اتهامات بإساءته للمسيحيين ورفض مصافحة نانسي عجرم
أبو تريكة: احترم الأقباط ولم أسع لإسلام جوزيه ولا أحرم الغناء

في الأربعاء ٠٩ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

قال نجم المنتخب المصري ونادي الأهلي محمد أبو تريكة إنه لا يسعى لاعتناق مدربه البرتغالي "المسيحي" مانويل جوزيه للاسلام، ولم يقل إنه يتمنى ذلك بل يحترم تدينه وديانته ويقدر له احترامه هو الآخر لتدين لاعبيه والتزامهم بأداء الفرائض.

ونفى أنه شبه الفوز على منتخب كوت ديفوار في كأس الأمم الإفريقية الماضية بغزوة بدر، أو أنه يحرم الغناء ويرفضه، مؤكدا اعتزازه بجميع جماهيره الأقباط بوصفهم جزءا لا يتجزأ من وطنه وجماهيره الكروية.

وشدد على أنه مجرد لاعب كرة، ويمارس عباداته كمسلم عادي، فهو ليس متصوفا أو درويشا أو منتميا لأي تيار ديني، وأن المسألة الدينية لا علاقة لها بعدم احترافه في إحدى الدوريات الأوروبية، مرجعا ذلك لرغبة ناديه.

وقال إن حديثه في ندوة مؤخرا عن روح الإيمان التي سادت لاعبي المنتخب خلال بطولة الأمم الإفريقية، لا تقلل من شأن المسيحيين، وإنما تشير إلى أهمية التزام لاعب الكرة وتدينه.

وأشار في هذا الصدد إلى أن اللاعبين في الدوريات الغربية والمحترفين الأجانب في الدوري المصري يشيرون عند تسجيلهم للأهداف باشارات دينية، وهذا لا يعتبر إساءة للآخرين.

وردا على مزاعم وصفته "بالدروشة" قال إنه مسلم عادي وليس متصوفا ولا ينتمي لأي تيار ويعرف جيدا دوره كلاعب كرة. واعتبر عدم مصافحته للمطربة اللبنانية نانسي عجرم أثناء حفل لتكريم المنتخب المصري الفائز ببطولة الأمم الإفريقية في غانا مؤخرا، بمثابة شأن خاص به لا يهم غيره، مؤكدا أنه لم ينسحب عندما بدأت بالغناء ولم يقصد ذلك، وإنما غادر تلقائيا بعد أن انتهت مراسم الحفل.

كان أبو تريكة يرد على مقال للقس د.أكرام لمعي نائب رئيس الطائفة الانجيلية في مصر بجريدة "روز اليوسف" يوم الاثنين 7-4-2008 انتقده فيه على الخلط بين دوره كلاعب كرة ودور الداعية الإسلامي، وذلك أثناء حديثه في ندوة "حماية" للوقاية من المخدرات التي نظمها الداعية عمرو خالد في ساقية الصاوي بالقاهرة في 1 -4 -2008، وكذلك على مقال للصحافية اقبال بركة بجريدة الدستور في وقت سابق انتقدته على انسحابه من حفل غنت فيه نانسي عجرم.


الأقباط وأبو تريكة

وفي تصريحات لـ"العربية.نت" قال القس د. أكرام لمعي نائب رئيس الطائفة الانجيلية بمصر واستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الانجيلي، إن تمني أبو تريكة اعتناق مدربه جوزيه للإسلام وقوله إنه مسلم الأخلاق والضمير، وارجاع الانتصارات الكروية لمنظور ديني إسلامي فقط، يؤذي مشاعر مشجعيه من الأقباط.

وأضاف أن ملايين من مشجعي الكرة في مصر الذين يحبون أبو تريكة يدينون بالمسيحية، وتسعدهم أهدافه والبطولات التي يساهم فيها سواء مع ناديه الأهلي أو مع المنتخب الوطني.

وتابع أن كرة القدم هي أبسط نشاط يمكن أن يجتمع عليه مسلمو وأقباط مصر بدون حساسيات طائفية أو فروق دينية.

وأخذ القس لمعي الذي تولى في وقت سابق رئاسة الأقباط الانجيليين المصريين، على أبو تريكة أنه وصف خلال الندوة، المباراة التي جمعت منتخبي مصر وكوت ديفوار في غانا، بغزوة بدر. وانتهت هذه المباراة بفوز المصريين بأربعة أهداف لهدف واحد وصعودهم للمباراة النهائية.

