هل مَن يمنح تصريح الدفن موظف مدنى أم شيخ أزهرى؟ هل من يكشف على المريض ويحدد إن كان قد تُوفى أم لا، هو خريج كلية الطب أم خريج كلية أصول الدين؟ لم يعد مسموحاً فى زمن الطب القائم على الدليل والعلاج بالهندسة الوراثية وتقدم أجهزة التشخيص المذهلة، أن نُصر على أن الموت هو انخساف الصدغين وتدلى الخصيتين وانفراج الشفتين وانفصال الزندين! لم يعد مقبولاً أن ننتصر للرأى الذى يقول إن الجثة مقطوعة الرأس ذات القلب النابض هى جثة حية، لأن نبض القلب هو علامة على وجود الروح!! إصرارنا على أن نحمل كفننا ونذهب بقضايانا العلمية إلى المسبحة والعمامة حتى يفكر أصحابها بالنيابة عن الأطباء والفيزيائيين والكيميائيين ويبتّوا ويأخذوا القرار، هو مقامرة ومغامرة انتحارية، ننتظر رأى رجال الدين فى التبرع بالأعضاء ونفرح جداً ونتنفس الصعداء إذا وافقوا، لكن السؤال: وإذا رفضوا؟!! ما العمل والحل؟ وقد حدث فى التبرع بالأعضاء وغير ذلك من القضايا العلمية هذا الرفض والعناد، وما زالت فتوى الشيخ الشهير على سبيل المثال فى مسألة رفض التبرع لأن الجسد ملك لله هى السائدة والمسيطرة برغم بيانات الأزهر، وقد حدث فى قضايا علمية أخرى، مثل ختان البنات أن خرج علينا شيخ الأزهر الراحل جاد الحق بفتوى وجوب ختان البنات ومحاربة ولى الأمر إذا خالف فتواه!! لو كانت الدولة قد التزمت بفتوى فضيلة الإمام الأكبر حتى الآن، هل كنا سنسمع عن حبس أب وطبيب فى قضية ختان؟ نحن فى دولة مدنية، دولة قانون، دولة مواطنة، لماذا فى كل خطوة من الختان وحتى أطفال الأنابيب نذهب إلى المؤسسة الدينية.
إذا كنا مصرين على هذا المنهج وذلك الأسلوب، فلنتقدم بكتب الباطنة والجراحة لدار الإفتاء وهيئة كبار العلماء لمراجعتها من الناحية الشرعية، أما علامات الموت فهى قضية علمية وليست دينية، ومنها:
عدم الاستجابة للضوء.
عدم القدرة على إظهار أى رد فعل تجاه الألم.
عدم رمش العين عند لمس سطحها.
عدم تحرك العينين عند تحريك الرأس، أو سكب الماء المثلج فى الأذن.
عدم إمكانية المريض التنفس عند إطفاء جهاز التنفس الصناعى.
عدم وجود نشاط للدماغ على الإطلاق عند القيام باختبار مخطط كهرباء الدماغ.
اختبار الأتروبين (Atropine)، عن طريق إعطاء المصاب بالموت الدماغى دواءً يُزيد من معدل ضربات القلب الذى من المفترض أن يؤثر بالمرضى، لكنه لن يكون فعالاً فى الأفراد المتوفين دماغياً.
هل مَن يحدد تلك العلامات السابقة للموت الدماغى هم المشايخ أم الأطباء؟ هذه العلامات لن تفيد فقط فى قضية التبرع بالأعضاء، لكنها ستكون مفيدة أيضاً فى قرار فصل أجهزة التنفس الصناعى التى تستنزف أهل المريض اقتصادياً وتجعل غرف العناية المركزة فى المستشفيات مزدحمة، ومَن لديه فرصة لدخولها وإنقاذه من الموت منتظراً على الباب لأن «مفيش سراير».
نحن مع بذل الطبيب لكل الجهد لإنقاذ المريض فى الحالات الحرجة، ولكننا لسنا مع بيع الوهم وخداع أقارب المريض بأن الميت دماغياً سيستيقظ ثانية، لأن الطبيب قد شاهد فى قناة «الرحمة» رجلاً مات دماغياً استيقظ ليلعب مباراة كرة قدم!! كفانا زرع هلاوس وضلالات فى أمخاخ البشر.