قراءة فى كتاب تاريخ التكفير

رضا البطاوى البطاوى في الخميس ١٧ - سبتمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى كتاب تاريخ التكفير
مؤلف الكتاب عبد الله بن صلفيق الظفيري وهو من المعاصرين والكتاب بدلا من أن يتناول ماهية التكفير وهل هو حكم فى كتاب الله أم لا تناول اشهر الشخصيات التى كفرها المكفرون وفى موضوع الكتاب قال :
"فإن التكفير مزلة أقدام ومضلة أفهام كم بسببه أضيعت أديان واستبيحت دماء وأزهقت أنفس أبرياء , حتى وصل شره وخطره إلى العلماء والأولياء "
قبل الدخول فى قراءة الكتاب يجب أن نبتدىء من البداية وهى :
ماهية التكفير :
التكفير معناه أن نقول أن فلان كفر لأنه لم يحكم بحكم الله فى مسألة كذا ومعنى عدم حكمه هو إما عمله المضاد لحكم الله وهو عصيان حكم الله أو المجاهرة بأن حكم الله كذب
الأدلة عليه :
الدليل العام قوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "
الأدلة الخاصة وهى الأدلة التى تعنى أن من فعل أو قال كذا فقد خرج عن دين الله ومنها :
"ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب"
"يا أيها الذين أمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغا الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام"
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين"
"ومن يكفر بالله وملائكته ورسله واليوم الأخر فقد ضل ضلالا بعيدا"
ومن ثم فكل فعل أو قول عصى الله فيه عمدا يعنى أن من قاله أو فعله فقد كفر وقد جعل الله العودة للإسلام سريعة بالاستغفار والتوبة فقال "ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" وقال:
" إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم"
ومن ثم لا يوجد تكفير دائم إلا للمصر على الذنب كما قال تعالى:
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"
وهذا التكفير هو ما يجعل من كفر عرضة للقتل باعتباره محارب لله ورسوله(ص) فالإصرار على الذنب هو اتهام لله بالجهل والكذب وأن الإسلام دين ظالم وهذه جرائم يضاف له جرائم أخرى أنه بعمله هذا يدعو المسلمين للخروج من هذا الدين لأنه دين باطل وأنه يصد من يريد الدخول فى الإسلام عن الدخول فيه
استهل الظفيرى كتابه بفتنة تكفير عثمان فقال :
" فقد تطاولت الخوارج والتكفيريون إلى عثمان بن عفان , الذي تستحي منه الملائكة , والذي جاء في مناقبه الأحاديث الكثيرة ,من ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري أن النبي (ص)دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط , فجاء رجل يستأذن فقال : " ائذن له وبشره بالجنة "فإذا أبو بكر, ثم جاء آخر يستأذن فقال: " ائذن له وبشره بالجنة"فإذا عمر, ثم جاء آخر يستأذن , فسكت هنيهة ثم قال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه, فإذا عثمان بن عفان وقال النبي (ص)" من يحفر بئر رومة وله الجنة "فحفرها عثمان وقال " من جهز جيش العسرة فله الجنة "فجهزه عثمان ومع ذلك لم يسلم عثمان بن عفان , من أيدي الخوارج التكفيريين لا المتقدمين منهم ولا المتأخرين فالأولون دخلوا عليه وهو في بيته يقرأ القرآن الكريم فأدخلوا السيف في ظهره حتى مات , وقد رأى في المنام في تلك الليلة رسول الله (ص)وأنه قال له ستفطر عندنا الليلة والمتأخرين طعنوا في عدالته , فهذا سيد قطب الذي هو بحق مجدد فكر الخوارج التكفيري يقول : ( لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير , ومن ورائه مروان بن الحكم يصرف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام كما أن طبيعة عثمان الرضية , وحدبه الشديد على أهله قد ساهم كلاهما في صدور تصرفات أنكرها الكثير من الصحابة من حوله , وكانت له معقبات كثيرة , وأثار في الفتنة, التي عانى الإسلام منها كثيرا ) العدالة الاجتماعية ص159وقال أيضا: ( ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخ كبير , ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام , وضعفت إرادته عن الصمود لكيد مروان وكيد أمية من ورائه ) وقد رد الأستاذ محمود شاكر رحمه الله على طعونات سيد قطب في صحابة رسول الله (ص)في مجلة المسلمون العدد الثالث عام 1371هـ "