وتساءل: كيف نهين المعنى الديني والرمزي لهذه الغزوة الكبرى في تاريخ الإسلام بتشبيهها بمباراة كرة قدم، ولماذا تجاهل أبو تريكة أن كوت ديفوار يقطنها مسلمون كثيرون، وأن بعض نجوم الفريق المنافس كانوا مسلمين؟.


لاعب وليس داعية

واستغرب القس أكرم لمعي أن يتحول لاعب لا يزال يمارس الكرة ويجتمع على حبه وتشجيعه المسلمون والمسيحيون، إلى داعية يربط انتصارات كرة القدم بالشعائر الإسلامية وقراءة القرآن الكريم وأداء فروض الصلاة.

وقال إن أبو تريكة تحدث عن طقوس المنتخب الدينية خلال بطولة الأمم الأفريقية بغانا وركز عليها، مؤكدا أنها كانت سبب الانتصارات المتوالية، علما أن هذه الانتصارات جمعت كل الشعب المصري بغض النظر عن كون هذا مسلما وذاك مسيحيا، فالمنتخب كان يلعب باسم مصر وكل المصريين.

وعلق مضيفا "أبو تريكة لاعب كرة قدم فقط وليس داعية. اللمسات الدينية والأخلاقية يجب أن تكون موجودة في أي إنسان وتحكم تصرفاته، لكن لا يجب ربطها بنتائج مباريات كرة ننهزم فيها كثيرا، فمنتخب مصر ليس بطل العالم، ولم يصل للمونديال طوال تاريخه سوى مرتين فقط، في حين أن إيطاليا وهي دولة مسيحية حصلت على بطولة كأس العالم الأخيرة، والارجنتين المصنفة الأفضل دوليا في الوقت الحالي".

وتابع القس اكرام لمعي "في المباريات تحدث من اللاعبين سلوكيات غير مقبولة، ومن ثم يصبح من المستهجن ربطها بالعوامل الدينية لأن في ذلك إهانة لأي دين".

وضرب مثلا أن "أبو تريكة نفسه يتعمد السقوط أحيانا للحصول على ضربات جزاء يسجل منها".

واستنكر القس اكرام لمعي أيضا قول أبو تريكة في الندوة نفسها إن مديره الفني في الأهلي مانويل جوزيه "المسيحي" مسلم الأخلاق والضمير وأنه يتمنى اعتناقه الإسلام.


خلط للأوراق

وقال: أنا أحب أبو تريكة جدا كلاعب كبير، لكن ما قاله نوع من "الدروشة" لا علاقة لها بهذه اللعبة أو بنتائج الأنشطة الحياتية التي تقوم على ما يبذله الإنسان من جهد، ويساعده الإيمان على الإخلاص في عمله.

وتابع القس اكرام لمعي "عندما يتكاسل الإنسان مكتفيا بأداء العبادة منتظرا النجاح من الله، فهذا عمل ضد الإيمان وليس معه. وحتى الذين لا يعرفون الله نهائيا لكنهم يجتهدون في عملهم فإنه يجازيهم عليه لأن هذه هي عدالته في الدنيا، وفي الآخرة يحاسبهم على أمورهم الدينية".

واستطرد "لا يوجد ما يسمى بأخلاق مسلمين أو أخلاق مسيحيين. إذا رأيت البوذيين في جنوب شرق آسيا ستجد أخلاقهم فاضلة رغم أنهم لا يعبدون الله. ما يعنينا هي الأخلاقيات الإنسانية وهي ما تميز شخصا عن آخر".

وقال القس لمعي "هذا ليس مطلوبا من أبو تريكة أبدا، فهو لاعب تفوق بموهبته وجهده، فلماذا يخلط الأوراق بعضها ببعض. الرياضة مثل الفن والأدب والرياضيات، كلها أنشطة تختلف عن الايمان الكائن في الضمير، الذي يساعد في الجوانب السلوكية كأن لا اتعاطى المنشطات لأفوز، وهو يمثل هنا الابتعاد عن الغش مخافة الله".

وقال إن "ما يفعله أبو تريكة يمثل نموذجا لكثير من الشباب في مصر، وهو الاغراق في الغيبيات للابتعاد عن مواجهة الواقع وتعلم العلوم الحديثة واللغات الأجنبية والمهارات".

