قراءة فى كتاب خمس لا يعلمهن إلا الله

رضا البطاوى البطاوى في الأربعاء ١٤ - أكتوبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى كتاب خمس لا يعلمهن إلا الله
الكتاب تأليف عبد الرحمن بن عبد الله السحيم وهو محاضرة كتبها أحدهم بعد أن ألقاها السحيم وجعلها كتاب وهو يدور حول الغيبيات التى تسمى الخمس التى لا يعلمها إلا الله كما يقال والحقيقة أن الغيب الذى يعلمه الله كثير وليس هو الخمس فقط مثل :
الملائكة والكتب والرسل والجنة والنار وعدد مخلوقات البر والبحر وكل ما يتعلق بها وعدد الورق والحب والرطب واليابس الذى يسقط وأين ومتى يسقط كما فى قوله تعالى
"وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين"
إذا نحن أما خرافة أسماها الناس المفاتح الخمس للغيب فالمفاتح عددها كثير والغريب أن من كتبوا فى الموضوع أصروا على التسمية رغم أنهم قالوا أن عدد الغيبيات أكثر كما فى قول ابن القيم الذى ذكره السحيم فقال " والعلم بعدد القطر وأمواج البحر وذرات الرمال ومساقط الاوراق وعدد الكواكب ومقاديرها ، وعلم ما فوق السموات وما تحت الثرى وما في لجج البحار وأقطار العالم وما يكنه الناس في صدورهم ، وما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ، إلى سائر ما عزب عنهم علمه"
وقد استهل السحيم كلامه بوجوب الإيمان بالغيب فقال :
"فإن الله تبارك وتعالى أثنى على الذين يؤمنون بالغيب ، وما ذلك إلا لأنهم آمنوا وصدقوا بما لم يروه من موعود الله ومن خبر رسوله (ص)
قال الله جل جلاله : ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون )
وبين السحيم نوعية الإيمان بالغيب النافع فقال :
"والإيمان بالغيب هو الذي ينفع صاحبه أما إذا عاين العبد ورأى رأي عين فإنه لا ينفعه الإيمان ، بل لا يكون إيمانا بالغيب كأن يعاين ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب عند الاحتضار ، فإن الإيمان حينئذ لا ينفعه لأنه آمن بما هو مشاهد فلا يكون إيمان بالغيب
قال الله : (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما )ولذا لما آمن فرعون عند معاينة الموت ومصارعة الغرق لم ينفعه إيمانه ، فقال لما أدركه الغرق : (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين)فقال الله جل جلاله : ( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون )يعني الآن تؤمن لما عاينت الهلاك فأين أنت وقت الإمهال وزمن قبول التوبة ؟
كما أنه لا ينفعه الإيمان حينما يدرك طلوع الشمس من مغربها ، لأنه آمن بشيء مشاهد قال الله تبارك وتعالى : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون )وقال رسول الله (ص): لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون ، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا متفق عليه وقال (ص) : ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض رواه مسلم"
وما استدل به السحيم من روايات عن إيمان الناس عند طلوع الشمس من مغربها والدجال إنما هو كلام مخالف لكلام الله وحتى الروايات الأخرى فالدجال يليه فى الروايات المهدى أو عودة عيسى(ص) المزعومة كما أن الله نفى هذا لأته لو بعث عيسى (ص) لبعث يحيى (ص) لأن القول تكرر فيها وهو " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا" و" وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا"
كما أن المحكى عن الشمس فى القرآن هو تكويرها كما قال تعالى "إذا الشمس كورت" ومن ثم تلاقيها مع القمر " بل يريد الإنسان ليفجر أمامه يسئل أيان يوم القيامة فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر"
والتلاقى لا يعنى أن الشمس تطلع وإنما تدمر نفسها والقمر
وقد بين السحيم أن الله ابتلى الناس ليعلم من يخافه بالغيب فقال:
