بعد المسيرة لبدور .. هل ستكون هناك مسيرة لمريم ؟

Hatem me في السبت ٠٧ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أدان الاف (موقع المصري اليوم) أو مئات (موقع في البلد) المحتجين في مسيرة في أسيوط المصرية جريمة الختان التي وقعت على الطفلة بدور و أدت لوفاتها... و حسنا فعلوا ... و كانت إحدى الشعارات التي رفعوها تقول «جزارة لا طهارة» و لكن ماذا عن جزارة أخرى كتبت عنها الصحف في نفس التوقيت الذي تتناقل فيه توابع ما حدث لبدور , و أقصد قصة مريم (17 سنة) التي قتلتها عائلتها لأنها قالت "محدش له عندي حاجة .. أنا حرة في تصرفاتي" (موقع الوفد)

و من جريدة المصري اليوم أنقل ما حدث

والدة قتيلة عزبة خير الله : شاهدتهم ينفذون الجريمة.. وخشيت نجدتها فألقي مصيرها
كتب عمر حسانين وهاني رفعت ٤/٧/٢٠٠٧

«شاهدت ابنتي وهي تواجه الموت علي يد زوجي وابني وشقيقي.. تمزق قلبي من الحزن، وصرخات استغاثتها تتردد في أذني، تحرمني من النوم.. تمنيت أن أصرخ بكل ما أمتلك من قوة أطلب نجدتها، لكني خشيت أن أواجه نفس مصيرها». بهذه الاعترافات شهدت والدة فتاة عزبة خير الله، علي المتهمين أمام نيابة حوادث جنوب القاهرة، التي قررت حبس أفراد كتيبة الإعدام لمدة ٤ أيام، وصرحت بدفن الجثة بعد توقيع الكشف الطبي عليها لبيان سبب الوفاة.. جرت التحقيقات بمعرفة بكر أحمد بكر مدير النيابة وإشراف سعيد عبدالمحسن المحامي العام لنيابات جنوب القاهرة.

بدأت الأم نادية عزيز «٤٣ سنة - ربة منزل»، رواية تفاصيل الجريمة البشعة، فقالت: قبل سنوات غادرنا بلدتنا في أبو قرقاص بالمنيا، واستقر بنا الحال في عزبة خير الله بمصر القديمة.. عمل زوجي ممدوح بولس في تجارة الخردة.. أنجبنا ثلاثة أبناء، أكبرهم «بولس» ويبلغ من العمر «١٨ سنة» وبعده القتيلة وطفلة أصغر منها..

ألحقناهم بالتعليم، لكن مريم، كانت شديدة الشقاوة، ترفض تنفيذ ما يطلب منها ومتمردة علي حياتنا.. تعلن دائماً أنها لا تريد أن تعيش معنا ولها صديقات كثيرات، لا نريدها أن تستمر في صداقتهن، فقد كانت تغيب عن المنزل وتهرب معهن.. حاولنا إقناعها بالعدول عن الأفكار الغريبة، التي تسكن رأسها، لكنها لم تستجب.. لم نجد أمامنا إلا إرسالها إلي الدير عدة مرات، وفي كل مرة تعود من هناك، تكون أشد شقاوة وهروباً مع أصدقائها.

خشينا أن تجلب لنا العار بين أقراننا وضربها والدها أكثر من مرة، وهددها بالموت، فلم ترتدع.. قبل الحادث هربت عدة أيام وحضر خالها مجدي، الذي يعمل «مبلط قيشاني»، وتم العثور عليها وإعادتها إلي المنزل، جلس الثلاثة، زوجي وابني وشقيقي سوياً يوم الجمعة ٢٨ من يونيو الماضي، وقرروا الخلاص من متاعبها للأبد وإنهاء حياتها.. عندما سمعت هذا الكلام، أصابتني رجفة شديدة بين ضلوعي، فلم أتخيل أن أباً وأخاً وخالاً، يقتلون أقرب الناس إليهم، لم أستطع التعليق واكتفيت بالصمت فقط.

أضافت الأم: عندما اقتربت الساعة من الثانية من صباح اليوم التالي، توجه الثلاثة إلي الحجرة التي حبسوها فيها، ودون مقدمات إندفع والدها نحوها وأطبق علي عنقها بكل قوته، وهو يردد أنه لن يتركها تجلب له العار وأسرته مدي الحياة.. حاولت أن تستغيث وتطلب الرحمة، فلم يستجب لها أحد، وكتم خالها أنفاسها، بينما انهال عليها شقيقها بالضرب، فلم تحتمل وخارت قواها، فسقطت علي الأرض، عاجزة عن الحركة،

انهالوا عليها بالأحذية، كانت الضربات تسقط علي وجهها وجسدها، فتصيبني بألم شديد في قلبي، وفي النهاية صمتت دون حراك تمنيت أن تكون علي قيد الحياة وتفيق من جديد.. كتمت صرخاتي بين ضلوعي، لكن بكيت فأنا أم، وهي «فلذة كبدي»، تركتهم ودخلت حجرة أخري.