واستطرد "اللاعب نفسه يرفض الاحتراف الخارجي لأنه سيرتب عليه مسؤوليات لا يستطيع تحملها، مثل الخضوع لنظام احترافي صارم والمعيشة في وسط اجتماعي يصبح من ضمن الأقلية فيه، مما يفرض عليه قبول الآخر".


أبو تريكة: حرفوا كلامي

ونسبت وسائل الإعلام لمحمد أبو تريكة أنه أجاب في ندوة "حماية" لمقاومة المخدرات عن سؤال حول أثر فوز المنتخب على الشعب المصري ببطولة إفريقيا بقوله "يكفي أن تدخل السرور على قلب أخيك المسلم". ثم تحدث عن البرنامج اليومي خلال دورة غانا أنه كان يبدأ بصلاة الفجر ثم التدريب وقراءة القرآن الكريم بعد صلاة العشاء.

وأضاف أن الروح بين اللاعبين في غانا خلال البطولة كانت مثل الروح بين المهاجرين والأنصار (عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إلى المدينة المنورة فرارا من عداء سكان مكة لدعوته).

وقال ابو تريكة لـ"العربية نت": لم أقل إننى أتمنى اسلام مانويل جوزيه، لقد حدث تحريف لكلامي عن القصد والمعنى. ما قلته إننا كلاعبين نحترمه ونقدر له تقديره لمشاعرنا الدينية الإسلامية، فحينما طلبنا منه مثلا تغيير موعد التدريب فى نهار رمضان نظرا لصيامنا، احترم هذه الرغبة، وعندما طلبنا منه تأخير التدريب إلى ما بعد صلاة التراويح استجاب لطلبنا.


نحترم تدين جوزيه

وتابع "جوزيه يرفض أن يأكل أو يشرب فى نهار رمضان أمامنا، فهو شخص مثالى فى احترام دين الآخرين. ونحن كذلك نحترم تدينه أيا كانت ديانته، ولم أتمنى اطلاقا أسلمته، وإلا كان من باب أولى جعلى الزميلين في الفريق جلبرتو وفلافيو يعتنقان الإسلام، لكن هذا ليس فى خطابى، وليس من مفرداتى فى التعامل مع الآخر".

وأضاف أبو تريكة "التقاط أحاديث لى وتجزئتها من مجمل الكلام هو الذى يصنع أخطاء هؤلاء الناس فى تصيدها لما أقول".

وعن اتهامه بإثارة النزعة الطائفية بين المسلمين والمسيحين شدد على "أن فصل العبارات من سياق معناها هو الذى يصنع الفتنة الطائفية و لست أنا. اللاعبون الأوروبيون حينما يسجلون أهدافا يقومون بالصلاة فى الملاعب برسم الصلبان على صدورهم، فلماذا لا يعلق هؤلاء المنتقدون لسلوكياتى فى الملاعب على هذه المظاهر أيضا".

واستطرد: أيا كانت الصلاة بالنسبة للمسلم أو المسيحى فى الملاعب، فهى مجرد تعبير عن الشكر وليست مسألة دينية أو نزعة طائفية.. فهل شكر الله على نعمة الفوز حرام؟..

وردا على ما أثاره القس اكرام لمعي عن مسألة احترافه وارتباطها بالتدين قال ابو تريكة: كانت هناك أكثر من فرصة لى للاحتراف و لم تمنعنى المسألة الدينية من ذلك، ولكنى احترمت رغبة النادي في البقاء، وقد طلبت موافقته أولا على احترافي".

وأكد أبو تريكة أنه لم يقل إن الفوز على كوت ديفوار كان بمثابة غزوة بدر، وكل ما قاله إننا حققنا نصرا يستلزم أن نشكر الله عليه.

وأثار أبو تريكة جدلا عالميا أثناء بطولة الأمم الإفريقية في غانا التي انتهت في 10 فبراير الماضي بفوز المنتخب المصري على الكاميرون في المباراة النهائية بهدف وحيد سجله اللاعب نفسه، فقد اكتسب تعاطف الكثيرين من العرب والمسلمين عندما كشف عن قميص يحمل عبارة التضامن مع غزة أثناء حصارها بعد إحرازه هدفا في مباراة السودان.