" وقد يبتلي الله عباده ليعلم سبحانه من يخافه بالغيب ومن يعلم علم يقين أن الله مطلع عليه قال سبحانه : (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم )وقد وعد الله الذين يخشونه بالغيب بالمغفرة في الدنيا والأجر الكبير في الآخرة قال الله تعالى : ( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير )"
وبين الرجل عبر نقول من بطون الكتب ماهية علم الغيب فقال:
وأما علم الغيب فهو مما اختص الله به نفسه وحجبه عن عباده لمصلحتهم
قال ابن القيم وهو يبين العلم الممنوح للعباد والعلم الممنوع :قال : ثم منعهم سبحانه علم ما سوى ذلك [ أي علم ما سوى ما ينفعهم ] مما ليس في شأنهم ولا فيه مصلحة لهم ولا نشأتهم قابلة له ، كعلم الغيب وعلم ما كان وكل ما يكون ، والعلم بعدد القطر وأمواج البحر وذرات الرمال ومساقط الاوراق وعدد الكواكب ومقاديرها ، وعلم ما فوق السموات وما تحت الثرى وما في لجج البحار وأقطار العالم وما يكنه الناس في صدورهم ، وما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ، إلى سائر ما عزب عنهم علمه ، فمن تكلف معرفة ذلك فقد ظلم نفسه وبخس من التوفيق حظه ولم يحصل إلا على الجهل المركب والخيال الفاسد في أكثر أمره
وقال أيضا : ومن حكمته سبحانه ما منعهم من العلم علم الساعة ومعرفة آجالهم وفي ذلك من الحكمة البالغة مالا يحتاج إلى نظر فلو عرف الإنسان مقدار عمره فإن كان قصير العمر لم يتهنأ بالعيش وكيف يتهنأ به وهو يترقب الموت في ذلك الوقت فلولا طول الأمل لخربت الدنيا وأنما عمارتها بالآمال ، وإن كان طويل العمر وقد تحقق ذلك فهو واثق بالبقاء فلا يبالي بالانهماك في الشهوات والمعاصي وأنواع الفساد ويقول إذا قرب الوقت أحدثت توبة ، وهذا مذهب لا يرتضيه الله تعالى عز وجل من عباده ولا يقبله منهم ولا تصلح عليه أحوال العالم ولا يصلح العالم إلا على هذا الذي اقتضته حكمته وسبق في علمه ، فلو أن عبدا من عبيدك عمل على أن يسخطك أعواما ثم يرضيك ساعة واحدة إذا تيقن أنه صائر إليك لم تقبل منه ولم يفز لديك بما يفوز به من همه رضاك ، وكذا سنة الله عز وجل أن العبد إذا عاين الانتقال إلى الله تعالى لم ينفعه توبة ولا إقلاع
إلى أن قال : فبان أن من حكمة الله ونعمه على عباده أن ستر عنهم مقادير آجالهم ومبلغ أعمارهم ،فلا يزال الكيس يترقب الموت وقد وضعه بين عينيه فينكف عما يضره في معاده ويجتهد فيما ينفعه ويسر به عند القدوم "
وإن الله اختص نفسه بعلم خمسة أشياء ، فلا يعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب فمن ادعى علم شيء من هذه الخمس فقد أعظم الفرية ، وافترى على الله الكذب ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون )وهذه الخمس سماها الله عز وجل مفاتح الغيب : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )وكذلك سماها رسول الله (ص)كما في قوله (ص) : مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله رواه البخاري"
الرجل هنا يصر على أن الله سمى المفاتح خمس وهو قول لم يرد فى القرآن كما أن الآية التى تسمى المفاتح الخمس ليس بها لفظ المفاتح أو المفاتيح وهى ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير )
وهناك خلاف بين الرواية والآية فالرواية تقول ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله وهى تتكلم عن موعد المطر ولكن الآية تتكلم عن كون الله هو من ينزل الغيب فلم تتحدث الآية عن موعد نزول المطر
وبين السحيم أقوال القوم فى سبب تسمية المفاتح فقال:
"وإنما سميت مفاتيح الغيب لأنها مفاتيح لما بعدها كما ذكر العلماء
فقالوا :
قيام الساعة مفتاح لليوم الآخر
ونزول الغيث مفتاح لحياة الأرض
وعلم ما في الأرحام مفتاح لحياة المخلوقات
وما تدري نفس ماذا تكسب غدا مفتاح للأرزاق
