سنوات من الحرب خلفت مليون أرملة في العراق
GMT 13:52:00 2011 الجمعة 25 نوفمبر
عراقيات في بغداد يحتفلن بإعادة زواج إحدى الأرامل |
شهد العراق حروباً كثيرة في السنوات العشر الماضية، الأمر الذي ادى إلى تداعيات كارثية على هذه الدولة في كافة المجالات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية. وتمثلت إحدى هذه النتائج بارتفاع عدد الأرامل في العراق إلى نحو مليون امرأة تعانين من ظروف اجتماعية ونفسية ومعيشية صعبة.
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ "نيويورك تايمز" إلى أن هذه الظاهرة ليست بجديدة على العراق الذي شهد حروباً مع إيران في ثمانينيات القرن الماضي خلفت عشرات الآلاف من النساء الأرامل.
وأضافت: "بعد الحرب التي خاضها العراق مع ايران، والتي خلفت عدداً كبيراً من الأرامل، شهد العراق كوارث أخرى منها حرب 1991 مع الولايات المتحدة الأميركية، والانتفاضة الشيعية الفاشلة التي تلتها، وعمليات القمع ضد الأكراد، التي أدت إلى ارتفاع عدد العراقيات الأرامل".
هذا وتقدر وزارة التخطيط العراقية بأن 9% من نساء العراق هن أرامل، أي نحو 900 ألف امرأة، في حين رفعت وزارة المرأة تلك التقديرات إلى نحو مليون. وأشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن بلوغ العنف الطائفي ذروته عام 2006 أسفر عن 100 أرملة يومياً.
وتتزامن هذه التقديرات مع تقرير يكشف عن وفاة ما بين 130 و113 ألفاً في الحرب الأخيرة، وفقا لهيئة تعداد النفوس بالعراق. كما قتل 10 آلاف جندي عراقي في بداية الغزو الأميركي للعراق، فضلاً عن عدد كبير من الضباط والجنود أثناء الاشتباك مع "المتمردين"، إلى جانب الذين قتلوا في العنف الطائفي.
نظرا للعدد الكبير من الأرامل، لا تقدم الحكومة العراقية سوى الحد الأدنى من المساعدة التي لا تزيد عن 80 دولاراً شهرياً لأولئك اللواتي أصبحن أرامل في فصول الحرب الأخيرة على العراق.
سألت الـ "نيويورك تايمز" نورية خلف، أرملة عراقية عن رغبتها في الزواج مجدداً، فغطت وجهها حرجاً وابتسمت قائلة "نعم أرغب بالزواج مجدداً، فزوجي قتل منذ أربع سنوات وأولادي في حاجة إلى أب".
اضافت خلف: "توقعنا أن نتلقى مساعدة أكبر من جميع الأطراف سواء من الأميركيين أو الحكومة العراقية، لكن الحقيقة أن لا أحد يهتم بنا".
وتشير الصحيفة إلى أن مخيم الأرامل -الذي يضم بيوتا متنقلة قرب بغداد و تشرف عليه الحكومة- يمثل تحدياً اجتماعياً يصعب حله، لا سيما وأن عدد النساء يفوق عدد الرجال في العراق وهو ما يجعل فرص زواج الأرامل ضئيلة جداً.
وتؤكد ذلك خلف ابقولها إن الأرملة التي لديها عدداً قليلاً من الأطفال قد تجد فرصة للزواج مرة أخرى، مشيرة إلى أن الفرصة أمامها ضئيلة لأن لديها ستة أطفال.
تطلب بعض الأرامل من إخوتهن الرجال اصطحاب أصدقائهم إلى المخيم، بغية أن يتعرفن عليهم وربما يجدن "العريس المنتظر"، لكن هذا لم يكن ناجحاً في كثير من الأحيان.
من جهة أخرى، سعت بعض المشاريع الممولة من أميركا إلى مساعدة الأرامل في أن يتمتعوا بالاكتفاء الذاتي اقتصادياً، وقد حقق البرنامج نجاحاً لا بأس به، وفقاً للتقارير. كما قدمت وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية برنامج المنح الصغيرة لربات الأسر، يمكنهن من استخدام المال لفتح مشاريع صغيرة مثل صالونات التجميل أو خدمات التموين.
ويقول مسؤولو البرنامج أن الأرامل اللواتي يشملهن البرنامج شهدن تحسناً في الناحية المادية، كما تمكنّ من التغلب على الاكتئاب واليأس الذي عانين منه بعد وفاة أزواجهن.
ولاحظوا عوارض امراض بين الأرامل، اللواتي شهد معظمهن مقتل أزواجهن، مثل صعوبة التركيز وخدر وخفقان القلب، لكنهم لاحظوا بوادر تحسن عندما بدأت الأرامل بتأسيس أعمال صغيرة بمساعدة البرنامج "فباتوا يرتدين الملابس الملونة، ويبتسمن بشكل أكثر، حتى أن أصواتهن باتت أعلى أثناء التحدث".
وختمت الـ "نيويورك تايمز" بالقول: "أصبحت الأرامل رمزاً لمعارضي الوجود العسكري الاميركي في العراق، فعندما أقدم الصحفي العراقي منتظر الزيدي على رمي حذائه في وجه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش عام 2008، صرخ قائلاً إنه يفعل ذلك نيابة عن أرامل وأيتام الحرب"