كما أنه تعرض لانتقادات العديدين وتردد أن ضغوطا مورست على الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لايقافه لاعتبار ذلك من الشعارات السياسية الممنوعة في مباريات كرة القدم، لكن الاتحاد اكتفى بتحذيره استجابة لمئات من رسائل التضامن معه.


مصافحة نانسي عجرم

وينتقد علمانيون في مصر أبو تريكة بسبب التزامه الديني الذي ينعكس على سلوكياته. ومؤخرا هاجمته الكاتبة المعروفة اقبال بركة في جريدة "الدستور" اليومية المستقلة بسبب خروجه من حفل تكريم المنتخب الوطني الذي حضره كبار المسؤولين ونجلا الرئيس مبارك (علاء وجمال) واتهمته أنه فعل ذلك ليتفادى الاستماع لغناء المطربة نانسي عجرم التي كانت ستبدأ فقرتها بعد انتهاء مراسم التكريم.

وتساءلت الكاتبة "لماذا انسحب أبو تريكة من الحفل.. هل لأنه لا يحب نانسي عجرم بالذات.. أم لأنه لا يحب الغناء بشكل عام.. وهل أبو تريكة لا يحب الغناء لأنه محروم من حاسة التذوق الفني.. أم لأن الغناء حرام وطبعا الموسيقى حرام والفن كله بالمرة حرام ؟".

وأضافت بركة "هل وصلنا الى هذا الحد من الجليطة و قلة الذوق لدرجة ان ننسحب من حفل تكريمنا لأن فنانة محبوبة ولها شعبية كبيرة جاءت من بلدها خصيصا لتجاملنا وتغني ابتهاجا بفوزنا".

واعتبرت أن "ما فعله ابو تريكة لا يضيف الى رصيده عند الناس مستشهدة أن ملايين العرب يدفعون أموالا ضخمة في الفيديو كليبات وتذاكر حفلات المطربين".

وقالت إن "مثل هذه الأفعال تدخل في إطار الدروشة التي لا محل لها في ديننا الحنيف". واتهمته أنه يفتعل هذه الحركات ليلفت اليه الانظار ويحفز البعض للكتابة عنه بلا انقطاع".


أرفض ملاحقتي بتفسيرات خاطئة

ووصل الجدل حول أبو تريكة ساحة الدعاة الاسلاميين، حيث اشاد الداعية خالد الراشد بموقف ابو تريكة فى الحفل، وخصص احدى فقرات برنامجه "فضفضة" بقناة الناس الدينية الفضائية للحديث عنه.

وقال "لفت نظري هذا الموقف واستوقفني أيضا الهجوم عليه من الكاتبة اقبال بركة. رغم أننى لا أعرف عن أبو تريكة سوى أنه لاعب كرة قدم وليس لي به أي علاقة، إلا أن الهجوم الذي تعرض له دفعني للتساؤل لماذا نستنكر على الرجل كونه لا يحب الغناء أو لا يريد السلام على المطربات.. هل نرغمه على ذلك؟.. أليس هذا تدخلا في الحياة الخاصة للناس ويتعارض مع الحرية التي يتشدقون بها".

من جانبه رد أبو تريكة في تصريحاته لـ"العربية.نت" على ذلك بقوله "لقد حضرت حفل التكريم وشاركت الجماهير فرحتهم. أما أن أصافح أحدا أولا اصافح فهذا شأن خاص بي لا دخل لأحد فيه. وانا لم اغادر حفل التكريم بسبب غناء نانسي عجرم او غيرها فقد انتهت مراسم الاحتفال وبالتالي لم يعد من الواجب الاستمرار حتى سماع الغناء وهذا ليس معناه أننى ارفض الغناء، ولا أفكر في ذلك على الاطلاق كل ما يشغلني هو التدريب ولعب الكرة".

وأضاف ابو تريكة "أنا لا أحتاج إلى لفت الأنظار كما زعمت الكاتبة ولست مسؤولا عن التفسيرات الخاطئة لأي تصرف أقوم به، وأرفض ملاحقتي على هذه التصرفات التي لا تضر أحدا، ولا تتسبب في جرح مشاعر أحد ولست درويشا كما قلت سابقا واكرر لست صوفيا ولا أنتمي لأي توجه ديني أنا مجرد مسلم عادي".

اجمالي القراءات 4196