وكشف محضر التحريات التي قادها العميد سامي لطفي مفتش المباحث وجرت بمعرفة الرائد أحمد سمير والنقيب طارق الوتيدي معاوني المباحث، أن المتهمين نفذوا الجريمة، وتولي الابن تشويه معالم الجثة بإحداث إصابات في الساعد مستخدماً مطواة، وكمية من ماء النار،

وضعوا الجثة في جوال وحملوها علي عربة كارو وتوجهوا إلي المقابر، حيث تخلصوا منها، وعاد الأب وابنه إلي المنزل وهرب شقيق الزوجة إلي الصعيد، حيث توجهت مأمورية بإشراف اللواء عبدالجواد أحمد عبدالجواد مساعد وزير الداخلية للإدارة العامة لمباحث القاهرة، إلي المنيا وتمكنت من ضبط المتهم بالتنسيق مع الأمن العام.

وبسؤال المتهمين قرر الأب أنه غير نادم علي جريمته، فلم يكن أمامه إلا خيارين كلاهما مر، إما أن يعيش موصوماً بعارها طوال حياته ويمتد هذا العار إلي أشقائها وباقي أفراد الأسرة، أو عليه أن يقتلها ويتخلص من عارها، فاختار الحل الأخير، وأيد ابنه وشقيق زوجته ما ورد في اعترافاته، فوجهت لهم النيابة تهم القتل العمد مع سبق الإصرار والتمثيل بالجثة وأمرت بحبسهم علي ذمة التحقيقات.


 و من أفضل الكتابات عن هذه الحالات و حرية المرآة , تلك التي كتبها كريم , و ها أنا أنقل من واحدة من مقالاته هذا الجزء

قتل النساء على خلفية الشرف الذكورى الضائع !