بالقطع حكاية تكفير عثمان كباقى الحكاوى فى تاريخنا كلها أكاذيب فهى ليست اتهام لعثمان وحده وإنما اتهام لباقى الصحابة المؤمنين بأنهم سكتوا على الظلم بمدة عقد تقريب دون أن يعملوا على تغييره ومن ثم فهو ليس وحده الكافرة بل كفرت الصحابة جميعا مع أن النصوص ظاهرة فلا يمكن لعثمان أو غيره أن يولى أحد من أسلم بعد فتح مكة منصبا لوجود نص قرآنى يقول:
"لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا"
وبناء على هذا النص فكل الحكايا عن عثمان لا أساس لها ومن ثم لا أساس لحكاية التكفير فإذا كان القوم يريدون تصديق حكايات التاريخ فهم أحرار ولكنهم لو طبقوا النصوص القرآنية على الحكايات فقد كفر الصحابة جميعا ومن ثم فتلك الحكايات أضافها الكفار لإحداث الفتن بين المسلمين بعد الخلفاء الراشدين بمدة
الحادثة الثانية فى التاريخ الذى سماه تاريخ التكفير هى تكفير على وقتله وفى هذا قال :
"والخوارج التكفيريون كفروا علي بن أبي طالب , وقتله أحدهم وهو ذاهب لصلاة الفجر وهو عبد الرحمن بن ملجم قبحه الله وقد أثنى عليه أحدهم في قتله لعلي يقول عمران بن حطان السدوسي شاعر الخوارج قبحه الله -:
يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا
ولا يزال شرهم يتطاول على الكبير والصغير حتى نالت ألسنتهم وطعونهم أئمة الدين وحماة التوحيد والسنة من العلماء والولاة وأضعفوا شوكة الأمة عبر القرون وفتحوا ثغورا على المسلمين وأتوا على أهل الإسلام شرورا من قبل أعدائهم "
ونفس ما ينطبق على عثمان ينطبق على على وما يقال من تولى معاوية الشام وهو ممن اسلم بعد الفتح تاريخيا ولا يمكن لأحد حتى ولو كان أبو بكر أو عمر توليته منصب فى الدولة مخالفين قوله تعالى "لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا"
فالمناصب القيادية جعلها الله نصيب المهاجرين والأنصار المجاهدين قبل الفتح
وحكايات حروب على ومعركة الجمل وصفين وكل هذا تاريخ مكذوب على المسلمين لم يقع منه شىء وإنما اخترعه الكفار فيما بعد لإحداث الخلافات بين المسلمين حتى لا تقوم لهم دولة مرة أخرى وهى حقيقة محزنة فمنذ الخلافة الراشدة لم تكن للمسلمين دولة إطلاقا حتى الآن
وعاد بنا الظفيرى إلى عهد النبى(ص) فقال عن الحركة التكفيرية المزعومة نشأت فى عهده فقال :
"إن أول تاريخ الخوارج التكفيريين بدأ في عهد النبي محمد (ص) يقول الإمام المحدث أبو بكر محمد بن حسين الآجري ( ت360 ) في كتابه الشريعة :- ( فأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله (ص), وهو رجل طعن على رسول الله (ص)وهو يقسم الغنائم فقال: اعدل يا محمد , فما أراك تعدل ) فأراد عمر- قتله , فمنعه النبي صلى الله عليه من قتله وأخبر أن هذا وأصحابا له يحقر أحدكم صلاته مع صلاته , وصيامه مع صيامه , يمرقون من الدين , وأمر في غير حديث بقتالهم , وبين فضل من قتلهم أو قتلوه ثم إنهم خرجوا بعد ذلك من بلدان شتى , واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , حتى قدموا المدينة , فقتلوا عثمان بن عفان , وقد اجتهد أصحاب رسول الله (ص)ممن كان بالمدينة في أن لا يقتل عثمان , فما طاقوا على ذلك م - ثم خرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - ولم يرضوا بحكمه , واظهروا قولهم , وقالوا لا حكم إلا لله ) فقال: علي - ( كلمة