نقد كتاب مشروعية الدخول إلى المجالس التشريعيةوقبول الولايات العامة في ظل الأنظمة المعاصرة
الكتاب من تأليف عبد الرحمن عبد الخالق وهو من المعاصرين وهو يدوؤ حوا جواز تولى المسلم المناصب فى ظل مجتمعات لا تحكم بشرع الله سواء كانت مجتمعات الأكثرية فيها كافرة أو الأكثرية فيها مسلمين وحكامهم كفرة أو بالأخرى يحملون أسماء المسلمين ويحكمون بغير ما أنزل الله وفى هذا قال المؤلف:
"وهذه الرسالة التي بين يديك أخي الداعية مخصصة لأسلوب من أساليب الدعوة إلى الله عز وجل وهو تولي الولايات العامة، والدخول في المجالس التشريعية في ظل الحكومات المعاصرة والسؤال المطروح هو: هل يجوز للدعاة إلى الله أن يقبلوا الولايات العامة كالوزارة، والقضاء ورئاسة الدوائر الحكومية في الحكومات القائمة الآن. أم لا؟
وهل يجوز الدخول إلى المجالس التشريعية في ظل الأنظمة المعاصرة؟ علما أنها أنظمة تجعل -حسب دساتيرها القائمة المؤسسة على (النظام الديمقراطي)- السيادة للشعب، وتجعله مصدر السلطة، أو قل هو الحاكم وهذا يناقض مناقضة أساسية نظام الإسلام الذي يجعل السيادة لله، والحكم له سبحانه وتعالى {إن الحكم إلا لله* أمر ألا تعبدوا إلا إياه}؟"
وبين أن الدعاة انقسموا فى المسألة بين محرم لها وبين مبيخ وفى هذا قال المؤلف:
"وهذه القضية ينقسم عندها الدعاة إلى الله في العصر الحاضر وتختلف آراؤهم فيها اختلافا كبيرا فمن قائل إن الدخول إلى المجالس التشريعية، والرضا بالولايات العامة في ظل الحكومات المعاصرة كفر وردة وخروج من الإسلام ومن قائل أنها فرض واجب متعين لا يجوز للمسلمين الإخلال به وتضييعه، ومن قائل إن ذلك يجوز بشروط وفي موقع دون موقع، وحكومة دون حكومة وليس هدفي في هذه الرسالة استقصاء كل رأي، ومناقشته، وإنما سأعرض ما أراه بحمد الله وتوفيقه الرأي الراجح والصواب مع ذكر أدلته "
وفى الباب تعرض المؤلف لما أسماه المقدمات الضرورية فقال:
"الباب الأول:مقدمات ضرورية:
1-لا حكم إلا لله:
أ- بداية أقر أن النظام الديمقراطي الذي يجعل الحكم للشعب ويجعل الشعب مصدر السلطات جميعا نظام غير إسلامي يناقض الإسلام في أخص خصوصياته، وفي أس أساسه وهو السيادة.. فلا حكم إلا لله، في الصغير والكبير، وكل حكم يعارض حكمه فهو باطل، وكل من حكم غير متقيد بأمر الله وشرعه فهو طاغوت، وكل من رضى بحكم غير حكم الله وهو يعلم مناقضته لحكم الله فهو كافر، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والأخذ ببعض الدين وترك بعضه اختيارا كفر.
ب- الواقع القائم:
الأنظمة الديمقراطية، أو الإستبدادية التي تحكم بالهوى أنظمة قائمة في أمة الإسلام الآن، وليست خيالا أو أمرا نظريا افتراضيا.. والخلاف الآن هو في كيفية التعامل الشرعي مع هذه الأنظمة والأعراف والقوانين القائمة.
2- مواقف الدعاة إزاء الحكومات المعاصرة:باستقراء آراء العاملين للإسلام اليوم ومناهجهم الدعوية نجد أنهم ينقسمون إلى أربعة مناهج أساسية وهي كما يلي:
أ- فكر (الجهاد):الفكر الذي أطلق عليه أصحابه فكر الجهاد وهو يقوم باختصار على وجوب حرب الأنظمة القائمة الآن بالسيف، وإزالة الحكومات القائمة بالقوة، واستباحة قتالهم ومن يتترسون بهم جيش وشرطة وأعوان ومخابرات وأن هذا هو السبيل لإقامة حكم الله في الأرض، ويرى المنتمون إلى هذا الفكر أن القبول بالمناصب العامة، والدخول في المجالس التشريعية كفر وردة.. ويوسع هؤلاء أيضا مدلول الجهاد ليشمل كل من يهاجم الإسلام وينتقده.
ب- جماعة (الإسلام المستنير):
وفريق آخر يرى أن النظام الديمقراطي لا يناقض الدين بل يوافق الإسلام، وأنه لا يختلف عن الشورى، وأن الحكومات القائمة تطبق الإسلام في الكثير وتخالفه في القليل وهذا الفريق مستعد للتنازل عن كثير من أحكام الإسلام
ج- جماعة العزلة والإنتظار:
والفريق الثالث من الدعاة اليوم هو الفريق الذي لا يملك تصورا واضحا لتغيير الواقع، ولا كيفية التعامل مع الواقع القائم وهو يؤثر العزلة والإنتظار، ويرى بعضهم أن العمل الواجب الآن هو تعلم العلم وبناء الرجال ووجوب الإبتعاد عن كل مشاركة في الحكومات القائمة الآن سواء كانت ولاية عامة، أو مجلسا تشريعيا ويرى بعض هؤلاء أن الدخول إلى المجالس التشريعية ابتداع في الدين، وخروج عن منهج سلف الأمة، وقد يطلق بعضهم على من يفعل ذلك بالكفر والردة.
د- جماعة العمل بالإسلام كل الإسلام:
الفريق الرابع من العاملين للإسلام هو الفريق الذي يمكن أن تطلق عليه: (العاملون بالإسلام كل الإسلام) وهذا الفريق يرى أنه يجب التعامل مع الواقع القائم بما يناسبه، ويعتقد وجوب الأخذ بالإسلام كله، ففي مقام الجهاد المشروع بالسيف دفعا للكفار، وحماية لأعراض المسلمين ودمائهم وأموالهم يجب ذلك، في مقام تغيير المنكر والأمر بالمعروف يجب ذلك، ويرون أن الإعداد الدائم لحملة الدين والدعاة إلى الله يجب أن يكون عملا مستمرا دائما، ويرون أن التربية لا تتحقق إلا من خلال ميادين الجهاد والعمل.. وليس من خلال حلقات العلم وحدها.. بل يجب أخذ العلم والعمل جميعا وهذا الفريق يرى مشروعية قبول الولايات العامة في الحكومات القائمة، ومشروعية الدخول في المجالس التشريعية.. ونحن بحمد الله من هذا الفريق، بل نرى انه يتوجب قبول الولاية العامة والدخول إلى المجالس التشريعية في ظل الحكومات المعاصرة في إطار شروط وظروف خاصة.
3- جمهور الناس وسوادهم ما زال على الإسلام:نحن نعتقد أن البلاد الإسلامية وشعوبها ما زالت على الإسلام، ومازال سواد الناس وجمهورهم يريدون تحكيم شريعة الله فيهم، وإنما يحول دون ذلك اللصوص المتغلبة، والمنافقون من الحكام الذين يظهرون الإسلام، ويوالون أعداء الله في الحكم بغير ما أنزل الله
4- تولي المناصب العامة، والنيابة التشريعية سواء في الحكم الشرعي:
لا فرق بتاتا من حيث الحكم الشرعي بين الدخول إلى المجالس التشريعية في الحكومات القائمة (الديمقراطية أو الإستبدادية) وبين تولي المناصب العامة فيها. فإذا قال قائل: إنها حكومات ظالمة أو حتى كافرة فإن تولي السلطة التشريعية كتولي السلطة التنفيذية لأن كل سلطة من هاتين السلطتين تنبعان من نفس النظام.. فالوزير مثلا وهو صاحب ولاية عامة يطبق ما يصدر عن السلطة التشريعية ولكن المسلم الملتزم بإسلامه يكون وضعه الشرعي في السلطة التشريعية أفضل وأسلم لدينه… وذلك أنه لا يرغم حسب النظام الديمقراطي، أن يوقع على تشريع مخالف للإسلام، ويسمح له، بل يجب عليه أن يعترض على كل قانون يخالف الدين. وكذلك من حقه أن يعترض على كل مسئول في سلطة تنفيذية، وأن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر متمتعا بما يسمونه (بالحصانة البرلمانية) التي تجعله فوق المساءلة عن كل كلماته. وأما الوزير فلا يملك مثل هذه الصلاحيات في ظل النظام الديمقراطي لأنه صاحب سلطة تنفيذية عليه أن ينفذ فقط، وله اجتهاده في حدود صلاحياته… وأما النائب في المجالس التشريعية فله أن يقول ما يشاء، ويعترض على ما يريد، ويقدم ما شاء من مشاريع قوانين!!! وبالتالي فالموقف الشرعي لعضو المجالس التشريعية أكثر سلامة وأمنا في دينه -إن التزم الحق- من موقف الذي يتولى وزارة أو منصبا عاما. إذ مجال الإختيار والإجتهاد له قليل.
5- ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين:
قال ابن تيمية ((يجب أن يعلم أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالإجتماع بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الإجتماع من رأس حتى قال النبي (ص): [إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم] رواه أبو داود..)) ثم ساق شيخ الإسلام النصوص النبوية وكلام السلف في هذا ثم قال:
((فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات)).
ثم ذكر أن فساد حال الناس في الإمارة إنما هو من الحرص على الرئاسة والمال بالإمارة.. وأن أهل الصلاح من المسلمين هم الذين يريدون المال والإمارة لا من أجل العلو والفساد في الأرض وإنما من أجل التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وجعل الدين له، وإنفاق المال في سبيله، وأنه بذلك صلاح الدين والدنيا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
((ولما غلب على كثير من ولاة الأمور إرادة المال والشرف، وصاروا بمعزل عن حقيقة الإيمان في ولايتهم رأى كثير من الناس أن الإمارة تنافي الإيمان وكمال الدين. ثم منهم من غلب الدين وأعرض عما لا يتم الدين إلا به من ذلك (يعني أعرض عن طلب الإمارة وجمع المال لخوفه من الافتنان في الدين) ومنهم من رأى حاجته إلى ذلك، فأخذه معرضا عن الدين لاعتقاده أنه مناف لذلك، وصار الدين عنده في محل الرحمة والذل، لا في محل العلو والعز (أي ومن الناس من رأى الحاجة للإمارة والمال فطلبها ولم يراع الدين في ذلك ورأى أن الإمارة لا تصلح مع التمسك بالإسلام إما لادعائه فساد الناس أو عدم قدرته على القيام بأعبائها ونحو ذلك.. فصار يعامل الدين بالرحمة والذل أي إنه يسمح للإسلام في الحدود الدنيا، ويعطف على الإسلام مجرد عطف، ولا يرفع رأسه بالإسلام جهادا ونصرة له، وتولية للأخيار وأبعادا للأشرار) وكذلك لما غلب على كثير من أهل الدينين (أي اليهود والنصارى) العجز عن تكميل الدين، والجزع لما قد يصيبهم في إقامته من البلاء استضعف طريقتهم واستذلها من رأي أنه لا تقوم مصلحته ومصلحة غيره ومصلحة غيره بها (يعني أن الشعوب التي كانت تحت الحكم الديني لليهود والنصارى لم يستسيغوا الحكم الديني ورفضوا الحكومة الدينية لما رأوا من ضعف هؤلاء من القيام الحق بأعباء الدين، وفسدت حكوماتهم بالتسلط والإستبداد كما هو معلوم) .وهاتان السبيلان الفاسدتان -سبيل من انتسب إلى الدين ولم يكمله بما يحتاج إليه من السلطان والجهاد والمال، وسبيل من أقبل على السلطان والمال والحرب، ولم يقصد بذلك إقامة الدين- هما سبيل المغضوب عليهم والضالين. الأولى للضالين النصارى، والثانية للمغضوب عليهم اليهود.
ثم قال ((فالواجب على المسلم أن يجتهد في ذلك بحسب وسعه، فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله، وإقامة ما يمكنه من دينه، ومصالح المسلمين وأقام فيها، ما يمكنه من الواجبات واجتناب ما يمكنه من المحرمات، لا يؤاخذ بما يعجز عنه، فان تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار. ومن كان عاجزا عن إقامة الدين بالسلطان والجهاد، ففعل ما يقدر عليه، من الخير: لم يكلف ما يعجز عنه، فإن قوام الدين بالكتاب الهادي، والحديد الناصر، كما ذكره الله تعالى)).فعلى كل أحد الإجتهاد في اتفاق القرآن والحديد لله تعالى، ولطلب ما عنده، مستعينا بالله في ذلك، (راجع فتاوي شيخ الإسلام 28/390-397) أ.هـو هذا كلام نفيس لا يحتاج إلى تعليق، وليت الدعاة ينتبهون إلى هذه القاعدة النفسية."
هذه المقدمات الضرورية تتناسى أن ما تقوله ليس له أى قيمة طالما هناك نصوص تحكم تلك الأمور وهى :
الأول أن كل من لم يحكم ما أنزل الله أى الوحى كافر على المستوى الفردى أو على مستوى كونه يتولى منصبا إلا أن يكون مضطرا كما قال تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
وفى حالة الاضطرار قال تعالى "وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان"
الثانى العمل بأحكام المرحلة المكية فى حالة العيش فى المجتمعات التى لا تحكم بما انزل الله مثل الدعوة للإسلام ومثل كون الحق فى المال يعطيه المسلم للسائل والمحروم كما قال تعالى "والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم" ومن ثم فالزكاة وهى الحق المعلوم لا تعطى للحكومات لأنها تتقوى بها على الناس وإنما تفرق من قبل المسلمين على بعضهم البعض ويجب على كل مسلم أن يحاول الابتعاد عن كل الذنوب التى تبيحها تلك المجتمعات مثلا لا يشاهد قنواتهم التلفازية ولا يستمع لمذياع القوم ولا يشترى المحرمات التى أباحوها كالأدخنة والخمور ويبتعد عن إيذاء الناس إذا كان موظفا من خلال تطبيق القوانين المجحفة مثل شهادة موظفين على أن الحى حى والموظف إن قدر على نفع الناس بمخالفة القانون وجب عليه نفعهم من خلال ثغرات القوانين أو من خلال محالفة القوانين إن كان لا يؤذى أحد ولا يؤذى نفسه بسببها ويحكم هذا قوله تعالى " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار"
الثالث الهجرة من تلك المجتمعات إلى مجتمع يكونون فيها دولة للمسلمين تحكم بما أنزل الله كما قال تعالى "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها"
وقال ""ومن يهاجر فى سبيل الله يجد فى الأرض مراغما كثيرا وسعة"
وفى الباب الثانى تناول مسألة حكم قبول الولايات العامة في ظل الدول الكافرة وأدلتها فقال:
"الباب الثاني:حكم قبول الولايات العامة في ظل الدول الكافرة:
الأدلة من القرآن والسنة على تولي الولايات العامة في الدول الكافرة.
أ- نبي الله يوسف (ص)وولايته على خزائن أرض مصر:
من أصرح الأدلة على مشروعية تولي الولايات العامة في الدول الظالمة بل والكافرة إذا كان هذا المتولي مريدا للحق، قائما بالعدل حسب استطاعته ما فعله يوسف عليه السلام، وكذلك ما فعله النجاشي -رضي الله عنه-.فأما نبي الله يوسف (ص) فإنه كان مؤمنا في بلد كافر، قدر عليه -وهو غلام- مجموعة من الكفار فباعوه رقيقا، ولكن الله الذي يرعاه يسر له أن يصبح في بيت رجل كريم أحسن مثواه، وعامله مثل ابن له {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا}.. وقال يوسف عن هذا الذي اشتراه وأكرم مثواه {إنه ربي أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون} على القول بأن المقصود بـ "ربي" في هذه الآية سيدي وهو الراجح ولا شك.
وقد اتهم (ص)بما اتهمته به زوجة هذا الرجل ظلما وعدوانا، وبرأه الله مما قالت، ونجاه من كيدها، وكيد من على شاكلتها من المفسدات الفاسدات.. ودخل السجن، وقد دعا يوسف إلى الدين وتوحيد الله بما استطاع.. ثم هيأ الله له الخروج من السجن مبرءا مرفوع الرأس، منتصرا وفضح من اتهموه وآذوه.. وقد هيئت ليوسف الفرصة أن يدعو إلى الله من موقع أفضل، وأن يقيم العدل ما استطاع وسط نظام يقوم على الكفر والامتيازات الباطلة التي اعتادها ملوك مصر وتميزوا بها على شعوبهم.. ولم يقصر يوسف (ص)في إهتبال هذه الفرصة المواتية ليقيم العدل ويدعو إلى الله من موقع أفضل ويجنب شعبا من الشعوب خطر المجاعة التي علم أنها تنتظرهم في سني القحط السبع القادمة فعرض نفسه على ملك مصر قائلا: {اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم}وقد جعل الله سبحانه وتعالى ما وصل إليه يوسف (ص)من الملك والقيام بالعدل وحفظ أموال الناس، وتجنيبهم كارثة المجاعة المتوقعة المحققة.. جعل الله هذا منا منه ونعمة على عبده يوسف (ص)حيث يقول سبحانه وتعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين}
فجعل الله تمكين يوسف في أرض مصر بتقلده الوزارة فيها فضلا من عنده على نبيه الكريم..علما أن يوسف (ص)عامل قوما جميعهم من الكفار فقام على حفظ أموالهم، وتجنيبهم كارثة ومصيبة كبرى ولا شك أنه لم يسر في وزارته كما هو الحق والعدل في كل الأمور فلا شك أنه قد كانت لهم نظم مالية تخالف العدل كالضرائب التي يفرضونها على الأرض والغلات، والمخصصات التي يخصصونها للملك وحاشيته ووزرائه وخاصته، ونحو ذلك مما هو معلوم من حال ملوك الكفر من أخذ المال من غير حقه، وصرفه على غير نظام العدل والمساواة بين الرعية، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
((ومن هذا الباب تولى يوسف الصديق على خزائن الأرض لملك مصر، بل ومسائلته أن يجعله على خزائن الأرض،)) (مجموع الفتاوي 20/56-57).
