من كان يحب الله تعالى ويرجو أن يحبه فما عليه إلا أن يتبع الرسول.
عزمت بسم الله،
في شهر ربيع الأول من كل عام يحتفل المسلمون بمولد النبي محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، وفي الاحتفال يقرؤون ما يسمى عندهم ( بالمعجزات)، وهي عبارة عن مدائح تقدس النبي، وتفضله على سائر الأنبياء والمرسلين إلى درجة الشرك بالله تعالى، وكل ذلك بدعوى حبهم لنبي الله محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، بينما نجد أن الله تعالى لم يذكر النبي محمد بن عبد الله كما ذُكر من قبله من الأنبياء عليهم السلام جميعا. فلقد ذكر الله تعالى موسى عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، يوم كان في المهد، وكيف نجاه من فرعون وعمله. وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ(7). القصص. وذكر الله تعالى عيسى عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، من يوم أن بعث الله جبريل ليهب لها غلاما زكيا. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا(17)قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا(18)قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا(19).مريم. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا.مريم 30.
أما خاتم الأنبياء محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، لم يذكر الله في القرآن شيئا عن ولادته وطفولته وشبابه، حتى بلغ أشده وبلغ الأربعين، اصطفاه الله تعالى ليبلغ آخر الرسائل المنزلة للعالمين وهي ( القرآن العظيم)، ولم تكن له آيات ( معجزات) كما أُرسل الأولون بآيات يراها الناس، ورغم ذلك فقد كفروا واتبعوا أهواءهم، إلا قليلا منهم ممن آمنوا بما جاء به الرسل، لقد كان يضيق صدره عليه السلام مما يقولون ويكذبونه ويعتبره مجنونا فطلبوا منه آيات ( معجزات) كما أرسل الأولون، فكان جواب الله تعالى له إنذار شديد قال الله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ(33)وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ(34)وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الْجَاهِلِينَ(35).آل عمران.
وللعلم لم يكن النبي محمد يحتفل بيوم مولده، ولا احتفل الصحابة به إلا في القرن الرابع للهجرة، وتنسب بداية الاحتفال بذكرى ميلاد النبي إلى الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بعد دخوله إلى مصر في عام 969 ميلادي. ( الشيخ ﭭوﭭل).
بينما نجد أن الله تعالى يقول لرسوله: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(31).آل عمران.
إن الذي يحب الله فما عليه إلا أن يتبع الرسول فيما أُنزل إليه من ربه في القرآن، في أوامره ونواهيه ولا يتبع السبل فيضل ويُضل، إن المُحب لله تعالى لا يمكن أن يشرك به شيئا، فيقدس مخلوقا مهما كان، لأن الله تعالى وحده لا شريك له وهو الفرد الصمد، فهل لو أرجع الله تعالى رسوله للحياة في هذه الليلة مثلا، هل كان الرسول سيقبل ويفرح بما يقام من حفلات ومنكرات ولهو للحديث يُخرج النبي من بشريته ويجعله فوق كل اعتبار؟؟؟
إن الله تعالى اصطفى محمدا ليكون آخر الأنبياء فأرسل إليه القرآن ليبلغه للعالمين ليبشر به المتقين وينذر به قوما لدا. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا(96)فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا(97).مريم.
قال رسول الله عن الروح عن ربه:
قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ(104).يونس.
وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنْ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ(36).الرعد.
إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ(2).الزمر.
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ(11).الزمر.
هذا ما بلَّغه الرسول من ربه، فهو لا قبل أن يُعبد من دون الله تعالى، ولا أن يُفضَّل على من قبله من الأنبياء أبدا، فقد أُمر وأُمرنا ألا نفرق بين أحد من رسله، ونؤمن بهم جميعا ونعمل صالحا ولا نشرك في عبادة ربنا أحدا.
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285). البقرة.
فعليه من يريد أن يحبه الله تعالى فلا يشرك به شيئا ويتبع الرسول ( القرآن العظيم).
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(31). آل عمران.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.