تتعرض النساء فى مجتمعاتنا لإعتداءات جسيمة من قبل أقاربهن وذويهن ، تصل فى ذروتها إلى سفك دمائهن تحت ذريعة الحفاظ على الشرف ، ويبدو أن المطاطية التى تتميز بها هذه العبارة قد نجحت فى إثارة مخيلة الكثيرين من الرجال ذوى النزعات السادية الشاذة ، فبرعوا فى إختلاق ذرائع أخرى يبررون من خلالها وتحت مظلة هذا الشرف المزعوم عدوانهم الدائم ضد نسائهم وإقدامهم على التخلص منهن بإزهاق أرواحهن بتلك الصور البشعة المروعة التى تطالعنا فى وسائل إعلامنا بصفة شبه دائمة .
فالرجل العربى يؤمن تماما أن الحفاظ على شرفه يعنى إمتهان كرامة نسائه وتقييده لحرياتهن ، وأن تحرر المرأة أو تمردها على المفاهيم الإجتماعية السائدة يعنى ضياع شرفه أوفقدانه حتى إشعار آخر ( قتلها ) ، ولذا فإنه يرى أن إستعادته لهذا الشرف لن تتم إلا بإهانة تلك المرأة وإمتهان كرامتها وإراقة دمها على جوانب الشرف العربى الرفيع !! .. يقول الشاعر العربى :-
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ...
حتى يراق على جوانبه الدم !! .
ويؤسفنى أن أقول هنا أن هذا التصور السطحى جدا لمفهوم الشرف منتشر بصورة مفزعة بين قطاعات عريضة من أبناء مجتمعاتنا ، فالرجل منهم يمكنه أن يكذب ويرتشى ويسرق ويزنى ويرتكب كافة الموبقات والحماقات والأعمال المخجلة ، ويحتفظ بشرفه فى ذات الوقت عن طرق إمتهان الأنثى وتقييد حريتها ومنعها من ممارسة نشاطاتها الحياتية بالطريقة التى تحلو لها .
فالمجتمعات الذكورية لا تعترف بأن للمرأة كيان قائم بذاته ، ولا يمكنها - بسبب موروثاتها الثقافية والإجتماعية - إستيعاب فكرة إستقلال المرأة ماديا عن الرجل ، ولا تستطيع أن تتقبل إضطلاع المرأة بدور قيادى داخل مجتمعها ، بل تنظر هذه المجتمعات إلى المرأة من خلال مرآتها المشوهة بإعتبارها كائنا متطفلا ، لا يمكنه أن يعيش سوى على فتات مائدة الرجل ، ولذا فإن هذه المجتمعات تتعامل مع المرأة التى تحاول نيل حريتها وتحقيق إستقلالها التام عن الرجل أو تلك التى تسعى للحصول على دور قيادى داخل مجتمعها بإعتبارها مارقة عن النظام الإجتماعى ومتمردة على عرفه السائد ، ولذا فإن المواجهة بين هذه المرأة وبين ممثلى المجتمع الذكورى تصبح حتمية وتنتهى إما إلى فوز المرأة وقدرتها على التغلب على الصعاب والتحديات التى تمثلها تلك الأفكار الرجعية المنحرفة ، وإما أن ينتهى بها الأمر إلى خضوعها للرجل وعودتها إلى سجن حريمه مرة أخرى .. أو قتلها كما يحدث كثيرا تحت ذريعة الحفاظ على الشرف أو غسل العار الذى سببته للرجل بتمردها عليه ! .
وعندما يسفك الدم الأنثوى البرىء بهذا الأسلوب اللاإنسانى البشع على يد ممثلى المجتمع الذى تنتمى إليه المرأة ، يدفعنا هذا الأمر بشدة إلى التساؤل : فى أى هاوية سحيقة تتردى مجتمعاتنا ؟؟!!! ، فالمجتمع الذى ينتمى إليه الفرد والذى يفترض أن يقوم بحمايته ودرء الأخطار عنه ومساعدته فى أوقات المحن والأزمات والشدائد ، كيف يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها إلى خصم لدود له يترصده ليؤذيه ويقتله ؟؟؟ ، وإذا كانت الإجابة هنا هى أن هذا الفرد قد خرج عما تعارفت عليه الجماعة البشرية التى ينتمى إليها وخالف قوانينها ولذا فإنها وقعت عليه الجزاء الذى يستحقه ، فهنا تطرح إشكالية أخرى عن حدود سلطة المجتمع على الفرد وهو الأمر الذى يقودنا إلى الوراء كثيرا للتساؤل عن الهدف الذى من أجله تم تكوين الجماعات البشرية والنظم الإجتماعية التى تحكمها ، هل هو تقييد حرية الفرد ؟؟ أم هو حماية الفرد من الأخطار الخارجية التى تهدده ؟؟؟ أم أن الهدف من وراء ذالك هو تنظيم علاقة الأفراد بعضهم البعض داخل المجتمع بحيث لا يتعدى أحدهم على حقوق الآخر ولا ينتقص من حريته ؟؟ .
رأيي الخاص يستبعد الإحتمال الأول ، كما يميل إلى الفرض الثانى بدرجة أقل من تحمسه لفكرة الإحتمال الثالث ، فلا يمكننا أن نتصور أن الفرد قد تنازل بكامل إرادته عن حريته لصالح تنظيم إجتماعى ما ، لأنه من غير المنطقى بالمرة أن يتنازل الإنسان عن أثمن ما يمكنه تملكه فى الحياة لصالح تنظيم إجتماعى لا يضمن الحقوق التى يعده أن يكفلها له فى حالة تنازله عن حريته ، كما أميل إلى أن حماية الفرد من الأخطار الطبيعية التى كانت تهدده يعد أحد أهم الأسباب التى دفعت الإنسان إلى التعاون مع غيره وخلق هذا النوع من التعاون حتى يتمكن من درء هذه الأخطار عنه ، ولكننى أميل وبقوة إلى أن الهدف الرئيسى والدافع الأساسى وراء سعى الإنسان لبناء هذه النظم الإجتماعية المختلفة هو أن حرية الفرد كانت تتعرض للإنتقاص نتيجة تعدى بعض الأفراد الآخرين ممن هم أشد قوة منه عليها ومحاولتهم سلبها منه أو تقييدها لصالحهم ، وهذا - على حد إعتقادى - هو السبب الرئيسى والهام وراء سعى الإنسان لتشكيل نظام إجتماعى يحدد للفرد واجباته ويضمن له حقوقه ويبين له الحدود التى لا يحق له تجاوزها حتى لا يتعدى على حرية الأفراد الآخرين مع التشديد على المساواة بين جميع الأفراد فى هذا المضمار ، ويتم ضمان ذالك عن طريق سلطة إجتماعية عليا تتولى حسم المنازعات بين الأفراد ومعاقبة كل من يحاول الخروج على هذا العقد الإجتماعى الذى يهدف منه - أساسا - إلى الحفاظ على حرية الفرد ومواجهة من يحاولون الإنتقاص منها أو تقييدها .
وعندما نعود مرة أخرى إلى قضية العقاب الذى تتعرض له المرأة إذا حاولت أن تحصل على حريتها بالتمرد على قيود المجتمع ورفض الخضوع لأعرافه المقيدة لحريتها ، فكما يبدو من الطرح السابق ، فإن سلوك هذا المجتمع الذكورى يختلف جذريا عن السلوك المفترض إنتهاجه من قبل المجتمع المبنىُّ على فكرة تنظيم علاقة الأفراد بعضهم ببعض داخله ، فالمرأة تعاقب فيه بالقتل ، ليس لأنها حاولت التعدى على حرية غيرها ، ولكن لأنها سعت إلى نيل حريتها !! .


  شكرا يا كريم على هذه المقالة , و ربنا يفك أسرك و يعينك.

اجمالي القراءات 5199