وقد أخبر سبحانه وتعالى أن يوسف النبي مع دعوته بما استطاع أهل مصر إلى التوحيد إلا أنهم بقوا على كفرهم وشركهم كما قال تعالى حاكيا مقالة مؤمن آل فرعون الذي قام يدافع في بلاط فرعون عن موسى (ص)لما هموا بقتله {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب} وكان هذا قبل خمسمائة عام.. ومعنى هذا أنه لم يؤمن منهم أحد بدعوة نبي الله يوسف وبقوا على كفرهم ولكن يوسف مع ذلك لم يمتنع كما ذكرنا من إقامة ما أقامه من العدل، ومن فعل ما فعله معهم من الإحسان وهو مع كل ذلك لم يستطع في كل ذلك أن يغير نظامهم في الحكم، ولا تشريعهم الباطل.. بدليل أنه لما دبر مكيدة استبقاء أخيه عنده لم يطبق عليه قانون ملك مصر، وإنما طبق عليه ما عند بني إسرائيل في إسترقاق اللص كما قال تعالى {قال فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين} أي وجد في رحله فهو جزاؤه أن يسترق فأجرى يوسف (ص)قانونهم وتشريعهم في ذلك كما قال تعالى {وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} الآية، ودين الملك هنا هو تشريع ملك مصر.. ولا شك أن شرعته في اللصوص وغيرهم كانت مخالفة لشرعة الأنبياء… وهذا كله يدل على أنه فعل ما يستطيع من العدل والإحسان ولم يمكنه أن يغير نظامهم إلى الإسلام.
وقد شكر يوسف الله سبحانه وتعالى عما ولاه من الملك فيهم حيث يقول {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين}.
وهذه الآيات واضحة صريحة الدلالة أنه يشرع للمسلم إذا هيئت له الفرصة أن يقيم العدل في قوم من الكفار ألا يمتنع عن ذلك.
بل قد يأثم إذا كانوا في حاجة إلى عدله وعلمه فامتنع من ذلك. هذا إذا كانوا كفارا.. فكيف إذا كانوا مسلمين، وكانت حاجتهم أن يتولى شئونهم أهل الدين والصلاح لا أهل الفساد والإفساد."
ما استدل به عبد الرحمن مردود عليه بالتالى :
الأول أن يوسف(ص) لم يطلب المنصب إلا تنفيذا لطاعة الله فالله هو من أمره بذلك من خلال قوله تعالى " وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض"
ويوسف(ص) كنبى عندما تولى المنصب تولاه ليطبق كلام الله فى مال الأرض وقد اشترط على الحاكم وهو ملك مصر أن يطبق حق الله فى منصبه وقد قبل الحاكم شرطه بالحفظ والأمانة فقال " إنك اليوم لدينا مكين أمين" والحاكم قبل هذا الشرط مضطرا لأن حكمه كان سينتهى من خلال المجاعات حيث يموت الشعب ومن ثم يموت الملك ومن معه جوعا والأدلة على أن كان يحكم بما أنزل الله أنه طبق شرع الله باستعباد أخيه ولم يطبق شريعة الملك وأيضا أنه لم يرض أن يأخذ بديل لأخيه وأيضا طلبه التحقيق فى أمر النسوة وسجنه ونجد عبد الرحمن يدعى أن ما قاله الاخوة شريعة بنى إسرائيل وليست شريعة الله وهى شريعة الله المنزلة على أبيهم وجدهم وجد أبيهم وعم جدهم
والدليل أنه كان يحكم بما أنزل الله ويدعوهم له أنهم كذبوه كما قال تعالى على لسان مؤمن آل فرعون"ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم فى شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا"
فلو كانوا يحكمهم بقوانينهم فلماذا يكذبونه؟
إن التكذيب هو للوحى المنزل
ومن ضمن الخبل ما قاله أو نقله وهو " وقال يوسف عن هذا الذي اشتراه وأكرم مثواه {إنه ربي أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون} على القول بأن المقصود بـ "ربي" في هذه الآية سيدي وهو الراجح ولا شك."فيوسف(ص) لم يقل أن شاريه هو ربه وإنما ألاية تقول "قال معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون"
فالرجل هنا يتعوذ بالله ربه وليس بشاريه
واستشهد الرجل بحكم النجاشى للحبشة فقال:
ب- النجاشي وولايته ملك الحبشة:
وأما النجاشي فلا شك كذلك في أنه آمن بالنبي محمد (ص)، ومات على الإيمان، وقد صلى الرسول (ص) عليه كما روى الإمام البخاري في صحيحه أن النبي (ص) قال حين مات النجاشي [مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمه] (حديث رقم 3877).
ومع إيمانه وإسلامه إلا انه بقي حاكما في قوم جميعهم من الكفار المعاندين للتوحيد، الرافضين للدخول في الدين وقد قام فيهم بما يستطيع أن يقوم به من العدل والإحسان، ولا شك أن بقاءه فيهم مع ما في ذلك من بقاء ما هم فيه من الكفر والشرك.. خير من ترك هذا المنصب ليتولاه من يفسد فيه..ولا شك أن منهج الرسل في دعوتهم إلى الله هو تحصيل المصالح وتكميلها، والدعوة إلى الله حسب الاستطاعة. وليس كل أحد بمستطيع أن يقيم العدل كاملا، ويفعل كل ما يريد على أكمل الوجوه..فكان تقليل الشرور إلى أقل حد ممكن وتحصيل المصالح لأكبر حد ممكن منها هو منهج الرسل والأنبياء عليهم السلام.والشاهد في قصة النجاشي أنها دليل صريح من السنة على جواز تولي المسلم ولاية عامة بل الولاية الكبرى في قوم من الكفار وإن بقوا على الشرك والكفر طالما أنه يقيم الحجة عليهم، ويدعوهم إلى الله وإن لم يستجيبوا…
فقد جاء في السيرة أن النجاشي لما ورد عليه أصحاب النبي (ص) على رأسهم جعفر بن أبي طالب أكرم مثواهم، وآمنهم على دينهم، ثم لما أرسلت قريش عمرو بن العاص وأحبوا إغراء النجاشي بهدية، والإيقاع بينه وبين المسلمين مدعين أن المسلمين يسبون مريم عليها السلام، ثم إنه أي النجاشي دعا جعفر بن أبي طالب فقرأ عليه جعفر أوائل سورة مريم فقال النجاشي: لم يزد عيسى عن هذا ولا قدر هذه.. وأخذ عودا من الأرض ورفعه.. فأنكر ذلك بطارقته وقد كانوا وزراء الحكم وقادة الدولة فقال لهم (وإن نخرتم!!).ونقل ابن كثير في البداية والنهاية عن مسند الإمام أحمد قال:
((وقد قال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى سمعت خديجا أخا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود قال: بعثنا رسول الله (ص) إلى النجاشي، ونحن نحوا من ثمانين رجلا، فيهم عبد الله بن مسعود وجعفر، وعبد الله بن عرفطة، وعثمان بن مظعون، وأبو موسى فأتوا النجاشي. وبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية، فلما دخلا على النجاشي سجدا له ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله ثم قالا له: إن نفرا من بني عمنا نزلوا أرضك ورغبوا عنا وعن ملتنا. قال فأين هم؟ قالا: في أرضك، فابعث إليهم، فبعث إليهم، فقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه، فسلم ولم يسجد، فقالوا له: مالك لا تسجد للملك؟ قال: إنا لا نسجد إلا لله عز وجل. قال وما ذاك؟ قال إن الله بعث إلينا رسولا ثم أمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله عز وجل، وأمرنا بالصلاة والزكاة. وقال عمرو: فانهم يخالفونك في عيسى بن مريم، قال فما تقولون في عيسى بن مريم وأمه؟ قال نقول كما قال الله: هو كلمته وروحه ألقاها إلى العذراء البتول، التي لم يمسسها بشر، ولم يفرضها ولد. قال فرفع عودا من الأرض ثم قال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله ما يزيدون على الذي نقول فيه ما سوى هذا، مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، أشهد أنه رسول الله (ص). وأنه الذي نجد في الإنجيل. وأنه الرسول الذي بشر به عيسى بن مريم، انزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه، وأمر بهدية الآخرين فردت إليهما)).ثم عقب ابن كثير على هذا قائلا: (وهذا إسناد جيد قوي وسياق حسن) (البداية والنهاية 2/67 طبعة الريان).والشاهد في هذه الرواية أنه آمن وشهد شهادة الحق في عيسى ومحمد (ص). وبقى في ملكه الذي هو فيه يحكم قوما من الكفار لم يطاوعوه في إيمانه ولم يدخلوا فيما دخل فيه.