وما تدري نفس بأي أرض تموت مفتاح للقيامة الصغرى لكل إنسان بحسبه
وهذه الخمس تعرف بالعلامات والأمارات والدلائل
كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال:كان رسول الله (ص)يوما بارزا للناس ، فأتاه رجل ، فقال :يا رسول الله ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث الآخر قال : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال : يا رسول الله ما الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك قال : يا رسول الله متى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربها فذاك من أشراطها ، وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها ، وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله ، ثم تلا رسول الله (ص): ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ) ثم أدبر ، فقال ردوه ، فلم يروا شيئا ، فقال : هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم رواه البخاري ومسلم "
بالقطع هذه الرواية بها عورات كثيرة فهى تفسر الإسلام تفسيرا ناقصا فتلاحظ أن الحج ليس من الإسلام لعدم ذكره كما أن الجهاد ليس منه فتعريف الإسلام ناقض الكثير ولو اكتفى من وضعوا الحديث بقولهم الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا لكان هذا التعريف كافيا لأن العبادة وهى عدم الشرك تعنى كل الأحكام وحتى تعريف الإيمان ناقص موضوع الكتاب وهو الإيمان بالغيب فليس مذكورا فيما يؤمن به المسلم
زد على هذا علامات الساعة المزعومة التى هى موجودة فى معظم العصور ومع هذا لم تقم القيامة حتى الآن
ثم ذكر كون الله عالم الغيب وحده وأن النبى(ص) نفى عن نقسه ذلك فقال:
"فالله سبحانه هو عالم الغيب والشهادة وقد وصف الله نفسه بذلك فقال تبارك وتعالى : ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون )وقال جل وعلا : ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فردا )وقال سبحانه : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا )وقال جل جلاله: ( ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين )وقال عز وجل لرسوله (ص): ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون )ولما قالت جارية : وفينا نبي يعلم ما في غد قال النبي (ص): لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين رواه البخاري وقالت عائشة : ثلاث من حدثكهن فقد كذب : من حدثك أن محمدا (ص)رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) وقرأت : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ، ثم قرأت : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا )ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ، ثم قرأت : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) الآية متفق عليه وفي رواية لمسلم قالت: ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية – وذكرت منهن - : ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول : ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله )ولما سئل النبي (ص)عن الساعة أمره الله عز وجل أن يقول : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون )ولما سأله جبريل متى الساعة ؟قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولما خسفت الشمس على عهد النبي (ص)قام النبي (ص) فزعا يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلى والحديث متفق عليه فإذا كان النبي (ص)لا يعلم متى الساعة فغيره من باب أولى بل إن ملكا من الملائكة العظام وهو إسرافيل الذي وكل بالنفخ في الصور لا يعلم متى يؤمر قال (ص) : كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وأحنى جبهته وأصغى سمعه ينظر متى يؤمر قال المسلمون : يا رسول الله فما نقول ؟ قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا رواه الإمام أحمد والترمذي وقال (ص): خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه قبض وفيه تقوم الساعة ما على الأرض من دابة إلا وهي تصبح يوم الجمعة مصيخة حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا بن آدم رواه الإمام أحمد وغيره وينزل الغيث فلا يعلم عدد قطر الأمطار ، ولا متى ينزل المطر إلا الله"
