لم تعد قضية الاعتقال الثالث للكاتب رضا عبد الرحمن ، بل قضية مصر التي تدخل دائرة العنف .!
لم يعد الوعظ بالقرآن مُجديا .. لذا فالسكوت أفضل

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٥ - سبتمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

لم يعد الوعظ بالقرآن مُجديا .. لذا فالسكوت أفضل

لم تعد قضية الاعتقال الثالث للكاتب رضا عبد الرحمن ، بل قضية مصر التي تدخل دائرة العنف .!

أولا :

1 ـ الذى يعظ بالقرآن يعرف حدوده ، إذا تبيّن له عدم الجدوى من وعظه فعليه أن يسكت ، فقد أدّى واجبه ، ولا يتبقى عليه إلا أن ينتظر الحكم عليه وعلى خصومه يوم الحساب ، أي يلزم نفسه بالابتعاد عن الضالين ملتزما قوله جل وعلا للمؤمنين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) المائدة  )

2 ـ وقد قالها جل وعلا لرسوله الكريم : ( مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) طه  )، أي لا يُشقى نفسه بعدم هدايتهم ، بعد الدعوة العلنية سيأتى اليه من يخشى ، أي الباحث عن الهداية ، فعليه أن يُذكّره هو فقط دون غيره . وهو نفس المعنى في قوله جل وعلا للرسول الكريم : ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45) ق )، أي التذكير بالقرآن هو فقط لمن يخشى الوعيد ، وبالتالي فالتذكير إذا كان مجديا فهو واجب ، إن لم يكن نافعا فلا فائدة منه ولا لزوم له ، قال جل وعلا للرسول الكريم : ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى (9) الأعلى  ).

3 ـ ولقد وعظنا كثيرا في موضوع الظلم الواقع للمرة الثالثة على الكاتب الاسلامى رضا عبد الرحمن ، وصار واضحا أنه لا فائدة ، لذا يتعيّن علينا أن نفوّض أمرنا الى الله جل وعلا ، وقد قالها قبلنا مؤمن آل فرعون لقومه:( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)غافر).  وهو جل وعلا  كما قال عن ذاته : (  وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) آل عمران ) ( وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (95) المائدة ) ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) إبراهيم ) ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) الزمر). ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227) الشعراء )   

ثانيا :

1 ـ لم تعد قضية فرد واحد مظلوم مسجون بل قضية وطن وشعب يدخل اليوم دائرة العنف .

2 ـ نحن نؤمن بالسلام والحلول السلمية وحقن الدماء ، و هذا خطابنا الاصلاحى السياسى ، ولكن لا فائدة ، بل مكافأتنا عليه هو الاضطهاد وموجات الاعتقال . هذا يذكّرنا بأول حرب أهلية بين الصحابة ( موقعة الجمل ) ، تواجهوا ، وقبل إندلاع القتال وقف رجل يعظ الفريقين بالقرآن فأصابه سهم فقتله . نحن هذا الرجل .!

3 ـ النظام العسكرى الحالي لا يؤمن  بالحلول الوسط ، بل بما يمكن تسميته بالمعادلة الصفرية : إما أنا وإمّا هم . ليس هذا في قاموس السياسة التي تدور في مناطق رمادية وتبادل المنافع والمحادثات والمفاوضات .

4 ـ  بهذه العقلية يستعمل القوة المفرطة ضد الشعب المقهور ، وهذا قد يُسكته مرة أو مرّات ، ولكن مع تفاقم الأوضاع والانهيار الاقتصادى القادم وعدم وجود أُفُق سياسى بل مجرد القمع فإن الشعب سيواصل إنتفاضاته ، وستتوسّع ، لتكون ثورات عامة ومتفرقة ومتوالية وبلا قيادات ، أي فوضى ، والمنوط بهم مواجهة هذه الانتفاضات لن يصمدوا الى النهاية دفاعا عن شخص وبضعة جنرالات مترفين ، قد ينضمون الى الثوّار ، وقد يوجّهون سلاحهم الى زملائهم في السلاح ، وتحدث حرب أهلية ، وفيها تظهر قيادات أشبه بقُطّاع الطُّرّق . وتدخل مصر في مستنقع الدماء . وهو حال يجعل من يموت اليوم أفضل ممّن يموت غدا ، فمن يموت اليوم سيجد من يكفّنه ويشيّعه ويدفنه ، ربما لا يتيسر هذا في الحروب الأهلية العشوائية .

أخيرا :

1 ـ آن الأوان التوقف عن الكتابة عن مصر  ، فقد قلنا ما يكفى ويزيد ، وبلا فائدة .!..

2 ـ أدعو الله جل وعلا أن يحفظ مصر وأهلها ، فلا نملك سوى الدعاء . 

اجمالي القراءات 4072