حق أرادوا بها الباطل ), فقاتلهم علي , فأكرمه الله تعالى بقتلهم وأخبر عن النبي صلى الله عليه بفضل من قتلهم أو قتلوه , وقاتل معه الصحابة , فصار سيف علي بن أبي طالب في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة , ثم ذكر بسنده إلى جابر بن عبد الله ما- قال : أتى رجل رسول الله (ص) عند منصرفه من حنين, وفي ثوب رسول الله (ص) فضة ورسول الله (ص) يقبض منها , فيعطي منها , فقال : يا محمد, اعدل فقال : (ويلك , ومن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل ) فقال عمر بن الخطاب يار سول الله دعني فأقتل هذا المنافق , فقال : ( معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي , إن هذا وأصحابه يقروؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم, يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) وهذا الحديث رواه أيضا مسلم في صحيحة
وروى الآجري بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: بينا رسول الله (ص)يقسم ذات يوم قسما إذ قال أبو الخويصرة التميمي : يا رسول الله , اعدل فقال رسول الله (ص)( ويحك, فمن يعدل إذا لم أكن أعدل) فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ائذن لي أضرب عنقه , قال: ( لا, إن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته , وصيامه مع صيامه , يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية , ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء , ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء , ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء , ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء , سبق الفرث والدم , يخرجون على حين فرقة من الناس , آيتهم رجل أدعج إحدى يديه مثل ثدي المرأة , أو مثل البضعة تدردر) قال أبو سعيد : أشهد لسمعت هذا من رسول الله (ص), وأشهد اني كنت مع علي بن أبي طالب -- حين قتلهم , والتمس في القتلى , فأتي به على النعت الذي نعت رسول الله (ص"الشرعة للآجري ( 1/ 326- 336) وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأدب (ح 6163 ) وأخرجه البخاري أيضا في كتاب أحاديث الأنبياء من صحيحه ( ح 3344) عن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي إلى النبي (ص)بذهيبة فقسمها بين الأربعة : الأقرع بن جابس الحنظلي ثم المجاشعي وعينه بن بدر الفزاري وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب فغضبت قريش والأنصار قالوا : يعطى صناديد أهل نجد ويدعنا؟ قال: ( إنما أتألفهم ) فأقبل رجل غائر العينين , مشرف الوجنتين, ناتئ الجبين كث اللحية , محلوق : فقال اتق الله يا محمد , فقال (؟ من يطع الله إذا عصيت ؟ أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني ؟ فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد فمنعه فلما ولى قال( إن من صئصئ هذا أو في عقب هذا قوم يقروؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم , يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية , يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أدركتهم لأقلتنهم قتل عاد ) فهذه الأحاديث توضح لنا منشأ وتأريخ الخوارج التكفيريين , ويدل أيضا على أن مقاصد خروجهم مقاصد دنيوية ومن ظنون سيئة ومن أهواء مردية والخوارج التكفيريون باقون إلى قيام الساعة , كلما انقطع قرن خرج قرن آخر حتى يخرج الدجال , فيكونوا تبعا له, تنعمي أبصارهم وبصيرتهم عن عدم الاغترار به بسبب أنهم يتبعون الأهواء ويتركون السنة , مع أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرأها كل موحد ولو كان أميا روى ابن ماجه في سننه وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة , في باب ذكر الخوارج عن ابن عمر أن رسول الله (ص)قال : ( ينشأ نشئ يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم , كلما خرج قرن قطع ) قال ابن عمر سمعت رسول الله (ص)يقول : ( كلما خرج قرن قطع ) أكثر من عشرين مرة ( حتى يخرج في عراضهم الدجال ) قال: الألباني قوله: (عراضهم ) جمع عرض , بفتح وسكون , بمعنى الجيش العظيم وأخرج ابن ماجة أيضا في باب ذكر الخوارج وحسنه الألباني عن أبي أمامة يقول : ( شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء وخير قتلى من قتلوا , كلاب أهل النار , قد كان هؤلاء مسلمين , فصاروا كفارا ) قلت : يا أبا أمامة ! هذا شئ تقوله؟ قال بل سمعته من رسول الله (ص"
حديث الخوارج لا يمكن ان يقوله النبى(ص) لأنه يتضمن علم للغيب المستقبلى وهو خروجهم فيما بعد وأن على يقاتلهم وان فيهم رجل له يد معينة وهو ما نفاه الله بقوله على لسان النبى (ص) فى القرآن"ولا أعلم الغيب"
النبى(ص) الذى طالبه الله أن يعلنها صريحة أنه لا يعرف الغيب لأنه لو كان يعلمه لاستكثر من الخير ولم يمسه أذى فقال "ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
الرجل الذى لا يعرف ما يحدث له كما قال :
"قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
كما انه فيه مصيبة أخرى وهو أن النبى(ص) يتألف حديثى الإسلام بالمال مخالفا قول الله له أن المال لا يؤلف القلوب على الإسلام فى قوله "هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم"
الرسول(ص) طبقا لهذا الكلام يجهل معنى المؤلفة قلوبهم ومعاذ الله أن يكون جاهلا وإنما الجاهل هم من اخترعوا الروايات ومن صدقوها المؤلفة قلوبهم هم المركبة عقولهم على غير تركيب الناس أى المجانين فهل يترك الله الله المجانين دون أن يقرر لهم نفقة واجبة فى الصدقات؟
والظفيرى فى سبيل التاريخ الكاذب يعطينا تاريخا كاذبا فيقول عن سيد قطب والاخوان:
"وإن زماننا هذا قد شهد ظهور قرن الخوارج التكفيريين , ومن أحيا فتنتهم في هذا العصر تنظيم دعوة حزب الإخوان المسلمين , وبالأخص التنظيم الذي يطلق عليه تنظيم 65 والذي أعاد تنظيمه ووضع معالمه وقواعده سيد قطب يقول عبد الله إمام عن هذا التنظيم ( وتمت موافقة المرشد حسن الهضيبي عليه , ورشح سيد قطب للإشراف عليه , وتولى سيد قطب العمل فعلا ) ويقول أيضا ( كما كانت هناك خطط للنسف والتفجير , والتدمير لمحطات الكهرباء والكباري وغيرها من المرافق وقد استبعدت فيها القناطر الخيرية بناء على اقتراحات بعض الشباب الذين عارضوا المرشد العام الجديد سيد قطب في أمر إغراق كل الدلتا ), ويقول أيضا: ( وكان كتاب معالم في الطريق هو بمثابة برنامج عمل التنظيم الجديد للإخوان , والذين ما ورد فيه من أفكار , وما تردد في محاكمات الإخوان حول رؤيتهم للمجتمع المعاصر بأنه مجتمع جاهلي , وغير ذلك من الأفكار , يلاحظون التطابق التام بينها وبين أفكار وبرامج التكفير والهجرة, والتي اتضحت في محاكماتهم بتهمة إحراز أسلحة وعمل تنظيم , وقتل المرحوم الشيخ الذهبي , وأيضا برامج الجماعات الإسلامية بعد ذلك)"
الكذب هنا هو أن سيد قطب المحبوس من 1954 حتى إعدامه فى 1966 كان هو من ينظم التنظيم العسكرى للإخوان فى عهد جمال غبد الناصر
المصيبة أن رجلا كالظفيرى يستشهد بكلام عدو من أعداء الاخوان وهو عبد الله إمام اليسارى على صحة كلامه دون تفكير ومن يبحث عن الحقيقة سيجد أن أس المصائب هو النظام نفسه سواء بأفعاله مثل السجن بدون تهم عشرات السنوات وهى تهم لم تكل الإخوان وحدهم وإنما طالت قائد الثورة نفسه محمد نجيب وطالت اليسار المصرى خاصة الشيوعيين فضلا عن انتهاك حرمات البيوت والأعراض كما ان سيد قطب نفسه كان المدنى الوحيد الذى يحضر اجتماعات مجلس ضباط الثورة بأمر من عبد الناصر ومن ثم فنحن أمام لغز من الالغاز يفسره شىء واحد وهو أن أن الثورة تأكل أولادها ليبقى واحد منهم ومن يسير فى ركابه فعبد الناصر قضى على كل من ساعده فى الثورة أو اخرجه من الحكم ليعيش بعيدا عن مراكز الحكم كبغدادى وحسين الشافعى حتى وإن أعطاهم مناصب كنائب رئيس الجمهورية