ثم بين اعتقاد المسلم فى المطر وهو أن المطر ينزل بأمره وبيس لمخلوق أد دخل فى نزوله فقال :
" ويجب على المسلم أن يعتقد جازما أن الغيث منة من الله سبحانه وتعالى ، فلا ينسب نزول الغيث إلى نجم ولا إلى نوء ولذا لما صلى برسول الله (ص)بأصحابه صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال :هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال : قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب رواه البخاري ومسلم والنجوم أو الكواكب أو غيرها من مخلوقات الله لا ينسب لها فعل ولا ترك بخلاف ما إذا كان ذلك للتوقيت لا لنسبة الأفعال إليها مثل قول بعض الناس : يالله بنو وما أشبه ذلك "
وتعرض السحيم لمسألة ما فى الأرحام فقال:
"ويعلم ما في الأرحام وهذه المسألة مما يشكل على بعض الناس فيظنون أن الطب اليوم توصل لمعرفة ما في الأرحام ، وليس الأمر كما ظنوا فالله عز وجل قال ( ويعلم ما في الأرحام ) فلفظ ( ما في الأرحام ) عام يشمل الإنس والجن والوحش ، وما في البحر من ذوات الأرحام ، والطيور ذوات الأرحام فلا يعلم جميع ما في هذه الأرحام إلا الله ، ولا يحيط بها إحاطة شاملة تامة إلا الله عز وجل ثم إنهم لا يعلمون ما في الأرحام إنما يحاولون ويتوقعون فيقولون بنسبة كذا ذكر وبنسبة كذا أنثى ، ثم قد تقع ما توقعوه وقد لا يقع كما قالوا
( إن هم إلا يظنون )ثم – ثالثا – لا يتكلمون عما في الأرحام إلا بعد ظهور علامات ، فهم كمن يتكلم عن الغيث بالعلامات الدالة عليه من غيم وسحاب أو كمن يتكلم عن الساعة بعلاماتها وأماراتها الدالة على قربها
ومهما أوتوا من علم فلن يستطيعوا معرفة أمرين :
الأول : جميع ما في الأرحام
والثاني : معرفة ما في الأرحام قبل أربعين يوم وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري أنه قال : سمعت رسول الله (ص)بأذني هاتين يقول : إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتسور عليها الملك فيقول يا رب أذكر أو أنثى ، فيجعله الله ذكرا أو أنثى ، ثم يقول يا رب أسوي أو غير سوي ، فيجعله الله سويا أو غير سوي ، ثم يقول يا رب ما رزقه ؟ ما أجله ؟ ما خلقه ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا
فهذا الملك علم بعد مضي أربعين يوما ، فإذا علم أحد بعده فلا يكون من علم الغيب المطلق وقال ابن مسعود رضي الله عنه : حدثنا رسول الله (ص)وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد الحديث رواه البخاري ومسلم"
الغريب فى أمر القوم أن كل منهم يفسر ما فى الأرحام على هواه ظنا منه أنه يدافع عن الإسلام مع أن الله فسرها بكونها موعد الحمل وموعد الولادة وهو لكل الكائنات فقال "الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد" وقال ""وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه"
فلا يمكن لأحد مهما أوتى من علم أن يحدد موعد حدوث الحمل بالثانية والدقيقة والساعة واليوم والشهر
ثم تكلم عن الكسب ومكان الموت وتعرض لمسائل عديدة لا علاقة لها بموضوع الكسب ومكان الموت فقال:
"وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت وهذه يمكن أن يعرف منها علامات وأمارات بأشياء يستبشر بها ولا يجزم بها ولا يعول عليها وقد ورد في تفسير قوله تعالى : ( لهم البشرى في الحياة الدنيا ) أنها الرؤيا الصالحة وقال (ص) : لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا : وما المبشرات قال : الرؤيا الصالحة رواه البخاري وفي الحديث الآخر : قالوا :يا رسول الله وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له رواه أحمد وغيره وقال (ص) : الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وأول ما بدىء به رسول الله (ص)من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ومن هذا الباب – أعني باب الرؤى – ما يقع لبعض الصالحين أنه يرى في المنام رؤيا فيقال له تلحق بنا – مثلا – بعد ثلاث ، وما أشبه ذلك أو أن يرى رؤيا فتأول على أنه يأتيه مال في يوم كذا أو بعد أسبوع أو شهر وما اشبه ذلك فكل هذا من الأشياء التي يستبشر بها ولا يعول عليها كما تقدم فهي مبشرات وقد روى ابن المبارك في كتاب الجهاد عن ثابت البناني أن فتى غزا زمانا وتعرض للشهادة فلم يصبها فحدث نفسه فقال: والله ما أراني إلا لو قفلت الى أهلي فتزوجت قال ثم قال في الفسطاط ( أي نام عند الظهيرة ) ثم أيقظه أصحابه لصلاة الظهر فبكى حتى خاف أصحابه أن يكون قد أصابه شيء ، فلما رأى ذلك قال إني ليس بي بأس ، ولكنه أتاني آت وأنا في المنام فقال : انطلق إلى زوجتك العيناء ( واسعة العين ) قال فقمت معه فانطلق بي في أرض بيضاء نقية ، فأتينا على روضة ما رأيت روضة قط أحسن منها ، فإذا فيها عشر جوار ما رأيت مثلهن قط ولا أحسن منهم ، فرجوت أن تكون إحداهن ، فقلت : أفيكن العيناء ؟ قلن : هي بين أيدينا ونحن جواريها قال : فمضيت مع صاحبي فإذا روضة أخرى يضعف حسنها على حسن التي تركت ، فيها عشرون جارية يضاعف حسنهن على حسن الجواري اللاتي خلفت ، فرجوت أن تكون إحداهن ، فقلت : أفيكن العيناء ؟ قلن : هي بين أيدينا ونحن جواريها حتى ذكر ثلاثين جارية قال : ثم انتهيت الى قبة من ياقوتة حمراء مجوفة قد أضاء لها ما حولها ، فقال لي صاحبي : ادخل فدخلت ، فإذا امرأة ليس للقبة معها ضوء ، فجلست فتحدثت ساعة فجعلت تحدثني فقال صاحبي : اخرج انطلق قال : ولا أستطيع أن أعصيه قال : فقمت فأخذت بطرف ردائي فقالت أفطر عندنا الليلة ، فلما أيقظتموني رأيت إنما هو حلم ، فبكيت ف، لم يلبثوا أن نودي في الخيل قال : فركب الناس فما زالوا يتطاردون حتى إذا غابت الشمس وحل للصائم الإفطار أصيب تلك الساعة وكان صائما فهذا من هذا الباب لا أنه يجزم له بالموت تلك الساعة وذلك اليوم في ذلك المكان
وكم تعرض سيف الله المسلول خالد بن الوليد للقتل ولم يقتل بل مات على فراشهولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها كما قال (ص) ومما يلحق بهذا الباب – أعني باب علم الغيب – ما يدعيه بعض الناس من علم النجوم ، وما يسمونه بالأبراج ، وما يتعلق بذلك مما يزعمونه من غنى أو فقر أو مرض وهذه كلها من أمور الجاهلية كما في قوله (ص): أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة رواه مسلم
وقال ابن عباس : خلال من خلال الجاهلية : الطعن في الأنساب ، والنياحة والاستسقاء بالأنواء كما في صحيح البخاري قال قتادة رحمه الله تعالى : إن الله تبارك وتعالى خلق هذه النجوم لثلاث خصال جعلها زينة السماء ، وجعلها يهتدي بها ، وجعلها رجوما للشياطين ، فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه ، وتكلف ما لا علم له به وإن ناسا جهلة بأمر الله تعالى قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة من غرس بنجم كذا وكذا كان كذا ، و من ولد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ولعمري ما من نجم إلا يولد به القصير والطويل والأحمر والأبيض والحسن والدميم ، وما علم هذه النجوم وهذه الدابة وهذه الطير شيئا من الغيب ولعمري لو أن أحدا علم الغيب لعلم آدم الذي خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه الجنة يأكل منها رغدا حيث شاء ونهي عن شجرة واحدة فلم يزل به البلاء حتى وقع بما نهي عنه ، ولو كان أحد يعلم الغيب لعلم الجن حيث مات سليمان بن داود عليهما السلام فلبثت تعمل حولا في أشد العذاب وأشد الهوان لا يشعرون بموته فما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل من منسأته أي نأكل عصاه ، فلما خر تبينت الجن أن لو كانت الجن تعلم الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ، وكانت الجن تقول مثل ذلك : إنها كانت تعلم الغيب ، وتعلم ما في غد ، فابتلاهم الله عز وجل بذلك ، وجعل موت نبي الله (ص) للجن عظة ، وللناس عبرة اهـ وقد كان سلف هذه الأمة ينهون عن تعلم علم النجوم لأنه يدعوا إلى الكهانة والسحر والشعوذة ، وربما نسب إليها شيء من الأفعال ولذا قال (ص) : من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح وقال ابن عباس لمولاه كريب : يا غلام إياك والنظر في النجوم فإنه يدعو إلى الكهانة وإذا علم أيضا أن النفع والضر بيد الله لم يلجأ إلا إلى الله ، ولم يطلب الشفاء إلا من الله ، وهو مع ذلك مأمور بفعل الأسباب المباحة
وهاهنا مسألة وهي أن بعض الناس عبد لله في الرخاء ، وأما في الشدة فإنه ينسى ربه بخلاف المشركين الأوائل الذين إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ، وبخلاف من وصفه الله بقوله : ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون )
فإذا أصابته مصيبة من مس أو سحر أو عين لجأ إلى السحرةو والكهان والمشعوذين وحال بعض الناس إذا أصيب بشيء مما تقدم كحال تلك المرأة التي مر بها النبي (ص)وهي تبكي عند قبر ، فقال : اتقي الله واصبري قالت : إليك عني ،فإنك لم تصب بمصيبتي ، ولم تعرفه فقيل لها إنه النبي (ص)، فأتت باب النبي (ص)فلم تجد عنده بوابين ، فقالت لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة الأولى متفق عليه والإتيان إلى السحرة والعرافين والكهان الذين يدعون أنهم يعلمون الغيب فيه خطورة على دين المسلم وقد حذر النبي (ص)من مجرد سؤال هؤلاء لما يحدثون في دين الناس من لبس وخداع فقال (ص) : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة رواه مسلم
وفي الحديث الآخر قال (ص) : من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (ص) رواه الإمام أحمد وغيره
وقال (ص): من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى امرأته في دبرها فقد برئ مما أنزل الله على محمد (ص) رواه الإمام أحمد وغيره والكاهن هو الذي تخدمه الشياطين فيخبرونه بالمغيبات وبما يسترقون من السمع فيضيف إلى نلك الكلمة الواحدة التي استرقتها الشياطين مائة كذبة حتى يلبس على الناس وقد سأل أناس رسول الله (ص)عن الكهان ، فقال لهم رسول الله (ص)ليسوا بشيء قالوا : يا رسول الله فإنهم يحدثون أحيانا الشيء يكون حقا قال رسول الله (ص): تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة رواه البخاري ومسلم والعراف : قيل هو الكاهن ، وهو الذي يخبر عن المستقبل وقيل اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يستدل على معرفة الغيب بمقدمات يستعملها
وتصديق هؤلاء الكهان والعرافين والمنجمين وغيرهم من الدجاجلة الأفاكين يكون كفرا بالله من وجهين :
1 – تصديقهم بما يقولون وبما يدعون من كذب وافتراء أنهم يعلمون شئيا من الغيب
2- عمل ما به شرك من ذبح أو تقرب أو إراقة ماء أو لبن في مكان معين دون ذكر اسم الله ونحو ذلك"