ولو كان من مستلزمات الإسلام وشرائطه وجوب التنحي والإبتعاد عن مشاركة الكفار لما أقره رسول الله (ص)، ولما وصفه الرسول بعد موته بأنه رجل صالح وأمر الصحابة رضوان الله عليهم بالصلاة عليه.
ولا شك أن بقاء النجاشي في ملكه وأمره قومه بالحق وإقامة ما أقامه من العدل فيهم خير من ترك ذلك وهذا بحمد الله دليل صريح من السنة على ما نحن بصدده."
الدليل هنا واهى فالنجاشى كان حاكما على الحبشة طبقا للروايات قبل ظهور رسالة النبى(ص) الأخير ومن ثم لا ينطبق عليه أنه تولى المنصب فى دولة كافرة لأنه تولاه قبل بعثة النبى(ص)ثم من قال أنه لم يحكم بغير المنزل فهو كما فى الرواية رفض تسليم المسلمين للكفار كما أقر أنه ما قاله المسلمون هو عينه ما قاله الإنجيل فى عيسى (ص) فلو كان يحكمهم بغير المنزل لسلم المسلمين للكفار ولعاقبهم على قولهم فى عيسى (ص) ولكنه لم يفعل لأنه طبق قوله تعالى " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه"
كما أنه صدق القرآن مطبقا كلام الله فى الإنجيل والرجل لم يلحق تغيير الأحكام فى عهد المدينة لأنه مات بعد الهجرة بقليل ومن ثم كان يحكم الكفار كما يحلو لعبد الرحمن وصحبه بشرع الله ولم يتجاوزه
أتكلم هنا بناء على الروايات التى قد لا تكون صحيحة ولكن طبقا للمروى لم يحالف الرجل حكم الإسلام عندما حكم وحتى قبله كان يحكم بالعدل وهو حكم الإنجيل كما فى الرواية الشهيرة "إن بأرض الحبشة ملكاً لا يُظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده"
إذا لا يمكننا ان نقول أن النجاشى تولى المنصب فى دولة كافرة لأنه كان يطبق الإنجيل المنزل فى حكمه
وفى الباب الثالث تناول ما سماه حكم تولي الولايات العامة في ظل الدول الإسلامية الظالمة وهو تعبير خاطىء فلا يوجد شىء اسمه الدولة الإسلامية وإنما دولة المسلمين واحدة كما قال تعالى " وان هذه أمتكم أمة واحدة " فكيف يكون للإسلام حكم وهو مخلوع مزاح من الحكم عل نضحك على أنفسنا مجتمع يحكم بغير السلام يكون كافرا وإن أفراده مسلمون كما كان الرسول (ص) والمؤمنون يعيشون فى دولة كافرة ظالمة كما قال تعالى على لسانه "رب أخرجنى من هذه القرية الظالم أهلها"
قال عبد الرحمن :
"الباب الثالث:
حكم تولي الولايات العامة في ظل الدول الإسلامية الظالمة
مشروعية حيازة الولاية العامة للمسلم الصالح المريد للخير وان اشتملت على بعض الباطل والظلم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو في معرض بيان قاعدة ارتكاب أخف الضررين:
((إذا كان المتولي للسلطان العام أو بعض فروعه كالإمارة والولاية والقضاء ونحو ذلك، إذا كان لا يمكنه أداء واجباته وترك محرماته، ولكن يتعمد ذلك ما لا يفعله غيره قصدا وقدرة: جازت له الولاية وربما وجبت!)). أ.هـ (فتاوي شيخ الإسلام 20/55)
وأقول هذا هو الفقه الصحيح لا الورع الكاذب، ورهبانية النصارى الذين تركوا الحكم للفجرة وكانوا رهبانا في الأديرة، بل أن شيخ الإسلام يقرر هنا أن تولي الولاية العامة مع عدم التمكن من اقامة العدل الواجب جائزة بل واجبة أحيانا إذا كان يقصد فيها تخفيفا للظلم، ومنعا لمن يتولاها ويقصد بها الظلم واستدل شيخ الإسلام على ذلك بما أقدم عليه نبي الله الكريم ابن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم فقال: ((ومن هذا الباب تولى يوسف الصديق على خزائن الأرض، وكان هو وقومه كفارا كما قال تعالى: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به} الآية،)). (فتاوي شيخ الإسلام 20/56).
وقد رد شيخ الإسلام هذا الحكم إلى القاعدة الفقهية أنه إذا اجتمع محرمان ولا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما، وجب ارتكاب الأدنى، وهذا الإرتكاب لفعل الأدنى لا يكون محرما في الحقيقة. فترك الولاية العامة للظلمة والفسقة ضرر ومفسدة عظيمة، وتولي هذه الولايات للمسلم البار المريد للخير الذي يستطيع أن يخفف الظلم والفساد ضرر أقل، ويجب عند ارتكاب أخف الضررين. وهذا نص شيخ الإسلام في ذلك:
((وكذلك إذا اجتمع محرمان لا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما، لم يكن فعل الأدنى في هذه الحال محرما في الحقيقة، وإن سمي ذلك ترك واجب، وسمي هذا فعل محرم باعتبار الإطلاق لم يضر. ويقال في مثل هذا ترك الواجب لعذر وفعل المحرم للمصلحة الراجحة، أو للضرورة، أو لدفع ما هو أحرم)). أ.هـ (فتاوي شيخ الإسلام 20/57).
وكان شيخ الإسلام يفتي بأنه لا يجوز التخلي عن تولي الولايات العامة في مثل هذه الدويلات على ما فيها، حتى وإن كان لا يستطيع المتولي أن يقيم العدل كما أمر الله به، وأنا أسوق هنا سؤالا صريحا مما وجه إلى شيخ الإسلام في هذا الصدد، وجواب شيخ الإسلام عليه، سئل شيخ الإسلام عن((عن رجل متول ولايات، ومقطع إقطاعات (المتولي للولايات هو الذي يؤمر بجمع الأموال من مكوس وضرائب على التجارة والبيوت والمزارع ونحو ذلك، وأما المقطع فهو الذي يتولى صرف الأموال من بيت المال وخزينة الدولة وما يتجمع من الضرائب ونحوها)، وعليها من الكلف السلطانية ما جرت به العادة (الكلف السلطانية هي المخصصات التي تخصص للسلطان وحاشيته ونحو ذلك)، وهو يختار أن يسقط الظلم كله، ويجتهد في ذلك بحسب ما قدر عليه، وهو يعلم أنه إن ترك ذلك واقطعها غيره وولي غيره فان الظلم لا يترك منه شيء، بل يزداد، وهو يمكنه أن يخفف تلك المكوس التي في اقطاعه، فيسقط النصف، والنصف الآخر جهة مصارف لا يمكنه اسقاطه، فانه يطلب منه لتلك المصارف عوضها، وهو عاجز عن ذلك، لا يمكنه ردها. فهل يجوز لمثل هذا بقاؤه على ولايته واقطاعه؟ وقد عرفت نيته، واجتهاده، وما رفعه من الظلم بحسب امكانه، ام عليه أن يرفع يده عن هذه الولاية والإقطاع، وهو اذا رفع يده لا يزول الظلم، بل يبقى ويزداد. فهل يجوز له البقاء على الولاية والإقطاع كما ذكر؟ وهل عليه اثم. فهل يطالب على ذلك؟ أم لا؟ وأي الأمرين خير له: لأن يستمر مع اجتهاده في رفع الظلم وتقليله، أم يرفع يده مع بقاء الظلم وزيادة. واذا كانت الرعية تختار بقاء يده لما لها في ذلك من المنفعة به (وهذا كما تراه دور شعبي في اختيار المسئول والضغط على الحاكم لاختيار العامل الأمين والكفء)، ورفع ما رفعه من الظلم. فهل الأولى له أن يوافق الرعية؟ ام يرفع يده. والرعية تكره ذلك لعلمها ان الظلم يبقى ويزداد برفع يده.
