الى كل من يتحجج بالصلاة وركعاتها
أولا اتحداهم أن يأتونا بنصوص الحديث والسنة التي تبين كيفية الصلاة ،إنها غير موجودة على الاطلاق .هذه كذبة شائعة ويصدقها العوام .الصلاة التي يصلونها وصلتهم بالتواتر العملي ،لكن هل هي المقصودة في القرءان الكريم ،الجواب في هذه المقاربة :
ثانيا :
يجب أن نميز بين مفهومين للصلاة :
الصلاة بمعناها العام ،وهي إقامة صلة مع الله تعالى بخشيته واتقائه بالعمل بأوامره وتجنب نواهيه ،باستحضار رقابته في كل حركة وسكون ،
ثم الصلاة بمفهومها الخاص،وهي الصلاة الشعيرة بحركاتها ،من سجود وقيام وركوع وتهجد وابتهال ودعاء الخ ،الله تعالى تركها مفتوحة يقيمها العبد ويترقى فيها درجات من مراتب الاتقان واشترط فيها الخشوع ( قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) واشترط المحافظة عليها ( والذين هم على صلاتهم يحافظون ) بمعنى ،على المؤمن بعد ان يفرغ من الصلاة الحركية التي هي ذكر وتذكر لله تعالى ،وشحن واستحضار لهيبة الله تعالى ،بعد أن يفرغ منها ،يحافظ عليها بتقوى الله وعدم مقارفة الذنوب والمعاصي ...،
لن تجد في القرءان الكريم كلمة ( ركعة ولا أعدادها ) لأن مفهوم الصلاة في القرءان والغاية منها لا يتحقق بعدد الركعات ،بل يتحقق بأثرها على سلوك المؤمن ومدى انضباطه لأوامر الله تعالى ،
كيفيتها ،سكت عنها القرءان وتركها لنا ،كل منا يجتهد ويبدع في كيفية أدائها ،واشترط كذلك المحافظة على الصلاة الوسطى ،أي الصلاة المتقنة المؤداة بخشوع وتضرع ،المؤداة بأفضل ما ينبغي أن تكون ،نحن المطالبين أن نبدع فيها ،ولا حدود للإبداع فيها ،الصلاة المحددة بعدد من الركعات لا معنى لها في القرءان !!، كل المطلوب هو الصلاة الوسطى ،ولنفهم ( الصلاة الوسطى ) ما معناها ،نرتل آيات القرءان الكريم لنحدد هذا المصطلح : يقول الله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) ،وسطا هنا لا تعني أبدا الوسط كما هو مفهوم في لغتنا ( أمة وسطا ) أمة أفضل ،الأمة الأفضلة،لا علاقة لها بالوسط الأوسط ،لكون رسالة محمد ع س هي الخاتمة الأخيرة ،شاهد آخر يعضد هذا المعنى ،قول الله عز وجل : ( فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم ) ،أي من أفضل وأجود ما تطعمون به أهليكم ،وإلا كيف يكون للطعام وسط ومنتصف!! وشاهد آخر في سورة القلم : إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون ،فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ،فتنادوا مصبحين ،أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين ،فانطلقوا وهم يتخافتون ،أن لا يدخلنها عليكم اليوم مسكين ،وغدوا على حرد قادرين ،فلما رأوها قالوا إنا لضالون ،بل نحن محرومون ،قال ( أوسطهم ) ألم أقل لكم لولا تسبحون ،قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين .
أوسطهم ،هنا هي أفضلهم وأكثرهم استقامة على الطريقة ،وأتقاهم ،وليس أبدا ( اوسطهم عمرا ) ،
إذن يتوضح لنا بالدليل القاطع من ترتيل كلمة ( وسطا ،اوسط واوسطهم ) أن الصلاة الوسطى هي الصلاة المؤداة بافضل طريقة ،والمحافظة على تأديتها بأرقى طريقة !!
أختم بدليلين قاطعين بوجود الصلاة الحركية: قوله تعالى : إذا قمتم للصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم للمرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم إلى الكعبين ،
هذا الغسل الذي يسبق الصلاة ،لا يمكن إلا ان يسبق الصلاة الحركية.
ثم قول الله عز وجل : وإذا كنت فيهم وأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأتي طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ،ود الذين كفروا لو تغفلوا عن أسلحتكم وامتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ،
ماذا يمكن ان تفهم من صلاة ( الخوف ) هذه إلا الصلاة الحركية ؟؟!،
في الأخير أنوه الى وجود آية بينة في القرءان الكريم ،تنسف من القواعد ( الصلاة عددية الركعات ) ! ،يقول الله تعالى: 《و إذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إذا خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا 》 ،101 النساء،
نتدبر هذا الامر الالهي بالعقل الخالص:
لنفترض أن واحدا منا ضرب في الأرض وخاف ان يفتنه الذين كفروا( خاف ان يضطهدوه ) ( كما يحدث مع مسلمي الإيغور المضطهدين من نظام الصين الشيوعي ) ،هذا المسلم الايغوري أحس بخطر الاضهاد في وقت صلاة الفجر ،كيف سيقصر من صلاة الفجر ؟؟
امامه خياران لا ثالث لهما ،إذا كان يؤمن بصلاة عدد الركعات ،فسيقصر صلاة الفجر ذات الركعتين الثنتين الى ركعة واحدة ، وهذا لا يستقيم ولا معنى له ،إذ لا فرق بين أدائه صلاة الفجر بركعتين او بركعة واحدة ،!!
الخيار الثاني ،هذا الايغوري يؤمن بإقامة الصلاة الوسطى المقدرة بالوقت ،لا بعدد الركعات ،سيمتتثل لأمر ربنا وسيقصر صلاة الفجر من تأديتها مثلا ،في عشرين دقيقة ،يقصرها إلى عشر دقائق ،لانه خائف من اضطهاد كفار النظام الشيوعي ،
وهكذا بتدبر آيات الله تعالى البينات ،تسقط مصداقية حساب الصلاة بعدد الركعات ،ونستنتج مرتاحين ،ان سكوت القرءان عن عدد الركعات ليس سهوا ولا نسيانا ( لا يضل ربي ولا ينسى ) ،وإنما ،الله تعالى يأمرنا بصلاة ميقاتية مقدرة بالوقت لا بالركعات ،وكل على حسب اجتهاده واستطاعته وما تيسر له ،يؤدي صلاته الميقاتية الواحدة ،في ربع ساعة ،عشرين دقيقة ،نصف ساعة ،الخ مقدارية الوقت وليس عدد الركعات ،
تحياتي