وما سبق من كلام هو مجرد توسيع للكلام دون فائدة فى الموضوع فلم يتكلم الرجل عن علم الناس بما يكسبون فى الغد ولا علم عن علمهم بمكان الموت وذكر روايات كثيرة عن الأبراج والنجوم وغيرها وكان المفترض أن يحكى مثلا فى حكاية مكان الموت رواية سليمان(ص) والهارب من الموت الذى تعجب ملك الموت من وجوده فى مكان غير مكان موته قبل لحظات من موته وخاف من سيموت من ملك الموت فطلب من سليمان أن ينقله للمكان الذى سيموت فيه ظنا منه أنه بن يموت هناك وبالفعل نقله سليمان (ص)بالريح لمكان موته كما تقول الرواية
وكالعادة تعرض السحيم لمسألة أخرى لا علاقة لها بالخمس وهى السحر فذكرها فى عدة صفحات فقال:
"والسحر يعتمد ويقوم على ثلاثة أركان :
الكفر بالله – الكذب – الاستعانة بشياطين الجن ويستخدم السحر لترويج الباطل ، كما في قصة فرعون ومحاولة تضليل الناس وصدهم عن الحق بما كان يتعاطاه من السحر وتوظيف السحرة لصالح إفكه وما يفتريه وكما في قصة أصحاب الأخدود ، فقد روى الإمام مسلم من حديث صهيب أن رسول الله (ص)قال : كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت ، فأبعث إلي غلاما أعلمه السحر في قصة طويلة والسحر بضاعة يهودية ولذا حاولت يهود أن تسحر النبي (ص)سحره رجل من اليهود ، ومع ذلك صبر النبي (ص)حتى إنه ليخيل إليه أن يأتي الأمر وهو لم يأته ولم يكن لهذا السحر تأثير على تبليغه (ص)لدين الله تعالى
قالت عائشة : سحر رسول الله رجل من يهود يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله(ص)يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله حتى إذا كان ذات يوم وذات ليلة دعا رسول الله(ص)ثم دعا ثم دعا ثم قال : يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر ثم رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي والذي عند رجلي للذي عند رأسي ما وجع الرجل ؟ قال : مطبوب قال : من طبه قال لبيد بن الأعصم قال : في أي شيء ؟ قال في مشط ومشاطة وجب طلعة ذكر قال فأين هو ؟ قال : في بئر ذي أروان ، قالت : فأتاها رسول الله (ص)في أناس من أصحابه ثم قال : يا عائشة والله لكأن ماءها نقاعة الحناء ، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين قالت فقلت : يا رسول الله أفلا أحرقته ؟ قال : لا أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرا فأمرت بها فدفنت رواه البخاري ومسلم
قال الله عز وجل : ( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون )قال القرطبي : هذا إخبار من الله تعالى عن الطائفة الذين نبذوا الكتاب بانهم اتبعوا السحر أيضا وهم اليهود وكذا قال ابن جرير الطبري والساحر حده ضربة بالسيف ، ولا يستتاب ، ولذا أمر عمر رضي الله عنه بقتل كل ساحر وساحرة وذلك لعظيم خطر الساحر وشره ، وأنه كافر بالله العظيم
قال بجالة بن عبدة : أتانا كتاب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة قال فقتلنا ثلاث سواحر رواه أحمد وغيره وقد قتلت حفصة جارية لها سحرتها وقتل جندب الخير ساحرا كان يدعي أنه يحيي الموتى ، فقال بعد أن قتله : ليحيي نفسه إن كان صادقا "
وكان عليه أن يكتفى بذكر ما قاله فى الفقرة التالية عن ادعاء السحرة والكهان معرفتهم بالغيب وهو :
"وهم يدعون علم الغيب أعني السحرة والكهان والعرافين والمشعوذين ويلبسون على الناس الأمر كما تقدم من أنهم يسمعون الكلمة الواحدة فيزيدون عليها مائة كذبة فلا يأتي إلى هؤلاء ويطلب العلاج عندهم إلا من قل حظه ونصيبه من الإيمان ومن الناس من إذا ابتلي ذهب إلى السحرة والكهان والعرافين والمشعوذين يلتمس عندهم الشفاء ، وما يدري أنه يذهب دينه بذهابه إليهم "
وكالعادة تحدث السحيم فى موضوع الابترء مبتعدا عن فواتح الغيب فقال :
"بل قد يذهب دينه ودنياه والله عز وجل لا يبتلي عباده عبثا ، بل يبتلي عباده لحكم عظيمة ، منها :
أن الابتلاء سنة ربانية ، وامتحان ، فكل هذه الحياة امتحان وابتلاء ، ليعلم الله من يطيعه ورسله بالغيب ، ومن يصبر على بلاء مولاه ممن يتسخط الأقدار ، ولا يرضى بما قسم الله له ...."