وكانت اجابته بما يلي:
فأجاب: الحمد لله. نعم اذا كان مجتهدا في العدل ورفع الظلم بحسب امكانه، وولايته خير وأصلح للمسلمين من ولاية غيره، واستيلاؤه على الاقطاع خير من استيلاء غيره، كما قد ذكر فانه يجوز له البقاء على الولاية والاقطاع، ولا اثم عليه في ذلك، بل بقاؤه على ذلك أفضل من تركه اذا لم يشتغل اذا تركه بما هو أفضل منه. (ليت الذين يتسرعون بتكفير وتضليل من يقبل الولايات العامة في الدول المعاصرة يطلعوا على قول شيخ الإسلام هذا)والذي ينهى عن ذلك لئلا يقع ظلم قليل لو قبل الناس منه تضاعف الظلم والفساد عليهم، فهو بمنزلة من كانوا في طريق وخرج عليهم قطاع الطريق، فان لم يرضوهم ببعض المال أخذوا أموالهم وقتلوهم. فمن قال لتلك القافلة لا يحل لكم ان تعطوا لهؤلاء شيئا من الأموال التي معكم للناس، فانه يقصد بهذا حفظ القليل الذي ينهي عن دفعه، ولكن لو عملوا بما قال لهم ذهب القليل والكثير وسلبوا مع ذلك، فهذا مما لا يشير به عاقل (انظر الدليل الثاني والمثل الذي ضريه شيخ الإسلام وتأمل فيه وطبقه على واقعنا المعاصر تجد أن من يفتي بعدم جواز ارتكاب المفسدة الصغرى فانما يعرض المسلمين لحصول المفسدة الكبرى. وانظر قول شيخ الإسلام أن مثل هذا لا يفتي به عاقل.. ونقول للأسف يفتي بذلك مجموعات يظنون أنفسهم من أعقل العقلاء وأحكم الحكماء)، فضلا ان تأتي به الشرائع، فان الله تعالى بعث الرسل لتحصيل المصالح، وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الامكان.
فهذا المتولي المقطع الذي يدفع بما يوجد من الوظائف، ويصرف الى من نسبه مستقرا على ولايته واقطاعه ظلما وشرا كثيرا عن المسلمين أعظم من ذلك، ولا يمكنه دفعه الا بذلك، اذا رفع يده تولى من يقره ولا ينقص منه شيئا، هو مثاب على ذلك، ولا اثم عليه في ذلك ولا ضمان في الدنيا والآخرةوهذا بمنزلة وصي اليتيم، وناظر الوقف الذي لا يمكنه اقامة مصلحتهم الا بدفع ما يوصل من المظالم السلطانية (المظالم السلطانية أي الضرائب والأتاوات التي يفرضها السلاطين)، اذا رفع يده تولى من يجور ويريد الظلم، فولايته جائزة، ولا إثم عليه فيما يدفعه، بل قد تجب عليه هذه الولاية وكذلك الجندي المقطع الذي يخفف الوظائف (يقصد بالوظائف الضرائب المفروضة) عن بلاده، ولا يمكنه دفعها كلها، لأنه يطلب منه خيل وسلاح ونفقة لا يمكنه اقامتها إلا بأن يأخذ بعض تلك الوظائف، وهذا ينفع المسلمين في الجهاد، فاذا قيل له لا يحل لك أن تأخذ شيئا من هذا، بل ارفع يدك عن هذا الاقطاع، فتركه وأخذه من يريد الظلم، ولا ينفع المسلمين: كان هذا القائل مخطئا جاهلا بحقائق الدين، بل بقاء الجند من الترك والعرب الذين هم خير من غيرهم، وانفع للمسلمين، وأقرب للعدل على اقطاعهم، مع تخفيف الظلم بحسب الامكان، خير للمسلمين من أن يأخذ تلك الاقطاعات من هو أقل نفعا وأكثر ظلما.
والمجتهد من هؤلاء المقطعين كلهم في العدل والاحسان بحسب الامكان يجزيه الله على ما فعل من الخير، ولا يعاقبه على ما عجز عنه، ولا يؤاخذه بما يأخذ ويصرف اذا لم يكن الا ذلك، كان ترك ذلك يوجب شرا أعظم منه. والله أعلم. (الفتاوي 30/356-360)"
هذا الكلام سبق وكرر معظمه عبد الرحمن وكما قلنا المسلمون يعيشون هنا مضطرين وحكمهم حكم المضطر ولكنهم يعملون على عدم الركون لطاعة شريعة الكفر ما استطاعوا تطبيقا لقوله تعالى " واتقوا الله ما استطعتم"
ثم تناول الرجل مسألة الدخول إلى المجالس النيابية فقال:
"الباب الرابع:آراء بعض أهل العلم وأئمة العصر في الدخول إلى المجالس النيابية:
القول بمشروعية الدخول إلى المجالس التشريعية والوصول إلى الولايات العامة عن طريق الإنتخاب هو قول كثير من علماء السلفية المعاصرين ومنهم سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز وفضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين أقول ومما يدلك كذلك على مشروعية تولي الولايات العامة عن طريق الإنتخابات البرلمانية، أن هذا هو قول كثير من قادة الدعوة السلفية وأئمتها، وقد أفتوا بذلك مع علمهم بواقع حال الأمة المعاصرة، وواقع الدول الإسلامية التي ابتليت بهذه الأنظمة الوضعية (الديمقراطية وغيرها).
أ- رأي الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي فهذا العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي المتوفي سنة 1376هـ إمام نجد وفي زمانه يقول في تفسيره (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) عند قوله تعالى:{قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول، وإنا لنراك فينا ضعيفا، ولولا رهطك لرجمناك، وما أنت علينا بعزيز} الآية.
قال : في الفوائد المتحصلة من هذه الآية:
((ومنها: أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة منها أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة وقد يعلمون بعضها وقد لا يعلمون شيئا منها. وربما دفع عنهم، بسبب قبيلتهم، وأهل وطنهم الكفار، كما دفع الله عن شعيب، رجم قومه، بسبب رهطه وأن هذه الروابط، التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين، لا بأس بالسعي فيها، بل ربما تعين ذلك. لأن الإصلاح مطلوب، حسب القدرة والإمكان.
فعلى هذا، لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار، وعملوا على جعل الولاية جمهورية، يتمكن فيها الأفراد والشعوب، من حقوقهم الدينية والدنيوية لكان أولى، من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم، الدينية والدنيوية، وتحرص على إبادتها، وجعلهم عملة وخدما لهم.
نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين، وهم الحكام، فهو المتعين. ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة، فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا، مقدمة. والله أعلم)) (تفسير عبد الرحمن بن ناصر السعدي 2/289).
ب- رأي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
وهذا الذي أثبتناه من قول الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي هو نفسه ما أفتى به سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز وذلك في مواطن كثيرة ولإخوة يبلغون حد التواتر، ومن معنى قوله أنه يشرع الدخول إلى المجالس الإنتخابية من أجل إحقاق الحق، والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. وقد قيد كثير من الإخوة السائلين فتوى والدنا وشيخنا عبد العزيز بن باز على ذلك النحو الذي اثبتناه.
وقد نقلت كذلك فتوى مطبوعة لشيخنا عبد العزيز بن باز في مجلة لواء الإسلام العدد الثالث ذو القعدة سنة 1409هـ، يونيو سنة 1989، ونقلها عن المجلة الشيخ مناع القطان في كتاب (معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية) وقد جاءت جوابا لسائل يسأل عن شرعية الترشيح لمجلس الشعب، وحكم الإسلام في استخراج بطاقة انتخابات بنية انتخاب الدعاة والأخوة المتدينين لدخول المجلس فأجاب سماحة شيخنا قائلا:
((إن النبي (ص) قال: [إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى] لذا فلا حرج في الالتحاق بمجلس الشعب إذا كان المقصود من ذلك تأييد الحق، وعدم الموافقة على الباطل، لما في ذلك من نصر الحق، والانضمام إلى الدعاة إلى الله. كما إنه لا حرج كذلك في استخراج البطاقة التي يستعان بها على انتخاب الدعاة الصالحين، وتأييد الحق وأهله، والله الموفق)) (معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية للشيخ مناع القطان ص166).