المضحك فى الأمر هو أن مؤلفات سيد قطب التى يحاربها القوم حاليا ألفت فى داخل السجن وهو كلام لا يصدق فهل فعلا من كتبها أم أن المخابرات هى من كتبتها وجهلته يسلمها لزائريه وهو تحت تأثير أدوية معينة
المخابرات لا تسمح على الإطلاق لأى مسجون سياسى بأن يخرج ورقة من السجن دون أن ينظر فيها العشرات من رجالها ومن ثم لا يمكن أن يكون سيد قطب هو من ألف تلك الكتب بالفعل خاصة المواضع المتهم بها فمن يقرأ مؤلفات الرجل السابقة على السجن يجد الرجل الرقيق ذو العواطف الجياشة التى تتحدث عن الرحمة والحنان والعطف
ومن ثم لا يمكن أن تكون تلك المؤلفات مؤلفا سيد قطب وإنما هى أخد أمرين الأول مؤلفات ألفها رجال المخابرات وأعطوها له وتحت تأثير الأدوية النفسية سلمها لزائريه على أنها مؤلفاته والثانى أن الرجل ألف فعلا الكتب ولكن المواضع التى تتكلم عن الحاكمية والجهادية وغيرها مما يؤخذ عليه قام رجال المخابرات بزيادتها لأهداف تحققت فيما بعد
الغريب هو ان أحداث الاغتيالات التى تنسب فيما بعد تلك الفترة نسبت لعسكريين ضباط ومن المعروف أن ضباط الجيش يتم فرزهم فرزا كاملا لاستبعاد أى واحد عنده ميول إسلامية منهم ويبدو أم هناك قرار منذ أزمان بعيدة بهذا ومن ثم لا تجد ضابط أبدا فى الجيش او الشرطة منتمى لجماعة
ومن ثم فكل من يستحق اللوم هو الأنظمة فهل مطلوب ممن يسجن وينتهك عرضه ويؤخذ ماله ويشرد أولاده ويعذب اهله ألا يكفر من فعل كل هذه الذنوب به ؟
المطلوب هو العدل قبل أن تحكم على أحد احكم على من أدى به إلى هذا الوضع فالقوم وهم علماء السلطة يحاكمون غالبا الضحية ويتركون المجرم
وتحدث الظفيرى عن مؤلفات سيد قطب وآثارها فى المجتمع فقال:
"وقد عجت مؤلفات سيد قطب بتكفير الحكام والمجتمعات قاطبة , مثل كتابه العدالة الاجتماعية , وظلال القرآن , ومقومات التصور الإسلامي , ومعالم في الطريق , وغيرها من المؤلفات يقول يوسف القرضاوي في كتابه أولويات الحركة الإسلامية : ( في هذه المرحلة ظهرت كتب سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره , والتي تنضح بتكفير المجتمع , وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي , وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة , ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في ( تفسير ظلال القرآن) وفي ( معالم في الطريق ) وفي " الإسلام ومشكلات الحضارة الإسلامية)
ويقول فريد عبد الخالق أحد قادة الإخوان المسلمين في كتابه ( الإخوان المسلمين في ميزان الحق ) :- ( أن نشأة فكر التكفير بدأت بيد شباب بعض الإخوان في سجن القناطر , في أواخر الخمسينات , وأوائل الستينات , وأنهم تأثروا بفكر سيد قطب وكتاباته, وأخذوا منها : أن المجتمع في جاهلية , وأنه قد كفر حكامه الذين تنكروا الحاكمية بعدم الحكم بما أنزل الله ومحكوميه إذ رضوا بذلك ) وانتشار هذا الفكر التكفيري بين الشباب في مصر حمل العلماء أن يقولوا قولهم ويبرؤا ذمتهم فكتبوا وثيقة رسمية يحذرون من هذا الفكر الخطير الذي وضع معالمه سيد قطب في كتابه معالم في الطريق جاء في هذه الوثيقة ( لأول نظرة في الكتاب يدرك القارئ أن موضوعه دعوة إلى الإسلام , ولكن اسلوبه اسلوب استفزازي , يفاجأ القارئ بما يهيج مشاعره الدينية وخاصة إذا كان من الشباب , أو البسطاء , الذين يندفعون في غير روية إلى دعوة الداعي باسم الدين , ويتقبلون ما يوحى إليهم