وبين الرجل حكاية عدم علم الجن بالغيب فقال:
"ومما يدل على ضعف السحرة والكهان والعرفين أنهم يستعينون بالضعفاء ، وهم الجن والجن لا يعلمون الغيب ومما يدل على ضعف الجن أن الله سخر الجن لسليمان (ص) ، فلما مات بقي سنة كاملة وهو متكئ على عصاه والجن مسخرة تخدمه ولا يعلمون أنه قد مات إلا بعد أن أكلت دابة الأرض ( الأرضة ) من عصاه فلما انكسر العصا خر سليمان فعلت الجن وتبين لهم أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين كما قص الله تبارك وتعالى ذلك في كتابه فقال : ( ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )فعلمت الإنس وتبين أمر الجن الذين كانوا يدعون علم الغيب أنهم لا يعلمون شيئا حتى مما يقع أمامهم وعلى مرأى ومسمع فهم أذل وأحقر من أن يعلموا الغيب أو أن يملكوا ضرا أو نفعا "
وكعادة السحيم فى الاستطراد ذكر كلاما لا علاقة له بموضوع الغيب حيث ذكر سحرة فرعون ولم يكونوا يدعوم الغيب فقال:
"وتأمل حال سحرة فرعون ، كيف جمعوا كل ما استطاعوا إليه سبيلا ، وطلبوا من موسى (ص) الانتظار ( أرجه وأخاه ) حتى يجمعوا كل ما يستطيعون من سحرهم وكيدهم ، ولكن الأمر كما ذكر الله عز وجل ( ولا يفلح الساحر حيث أتى ) فجمعوا كيدهم وصفوا صفوفهم ، وألقوا حبالهم وعصيهم وارهبوا الناس وجاءوا بسحر عظيم كما وصفه الله ..."
وأدخلنا السحيم فى استطراده فى موضوع لا علاقة له بالغيب وهو علاج الصرع والرقى والأدعية فقال:

"وإذا كانوا صادقين – أعني السحرة والمشعوذين والعرافين والكهان ومن يدعون علم الغيب فليخبرونا بما سيكون ، لأنهم لا يخبرون غالبا إلا بما كان ، وهذا ليس من علم الغيب ومما يدل على ضعفهم أيضا أنهم لا يستطيعون أن يعملوا السحر إلا بأخذ أثر من آثار من يريدون أن يعملوا له السحر كما أنهم لا يستطيعون أن يسحروا من تحصن بالأذكار والأوراد الشرعية
قال ابن القيم : وبالذكر يصرع العبد الشيطان ، كما يصرع الشيطان أهل الغفلة ... ، ولا يأتي إلى السحرة ليفكوا عنه السحر بسحر مثله ، فإن من الناس من يظن ظنا خاطئا ويعتقد اعتقادا باطلا وهو أنه لا يفك السحر إلا ساحر وهذا غير صحيح لا من جهة النقل ونصوص الكتاب والسنة ولا من جهة العقل والتجربة والإنسان إذا أتى هؤلاء السحرة والعرافين والكهان فإما أن يصدقهم وإما ألا يصدقهم
فإن صدقهم كفر بالله كما تقدم ، وإن لم يصدقهم لم تقبل له صلاة أربعين يوما
ولكن عليه بعد تقوى الله والإنابة إليه والتوبة من مظالم العباد عليه بالصدقة لقوله (ص)
ثم عليه بالرقية والقراءة والعزيمة الشرعية
وللقراءة شروط :
1 – أن تكون بالقرآن والسنة والأدعية المعروفة
2 – أن تكون بلسان عربي مبين مفهوم
3 – أن لا يعتقد أن النفع من القاريء أو من القراءة نفسها ، .. وأن يقول إذا نزل منزلا أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق والمحافظة على الوضوء وقراءة آية الكرسي عند النوم وكذلك آخر آيتين من البقرة كثرة ذكر الله ، والابتعاد عن الغفلة إنما يعتمدون على التمتمات والطلاسم التي لا تفهم ، والخرز والتعلق بغير الله "
الملاحظ على الكتاب انه لم يتناول الموضوع الأساسى للمحاضرة أو الكتاب إلا فى حوالى ثلث الكتاب بينما بقية الكتاب وقد حذفت عدة صفحات منه مجرد استطرادات ودخول فى موضوعات لا علاقة بموضوع الكتاب والغريب انه لم يتناول المفتاح الخامس وهو علم الساعة بكلام من عنده بينما تناول المفاتيح الأربعة

اجمالي القراءات 2842