ج- رأي الشيخ محمد الصالح العثيمين:
وبهذا أيضا أفتى سماحة والدنا وشيخنا محمد صالح العثيمين شفاها لعدد كبير من الأخوة طلاب العلم الذين سألوه عن حكم الترشيح للمجالس النيابية، فأجابهم بجواز الدخول، وقد كرر عليه بعضهم السؤال مع شرح ملابسات الدخول إلى هذه المجالس، وحقيقة الدساتير التي تحكم وكيفية اتخاذ القرار فكان قوله في ذلك (ادخلوها. اتتركوها للعلمانيين والفسقة) وهذه إشارة منه إلى أن المفسدة التي تتأتى بعدم الدخول أعظم كثيرا من المفسدة التي تتأتى بالدخول إن وجدت… أ.هـ
وأظنه قد وضح السبيل الآن واتضحت الرؤية أن القول بمشروعية الدخول إلى المجالس التشريعية، وتولي الولايات العامة هو قول الجلة من أئمة وقادة الدعوة السلفية ومن أهل الفكر والنظر والفقه من علماء الأمة (ومما يمكن الاستدلال به في هذا المقام تولي شيخنا واستاذنا محمد الامين الشنقيطي رحمه الله نوع ولاية في القضاء في بلدة "شنقيط" موريتانيا قبل هجرته إلى المدينة المنورة.
د- رأي فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني :
ولشيخنا محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله رأي مشهور بعدم جواز الترشيح للدخول في المجالس النيابية، معللا ذلك بأنها مجالس تحكم، بغير ما أنزل الله حتى وإن ذكر في الدستور أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، ومعللا ذلك أيضا بأن النائب قد يفتتن في دينه ويتنازل عن بعض الحق.
ولكنه حفظه الله لا يقول هذا الرأي من باب تحريم الدخول إلى المجالس التشريعية، وتكفير أو تضليل من يفعل ذلك، وإنما من باب أنه خلاف الأولى بدليل أنه يرى ان الشعب المسلم عليه أن ينتخب المرشحين (الإسلاميين) فقط اذا تقدم إلى الترشيح من يعادي الإسلام.
وهذه نصوص عباراته حفظه الله في جوابه على الأسئلة المقدمة إليه من جبهة الانقاذ الجزائرية:قال: (ولكن لا أرى ما يمنع الشعب المسلم اذا كان في المرشحين من يعادي الإسلام، وفيهم مرشحون إسلاميون من أحزاب مختلفة المناهج فننصح والحالة هذه كل مسلم ان ينتخب من الإسلاميين فقط من هو أقرب إلى المنهج الصحيح -الذي تقدم بيانه- -أقول هذا- وان كنت أعتقد ان هذا الترشيح والانتخاب لا يحقق الهدف المنشود كما تقدم بيانه من باب تقليل الشر، أو من باب دفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى كما يقول الفقهاء). (مجلة الاصالة العدد4، ص20)"
بداية دخول المجالس يتنافى مع التالى :
أولا أن تلك المجالس يجلس فيها الجالس ليشارك فى التشريع والمشرع واحد هو الله فيكون بهذا موافقا على أنه مشرع مع الله فيكون بهذا قد اشرك
ثانيا حتى لو شارك هو بتشريعات الله فى المجلس سيكون تشريع الله عرضة للرفض والاستهزاء وهو ما يدخل تلك المجالس التى المجالس المجرم دخولها للاستهزاء فيها بآيات وهى شرع الله كما قال تعالى :
"وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا"
ثالثا أن إدخال بعض القوم ممن يسمونهم المشايخ والعلماء من قبل الحكام سواء كان بالتعيين وهو الغالب أو بالانتخاب المزور إنما هو لتجميل وجه النظام فالحكام يستخدمونهم كأدوات لخداع الشعب فإذا علم المسلم أنه وسيلة لإضرار المسلمين فلا يجوز له أن بدخل تلك المجالس لخداع المسلمين
رابعا كل التجارب التى دخل فيها ما يسمى التيار الإسلامى الانتخابات وفاز بالانتخابات تم القضاء عليها من قبل الحكام الحقيقيين لليلاد وهم العسكر سواء قبل توليهم الحكم أو بعد توليهم وكانت النتائج كارثية على ذلك التيار حيث أصلحوا إرهابيين حسب توصيف العسكر أو أعدموا أو رموا فى السجون وأما الانتخابات التى فازوا فيها أيضا فقد تم تزويرها واسقاطهم ومن ثم فعدم الدخول فى الانتخابات والحياة الحزبية أنفع للناس والتيار من حيث نفع المسلمين فمثلا بدخول ألوف مؤلفة من جماعة الاخوان السجون انتهت حياة الملايين الذين كانوا يعيشون على مساعدات المساجين لهم فأصبحوا فى ظل النظام فقراء جدا فمنهم أصبح بلطجيا وسارقا دون إرادته حتى يعيش هو وأسرته ومنهم من اتخذ الشحاذة حرفة له
وفى الباب ناقش مسألة تولى المناصب مرة اخرى وقد سبق أن ناقشها فقال
"الباب الخامس:
القول بتحريم تولي المناصب في الدول المعاصرة من مقالة أهل الغلو
ومما يدل على فساد القول بتحريم تولي الولايات العامة (الوزارة ونحوها وكذلك النيابة التشريعية) في ظل الأنظمة القائمة أن هذا هو قول أهل الغلو، وجماعات تكفير المجتمع فلم يعرف هذا القول في بدايته إلا عنهم ومنهم انتشر في بعض من غرر بأقوالهم. فجماعة شكري مصطفى كانت أول جماعة فيما أظن قالت بعدم جواز تولي أية ولاية عامة أو خاصة في الحكومات المعاصرة بناء على عقيدتها في كفر المجتمع كله، وكفر الحكام جميعا، وسواء عندهم أكانت الولاية وزارة أو إمامة صلاة أو غير ذلك. يقول أحدهم (كل الأعمال حلالها وحرامها في هذا المجتمع الجاهلي لا بد أن تصب في النهاية في مصب واحد هو خدمة وبناء هذا المجتمع الكافر). (ماهر بكري. الهجرة ص10 عن الغلو في الدين لعبد الرحمن اللويحق 525).
بل بالغ شكري مصطفى فقال بعد أن ذكر مجموعة من الوظائف:
(كل ذلك.. إنما هو سلطان الطاغوت ودائرة اختصاصه ومواد الوهيته، والداخلون في نظامه هم عبيده وسدنة محرابه وانه لا شيء مما ذكرنا ولا قشة ترفع في الطريق بأمر البلدية في بلد الطاغوت إلا وهي داخلة في إلاهيته). (شكري مصطفى الخلافة 6/13 وعنه الغلو في الدين لعبد الرحمن اللويحق 526)وقد وافق هؤلاء الغلاة بعض إخواننا السلفيين وللأسف أنهم استدلوا على ذلك بقريب مما استدل به الغلاة."