من أحداث ويحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله , وأن الأخذ بها سبيل إلى الجنة , وأحب أن أذكر بعض النصوص من عبارات المؤلف لتكون أما منا في تصور موقفه) ثم أخذت لجنة الأزهر تذكر بعض هذه النصوص من كلام سيد قطب, ومنها ( ووجود الأمة المسلمة يعتبر قد انقطع منذ قرون كثيرة ) ومنها ( أن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية ) ومنها (نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام , أو أظلم كل ما حولنا جاهلية ) ومنها ( أن مهمتنا الأولى هي تغيير واقع هذا المجتمع , مهمتنا هي تغيير هذا الواقع الجاهلي من أساسه ) ثم أخذت هذه الوثيقة ترد على هذه الشطحات التكفيرية, فقالوا ( إن الحاكمية لله ولا حاكمية إلا لله , كلمة قالها الخوارج قديما , وهي وسيلتهم إلى ما كان منهم في عهد الخليفة علي , من تشقيق الجماعة الإسلامية وتفريق الصفوف , وهي الكلمة التي قال عنها الخليفة علي " إنها كلمة حق أريد بها باطل ", فالمؤلف يدعوا مرة إلى بعث جديد في الرقعة الإسلامية , ثم يتوسع فيجعلها دعوة في الدنيا كلها , وهي دعوة على يد الطليعة التي ينشدها , والتي وضع كتابه هذا ليرشد بمعالمه هذه الطليعة وليس أغرب من هذه النزعة الخيالية , وهي نزعة تخريبية , يسميها طريق الإسلام والإسلام كما هو اسمه ومسماه يأبى الفتنة , ولو في أبسط صوره , فكيف إذا كانت غاشمة جبارة , كالتي يتخيلها المؤلف ) إلى آخر ما جاء في الوثيقة الرسمية للأزهر وكان مما جاء في نهايتها ( وبعد فقد انتهيت من كتاب معالم في الطريق إلى أمور
1- أنه إنسان مسرف في التشاؤم, ينظر إلى الدنيا بمنظار أسود , ويصورها كما يراها هو , أو أسوأ مما يراها
2- أن سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه التدين من مطاردة الحكام , مهما يكن في ذلك من إراقة الدماء , والفتك بالأبرياء , وتخريب العمران , وترويع المجتمع , وتصدع الأمن , وإلهاب الفتن , في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله , وذلك هو معنى الثورة الحاكمية التي رددها في كلامه ) العنف الديني في مصر لعبد الله إمام ص 189- ص 196
ولا زال هذا الفكر رائجا مستمرا بين أحضان الشباب بسبب التربية على مؤلفات سيد قطب , وتمجيدها من بعض الدعاة , ممن هم أنفسهم أعني بعض دعاة الصحوة قد خرجت منهم عبارات تكفيرية خطيرة تروج في أشرطة حماسية , وكتيبات فكرية تهييجية
ومع ذلك فإن علماءنا ما زالوا يحذرون الأمة من هذا الفكر الخطير , كابن باز وابن عثيمين والفوزان وسماحة المفتي وغيرهم من إخوانهم من أهل العلم , ولكن كان ولا يزال يحول بين ذلك والشباب التنفير من العلماء بأوصاف قبيحة وألقاب سيئة مما جعل بعض الشباب لا يتقبلون منهم كلاما حتى وصل الحد إلى ما نراه من بعض الشباب حدثاء الأسنان , سفهاء الأحلام يكفر العلماء والولاة , ويفجر بنفسه , ويقتل الأبرياء , ويدمر البنيان , وصدق فيهم ما رواه ابن ماجة في سننه وصححه الألباني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص)( يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان , سفهاء الأحلام يقولون من خير قول الناس , يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم , يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية , فمن لقيهم فليقتلهم , فإن قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم ) "
الغريب فى أمر الظفيرى وقادته أنهم من احتضنوا الاخوان المصريين فى السعودية فى عهد عبد الناصر وأنهم من مولوا ما يسمى الصحوة الإسلامية هم وباقى دول الخليج وهم لم يفعلوا هذا من منطلق حبهم للإسلام وإنما ليوجدوا الأوضاع التى ظهرت فى الماضى وما زالت آثارها حتى الآن فى الجماعات التى تسمى جهادية
