيم فى التحدث عن أمور غير حقيقية لكى يشوهوا عمل المنظمات المستقلة. ■ ولماذا تلجأ الحكومة إلى هذا الاحتيال كما تسميه؟ ـ الجمعيات الأهلية تتعرض لاتهامات ويتم تخوينها واستعداؤها بصورة غير مبررة، وهذه سلبية لم يتم تغييرها منذ عهد مبارك، ولكن الحملة الإعلامية التى تستخدمها السلطات المصرية الآن تعتبر محاولة للنيل من سمعة ومصداقية المنظمات المحلية والدولية التى تراقب أداء الحكومة، لأن السلطات تعتقد أن ذلك سيقلل من مصداقية التقارير أو الانتهاكات التى ترصدها المنظمات، بمعنى آخر: يعتبر الأسلوب نوعاً من الضربة الاستباقية، وفى حال حدثت أى انتهاكات أو تزوير ستظهر الحكومة على أنها بريئة والمنظمات عميلة. ■ هناك اتهامات للمنظمة بأنها دربت ومولت مجموعة من النشطاء للمساعدة فى إسقاط الحكم؟ ـ أى محاولة لإقصاء أو تشويه الثورة المصرية، أو الادعاء بأنها مجرد رحلة قام بها بعض النشطاء إلى بلد ما ثم عادوا إلى مصر ـ تقليل من الثورة التى وصفها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنها أعظم شىء منذ أيام الفراعنة، وأى كلام من هذا القبيل ينتقص من القائل وليس من الثورة. ■ هل معنى ذلك أن المنظمة لم تعقد أى ورش عمل لهؤلاء النشطاء مثل مدرسة الثورة فى صربيا؟ ـ أى منظمة مجتمع مدنى فى الداخل أو الخارج لديها تاريخ طويل لمقاومة الحكم الديكتاتورى فى مصر ومساعدة حقوق الإنسان، ونحن نعمل فى مصر منذ عام ٢٠٠٦ حتى الآن، ولكن المنظمات المحلية لا تستطيع تحريض أو تمويل ٨ ملايين شخص لكى يقوموا بثورة. ■ ما مصدر تمويل المنظمة؟ ـ الخزانة الأمريكية هى مصدر تمويلنا الأساسى، سواء من الكونجرس أو الخارجية، لكن التمويل له شروط معينة، هى الإعلان عن ماهية صرف الأموال بشرط ألا تكون بغرض سياسى، فنحن لا ندعم أى تحرك أو جهة سياسية أو حزبية، وهذا أسلوب أى منظمة مجتمع مدنى فى مصر، وذلك ضد أهداف المنظمة وضد مصادر الدخل التى تضخ فيها، لأنها ضد البيان التأسيسى، وكل ما نقدمه هو «منح صغيرة» لجمعيات ومنظمات أهلية مسجلة. ■ وما الذى سيحدث إذا مولتم جهة سياسية؟ ـ سيتم تقديمنا للمساءلة القانونية، لأن ذلك يعارض البيان التأسيسى للمنظمة، والكونجرس هو المسؤول عن مراقبة ومتابعة جميع الأموال طوال العام، وإذا رصد أى خلل بالمنظمة سيتم سحب ترخيصنا وإلغاء الإعفاء الضريبى، وإحالتنا إلى القضاء فى الحال. ■ أترى أن هناك فرقاً بين التمويل وتقديم المنح؟ ـ هناك جهل بطريقة عمل أو صرف أموال المنظمة، وجهل بدور المجتمع المدنى نفسه، لأن المنظمة ببساطة تعمل على قضايا عامة والأحزاب هى التى تعمل على قضايا سياسية، ومصر لا يوجد بها فصل بين التمويل السياسى لأحزاب أو أفراد، وتمويل جميعات ذات غرض عام لا تعمل فى السياسة. ■ تصاعدت أصوات أعضاء بالكونجرس لقطع المعونة السنوية عن مصر، هل تؤيد ذلك؟ ـ اجتهادى الشخصى بعيداً عن المنظمة هو أننى أعارض قطع المعونة فى الوقت الحالى وضد اشتراطها أيضاً، رغم مطالبتى باشتراط المعونة فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك بالحفاظ على حقوق الإنسان، ولكن اشتراطها بأى شرط سياسى فى الوضع الحالى يعتبر أمراً غير مفيد ويوحى بانطباع سيئ بأن أمريكا ضد التحول الديمقراطى فى مصر، لأنها كانت موافقة على تقديم المعونة فى ظل الاستبداد، وبالتالى قطع المعونة سيعتبره البعض عقاباً للثوار، ولكن بالعكس علينا زيادة المعونة ووضع شروط إيجابية للزيادة، مثل ربط زيادتها برفع حالة الطوارئ، بحيث يكون شرطاً إيجابياً لمصر وليس سلبياً. ■ ما رأيك فى طريقة حكم المجلس العسكرى للبلاد؟ ـ المجلس العسكرى ليست لديه خبرة سياسية وليست لديه معرفة بدور منظمات المجتمع المدنى وأهميتها، ولكن رغم ذلك نحن مستعدون لشرح طبيعة دورنا، واستعدادنا لتسجيل مكتب خاص فى مصر مع وجود تحول لنظرة الحكومة المصرية للمجتمع المدنى ودوره، فنحن نريد التعامل ليس من منطلق «التحكم»، ولكن من منظور «الشراكة» مع المجتمع المدنى فى تحقيق أهداف مشتركة. ■ هل تعتزم المنظمة إصدار تقرير خاص عن مصر؟ ـ التقييم النهائى سيكون موجوداً فى التقرير السنوى الذى يصدر نهاية العام الجارى، وهو يرصد جميع السلبيات والإيجابيات منذ ١ يناير الماضى حتى ٣١ ديسمبر المقبل. ■ هل تتوقع فوز حزب أو فئة معينة بأغلبية مقاعد البرلمان؟ ـ للأسف الشهور الماضية ضاعت على الأحزاب السياسية والشباب لكى يستعدوا للانتخابات، لأن كل الطاقات تم استنفادها فى مظاهرات مليونية، ولكن المجموعات الثلاث التى ستستطيع الفوز هى الفئة التى تمتلك أموالاً، والفئة التى تتبنى الدين، والأخيرة التى تمتعت بقوة تنظيمية فى الماضى، وفى رأيى تلك هى الفئات التى تتحكم فى إرادة الناخبين وفى نتيجة الانتخابات. ■ وماذا عن جماعة الإخوان المسلمين؟ ـ قوتها لا تتعدى ٢٥ أو ٣٠% على أقصى تقدير، ولكن ربما بامتلاك المال والدين والتنظيم تستطيع الحصول على نسبة أكثر، فى ظل عدم التنظيم وعدم إتاحة الفرصة للقوى الأخرى. ■ كيف ترى المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر الآن؟ ـ علماء السياسة أكدوا أن أى مرحلة انتقالية تستغرق من ٥ إلى ٢٠ سنة لكى نستطيع تقييم مدى تغلغل أو تأثر المجتمع ككل بالثورة، وبالنسبة لمصر أرى أن الوضع على مستوى الثورة المعلوماتية أو التقدم الحضارى أمامه ٥ سنوات للحكم على مدى تأثير الثورة، ورغم ذلك لا يزال ينقصنا الكثير لكى نقول إنها ثورة، لأننا مازلنا فى منتصف الطريق.
شريف.. نجل زعيم القرآنيين الذى انتقل من «ابن خلدون» إلى «بيت الحرية» وأمضى شريف سنة واحدة كزميل فى مركز دراسة الإسلام والديمقراطية فى واشنطن، وقبلها كان يعمل فى مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، حيث أسس اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات (ICEM)، وذلك لمراقبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى مصر عام ٢٠٠٥. وهو أيضاً كاتب وباحث فى شؤون الديمقراطية وقضايا حقوق الإنسان فى مصر والعالم العربى، وكتب العديد من المقالات والكتب عن المجتمع المدنى والديمقراطية والإصلاح فى منطقة الشرق الأوسط. وحصل شريف على درجة البكالوريوس من كلية التربية شعبة تكنولوجيا التعليم والمعلومات من جامعة الأزهر بالقاهرة عام ٢٠٠٢. |