على الكاتب أن يعدد من تولوا مناصب قيادية من التيار الذى ينتمى إليه ويبين لنا ماذا فعلوا من الخيرات للناس ولن يجد أحد منهم قدر على فعل شىء فالباقورى والشعراوى واللذين كانا ينتميان للإخوان لم يقدر على الاستمرار فى المناصب أكثر من عام لأنهم كما يقولون وجدوا ان الحاكم والحاشية يريد إجبارهم على ما لا يرضون والمصيبة أنهم استخدموا بعضهم لمحاربة من كانوا ينتمون لهم فالباقورى بأمر عبد الناصر أحدث جمعية الشبان المسلمين ظنا منه أن يملآ الفراغ الذى تركه سجن الاخوان ولكن الجمعية لم تقم مقام الجماعة أبدا فعدد المنتمين لها قليل جدا
وحتى جماعة التكفير والهجرة وغيرها من الجماعات المتهمة فى المجتمعات بالإرهاب تم إنشائها من قبل المخابرات وامن الدولة وكانت القيادات التى قامت بعمليات الاغتيال من ضباط الجيش نفسه صالح سرية والاسلامبولى والزمر وغيرهم فأى مخبول يصدق أن أولئك الضباط الذين تم اختيارهم على الفرازة كما يقولون ومن أسر وعائلات معينة غنية ينتمون للجماعات ونفس ما حدث فى مصر حدث فى الجزائر حيث أطلقت المخابرات الجزائرية عددا من الضباط جمعوا حولهم من ضحكوا عليهم من شباب الجماعات ليقوموا بكل العمليات الإرهابية التى كانت تحدث بعد استبعاد جبهة الانقاذ الفائزة بالحكم من المشهد وسجن قيادتهم وبعد عقدين عاد الضباط الذين كانوا يربون لحاهم للمجتمع ولم يتم عقاب أيا منهم وحاليا جماعة داعش المنتشرة فى العديد من الدول يقودها ضباط مخابرات من دول مختلفة لاحداث حوادث تجعل الناس يكرهون الجماعات والإسلام
وتحدث عبد الرحمن فى الباب السادس عن البدائل المناحة فحكم بفسادها كلها فقال:
"الباب السادس:جميع البدائل لهذا الطريق فاسدة:
نقول لقد تحقق بحمد الله صلاح جزئي من دخول من دخل إلى الوزارة، او النيابة التشريعية في جميع البلاد التي كان فيها ذلك، والمطلع على أحوال الأمة الإسلامية يعلم هذا يقينا فأعظم فترة للإسلام في تركيا بعد سقوط الخلافة هي الفترة التي دخل فيها الإسلاميون إلى الحكومة والبرلمان. وقد اتخذت في هذه الفترة مجموعة من القرارات ما زالت تؤثر إلى اليوم في مسيرة تركيا نحو الإسلام، وكذلك الحال في مصر والجزائر، فإن الإتساع العظيم لرقعة الإسلام، ودخول الناس في الدين بهذه الشمولية كانت في فترة الدعاية الإنتخابية ونزول المسلمين الى الساحة وعرضهم مشروعهم الإسلامي على الناس واتصالهم بجماهير المسلمين.. وكذلك الحال في باكستان، واما الكويت فهي أعظم مثال على أن الدخول إلى المجالس التشريعية والوزارة يمكن أن يؤدي إلى منافع عظيمة للدعوة، ويقلل إلى أقل الحدود شرور الفساد واللادينية، وليس المجال هنا الآن تعداد المصالح الشرعية التي تحققت من قبول الولاية العامة، والنيابة التشريعية…"
الرجل يقول أن المنافع حدثت بتولى البعض المناصب القيادية ودخول المجالس وهو كلام بيس عليه أى دليل وافعى فالفساد يزداد انتشارا فى بلاد المنطقة وتجبر الحكام زاد فبعد أن كان الحكام يخفون إعلان علاقاتهم بإسرائيل أصبحوا الآن يتباهون بعلاقاتهم وبعد أن كان الواحد منهم يبعد عن معارضة الدين علنا أصبح الكثير منهم يطالبون بتغيير الدين وحذف آيات الجهاد منه تحت عنوان تجديد الخطاب الدينى وللأسف من يتولون الافتاء وزارات الأوقاف يساعدونهم على هذا وبعد أن كان الحكام يعلنون أن المندسين فى المظاهرات هم من يقومون بقتل المتظاهرين أصبح ضرب المتظاهرين علنا وبدون محاكمة للقتلة حسب كلام الحكام
وفى الباب السابع كفر الرجل الممتنعون عن الولايات العامة والنيابة التشريعية فقال :
"الباب السابع:
الممتنعون عن الولايات العامة والنيابة التشريعية موافقون لأهل الباطل
وأقول إن الذين يمتنعون عن الولاية العامة، والنيابة التشريعية يقدمون أعظم خدمة للمفسدين، وينفذون على الحقيقة مرادهم بل هذا ما يسعى إليه المفسدون بكل سبيل فهم يريدون بل ويعملون على سد جميع المنافذ أمام الدعاة أن يكونوا نوابا في البرلمان، حتى يعزلوهم عن الناس، ويقتلوا دعوتهم، ويميتوا رسالتهم، حتى استحدثت بعض الدول العربية التي تطبق ديمقراطيات زائفة يحرم بها المسلمون من الدخول إلى المجالس التشريعية كتحريم تكوين حزب سياسي على أساس ديني، ووجوب عرض أسماء المتقدمين على المخابرات العامة!! وتحريم من ينزل إلى الإنتخابات بصورة مستقلة!! ونحو ذلك من التشريعات التي مؤداها في النهاية منع أي رجل عنده دين أن يدخل إلى مجلسهم التشريعي حتى لا ينكر عليهم في أمر، ولا يعترض معترض على باطل، وينفردوا هم بالسلطة وحكم الناس، وينفذوا قوانينهم الباطلة في دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم.
فلينظر المفتون بعدم جواز الدخول إلى المجالس التشريعية هل صنعوا في أنفسهم وأمتعهم إلا ما يريد أعداء الأمة وأعداؤهم؟!"
الرجل هنا يحلم ويعيش فى وهم فالحكام يمنعون كل صالح من تولى أى منصب عام وإذا حدث هذا فغنه يكون نادرا جدا بسبب تضارب المصالح عندما يكون هناك مرشحون للمنصب تابعون لفلان أو علان من علية القوم ولا يريد مصدر القرار أن يحزن أحدهم أو يفقد تأييده بترك مرشح فإنه يختار واحد لا ينتمى للطرفين أو الأطراف حتى يرضى الكل
وعليه أن يسأل نفسه من هم الدعاة الذين يدخلون المجالس النيابية فسيجد انهم تابعون للقيادة تابعون للفساد ولم يقل أى منهم كلمة حق فى الحكام والحكومات يوما وفى مصر كان ذلك مقصورا فى مصر على عدد معين من الدعاة الذين لا يتكلمون فى السياسة العامة كأحمد عمر هاشم وعطيه صقر ويبدو أن من يعينهم أو ينجحهم فى الانتخابات كان يعمل حسابه على أن يساوى عددهم فى المجلس عدد اليساريين الذين كان يتم إنجاحهم فى الانتخابات وهم الخمسة المنتمين لحزب التجمع فى عهد مبارك وما زالت تلك السياسة سارية فى المجالس الحالية والمجالس التى كانت قبل مبارك
إنها تركيبة للضحك على العامة
وفى الباب التالى تناول حجج الذين يحرمون الدخول إلى المجالس التشريعية فقال :
"الباب الثامن:
حجج الذين يحرمون الدخول إلى المجالس التشريعية والرد عليها
بعد أن قررنا بحمد الله الحكم الشرعي الذي نراه مؤيدا بالأدلة من القرآن، والسنة، وأقوال بعض سلف الأمة.. نأتي إلى الشبهات التي تثار حول تولي الولايات، والدخول إلى المجالس التشريعية في ظل الأنظمة الديمقراطية وما احتج به من يرى المنع:
1- الديمقراطية كفر:
قالوا إن النظام الديمقراطي كفر وبالتالي لا يجوز الدخول إليه وإصلاحه من داخله والجواب: أنه يجب التفريق بين كون النظام كفرا وكون العاملين به والمنضوين تحت لوائه جبرا وقهرا رضي أو سخطا كفار.. فإن المسلم لا يكفر إلا باقرار الكفر واعتقاده، وأما إذا كان كارها له فقد سلم كما قال (ص) في شأن الحكام المبدلين والمغيرين [فمن أنكر فقد بريء، ومن كره فقد سلم إلا من رضى وتابع] والذي يقبل الولاية العامة في هذه الأنظمة، أو يدخل إلى المجالس التشريعية وهو كاره لتبديل أحكام الله، وعازم على إقامة العدل، ورفع الظلم وإنكار المنكر، وتقليل الشر فهو مأجور على نيته إن شاء الله تعالى.
2- الدخول في الولايات العامة والنيابة طاعة للكفار:
قالوا بان الدخول إلى المجالس التشريعية فيه طاعة للكفار ونحن مأمورون بمخالفتهم والجواب: أن المسلم يدخل إلى هذه المجالس ليخالف الكفار والمنافقين في تشريعهم بالباطل ليعمل هو تشريع الخير والعدل، ورفض الظلم والباطل أو على الأقل الإنكار على أهل الباطل.
3- نهى الله أن تجلس في المجالس التي يخوض الكفار فيها في آيات الله:وقالوا إن الله يقول {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} الآية.والجواب: إن هذا فيمن يجلس في مجالس الكفار ويقر الباطل ويسكت على من يخوض في آيات الله، وأما عمل النائب المسلم في البرلمان فمهمته الأساسية انكار المنكر، والأمر بالمعروف والإعتراض على ما يرى أنه من الباطل، ومحاسبة الوزراء، وأعضاء الجهاز التنفيذي وهذا من القيام المستطاع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4- المفسدة في الدخول أربى من المصلحة:
وقد ذكر بعض الأخوة مفاسد الديمقراطية فبلغت خمسين مفسدة.
ونحن نستطيع أن نضيف عليها خمسين أخرى بل مائة أخرى ولا يعني هذا تحريم الدخول إلى المجالس البرلمانية لأن الداخل يؤمن بفساد هذا النظام، وما دخل إلا من أجل تغييره وتبديله، أو على الأقل الحد من شروره وآثامه وتسلط من يحكم باسمه على شعوب المسلمين وإزاحة من يتقلدون المناصب ويتولون إدارة شئون المسلمين وهم في الحقيقة قلة من اللادينيين وأهل الشهوات والأهواء..