ألم يسأل المؤلف نفسه لماذا تصدر دور النشر السعودية كتب سيد قطب ما دامت كتبا متطرفة منذ الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات؟
ألم يسأل نفسه لو كان يقرأ لوجد آلاف ألأحاديث والفتاوى نشرت فى الصحف والمجلات والاذاعات السعودية منذ عقود كلها تمدح الاخوان وجهاد الحركة ومن تلك الفتاوى ما ننقله عن كتاب حقيقة الانتماء لسعودى أخر :
رأي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في حكم الانتماء إلى الجماعات الإسلاميّة ، حيث سُئِل عن حكم الانتماء للجماعات الإسلامية ، والالتزام بمنهج جماعة معينة دون سواها ؟فأجاب بقوله : الواجب على كل إنسان أن يلتزم بالحق ، قال الله عز وجل ، وقال رسوله (ص)، وألا يلتزم بمنهج أي جماعة لا إخوان مسلمين ولا أنصار سنة ولا غيرهم ، ولكن يلتزم بالحق ، واذا انتسب إلى أنصار السنة وساعدهم في الحق ، أوالى الإخوان المسلمين و وافقهم على الحق من دون غلو ولا تفريط فلا بأس ، أما أن يلزم قولهم ولا يحيد عنه فهذا لا يجوز ، وعليه أن يدور مع الحق حيث دار ، إن كان الحق مع الإخوان المسلمين أخذ به ، وان كان مع أنصار السنة أخذ به ، وان كان مع غيرهم أخذ به ، يدور مع الحق ، يعين الجماعات الأخرى في الحق ، ولكن لا يلتزم بمذهب معين لا يحيد عنه ولوكان باطلا ، ولو كان غلطا ، فهذا منكر ، وهذا لا يجوز ، ولكن مع الجماعة في كل حق ، وليس معهم فيما أخطئوا فيه .اهـ .
وهذه الفتوى مثبتة في الجزء الثامن من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ، للشيخ ، وهي مثبتتة على الرابط التالي في شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) التالي :
http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=Bz01530.htm&print=on"

هل نسى الظفيرى أن اسامة بن لادن واحد من أبناء رجل من أغنى أغنياء السعودية وله علاقات وثيقة بالسلطة ؟
هل يمكن أن يكون شاب غنى مرفه جهادى متطرف إلا أن يكون رجل مخابرات ؟
هل الظواهرى ابن فقر إنه ابن شيخ للأزهر أى ابن من أبناء السلطة ومن ثم لا يمكن أن يكون كل هذا مصادفات إنه عمل مخطط له من قبل مخابرات الدول
إن الجهادية تبرز عند الفقراء وليس عند الأغنياء ومن يستغلها لابد أن تكون المخابرات التى تضع فى القيادة أبناء السلطة هنا وهناك حتى يقوموا بما تريد السلطات من تشويه صورة كل من يطلبون العدل
واختتم الظفيرى كتابه بالتالى:
"فهذا تاريخ التكفير والخوارج وإن السبيل للنجاة من هذه الفتن وغيرها من الأهواء هو تقوى الله تعالى حق التقوى والتمسك بالسنة , وطلب العلم من مظانه ومنابعه الصحيحة والالتفاف حول العلماء وجماعة المسلمين وهذا ما وصى به الرسول (ص)كما جاء في سنن أبي داود في باب لزوم السنة عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر قالا : أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ) فسلمنا وقلنا : أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين , فقال العرباض: صلى بنا رسول الله (ص)ذات يوم , ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها الدموع ووجلت منها القلوب , فقال قائل : يا رسول الله , كأنها موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ؟ فقال : ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة , وإن تأمر عليكم عبدا حبشيا , فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها , وعضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة ) "
الكتاب هو نفاق فج للسلطات السعودية فى توجهاتها الجديدة بعد أن تخلت عن الاخوان رغم أن حركة الاخوان السعودية التى تحكم منذ1932 نشأت فى نفس توقيت نشأة الاخوان المصرية أو بعدها بقليل

اجمالي القراءات 2851