5- لم يصل الإسلاميون الى الحكم عن طريق الديمقراطية:
وقالوا إن الإسلاميين في كل البلاد لم يصلوا إلى الحكم بهذا الطريق بل قطع عليهم العلمانيين الطريق وأزاحوهم عندما اقتربوا من النهاية.
والجواب: عن هذا الشبهة الساقطة أن الطريق الديمقراطي مكن الإسلاميين أولا من نشر عقيدتهم واكتساب جماهير الناس إلى صفوفهم، وفضح خصومهم وبيان كذبهم وتدليسهم، وكفى هذه نتيجة يجب أن يسعى اليها بل لو لم يكن هذه وحدها لكفى.. ثم إن الذين وصلوا إلى قبة البرلمان في أي بلد من البلدان قد حققوا من النتائج والمصالح الشرعية شيئا كبيرا: أقله أنهم أقاموا الحجة، وصدعوا بالحق بطريق يقره الجميع، ويرضى به حتى أهل الباطل
6- الكثرة مذمومة وهي على الباطل:وقالوا بأن الديمقراطية هي حكم الأغلبية وقد ذم الله الكثرة وبين أنها دائما على الباطل كقوله تعالى {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله}.
والجواب: أنه هذا بالنسبة لأمة الإسلام وأمة الكفر.. فأمة الإسلام تظل أقل عددا من أمم الكفر كما قال (ص) [ما أنتم في الناس إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود] ..الحديث.وأما أهل الإسلام فاجتماعهم معصوم لقوله (ص) [لا تجتمع أمتي على ضلالة] والكثرة أدعى أن يكون الحق معها من القلة. وإذا كان يوجد الحق مع القلة أحيانا فشذوذ.. ألا ترى أن جمهور الصحابة مثلا إذا اتفقوا على رأي كان هذا أقوى من أن يخالفهم صحابي واحد أو اثنين وإن وجد في وقت ما أن الحق قد يكون أحيانا مع القلة فنادر وشاذ.
7- قولهم بأن تولي الولايات العامة والدخول إلى المجالس التشريعية فتنة لمن يدخل فيها حيث تأخذه المظاهر وتلهيه الدنيا ويغره السلطان:والجواب: أن العيب في ذلك ليس في تولي الولايات العامة وإنما العيب في الأشخاص.((وإلا فكثير من علماء الدين قد باعوا دينهم من أجل الدنيا، وأفتوا بما يرضي السلاطين، وأهواء الناس، وكتموا الحق إرضاء للعامة وحفاظا على مناصبهم، والعيب ولا شك ليس في المنصب الديني، ولا في المشيخة نفسها وإنما هو في النفوس والقلوب والتربية السيئة.ولا يخفى أن كثيرا من الدعاة المسلمين، خاضوا التجربة السياسية، وغشوا الحكام ونصحوا لهم في الله، وحاولوا تأسيس الأحزاب الإسلامية، وكانوا في كل ذلك مجاهدين صابرين ملتزمين. بل المؤمن الحق لا يزيده العمل من أجل الله في أي ميدان من الميادين إلا قوة وعزيمة وإخلاصا ووفاء لدينه، وحفاظا على حدود الله -سبحانه وتعالى-)). (انظر هذا بتفصيل في كتابنا "المسلمون والعمل السياسي").
8- وقالوا أيضا: (إن طريق النيابة التشريعية) أمر مستحدث لم يفعله رسول الله (ص).فالجواب:أولا: ((قد ثبت أن الرسول (ص) قد مارس العمل السياسي بكل معانيه الطيبة الخيرة من تكون أمة وجماعة، والدعوة إلى عقيدة تحطم كل العقائد الموجودة، وتنادي بوجوب إزاحة بل إزالة كل عقبة تقف في وجه دعوة الإسلام، ووجوب جعل السلطان لأمة الإسلام، ثم قد مارس رسول الله (ص) كل أعمال الحكم والسيادة، من تولية الولاة، وإرسال الجيوش والبعوث، والرسل، وتنظيم الدولة، وإقامة الحدود، وعقد المعاهدات، وهذا في حال القوة وأما في حال الضعف فإن رسول الله (ص) قد طلب النصرة، وطلب الحماية، وقبلها من الكفار ودعا إلى الله سرا، وجهرا وجاهر الكفار بالعداوة، وأنذرهم بالقتل وأعلمهم أن دينه خير الأديان وأنه سيفتح الأرض. وينال كنوز كسرى وقيصر.. وأن أمته ستكون أقوى الأمم وخيرها، وأعظمها سلطانا وأمنا وتمكينا.. وكل هذا في عرف الناس اليوم من الأعمال السياسية، فليسمه الناس ما شاؤوا سياسة أو غير ذلك إنها طبيعة الدعوة إلى الله، ومنهج القرآن، وسنة الرسول (ص)، ومنهج القرآن، وسنة الرسول (ص)، وعلى الذين يكتفون بمجرد تعلم العلم الشرعي وتعليمه أن يعلموا أنهم لم يسلكوا سبيل رسول الله (ص) في الدعوة إلى الله، ولم يتبعوه حقا وصدقا، وإنما اشتغلوا بجزء من الدين، وجانب من الإسلام.
ولا شك أن الرسول كون الجماعة المعاهدة المبايعة له على الموت في سبيل الله والجهاد في سبيل نصرة الدين، ونظم هذه الجماعة، وعلمها، ورباها على عينه وكانت هذه الجماعة بعد ذلك هي طليعة الأمة، ونواة الدولة، ونستطيع أن نطلق على جماعة الرسول الأولى (حزب الله)، وقد أقام الرسول (ص) كل المؤسسات الممكنة في وقته. واستطاع بهذه الجماعة أن يهزم كل ما تجمع وتحزب أمامه من العرب واليهود والنصارى والقبائل، والأعراب،) (المسلمون والعمل السياسي لعبد الرحمن عبد الخالق ص72-74).وعلى أساس ما قدمنا أحببت القول أن تولي الولايات العامة، والدخول إلى مجلس تشريعي يستطيع فيه المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقلل جانبا من الشر وهذا الذي يسميه الناس عملا سياسيا، ويحرمونه من أجل ذلك، هو داخل في مفهوم أعمال الدعوة التي مارس الرسول (ص) جنسها مما يطلق الناس اليوم عليه (العمل السياسي). والله تعالى أعلم.
ثانيا: أنه قد استجدت أمور كثيرة لم تكن في عهد رسول الله (ص) وإنه على المسلمين أن يجتهدوا فيها من أجل الوصول إلى الحق وإعلاء كلمة الله في الأرض.. ألا ترى أن حروب الردة لم يمارسها رسول الله (ص) لأنه لم يوجد في وقته من يقيم الصلاة ويمنع الزكاة، وكذلك قتال البغاة لم يكن في عهد رسول الله (ص) وقد فعل علي بن أبي طالب وقاتل من قاتله على أنهم بغاة أو متأولون كما قاتل الخوارج، وقاتل في الجمل وصفين.. وهذا لم يفعله رسول الله (ص) لأنه لم يكن في عهده بغاة، واليوم كما أسلفنا ابتلى المسلمون بسقوط دولتهم تحت أقدام الكفار، وأقام الكفار هذه الأنظمة الكفرية الديمقراطية، والسبيل ما قدمناه فإذا كانت المصلحة الشرعية تقتضي الدخول إلى المجالس التشريعية الحالية تقليلا للشر، وحفاظا على ما بقى من تشريع الإسلام، إلى أن يشاء الله حيث يتمحض الخير، وتقام خلافة الإسلام الراشدة ، فهل يترك هذا لمزيد من الفساد والإفساد، وتسلم بلاد المسلمين إلى الفسقة والكفرة ليشرعوا ما شاءوا، ويستأصلوا ما بقى من دين الأمة؟"
الرجل هنا لا يناقش الأمور كما يجب ويكرر كلاما سبق أن قاله غعندما يحكم على الديمقراطية فعليه أن يحكم بحكم الله فالرجل تحدث عن قول البعض انها كفر ولم يتناول الديمقراطية وغنما تناول من يعملون بها من أعضاء المجالس النيابية وهناك فرق بين حكم الشىء وبين حكم العامل به خاصة المضطر وى يوجد مسلم مضطر لأن يدخل تلك المجالس لأنه يقدر على عدم الترشح وكما قلنا أنه لا يمكن لأحد أن يغير ما يفعله الحكام طالما استمررنا فى مشاركتهم الحياة الفاسدة والسبيل الوحيد هو اجتماع المسلمين فى مكان وعمل دولة يهاجرون إليها لاقامة حكم وأما لو استمر الحال كما يطلب عبد الرحمن وصحبه فلن تكون للمسلمين دولة حتى يوم القيامة وهو ما يريده الحكام فعبد الرحمن وصحبه يكرسون لدولة الظلم أن تستمر حتى قيام الساعة